Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إتهام بورقيبة باغتيال صالح بن يوسف... من يفتح ملف الرئيس التونسي ولماذا؟

أصابع الاتهام إلى الإسلاميين الذين يريدون استهداف إرث دولة الاستقلال

اختلف بورقيبة وبن يوسف وغادر الثاني تونس (أرشيف التلفزيون التونسي)

بدأت الدائرة الجنائية المختصة بالعدالة الانتقالية في تونس النظر في قضية اغتيال صالح بن يوسف، أحد أبرز قادة الحركة الوطنية في تونس العام 1961، بعد مرور 58 عاماً على تنفيذ العملية، ما أثار جدلاً سياسياً واسعاً، خصوصاً أن الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة يُعتبر من أبرز المتهمين في هذه القضية.

روى المحامي عفيف بن يوسف، عضو هيئة الدفاع عن عائلة صالح بن يوسف في ندوة صحافية، أن البحوث أثبتت أن الدولة التونسية وعلى رأسها بورقيبة وراء الاغتيال، فيما نفذ العملية الحرس وقائده مدير الديوان الرئاسي البشير زرق العيون. وأشار إلى دور وزارتي الخارجية والداخلية، متسائلاً عن سكوت ألمانيا حول الجريمة التي نُفذت على أراضيها.

المحاكمة الرمزية

قال المحامي بن يوسف إن الدولة التونسية تدخلت لدى ألمانيا، التي "تراجعت عن إجراءاتها القضائية، بعدما تحركت بعد 24 ساعة من الاغتيال وكشفت هوية القتلة وكيف دخلوا أراضيها بأسماء مزورة، ثم أقاموا في سويسرا بهوياتهم الحقيقية وباتوا جميعاً، وهم أربعة أشخاص، في الغرفة التي يقيم فيها بشير زرق العيون". وأشار إلى أن "فرنسا والولايات المتحدة الأميركية تحركتا لتمكين المتهمين الأربعة من مغادرة سويسرا والعودة إلى تونس".

وتكتسب المحاكمة طابعاً رمزياً نظراً إلى أن غالبية المتهمين (بورقيبة ووزير داخليته الطيب المهيري ومدير الأمن الرئاسي آنذاك زرق العيون)، توفوا منذ وقت طويل، إلا أن المحاكمة تساهم في كشف الحقيقة في إطار العدالة الانتقالية في تونس بعد ثورة يناير.

ويتعلق الملف الذي أحالته هيئة الحقيقة والكرامة إلى الدائرة في 12 ديسمبر (كانون الأول) 2018 بتهمة القتل العمد والمشاركة في ذلك خلال عملية اغتيال بن يوسف، واصفة الواقعة بـ"جريمة الدولة" التي نُفّذت في مدينة فرانكفورت بألمانيا في 12 أغسطس (آب) 1961.

وتمكّنت الهيئة من تحديد هوية ثلاثة أشخاص منسوب إليهم الانتهاك وكشف تفاصيل الحادثة، إنطلاقاً من وثائق أرشيفية حصلت عليها الهيئة من ألمانيا وتونس وبعد الاستماع إلى أحد المتهمين في القضية.

تعاطف الزعماء العرب 

واستمعت المحكمة إلى شهادة لطفي بن يوسف (نجل صالح بن يوسف)، الذي تناول "الخلاف بين توجهي الرجلين"، قائلاً إنه كان "لدى بورقيبة رغبة في بقاء القوى الاستعمارية ومسايرتها والتعامل معها، في حين أن بن يوسف كان يميل إلى الاندماج في الإطار الوطني والإقليمي والمغاربي والشمال أفريقي، ولذلك كان من المنخرطين والناشطين في قمة دول عدم الانحياز". 

وتطرق لطفي بن يوسف إلى وضع العائلة بعد الاغتيال، فذكر أن والدته طلبت اللجوء السياسي إلى القاهرة واستقرت العائلة هناك. واستمر الوضع على حاله في ظل حكم الرؤساء جمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك. 

وقال إن  بورقيبة حاصر العائلة وهدد كل من يسعى إلى مساعدتها، فيما اتسمت علاقة العائلة بالدولة التونسية بالفتور. 

وسط هذا، وفق نجل بن يوسف، تعاطف الرئيس الجزائري أحمد بن بلة مع العائلة ولدى زيارته القاهرة، التقى بوالدته المرحومة صوفية زهير، وأعرب لها عن استعداد بلاده لاحتضان العائلة ومنح أفرادها جوازات سفر جزائرية، خصوصاً أن تونس رفضت تجديد جوازات سفرهم. 

وأكد نجل بن يوسف أن العائلة تلقت مساعدات من الرئيس الليبي السابق معمر القذافي، الذي كان معجباً بالمناضل بن يوسف.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

العدالة الانتقامية  

وأثارت محاكمة المتهمين باغتيال بن يوسف جدلاً سياسياً بين أنصار الحركة البورقيبية ومعارضيها، إذ اعتبر الأمين العام لحزب تحيا تونس سليم العزابي في تدوينة له على موقع "فايسبوك" أن "فتح ملف اغتيال بن يوسف لا يخدم المصالحة الوطنية في تونس"، معتبراً أن "العدالة الانتقالية من أهمّ ركائز نجاح الانتقال الديمقراطي". 

 العزابي رأى أن "العدالة الانتقالية في تونس انحرفت عن هدفها السامي، ألا وهو تحقيق المصالحة بين أبناء الشعب، لتتحول إلى عدالة انتقاميّة تستعمل النبش في القبور لتحقيق أغراض سياسية هدفها تشويه مسيرة الزعيم بورقيبة"، مضيفاً "إذ نتفهّم رغبة عائلة الزعيم بن يوسف في الكشف عن حقيقة ملابسات الاغتيال كاملة، فإننا نلفت نظر التونسيين إلى خطورة استغلال هذه القضية لإفشال المصالحة الوطنية الشاملة والعدالة الانتقالية التي تتطلب استكمال مسارها على أسس سليمة نعتبرها الوسيلة الوحيدة لبناء مستقبل يمكّن أبناء الشعب من التعايش في كنف الوحدة الوطنية". 

عبير موسى، رئيسة حزب الحر الدستوري دافعت بدورها، عما يُسمى بالحركة البورقيبية، ووجهت أصابع الاتهام إلى الإسلاميين الذين يريدون استهداف إرث بورقيبة ودولة الاستقلال. 

أما الرئيس السابق المنصف المرزوقي، فطالب بكشف الحقيقة عن حقبة وصفها بالمظلمة في تاريخ تونس، مشدداً على أن المحاكمات التي تتم ضمن مسار العدالة الانتقالية هدفها إنصاف ضحايا الاستبداد وطي صفحة الماضي. 

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي