حذرت وزيرة الخارجية البريطانية، ليز تروس، من أن بريطانيا يجب ألا تصبح "معتمدة" على الصين وأن البنية التحتية الوطنية الحيوية، مثل محطات الطاقة النووية، يجب أن تُبنى فقط مع شركاء "متشابهين في التفكير".
وفي مقابلة مع صحيفة "التلغراف" البريطانية، أشارت تروس إلى أنه يجب استبعاد الشركات التي تسيطر عليها بكين من عقود بناء محطة "Sizewell C" للطاقة النووية، قائلة إن العمل المشترك في المشاريع الحساسة يجب أن يتم فقط مع الدول التي لديها "رابط ثقة" مع المملكة المتحدة.
تعليقات تروس تميزها كواحدة من أكثر المتشككين تجاه الصين في مجلس الوزراء البريطاني، وتأتي بعد أيام قليلة من قول بوريس جونسون إنه ليس معادياً للصين ولا يريد "استبعاد" الاستثمارات الصينية في المملكة المتحدة.
وحددت تروس الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الكم وتكنولوجيا الجيل الخامس كمجالات يجب التعامل مع مشاركة الشركات الصينية فيها بحذر.
وتثير هذه التصريحات الشكوك حول خطط شركة الطاقة النووية الصينية العامة (CGN) المملوكة للدولة لبناء 20 في المئة من منشأة "Sizewell C".
موقف صارم
في هذه الأثناء، كان هناك ارتباك بشأن الصين في واشنطن، حيث أكد الرئيس الأميركي جو بايدن أن الولايات المتحدة ستدافع عسكرياً عن تايوان إذا شنت الصين هجوماً على هذه الجزيرة التي تعتبرها جزءاً من أراضيها.
وبعد تصريح بايدن سعت الولايات المتحدة، الجمعة، إلى تجنب تصعيد التوتر القائم مع الصين بتشديدها على أن سياستها حيال تايوان لم تتغير، فيما طلبت بكين من واشنطن التزام الحذر في هذا الشأن، مؤكدة أن "لا مجال للمساومة" في مسألة السيادة.
تنامي نفوذ بكين
في نصف العقد الماضي، أصبح المناخ السياسي في المملكة المتحدة أكثر برودة تجاه الصين، حيث أصبح النقاد في المقاعد الخلفية لحزب المحافظين أكثر صخباً مع تنامي نفوذ بكين العالمي.
وجرب رئيس الوزراء البريطاني نهجاً ذا مسارين، حين أبقى التجارة مفتوحة بينما دعا أيضاً إلى وقف انتهاكات حقوق الإنسان وتقليص مشاركة الصين في شبكات الجيل الخامس.
وحددت تروس، التي تمت ترقيتها إلى منصب وزير الخارجية في تعديل وزاري الشهر الماضي، نهجها الصارم تجاه الصين يوم الجمعة خلال رحلة إلى الهند.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقالت "الطريقة التي أود أن أقولها هي أننا بالطبع سنتعامل تجارياً مع الصين. إنها شريك تجاري مهم للمملكة المتحدة. لكن من المهم ألا نصبح معتمدين استراتيجياً عليها"، وفقاً لصحيفة "التلغراف".
البحث عن شركاء متشابهين في التفكير
وتحدثت وزيرة خارجية بريطانيا عن الأمل في بناء "شبكة من الحرية في جميع أنحاء العالم مع شركاء متشابهين في التفكير" من خلال العلاقات الاقتصادية لمواجهة الدول المعادية.
يتمثل أحد التحديات في العلاقات بين لندن وبكين في القوة النووية للمملكة المتحدة، التي يريد جونسون نموها لتحقيق أهدافه المتعلقة بإزالة الكربون والتي لعبت فيها الصين دوراً رئيساً تقليدياً. ساعدت "CGN" في بناء محطة الطاقة النووية هينكلي بوينت في سومرست ببريطانيا، وتعمل على خطط لمحطة "Sizewell C" للطاقة النووية.
وعند سؤالها عما إذا كانت لا تريد أن ترى الشركات الصينية المملوكة للدولة تسهم في محطات الطاقة النووية في المملكة المتحدة تمضي قدماً، بدا أن تروس تحث على توخي الحذر.
وقالت "سأعود إلى التعليقات الأوسع التي أدليت بها بشأن تنويع الإمدادات... أعتقد أنه من المهم جداً ألا نصبح معتمدين استراتيجياً، وأعتقد أنه من المهم أن نتأكد من أننا نعمل لا سيما في مجالات البنية التحتية الوطنية الحيوية مع شركاء موثوق بهم".
الطاقة النووية
ولدى شركة الطاقة النووية الصينية العامة اتفاق لبناء 20 في المئة من "Sizewell C" إذا تمت الموافقة على المشروع، وأبدت رغبتها في تطوير مشروع "برادويل أون سي" المقترح في إسيكس.
من المرجح أن يتخذ رئيس الوزراء أي قرار بشأن مشاركة الشركات الصينية في مشاريع البنية التحتية الكبرى في المملكة المتحدة، بالتشاور مع وزراء آخرين معنيين في مجلس الوزراء.
وتعهدت الحكومة البريطانية بالإعلان عن تمويل إحدى محطات الطاقة النووية الرئيسة الجديدة قبل الانتخابات المقبلة، المقرر إجراؤها في مايو (أيار) 2024.
تكنولوجيا الجيل الخامس
وأعلنت تروس عن 1.6 مليون جنيه استرليني للعمل المشترك بين المملكة المتحدة والهند لتشجيع الداخلين الجدد في أسواق تكنولوجيا الجيل الخامس. وسينظر إلى ذلك على أنه محاولة متعمدة للتأكد من أن المملكة المتحدة لن تعتمد مرة أخرى على شركة "هواوي" الصينية، التي تسببت مشاركتها في شبكة الجيل الخامس في المملكة المتحدة في جدل واسع.
وجددت تروس تأكيدها "من المهم جداً ألا نعتمد استراتيجياً على البائعين ذوي المخاطر العالية في هذا المجال. هناك مجالات أخرى مثل الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، حيث نحتاج إلى التأكد من أن الشركاء الذين نبتكر معهم موثوق بهم وأن هناك رابط ثقة".
وقالت الحكومة البريطانية في بيان، في وقت مبكر اليوم السبت، إن وزيرة الخارجية تعمل على تعزيز الشراكات الأمنية والدفاعية مع الهند أثناء زيارة تقوم بها للبلاد.
وأفاد بيان الحكومة البريطانية بأنه من المقرر أن تناقش تروس تطوير تكنولوجيا الأمن والدفاع وتعزيز التجارة المرتبطة بالدفاع مع الهند. ونقل البيان عن تروس القول "توثيق الشراكات الدفاعية والأمنية بين المملكة المتحدة والهند يدعم علاقات اقتصادية أعمق ويجعل كلا البلدين، وكذلك المنطقة على نطاق أوسع، أكثر أماناً".
وزيارة تروس للهند هي جزء من جولة دبلوماسية تشمل أيضاً زيارة إلى السعودية وقطر. ويأتي ذلك بعد زيارات للولايات المتحدة والمكسيك الشهر الماضي.
وتروس تعتبر أول امرأة من حزب المحافظين تشغل منصب وزيرة الخارجية، وقد شغلت في السابق مناصب وزارية كوزيرة التجارة الدولية، والسكرتيرة الأولى لوزارة الخزانة، ووزيرة العدل ووزيرة البيئة.