Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

القناة الإنجليزية تتحول إلى "مسرح لمآس إنسانية" بسبب صد المهاجرين

العلاقات بين لندن وباريس بلغت مستوى متدنياً آخر بعد اتهام فرنسي للمملكة المتحدة بخرق القانون البحري وممارسة "الابتزاز"

ترى وزارة الداخلية البريطانية أن هذا الجهد لن يتسبب في انتهاك أي من القوانين البحرية، أو في تعريض حياة الركاب للخطر (أ ب)

وجهت الحكومة الفرنسية تحذيراً إلى المملكة المتحدة، من أن القناة الإنجليزية قد تتحول إلى "مسرحٍ لمآس إنسانية"، متعهدةً بمواجهة الخطة المثيرة للجدل التي اعتمدتها وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل لصد قوارب المهاجرين غير الشرعيين، الأمر الذي تسبب بنشوء خلاف دبلوماسي كبير بين الدولتين الجارتين.

وكانت العلاقات بين لندن وباريس قد انحدرت إلى مستوى منخفض جديد، نتيجة اتهام فرنسا المملكة المتحدة بخرق القانون البحري وممارسة "الابتزاز"، وذلك في أعقاب تهديد الحكومة البريطانية بحجب أموال عن فرنسا كانت قد خصصتها لتعزيز دورياتها الساحلية (بغية ضبط أنشطة تسلل المهاجرين).

هذا الاشتباك الدبلوماسي يأتي في وقت رجح فيه محامون بارزون، ونائب رفيع المستوى من حزب "المحافظين"، ونقابة تمثل "قوة حرس الحدود" Border Force، ورئيس سابق لهيئة الأركان البحرية، ألا تكون السياسة البريطانية الهادفة إلى ردع المهاجرين قابلةً للتطبيق، من دون تعاون من الجانب الفرنسي.

ونبه اللورد ويست وهو قائد سابق للقوات البحرية البريطانية، إلى أن خطة باتيل، التي تأمل وزيرة الخارجية في إطلاقها خلال أسابيع، يمكن أن تتسبب بسهولة في "إزهاق أرواح بشرية".

وعكس نيكولا بيلوريل المستشار الدبلوماسي لوزير الداخلية الفرنسي، هو أيضاً مخاوف اللورد ويست بقوله، إن "اعتراض القوارب في عرض البحر عندما يرفض ركابها أن تتم مرافقتهم، هو أمر خطير للغاية. ومن شأنه أن يفضي إلى مآس إنسانية".

وأضاف بيلوريل، أن "عمليات صد المهاجرين تخاطر بأن تصبح القناة (الإنجليزية) مسرحاً جديداً لمآس بشرية، كما سبق أن شاهدنا في بحار أخرى"، في إشارة إلى حالات غرق جماعي في مياه البحر الأبيض المتوسط وبحر إيجه.

لكن على الرغم من هذه التنبيهات، تواترت لـ"اندبندنت" معلومات عن أن وزيرة الداخلية البريطانية مصممة على المضي قدماً في خطتها، معربةً عن اعتقادها بأن المسؤولين الفرنسيين لن يكون لديهم خيار آخر سوى التعاون مع بلادها، إذا ما أجبرت القوارب على العودة إلى المياه الفرنسية.

وتعتزم باتيل أن تتدخل شخصياً مع أي من قادة "قوة حرس الحدود" الذين أجروا تقييماً بأنه يمكن إبعاد قوارب المهاجرين، كي تؤكد لهم أنها تمحض هذا القرار الدعم الكامل.

وكانت التدريبات البريطانية على مواجهة القوارب، قائمةً على قدم وساق منذ نحو 18 شهراً، ومن المتوقع أن تنتهي بحلول أواخر شهر سبتمبر (أيلول) الجاري، الموعد الذي يكون فيه مسؤولو "قوة حرس الحدود"، قد أصبحوا متأهبين من الناحية العملية لصد القوارب وإعادتها من حيث تأتي.

تجدر الإشارة إلى أن خطة وزيرة داخلية المملكة المتحدة، التي أتت استجابةً لأوامر من رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون للحد من محاولات العبور، أثارت رد فعل غاضب من جانب باريس، بدا واضحاً في اللقاء الذي جمع وزير الداخلية الفرنسي بنظيرته باتيل يوم الأربعاء الفائت.

فقد غرد الوزير الفرنسي جيرالد دارمانين قائلاً، إن "فرنسا ترفض أي ممارسة تتعارض وقانون البحار، ولا ترضى بأي ابتزاز مالي". وأضاف أنه أبلغ باتيل بأن "بريطانيا العظمى يجب أن تفي بالتزاماتها، فالصداقة بين بلدينا تستحق ما هو أفضل من اتخاذ مثل هذه المواقف، لأن من شأنها إلحاق الضرر بالتعاون على مستوى تبادل الخدمات بين الجانبين".

وزارة الداخلية البريطانية أوضحت أنها تلقت مشورةً قانونية تفيد بأنه يمكن إعادة القوارب في بعض الظروف، وأنه يُعتقد بأن هذا الجهد لن يتسبب في انتهاك أي من القوانين البحرية، أو في تعريض حياة الركاب للخطر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كولين يو المحامي المتخصص في شؤون الهجرة، اعتبر أن هذه السياسة و"إن كانت تبدو صارمة فلن تُنفذ على الإطلاق"، شأنها شأن التهديدات السابقة التي كانت لندن قد أطلقتها في ما يتعلق بـ"وضع آلات تحدث أمواجاً عالية، أو تثبيت سياج عائم في عرض البحر".

معلوم أن السلطات الإيطالية كانت قد استخدمت سياسة الردع في مياه البحر الأبيض المتوسط، كما فعلت حكومتا أستراليا والولايات المتحدة في مياههما، لكن كانت هناك دائماً دولة أخرى مستعدة لقبول عودة اللاجئين.

جيمس تورنر الخبير في مراقبة الجودة المتخصص في نزاعات الشحن، يوافق رأي الذين يقولون بأن إعادة قوارب المهاجرين في وسط مياه القناة الإنجليزية، "لن يتم اعتبارها بموجب القانون الدولي، تصرفاً قانونياً".

أما لوسي موريتون من نقابة "آي أس يو" ISU، التي تمثل موظفي "قوة حرس الحدود"، فرأت أن الفكرة "ستغرق في مياه البحر وتموت"، قائلةً إنه "من الناحية العملية، إذا ما حدثت ولو عملية صد واحدة، فسأكون متفاجئة. إن أعمالاً من هذا النوع تحتاج أيضاً لموافقة فرنسية كي تنجح، لأنه عندما تُجبَر سفن على العودة مجدداً إلى السواحل الفرنسية، ولدى عبورها الخط الوسط ما بين الدولتين، يتعين اعتراضها وإنقاذها من جانب الفرنسيين الذين يبدو ببساطة أنهم لن يقوموا بذلك، ولن يتدخلوا".

وأشارت المسؤولة النقابية في تصريح لـ"اندبندنت"، إلى أنه بعدما تم الإعلان عن هذه السياسة البريطانية، فإن مسؤولي (حرس الحدود) أبدوا قلقهم من "حالات ذعرٍ" قد تنتاب المهاجرين واللاجئين في عرض البحر، الأمر الذي يجعلهم يعرضون أنفسهم لخطر أكبر.

ويوافق تيم لوتون العضو عن حزب "المحافظين" في لجنة الشؤون الداخلية التابعة لمجلس العموم البريطاني، على أن خطة وزيرة الداخلية ستكون غير قابلةٍ للتطبيق، قائلاً، "من الناحية العملية، لن يحدث شيء من هذا القبيل".

ولفت اللورد ويست الذي تولى منصب "اللورد البحري الأول" (رئيس أركان القوات البحرية الملكية في بريطانيا) إلى أن "كثيرين ينسَون مدى خطورة البحر. صحيح أنه مسطح وهادئ ويعبر الناس مياهه، لكن الأمر لا يتطلب الكثير كي يغرق فيه أشخاص فجأةً ويفقدون أرواحهم".

أما في ما يتعلق بموقف الحكومة البريطانية، فرفض متحدث باسم رئيس الوزراء مناقشة النهج الجديد لوزارة الداخلية قائلاً، "لن أخوض في الإجراءات التكتيكية التنفيذية التي تقوم بها قوة حرس الحدود".

إلا أن الناطق استبعد وجود أي خطة لدى حكومته لإعادة صياغة القوانين البحرية، في وقت تجاهل فيه احتجاجات الحكومة الفرنسية وتلويحها برفض التعاون، مصراً على التأكيد على أن المملكة المتحدة كانت "واثقةً" من أن سياستها هذه ستنجح.

وقال، "صحيح أن قوة حرس الحدود عندنا لديها المجال الصحيح من التكتيكات للتعامل مع هذه المشكلة. وستعمل على التأكد من أن تلك الخطط قد تم اختبارها على يد عناصر مدربة في القوة، ومن أنها آمنة وقانونية".

حتى الآن تنقل أكثر من 12,500 مهاجر من فرنسا إلى المملكة المتحدة هذه السنة، بمَن فيهم 1,500 في الأسبوع الفائت وحده، أي بزيادة تربو على نحو 8 آلاف في عام 2020.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات