منحت الحكومة البريطانية الضوء الأخضر للملوثين برمي مياه الصرف الصحي الخطيرة التي لم تعالج بشكل صحيح في الأنهار والبحر بسبب تعطل عمليات معالجة المياه بأثر من "بريكست" وفيروس كورونا.
فخلال الأسابيع الأخيرة، تعقد أمر الحصول على المواد الكيماوية الضرورية في معالجة المياه الملوثة، بالنسبة إلى بعض الأعمال، بسبب اضطراب سلسلة التوريد عبر المرافىء. وبشكل أساس ألقي اللوم في ذلك الأمر على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وفي هذا الأسبوع كشفت "وكالة البيئة" عن أن الشركات التي تكافح للحصول على المواد الكيماوية الضرورية ستمنح الموافقة على "رمي النفايات السائلة من دون تلبية الشروط المطلوبة" وفق التراخيص حصلت عليها سابقاً التي تقضي عادة أن تخضع المياه لعملية معالجة متعددة المراحل.
وفي إطار عام ضرب الشح في المواد المختلفة قطاعات اقتصادية عدة في المملكة المتحدة منذ أن اتخذت الحكومة البريطانية قرار إخراج البلاد من الاتحاد الجمركي والسوق المشتركة للاتحاد الأوروبي، مما فرض عمليات بيروقراطية حدودية جديدة على الصادرات والواردات.
وكذلك أسهم وقف الحركة التجارية الحرة وفرض إجراءات روتينية جديدة على التعامل مع الشريك التجاري الأكبر لبريطانيا [الاتحاد الأوروبي] في مفاقمة النقص بين صفوف سائقي الشاحنات، إضافة إلى الكابوس اللوجستي المعقد الذي تأتى من تفشي فيروس كورونا.
وأخيراً وصلت الأزمة إلى قطاع معالجة المياه بعد أن أثيرت مخاوف الأسبوع الماضي بشأن نقص في أنابيب الدم تعانيه هيئة "خدمة الصحة الوطنية" وورود تقارير عن حدوث شح في المتاجر ومحلات السوبرماركات في أنحاء البلاد.
في بيان أصدرته "وكالة البيئة" الاثنين الماضي، ورد أنه "في العادة، تحتاجون إلى إذن ضمن أنظمة التصاريح البيئية التي وضعت سنة 2016 في إنجلترا وويلز بشأن التخلص من السوائل المعالجة الناتجة من أعمال معالجة مياه الصرف الصحي ورميها في المسطحات المائية أو المياه الجوفية، وتتضمن تلك التراخيص شروطاً تعنى بمراقبة نوعية السوائل التي بوسعكم رميها". وتابع البيان نفسه، "لن تتمكنوا على الأرجح من تلبية متطلبات الحصول على الترخيص في حال تعذر حصولكم على المواد الكيماوية المستخدمة في معالجة السوائل التي تتخلصون منها بسبب علاقة المملكة المتحدة الجديدة مع الاتحاد الأوروبي وتفشي فيروس كورونا أو أي خلل آخر لا مفر منه في سلسلة التوريد على غرار فشل المورد في تسليم المواد الكيماوية الضرورية في معالجة تلك السوائل. إذا كنتم تتبعون شروط ذلك البيان الرقابي فبوسعكم رمي السوائل من دون الحاجة إلى تلبية الشروط الواردة في ترخيصكم. وتحتاجون إلى الحصول على موافقة خطية من مسؤول حسابات شركة المياه في "وكالة البيئة" قبل استخدام ذلك البيان الرقابي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووفق "وكالة البيئة" أيضاً، يتوجب على الشركات "معاودة استخدام المواد الكيماوية في معالجة السوائل بمجرد إن يصبح ذلك متاحاً مجدداً". ويشار إلى أن تلك الإجراءات التنظيمية المخففة ستبقى قيد التطبيق حتى نهاية العام الجاري كحد أدنى، مع إمكانية تمديد مهلة العمل بها.
وعلى السلم الثلاثي الدرجات الخاص بمياه الصرف، سيسمح برمي المياه المتدنية والمتوسطة المخاطر في الأنهار والبحار من دون خضوعها للمعالجة الكيماوية. في المقابل، لن يسمح برمي المياه التي تصنف بأنها عالية الأخطار. ووفق نوع السائل الذي يجري التخلص منه، قد يصار إلى معالجة مياه الصرف بيولوجياً قبل رميها، لكنها ستفوت المراحل النهائية الحاسمة.
وفي تصريح إلى صحيفة "اندبندنت"، صرحت نائب رئيس "حزب الخضر" أميليا ووماك أن "أنهارنا تشهد تلوثاً ملحوظاً ومروعاً، إذ رمت شركات المياه الصرف الصحي الخام في أنهار المملكة المتحدة حوالى 400 ألف مرة في الأقل خلال العام الماضي. وبذا، يكون خوف السكان مبرراً جراء هذا الإخفاق من قبل "وكالة البيئة" في التحرك وتنظيف ممراتنا المائية". وتابعت ووماك "نرى اليوم مزيداً من التلوث المتاح قانونياً بسبب فشل الحكومة في فرض الإجراءات. إنه إخفاق في فهمهم كيفية عمل البنى التحتية الأساسية في بلدنا، إذ يستخدمون بيئتنا مكباً للنفايات عوضاً عن معالجة الأسباب الرئيسة في تلك المشكلة. إذاً بهدف تجنب مزيد من الفوضى في ما يتعلق بـ "بريكست" وتقويض أنظمة حماية البيئة، يتوجب على الحكومة العمل على إصلاح سلاسل التوريد وتحسينها والعمل على التعاون بدل محاولتها الظهور بمظهر المتشددة في ذلك الشأن".
وكذلك أشار متحدث من شركة "ووتر يو كيه" Water UK إلى أن ذلك القطاع يشهد "بعض العراقيل في إمداد إنجلترا بالكبريت الحديدي، وهو مادة كيماوية تستخدم في بعض معامل معالجة مياه الشرب ومياه الصرف". وأعاد العاملون في قطاع معالجة المياه إلى مشكلات في التوزيع والنقص في أعداد سائقي شاحنات البضائع الثقيلة.
وفي السياق نفسه، اعتبر متحدث باسم "وزارة البيئة والغذاء والشؤون الريفية" بأن التغيير الذي أدخلته الحكومة يستمر "فترة محدودة بصورة حصرية، مع وضع شروط صارمة بهدف تخفيف المخاطر على البيئة".
وأضاف المتحدث بإسم الوزارة أن "أكثر المجاري المائية حساسية والتي تنطوي على أخطار عالية لن تتأثر، بل ينبغي أولاً على أي شركة تخطط لاستخدام هذا التدبير المحدود الأمد، أن تتفق على استخدامه مع "وكالة البيئة" التي ستراقب مدى الامتثال للشروط المفروضة".
الإثنين الماضي أعلنت الحكومة أنها ستمدد فترات السماح إلى أجل غير مسمى مع الاتحاد الأوروبي بغية تأخير فرض مزيد من الإجراءات البيروقراطية المكثفة التي ساد توقع بأنها ستدخل حيز التنفيذ في وقت لاحق من العام الحالي.
* حُدّث هذا المقال بتاريخ 8 سبتمبر (أيلول) 2021 بهدف إزالة أي تفسير غير دقيق لعبارة "صرف صحي خام" [التي وردت قبل ذلك التاريخ]. وتوضيحاً، إن المياه موضع النقاش هي تلك التي عولجت بصورة جزئية لكنها لم تخضع لجميع الخطوات المطلوبة تقليدياً.
© The Independent