Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الظروف الاقتصادية في اليمن تعيد تشكيل الخريطة التعليمية

الهجرة من المدارس الأهلية إلى الحكومية والعجز عن توفير المستلزمات المدرسية أبرز مظاهر العام الدراسي الجديد

وسط تحديات وظروف اقتصادية غير مسبوقة، يبدأ العام الدراسي الجديد في محافظة مأرب شرق اليمن، حاملاً معه تحديات اجتماعية واقتصادية وأمنية قاهرة.

ومع تراجع قيمة العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية، وهو أمر أثر بشكل كبير على كافة مناحي الحياة، فالأهالي يواجهون صعوبات في توفير متطلبات الدراسة لأبنائهم من زي مدرسي وقرطاسية وغيرها، فضلاً عن الافتقار لمقاعد دراسية في ظل الازدحام الشديد في المدارس الحكومية في المدينة ومخيمات النزوح. 

ترقيع زي العام الماضي

أم عدي لها ثلاثة أبناء في سن الدراسة الابتدائية، تقول إنها هذا العام لم تستطع أن توفر مستلزمات المدرسة لهم بسبب ارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق، وأنها اضطرت الى إعادة ترقيع الزي المدرسي الذي كان يرتديه أبناؤها العام الماضي حتى يتمكنوا من الذهاب الى المدرسة، فالبدلة المدرسية هذا العام بلغ سعرها 15 ألف ريال يمني (20 دولاراً) وهو ما لا تستطيع أغلب الأسر توفيره.

ضياء نعمان مدرس الرياضيات في إحدى المدارس الحكومية يقول إن ارتفاع سعر العملات الأجنبية أمام العملة المحلية أصبح عبئاً اقتصادياً وحاجزاً وراء تعثر سير العملية التعليمية في المدارس، فالمعلم الذي قد يأتي الى المدرسة إذا أراد أن يتقاضى راتبه لا يكفيه ذلك الراتب أحياناً لوجبة فطور، فضلاً عن إيجار وكلف الحياة، وهذا بين العوائق الكثيرة أمام سير العملية التعليمية، مما يضطر المعلم إلى البحث عن عمل آخر بجانب التدريس، أو ترك التعليم بشكل كلي إن وجد فرصة توفر له ما يكفيه وأسرته.

الهجرة من الأهلية إلى الحكومية 

يحدثنا نجيب عباد مدير مدرسة الميثاق الحكومية في المدينة عن بداية العام الدراسي ويقول، "كنا متوقعين أن يخف الضغط في تربية المدينة عن الأعوام السابقة، لكننا فوجئنا بأن الإقبال أكثر من العام الماضي لعدة أسباب، أحدها ارتفاع رسوم الدراسة في المدارس الأهلية، مما أدى إلى ارتفاع عدد الطلاب بشكل غير مسبوق في المدارس الحكومية، ونحن في مدرسة الميثاق استقبلنا مئات الطلاب بخاصة في مرحلة التعليم الأساس من السابع إلى التاسع، والسبب الآخر عملية النزوح التي لا تزال مستمرة في إطار محافظة مأرب ومن خارجها". 

وأضاف، "بدأنا الأسبوع الأول من الدراسة ولايزال الوافدون بالمئات، وإجمالي الطلاب كان العام الماضي قرابة 3920 طالباً، بحسب كشوفات الطلاب في العام الماضي، أضف الى ذلك الوافدين من المدارس الخاصة ممن لا يزالون يتوافدون، ونحن بدورنا لا نستطيع إقفال المدرسة أمام الطلاب مهما كانت الظروف، فالتعليم حق مشروع كفله الدستور والقانون، ولا بد من إجراءات تشمل قطاع التعليم الخاص". 

ودعا مدير مدرسة الميثاق السلطات المحلية بقيادة محافظ المحافظة إلى البحث عن حلول وإيجاد معلمين، إذ لا يمكن للمدارس أن تستوعب طلاباً من دون معلمين في حين يمكن توفير المعلمين، إذا ما تم اتخاذ الإجراءات الضرورية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

نائب مدير مكتب التربية في المحافظة عبدالعزيز الباكري يقول إنهم في مكتب التربية يولون التعليم أولوية، خصوصاً مع تدفق النازحين على المحافظة بشكل غير مسبوق، قائلاً "في ثاني أيام العام الدراسي وبعد 15 يوماً من بدء التسجيل في المحافظة، جميع المدارس في المدينة اكتملت طاقتها الاستيعابية، ومن الصعوبات التي نعاني منها قلة الكادر التعليمي وقلة الأماكن، ولك أن تتصور أنه كان عندنا قبل حركة النزوح 12 ألف طالب داخل المدينة، واليوم عندنا ما يقارب 120‪ ألف طالب وطالبة غير المدارس الأهلية التي تستقبل قرابة 14 ألف طالب وطالبة، ومع هذا لايزال الإقبال شديداً وهذا نتيجة لما تعيشه المحافظة من استقرار وأمن." 

وتابع، "استحدثنا عدداً من المدارس في المخيمات، على سبيل المثال في مخيم الجفينة وفي المدينة بدعم السلطة وشركائنا في المنظمات والجهات المانحة وللآسف الاحتياج كبير". 

تسرب المعلمين

حمود المعزبي وكيل مدرسة في مخيم الجفينة أكبر مخيم نازحين في اليمن يقول إنه يواجه إشكالات أصعبها شح الكادر التعليمي المؤهل، "فمثلاً عندنا مواد تخصصية يصعب إيجاد أستاذ لها مثل الرياضيات والكيمياء والفيزياء، لأن المعلم عندما نأتي لتوقيع عقد معه بـ 70 أو 80 ألف ريال (320 دولاراً) يرفض لأنها لا تكفي حاجاته، وثانياً لأن موضوع العقود لا يشمل العام كاملاً، فهي محصورة فقط بأشهر الدراسة، وعندما تنتهي يبدأ المعلم في البحث عن فرصة عمل جديدة، وهذا إشكال يجعل المدرسين يتسربون من قطاعات التعليم الى القطاعات الخاصة". 

ويشير إلى أن المنظمات التي تهتم بالتعليم تلتفت إلى جوانب معينة فقط، "على سبيل المثال يونيسف تركز على الطفل والألغام وجانب الدعم النفسي، لكن تأهيل المعلمين أوصرف إكراميات أو حوافز من أجل بقاء الكوادر لبقاء التعليم غير موجود".

ولا تتوقف المعاناة عند هذا الحد إذ يقول إن الفصول المكونة من القصدير الحديدي مكتظة بالطلاب من دون أي تكييف في بيئة شديدة الحرارة.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي