ما إن أعلنت دولة قطر ممثلة باللجنة العليا للمشاريع والإرث مبادرتها لاستضافة المشجعين لمونديال 2022 في بيوت الأسر القطرية، حتى ثارت مواقع التواصل الاجتماعي بحملات معارضة، بعد أن اعتبروها مخالفة للعادات والتقاليد بالدولة.
إذ وصف بعض الناشطين القطريين عبر مقاطع فيديو متداولة معارضتهم لفكرة "كن أنت المستضيف"، مستهجنين إدخال الأجانب على عوائلهم داخل المنازل، بوصفهم مجتمعاً محافظاً لا يقبل هذا المستوى من التقارب بين الغريب والأسر، بحسب ما نشروه على "تويتر".
الغاضبون لا يعرفون التفاصيل
وخرج مدير مشروع "كن أنت المستضيف" بلجنة المشاريع والإرث خالد الجميلي، ليوضح أن الانتقادات الشديدة التي طالته شخصياً كانت بسبب أن الناس لا يعرفون تفاصيل المشروع، وأن المبادرة اختيارية وليست إجبارية.
لكنه تفهم في الوقت نفسه ردود أفعال الغاضبين، مضيفاً أن الزوبعة التي حدثت كانت قبل معرفة التفاصيل والشروط التي أعلن عنها في المؤتمر الصحافي بعد الضجة.
ودافع الجميلي عن المشروع قائلاً، "رغم هذا المشروع رائع لأنه سيصحح المفاهيم الخاطئة عن العرب والمسلمين، وسيبين مدى كرم الضيافة".
جاهزية 15 ألف غرفة
وجاءت المبادرة التي أعلنتها اللجنة للمشاريع والإرث المسؤولة عن التنظيم المحلي وتجهيز منشآت كأس العالم لكرة القدم 2022، كآخر إعلان لها بعد أن أكدت توفير نحو 15 ألف غرفة في مرحلتها الأولى لاستضافة الجماهير خلال مونديال قطر، إذ توقعت قطر أن يزورها نحو 1.5 مليون شخص لحضور مباريات كأس العالم، والسياحة فيها في الأشهر التي تسبق الحدث الكبير وبعده.
هذا وقد ذكرت وكالة الأنباء القطرية (قنا) أن مبادرة "كن أنت المستضيف" والتي تحث المواطنين القطريين وكذلك المقيمين من جميع الجنسيات على استقبال عشاق كرة القدم الذين سيحلون ضيوفاً على قطر لحضور منافسات مونديال 2022، تهدف إلى تشجيع تبادل الثقافات فضلاً عن "إطلاع المشجعين بشكل خاص على ثقافة قطر والمنطقة، والاستمتاع بالضيافة العربية الأصيلة وعاداتها العريقة، تزامناً مع الاستحقاقات الرياضية المقرر أن تستضيفها الدولة.
وأضافت أن هذا المشروع يعد الأول من نوعه في العالم أثناء استضافة الأحداث الرياضية الكبرى، ومن شأنه الإسهام في إثراء تجربة ضيوف قطر خلال فترة إقامتهم، وتعريفهم بالتنوع الثقافي الكبير الذي تتمتع به البلاد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كما سيتيح المشروع المبتكر للمواطنين والمقيمين على حد سواء استضافة المشجعين وعشاق كرة القدم من جميع أنحاء العالم في محل استضافة من اختيارهم، وذلك لمدد متفاوتة بحسب رغبة المستضيف، إذ ترك للمستضيفين الاختيار من بين عدد من خيارات الاستضافة المتنوعة للأماكن التي يرغبون في استضافة المشجعين فيه.
وبموجب المبادرة، من المفترض أن يصحب المستضيف المشجع خلال فترة إقامته، ويقوم على ضيافته ليعرفه عن كثب على أبرز السمات والعادات المميزة للمجتمع القطري، والوجهات السياحية والثقافية المنتشرة في البلاد.
المبادرة مجانية
وفي معرض الحديث عن المبادرة، أوضح مدير مشروع "كن أنت المستضيف" خالد الجميلي، أن تلك المبادرة تأتي ضمن خطط اللجنة العليا لتقديم خيارات متنوعة للجماهير المتوقع قدومها لدولة قطر خلال الاستحقاقات الرياضية القادمة.
وأضاف أنها تأتي أيضاً في سياق "توفير أجواء وتجربة استثنائية وفريدة للتعرف عن كثب على ثقافة المجتمع القطري وعاداته الأصيلة، والاستمتاع بحضور المنافسات وزيارة الوجهات والمعالم السياحية المنتشرة في ربوع قطر".
كما ذكر بميزة مونديال قطر 2022 من حيث "خوض تجربة المسافات المتقاربة للاستحقاقات الرياضية القادمة، والإقامة في مكان واحد طوال فترة المنافسات من دون الحاجة لتغييره".
وبالنسبة إلى الجانب المتعلق بالإجراءات الوقائية لمنع انتشار فيروس كورونا، أكد الجميلي أن "المشاركة في المبادرة ستقتصر على المستضيفين والمشجعين الحاصلين على الجرعات الكاملة للقاح كورونا المستجد، عملاً بالإجراءات والتدابير الوقائية والاحترازية المعمول بها في دولة قطر في هذا الشأن".
الجدير ذكره أن اللجنة تتيح للمواطنين القطريين والمقيمين المشاركة في مبادرة "كن أنت المستضيف" مجاناً من دون أي مقابل مادي.
ردود الأفعال
وهاجمت الكاتبة في صحيفة الشرق القطرية ابتسام آل سعد مدير المشروع الجميلي، وقالت "خروجك مبتسماً ومستصغراً الزوبعة التي حدثت بعد إطلاق المبادرة، وإشارتك إلى ضوابط وشروط لم يتح المؤتمر الخاص بالإطلاق فرصة لتوضيحها، وإن كانت اختيارية، فإنها لا تزال توارب باباً مشبوهاً نحن في غنى عنها، ومن مسؤوليتنا أن نحذر من فتحه فنحن في بلد خليجي عربي مسلم".
إلا أنها استدركت بعد ساعات لتعود بمقالة قالت فيها، "في دول أجنبية نجحت هذه الفكرة باعتبار أن هذا الأمر يعد دارجاً في بعض الدول التي تستضيف عائلات مثل الطلبة الأجانب بمقابل مالي يتفق عليه الضيف والمستضيف، لكن الفكرة جديدة لم يعتدها القطريون والعرب المقيمون في البلاد، فاستغرب الجميع من أن يطلب منهم أن يدخلوا غرباء إلى بيوتهم ليمكثوا فيها طوال فترة استضافة مباريات كأس العالم، وفي بعض الأحيان لحين انتهاء تأشيرات الدخول للضيوف التي تُمنح لهم قبيل قدومهم للدولة من دون شرح وافٍ"، مؤكدة أن المبادرة مرهونة بالتجربة للنظر لمدى ارتياح المواطنين لها.
بالمقابل، لفت الكاتب القطري محمد بن ناصر النعيمي إلى أن المشروع "فاشل وأهدافه فاشلة ومن بيتبناها فاشل أيضاً"، مشدداً على أن الحجة القائلة إن المشروع سيغير المفاهيم عن ديننا وعاداتنا وتقاليدنا باطلة، لأنها حجة تفترض أن "الصورة النمطية عن القطريين لدى العالم هي أنهم مجرمون أو بخلاء أو يسيئون التعامل مع الضيوف"، مشدداً على عدم حاجة القطريين إلى نفي ذلك عن أنفسهم.
وفي سياق متصل، توجه الدوحة انتقادات دولية بسبب أوضاع العمال الذين يعملون في مواقع الاستعدادات للمنوديال، بسبب الظروف غير الانسانية التي يعايشونها، وفق ما تنشره منظمات دولية.