Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

في لبنان مواجهات قضائية بسلاح غير القانون

الثابت الأكيد أن رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع لن يمثل شاهداً أمام استخبارات الجيش

تبلّغ جعجع الدعوة الموجهة إليه من استخبارات الجيش للحضور إلى التحقيق (رويترز)

تسارعت في الأيام الماضية وتيرة التطورات القضائية المرتبطة بحادثة الطيونة - عين الرمانة، وآخر فصولها استدعاء رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع إلى فرع التحقيق لدى استخبارات الجيش للاستماع إلى إفادته في الحادثة. والقرار اتخذ على بعد أيام قليلة من مواقف تصعيدية واتهامية بحق جعجع و"القوات اللبنانية"، من قبل الأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصر الله ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد اللذين كثّفا إطلالاتهما أخيراً.

في الموازاة، وتحت الضغط السياسي الذي يمارسه ثنائي حركة "أمل" و"حزب الله" في معركتهما الهادفة إلى تطيير المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار، استمع مجلس القضاء الأعلى إلى القاضي البيطار في شؤون تتعلق بما يُثار حول تحقيقات المرفأ.

حدثان قضائيان في يوم واحد أثارا الريبة في أن يكون هناك من يعمل على تطيير تحقيقات المرفأ عبر تحوير الأنظار عنها بملف يهدد بحرب أهلية أو بمقايضة تحقيق بتحقيق، فيقفل الأول ويليه الثاني. فهل ستنتقل المواجهة إلى مرحلة جديدة وبأدوات مختلفة، بعد فشل تعطيل التحقيقات بإبعاد القاضي العدلي أو بترهيب مؤيديه بالأمن والسياسة؟

أسئلة في استدعاء جعجع

تبلّغ جعجع الدعوة الموجهة إليه من استخبارات الجيش للحضور إلى فرع التحقيق لدى الاستخبارات في وزارة الدفاع  الأربعاء التاسعة صباحاً لسماع إفادته بشأن قضية أحداث الطيونة - الشياح - عين الرمانة. وُجّهت الدعوة إلى "الشاهد" جعجع بحسب ما ذُكر في بداية نصها، وحملها إلى معراب عناصر من استخبارات الجيش، لكن عندما أبلغوا بأن جعجع ليس على السمع، ألصقوا الدعوة على مدخل مقر الحزب.

إلا أن وكلاء رئيس حزب "القوات اللبنانية" تقدموا بمذكرة إلى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية فادي عقيقي يبيّنون فيها أن تبليغ جعجع غير قانوني.

أسئلة كثيرة تُطرح في هذه الدعوة شكلاً ومضموناً، لكن أكثر ما يثير الاستغراب هو أنها وُجّهت بعدما أُعلن عن إقفال القاضي عقيقي التحقيقات في حادثة الطيونة، وبعد أن ادعى على 68 شخصاً، 19 منهم وجاهياً والآخرين سطّر بحقهم مذكرات توقيف غيابية. وبحسب ما كشفت مصادر قضائية لـ"اندبندنت عربية"، فإن الموقوفين الـ19 هم 15 من "القوات اللبنانية" و3 من حركة "أمل" وجندي من الجيش يرجح أنه كان أول من أطلق النار في اتجاه المتظاهرين الذين دخلوا عين الرمانة. فيما لم تشمل التوقيفات بحسب المعلومات أياً من حملة السلاح الذين ظهروا في الفيديوهات المصورة. استدعاء جعجع للاستماع إلى إفادته أثار كثيراً من التساؤلات عن جدواه القانونية بعد أن أصبح الملف بكامله لدى القاضي فادي صوان في المحكمة العسكرية.

وتقدم وكلاء بعض الموقوفين بطلب تنحّي مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية عقيقي، فرُفض تسجيل الطلب، الأمر الذي يُعدّ مخالفاً للأصول القانونية، مما دفع وكلاء هؤلاء الموقوفين إلى طلب رد القاضي أمام محكمة استئناف بيروت التي ستنظر في ذلك خلال الأيام المقبلة.

استهداف سياسي لجعجع

يسأل المحامي سعيد مالك في اتصال مع "اندبندنت عربية"، "ما دام مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي عقيقي أشار إلى استخبارات الجيش بإقفال التحقيقات وختمها وإيداعه إياها، ونتيجة هذا الإيداع قام بالادعاءات التي أحالها إلى قاضي التحقيق العسكري الأول القاضي فادي صوان، فكيف يمكن للقاضي عقيقي أن يكمل بالملف ويطلب استجواب رئيس حزب القوات؟". ويعتبر مالك أنه "طالما ختم الملف لدى استخبارات الجيش وأحيل بكامل أوراقه ووثائقه وموقوفيه إلى المحكمة العسكرية، انتفت صلاحية استخبارات الجيش باستكمال التحقيقات، لأن الملف لم يعُد لديها. وهذا يطرح أكثر من علامة استفهام بشأن قانونية الإصرار على استدعاء جعجع وجدّيته وما الجدوى منه". ما يُخفي، بحسب مالك، "استهدافاً سياسياً من جانب مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية عقيقي".

ورداً على ما تردد أن لاستدعاء جعجع علاقة بملف متفرع عن الأول ومرتبط بالدعوى المقدمة من رئيس بلدية الغبيري ضده بتهمة قتل شرطي البلدية، يؤكد مالك أن "الأصول القانونية تقضي بوجوب ضم هذا الادعاء إلى ملف التحقيق الذي بات في عهدة التحقيق العسكري، إذ لا يمكن اليوم لأي شخص الادعاء بالجرائم ذاتها ويصار إلى فتح التحقيق من جديد".

ويشرح مالك أن "الادعاءات الشخصية إن وجدت تحريكاً للدعوى العامة، يفترض أن تضم إلى أصل الادعاءات الذي يتضمن التحقيقات كلها، بالتالي فإن ذلك كله يدل على استهداف سياسي لرئيس حزب القوات اللبنانية". وتسجل مصادر قضائية ملاحظات أخرى في دعوى بلدية الغبيري، مؤكدة أن الشرطي قتل خارج نطاق البلدية وليس أثناء قيامه بعمله كشرطي، إضافة إلى أن شكوى من هذا النوع يفترض أن تقدم لدى النيابة العامة التمييزية وليس أمام المحكمة العسكرية، حيث لا ادعاءات شخصية. وهذا ما يطرح أسئلة حول الهدف من هذه الشكوى.

جعجع لن يحضر

الثابت الأكيد في الاحتمالات الواردة لقضية استدعاء جعجع أنه لن يزور وزارة الدفاع الأربعاء، ولن يمثل شاهداً أمام استخبارات الجيش. وتكشف مصادر مقربة من "القوات اللبنانية" عن تجمعات شعبية ستحصل على طريق معراب بالتزامن مع موعد استدعاء جعجع، رافضة ذهابه إلى وزارة الدفاع والعودة بالزمن إلى سيناريو عام 1994.

بالتزامن، برزت حركة مكوكية للبطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي عشية موعد استجواب جعجع، في اتجاه رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، محذراً بحسب المعلومات من تداعيات الاستمرار في مشروع استهداف رئيس حزب "القوات اللبنانية" والتعاطي الاستنسابي مع أحداث الطيونة.

جعجع أمام 3 احتمالات

ما هي الإجراءات التي يمكن أن تُتّخذ بحق رئيس حزب "القوات اللبنانية" إن تمنّع عن الحضور للإدلاء بإفادته، وهو القرار المرجح؟

يشرح المحامي مالك أن جعجع سيكون الأربعاء أمام ثلاثة احتمالات، فإما أن يتّخذ مفوض الحكومة قراراً بالاستغناء عن إفادته، أو أن يتّخذ قراراً بتغريمه كونه شاهداً، أو دعوته إلى موعد آخر. ويبقى احتمال أن يصدر مذكرة جلب لإحضاره. حتى الآن، ليس واضحاً أي من الاحتمالات سيتخذه القاضي عقيقي. ومهما كان قراره، سيضطر إلى مواجهة القرائن القانونية التي أعدّها محامو "القوات اللبنانية" في دعوى تطرح عدم صلاحية عقيقي باستجواب جعجع بعد ختمه التحقيقات في حادثة الطيونة وإحالتها إلى المحكمة العسكرية. هذا في القانون، فماذا عن السياسة؟

القاضي البيطار باقٍ

وفيما كان رئيس حزب "القوات اللبنانية" يتلقّى ضربة من القضاء العسكري المتهم بارتباطه الوثيق بـ"حزب الله"، في ترجمة عملية لمضبطة الاتهام التي ساقها نصر الله ضد جعجع وحزبه، وذلك بسبب دفاعه عن تحقيقات المرفأ ووقوفه إلى جانب القاضي البيطار، كان مجلس القضاء الأعلى يثبّت البيطار محققاً عدلياً في تحقيقات المرفأ، على عكس إرادة "الثنائي الشيعي" العاملة على إقالته من القضية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي التفاصيل أن مجلس القضاء دعا البيطار إلى المشاركة في اجتماع المجلس والبحث في شؤون تتعلق بما يُثار حول تحقيقات المرفأ. وعُلم أن البيطار شرح للمجتمعين ما تتعرض له تحقيقاته من عراقيل واستدعاءاته من عدم تجاوب من قبل المدعى عليهم. في المقابل، رفض البيطار في الاجتماع  الذي لم يتعدَّ النصف ساعة، التطرق إلى مضمون التحقيقات باعتبارها سرية ولا يحق للمجلس ولا لأي جهة أخرى مساءلته عنها أو الاطلاع على مضمونها، مكتفياً بحسب المعلومات بالرد على بعض استفسارات أعضاء المجلس. وفور انتهاء الاجتماع، أصدر مجلس القضاء الأعلى بياناً مقتضباً شدّد فيه على أهمية "العمل على إنجاز التحقيق بأسرع وقت ممكن وفق الأصول القانونية، توصلاً إلى تحقيق العدالة وتحديد المسؤوليات بحقّ المرتكبين".

وبذلك، يكون المجلس حسم فكرة عدم تمكّنه من اتخاذ قرار بكفّ يد البيطارعن ملف المرفأ أو تنحيته، ورد الكرة إلى ملعب السلطة السياسية المأزومة في التباينات الحاصلة بين أطرافها بشأن هذا الملف، والتي أدت إلى تعطيل عمل الحكومة في الشهر الأول من عمرها، وهو تعطيل مرجح أن يستمر طالما أن القاضي البيطار باقٍ في موقعه وطالما أن الثنائي "أمل" و"حزب الله" مصرَّين على إقالته.

مذكرات توقيف جديدة متوقعة

وفي انتظار بتّ محكمة التمييز دعاوى النواب المدعى عليهم، بحق البيطار، للارتياب المشروع والرد، يبدو هذا الأخير ماضياً في المسار الذي رسمه لملفه وحدد جلسة استجواب لرئيس الحكومة السابق حسان دياب في 28 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، والاتجاه هو نحو إصدار مذكرة توقيف بحق دياب في حال عدم حضوره، على أن يتخذ الإجراء ذاته بحق كل من يتخلف من الوزراء السابقين المدعى عليهم في حال استمروا في رفضهم المثول أمامه، علماً أن الجلسة المخصصة للنائبين نهاد المشنوق وغازي زعيتر محددة في 29 أكتوبر، أي بعد يوم واحد من جلسة دياب.

وفي السياق، أرسل وزير العدل هنري خوري كتاباً إلى المجلس النيابي، أشار فيه إلى إصرار المحقق العدلي على متابعة ملاحقة الوزراء السابقين والنواب الحاليين، "استناداً إلى المادة 97 من النظام الداخلي لمجلس النواب". فردّت الأمانة العامة للمجلس على كتاب وزير العدل، معتبرةً أن "لا شيء يُلزم المجلس النيابي بخصوص هذه المادة، مع إعادة التأكيد على أن المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء هو الجهة المخولة مساءلة المدعى عليهم من رؤساء ونواب ووزراء، وهو المرجع الصالح في هذا الخصوص بناءً على المادتين 70 و71".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات