تراجعت الليرة التركية لما يتجاوز مستوى 8.9 مقابل الدولار مقتربة من أدنى مستوى على الإطلاق الذي سجلته الأسبوع الماضي، بسبب مخاوف من خفض غير متوقع لأسعار الفائدة.
وصعد الدولار بدعم مخاوف بشأن التضخم العالمي والتشديد المنتظر من البنك المركزي الأميركي.
وبلغت الليرة 8.9250 مقتربة من أدنى مستوى لها على الإطلاق عند 8.9490 الذي وصلت إليه في 29 سبتمبر (أيلول)، وسط مخاوف بشأن تأثير الرئيس رجب طيب أردوغان على السياسة النقدية.
التضخم في أسرع معدل
وتسارع التضخم التركي إلى أعلى معدل له خلال عامين ونصف في سبتمبر، إذ كثف الرئيس أردوغان جهوده غير التقليدية لخفض الأسعار المرتفعة. وأظهرت بيانات صدرت حديثاً من قبل وكالة الاحصاءات الرسمية التركية ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك بمعدل سنوي قدره 19.58 في المئة في سبتمبر الماضي، ارتفاعاً من 19.25 في المئة في أغسطس (آب). المعدل يقارب أربعة أضعاف هدف التضخم الرسمي للبنك المركزي وأكبر زيادة سنوية منذ مارس (آذار) 2019 بحسب "فايننشال تايمز".
ويواجه أردوغان الذي يعاني حزبه الحاكم معدلات استطلاعية منخفضة تاريخياً، استياء عاماً متزايداً من ارتفاع كلف المعيشة، لكن الزعيم التركي الذي يعتقد خلافاً للعقيدة الاقتصادية أن أسعار الفائدة المرتفعة تسبب التضخم بدلاً من كبحه، ضغط على البنك المركزي التركي لخفض كلف الاقتراض حتى وسط ارتفاع الأسعار.
وخفض البنك سعر الإقراض القياسي في سبتمبر الماضي، وأدى القرار الذي ترك تركيا مع أعمق سعر فائدة سلبي في أي سوق ناشئة، إلى فرض ضغوط جديدة على الليرة التركية المحاصرة.
الإرهاب الغذائي
وركز الغضب العام بشكل خاص على أسعار المواد الغذائية التي تسارعت بوتيرة أسرع من معدل التضخم الرئيس. وارتفعت كلفة المواد الغذائية بنسبة 29 في المئة تقريباً في سبتمبر، وفقاً لأحدث البيانات.
وألقى أردوغان باللوم في ارتفاع الأسعار على "الانتهازيين" في قطاعي الأغذية والتجزئة، وأعلنت حكومته في سبتمبر الماضي جولة جديدة من التحقيقات في سلاسل المتاجر الكبرى التي اتهمتها بتبني زيادات "غير معقولة" في الأسعار. وأعلن الرئيس التركي أنه أمر التعاونيات الزراعية بفتح حوالى 1000 فرع جديد في جميع أنحاء البلاد من أجل توفير أسعار "مناسبة" للسلع الأساس.
وقال أرودغان "لقد أصدرنا طلباً لفتح حوالى 1000 شركة من هذه الشركات في جميع أنحاء تركيا، بدءاً من 500 متر مربع لكل منها". وأضاف، "هذه أماكن تتناسب فيها الأسعار مع موازنات مواطنينا".
ومرت تركيا بمنعطفات اقتصادية، إذ كان العام 2018 تحولاً في أزمة العملة التي قضت على قرابة 30 في المئة من قيمة الليرة، وأطلقت الحكومة حملة تحث تجار التجزئة على خفض الأسعار، وفي العام التالي أطلقت الحكومة أكشاك "الخضراوات الشعبية" التي تديرها البلدية في المدن الكبرى في محاولة لمكافحة ما أطلق عليه أردوغان "الإرهاب الغذائي".
ويحذر المحللون من أن مزيج التضخم المرتفع وانخفاض أسعار الفائدة قد يؤديان إلى ضغوط جديدة على الليرة التركية التي حومت خلال الأسابيع الأخيرة فوق ما كان يمكن أن يكون أدنى مستوى قياسي عند تسع ليرات للدولار.
وقال الاقتصادي جيسون توفي إن "الارتفاع الإضافي في كل من التضخم الرئيس والأساس الشهر الماضي سيدفع البنك المركزي التركي إلى مزيد من التفكير، لكننا نشك في أنه سيمنعه من المضي قدماً نحو مزيد من الخفوض في أسعار الفائدة".
وكتبت شركة "كابيتال إيكونوميكس" الاستشارية عبر مذكرة للعملاء في بيانات الإثنين 4 أكتوبر (تشرين الأول) تقول فيها، "يبدو أن الضغط السياسي على المؤسسة من أجل خفض المعدلات هو قرارات متأرجحة".