Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"داعش" ينشط في ديالى مجددا ومطالبات بتفعيل الجهد الاستخباري

قيادات عراقية تناشد الجميع بوعي خطر الإرهاب وعدم التلهي بالخلاف حول نتائج الانتخابات

جانب من المأتم الذي أقيم في النجف في 27 أكتوبر الحالي لضحايا الاعتداء على قرية رشاد (أ ف ب)

في وقت تتجه الأنظار نحو المعترضين على نتائج الانتخابات المبكرة التي جرت أخيراً في العراق والمعتصمين قرب المنطقة الخضراء، وسط مخاوف من حدوث فوضى في بغداد بعد إعلان نتائج الانتخابات النهائية، يستغل تنظيم "داعش" ملاذاته في جبال حمرين ومكحول ليطلق هجماته على إحدى القرى التابعة لقضاء المقدادية في محافظة ديالى، 90 كيلومتراً شمال شرقي العاصمة العراقية لتسفر عن مقتل 11 شخصاً.
في غضون ذلك، تبرز مخاوف من أن يستغل "داعش" التوترات السياسية للنفاذ عن طريق المناطق الرخوة في المثلت الواقع بين محافظات ديالى وكركوك وصلاح الدين لتنفيذ هجمات جديدة، لا سيما أن عملياته السابقة في حدود تلك المحافظات أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات من عناصر القوات المسلحة من الجيش والشرطة و"الحشد الشعبي"، إضافة إلى عدد من المدنيين الذين يسكنون في قرى تابعة لهذه المناطق منذ مطلع العام الحالي.

تعزيزات عسكرية

وعقب عملية "داعش"، عززت السلطات العراقية الوجود الأمني في قضاء المقدادية بإرسال لواءين من قوات الرد السريع (تابعة للداخلية) وفوج من جهاز مكافحة الإرهاب (نخبة الجيش) وفوج آخر من الجيش، إلى جانب مراقبة مستمرة من قبل الطيران العسكري.
وقال المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة التابعة للجيش العراقي اللواء تحسين الخفاجي، في تصريح للوكالة الرسمية (واع)، "ستُنفّذ عمليات نوعية ومباغتة تعتمد على معلومات استخبارية لملاحقة الإرهابيين المتورطين" في الهجوم على قرية الرشاد. وأشار إلى أن "وفداً أمنياً رفيعاً تفقّد الوضع في القرية، وعُقد اجتماع بين القادة الأمنيين والحكومة المحلية ومواطنين في ديالى بهدف إطفاء نار الفتنة". واعتبر أن "داعش يحاول إثارة الفتنة لأنه غير قادر على مواجهة القوات الأمنية".

وفد أمني في ديالى

ووصل صباح يوم الخميس 28 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، وفد أمني رفيع برئاسة مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي وعضوية وزير الداخلية عثمان الغانمي ورئيس أركان الجيش عبد الأمير يارالله ووزيرة الهجرة والمهجرين إيفان فائق إلى محافظة ديالى للاطلاع على الأوضاع الأمنية هناك والعمل على تهدئتها، لا سيما في ظل الحديث عن نزوح عدد من الأهالي من قرى سنّية مجاورة خوفاً من عمليات انتقامية ضدهم. ويتحدر الضحايا من عشيرة بني تميم الشيعية ذات الامتداد الواسع في المحافظة.

الكاظمي: سنطاردهم أينما فروا

وعقب عملية "داعش"، تعهد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بمطاردة الإرهابيين داخل العراق وخارجه.
وقال في تغريدة عبر حسابه على " تويتر"، "جرّب الإرهابيون فعلنا. نفي بما أقسمنا. سنطاردهم أينما فرّوا، داخل العراق وخارجه". وأضاف "جريمة المقدادية بحق شعبنا لن تمر من دون قصاص، اللهم فاشهد".

 


الصدر يحذر من التلهّي بالصراعات على المقاعد

في موازاة ذلك، حذّر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر من "التغافل عن الإرهاب وجرائمه والتلهّي بالصراعات على المقاعد السياسية". واعتبر في تغريدة عبر حسابه على "تويتر"، أنه لا يجب "نسيان الإرهاب، فها هي قرية من قرى المقدادية يعصف بها الإرهاب في خضم الصراع السياسي".
وتابع "لا ينبغي على المجاهد ترك السواتر فما زال الإرهاب يتربّص بالعراقيين المنون".

 


الأمم المتحدة تدعو إلى إجراء تحقيق

وكانت الأمم المتحدة دعت السلطات العراقية إلى إجراء تحقيق كامل في الهجمات وبذل كل جهد ممكن لضمان سلامة وأمن جميع المواطنين. وجاء في بيان صادر عن البعثة الأممية بالعراق، "من أجل محاربة تهديدات الإرهاب والعنف المستمرة التي تقوّض استقرار البلاد، فإن الوحدة الوطنية أمر أساسي. وأولئك الذين يسعون إلى إيقاع الأذى وإحداث الفُرقة لا يمكنهم فعل ذلك إذا ما وقف العراقيون صفاً واحداً".

"داعش" ينتقم لاعتقال قادته

في المقابل، رأى متخصصون في الشأن الأمني أن "داعش" سيرفع وتيرة هجماته على النقاط الرخوة في المناطق الواقعة بالمثلث الحدودي بين محافظات ديالى وصلاح الدين وكركوك مستغلاً وعورة جبال حمرين ومكحول، محذرين من اختراق أمن بغداد.
واعتبر الباحث في الشأن الأمني جمال الطائي أن "الخلافات السياسية في بغداد تركت آثارها في الوضع الأمني بديالى الهشة أمنياً بسبب وقوعها قرب منطقة نفوذ داعش. وهم ينتقمون لاعتقال قادتهم". وأضاف أن "الفراغ السياسي والمشكلات بين الكتل تنعكس على الوضع الأمني، لا سيما أن مناطق شمال ديالى وجنوب كركوك تُعدّ مناطق رخوة، والمجاميع الإرهابية تنشط في تلك المناطق الرخوة"، مرجحاً أن "يكون إلقاء القبض على معاون البغدادي في تركيا والعقل المدبر لتفجير الكرادة في إحدى الدول، حفّز داعش على الانتقام لاعتقال قادته".
وكانت الحكومة العراقية أعلنت اعتقال نائب أبو بكر البغدادي، سامي الجبوري الملقّب بـ"سامي العجوز" على يد عناصر جهاز مكافحة الإرهاب في 11 أكتوبر الحالي، فيما كشف الكاظمي في 18 أكتوبر عن اعتقال غزوان الزوبعي، المسؤول عن تفجير الكرادة وهجمات إرهابية أخرى في مناطق متفرقة من البلاد قبل أعوام.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار الطائي إلى أن "هذه المناطق تشهد مشكلات حول الإدارة الأمنية بين البيشمركة والجيش العراقي، فضلاً عن سوء الإدارة من ناحية القطعات العسكرية التي تمسك الأرض بين الأجهزة الأمنية والبيشمركة والحشد الشعبي".

عمليات كبرى في بغداد

ولم يستبعد الطائي "حدوث خروقات مستقبلية في بغداد، لا سيما أن داعش نفّذ عمليات كبرى سابقاً في قلب العاصمة أدت إلى مقتل العشرات"، لافتاً إلى أن "أبرز الحلول الآنية التي يُفترض أن تتم، هي العمل على وقف العمليات الإرهابية مؤقتاً من خلال إجراء عمليات تفتيش دورية للمناطق حيث يُشتبه في وجود التنظيم الإرهابي والاعتماد على الجهد الاستخباري للحصول على معلومات عن تحركات العناصر التي تنتمي إليه، فضلاً عن ضرورة التنسيق بين كل القطعات الموجودة في تلك المناطق، وأن تتحمّل كل جهة قاطعاً معيناً من العمليات لتتم محاسبتها في حال أخفقت، وأن تكون هناك منظومة اتصالات كفوءة للاستجابة لأي طارئ".

تعدد الجهات الأمنية
من جهة أخرى، رأى مدير مركز الجمهوري للدراسات الاستراتيجية معتز عبد الحميد، أن "داعش يستهدف القرى البعيدة من المحافظة"، داعياً الأجهزة الأمنية إلى "وضع معسكرات ثابتة وتجهيز قوات خاصة تُرسل بالطائرات لمجابهة أي هجوم يحصل في تلك القرى". وأضاف أن "داعش يستهدف القرى البعيدة من المحافظة، لا سيما المناطق المتنازع عليها مع الإقليم، فهي مناطق رخوة غير مسيطر عليها أمنياً. فهذه الحادثة لم تكُن الأولى في ديالى، بل تعرض مواطنون للاعتداء في أكثر من مرة".
وتابع عبد الحميد، "في ديالى أكثر من جهاز أمني، فهناك الشرطة الاتحادية والحشد الشعبي والحشد العشائري وعمليات ديالى، وهي غير متفقة على إدارة الملف في ما بينها، وبذلك يستغل عناصر داعش الثغرات الأمنية، ومنها تعدد الجهات  الماسكة للأرض".
ولفت إلى أن "الجهات الأمنية تبرر دائماً عدم إنقاذ الأهالي من داعش، بطول المسافة وعدم توافر الوقود والطرق غير سالكة وغياب الأوامر، في وقت نحتاج إلى قوة أمنية تنتقل إلى الأماكن التي تتعرض لهجمات إرهابية عن طريق الطائرات".

ملاذات آمنة في مكحول وحمرين

وشدد عبد الحميد على "ضرورة أن يكون هناك جهد استخباري والتنبؤ بالفعل من خلال جمع معلومات من المواطنين"، مشيراً إلى أن "داعش يختبئ في ملاذات آمنة تتمثل في سلسلة جبال حمرين ومكحول قرب مثلث شمال ديالى وجنوب كركوك وشمال صلاح الدين، ويمثل خطراً كبيراً على تلك المناطق".
وتشكّل سلسلة جبال وتلال حمرين التي تمتد على مساحات واسعة بين المحافظات الثلاث، وصولاً إلى أطراف كركوك باتجاه مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان، قاعدةً أساسية ومهمة لانطلاق هجمات "داعش" ضد مناطق واسعة تصل إلى أطراف العاصمة بغداد.
وعلى الرغم من تنفيذ عدد من العمليات الأمنية في تلك المناطق، إلا أن الجهات الأمنية العراقية لم تتمكّن من الحد من نشاط التنظيم بسبب وعورتها ووجود عوائق طبيعية فيها.

وأفاد عبد الحميد بأن "إمدادات مادية وأعتدة ما زالت تصل إلى داعش"، مشدداً على ضرورة إنشاء "معسكرات ثابتة قرب تلك المناطق". واستبعد حدوث خروقات في بغداد قريباً، "لكن ربما تحصل عمليات في كركوك والأنبار وقرب الحدود السورية والحويجة، لذلك يجب أن نكون متنبّهين وحذرين لأن الخطر الأمني واضح جداً بعد الانتخابات".

 

 

المزيد من العالم العربي