Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ضحايا قضية "ويندراش" يخشون أن يصبحوا "طي النسيان"

مع انهماك الحكومة البريطانية بأزمة أفغانستان، المهاجرون الأفارقة والكاريبيون الذين كانوا قد تعرضوا للاحتجاز والحرمان في بريطانيا، ما زالوا في انتظار تلقي تعويضات بسبب الضرر الذي لحق بهم

صورة من الأرشيف لمهاجرين من الكاراييب في محطة فيكتوريا بلندن. تمت تسميتهم بـ "جيل ويندراش" استنادا لإسم السفينة التي حملت آلاف هؤلاء العمال إلى بريطانيا ما بين 1948 و 1971 (غيتي)

علمت صحيفة "اندبندنت" أن ناشطين في مجال المطالبة بحقوق ضحايا فضيحة "ويندراش" Windrush (مجموعات من المهاجرين أتوا من دول أفريقية وكاريبية إلى بريطانيا على متن سفينة تحمل الاسم نفسه، وتعرضوا للاحتجاز والحرمان من حقوق أساسية، وتم ترحيلهم على الرغم من امتلاكهم الحق في المكوث بصورة شرعية في المملكة المتحدة)، أعربوا عن قلقهم من"وضع المطالبين بتعويضات في آخر قائمة الانتظار"، نتيجة انشغال الحكومة البريطانية بمفاعيل الأزمة الأفغانية.

وكان تعهد رسمي بريطاني بمساعدة آلاف من الفارين من الاضطهاد، قد حظي بإشادة كبيرة، إلا أنه على الرغم من ذلك لم يتلق مئات من المتضررين من الفضيحة التي تسببت بها وزارة الداخلية البريطانية، أي مدفوعات، في وقت تواصل التأخيرات والتأجيلات إعاقة هذا المسار.

واستناداً إلى بيانات صدرت أخيراً، فقد حصل 412 شخصاً فقط من أصل 2367 تقدموا بطلباتهم في هذا المجال، على تعويض نهائي، على الرغم من أن مسار التعويضات كان قد فتح قبل نحو عامين.

وكان الأفراد الذين حضروا في أغسطس (آب) الماضي الاجتماع الشهري لـ "منظمة ويندراش الوطنية" Windrush National Organisation (جمعية تضم مستشارين ومحامين مستقلين وناشطين مجتمعيين من مختلف أنحاء المملكة المتحدة)، قد فوجئوا بإبلاغهم أن الرئيس الفعلي لـ "برنامج تعويض المتضررين من فضيحة "ويندراش" Windrush Compensation Scheme توم غريغ، قد تم نقله إلى "برنامج إعادة توطين اللاجئين الأفغان" Afghan Resettlement Programme، فيما تم تكليف شخص آخر بتعويضه مؤقتاً.

المجموعة المنظمة لحملات "ويندراش لايفز" Windrush Lives (جمعية تعمل لضمان تعويض الأشخاص المتضررين من فضيحة "ويندراش" بشكل عادل) قالت لصحيفة "اندبندنت‘ إن وزارة الداخلية البريطانية لديها ما يكفي من الموارد للتعامل مع هاتين القضيتين - لو كانت "تتصرف بحكمة وبحسن نية".

ورأت الناطقة باسم المجموعة راميا علي أنه "يتعين على وزارة الداخلية أن تتعامل مع المسألتين بالسرعة اللازمة، وأن تركز على إيصال اللاجئين الأفغان إلى المملكة المتحدة ومنحهم وضعاً قانونياً، وكذلك عليها الاهتمام بضحايا "ويندراش" الذين ما زالوا في حال انتظار".

وتضيف راميا قائلةً إن "وزارة الداخلية تعتبر بحسب "معهد الحكومة" Institute for Government (مؤسسة فكرية مستقلة تعمل على تحسين أداء الحكومة من خلال البحث والتحليل) إحدى أكبر الإدارات الحكومية، وتوظف نحو 40 ألف شخص. من هنا فقد فاجأنا نقل توم غريغ إلى "برنامج إعادة توطين اللاجئين الأفغان". وكان قد تطلب الأمر شهوراً كي يتعرف هذا المسؤول إلى المشكلات التي يواجهها الضحايا مع برنامج التعويضات، وما حصل الآن أننا عدنا مع مسؤول جديد، إلى نقطة البداية.

وأعربت عن اعتقادها بأن (هذا الاستبدال في المنصب) "ليس سوى ستارة من دخان، لأن وزارة الداخلية لم تكن تنوي أبداً أن تقدم بسرعة وإنصاف تعويضات لضحايا "ويندراش"، الذين لا يزال كثيرون منهم معدمين ويعيشون في ظروف مروعة، لا بل إنها تنتهز كل فرصة ممكنة لتجاهل هذه المسؤولية، وهي في الأساس لا تهتم بالأشخاص من ذوي البشرة السمراء والسوداء الذين يشكلون مجموعة ويندراش".

وتتابع قائلة: "لا أرى أن وزارة الداخلية تعتبر ذلك ضرورةً ملحة، لأن هؤلاء الأفراد في نظرها هم غير مهمين - فمن الناحية السياسية، لا يشكلون جزءاً من التركيبة الديمغرافية التي ترمي وزيرة الداخلية إلى استرضائها لدى إصدارها بيانات صحافية تتباهى فيها بعدد الأشخاص الذين نجحت في ترحيلهم عن البلاد".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تجدر الإشارة إلى أن وزارة الداخلية البريطانية قدمت من خلال "عملية الترحيب باللاجئين"  Operation Warm Welcome (مبادرة حكومية جديدة لتوطين الوافدين منهم حديثاً ودمجهم في المجتمع البريطاني)، عدداً من التعهدات بمساعدة اللاجئين من أفغانستان، منها تعيين فيكتوريا آتكينز وزيرة دولة جديدة لإعادة توطين الأفغان Minister for Afghan Resettlement، ومنح وضع الإقامة إلى أجل غير مسمى (إقامة دائمة) لما لا يقل عن 8 آلاف موظف أفغاني وأفراد أسرهم، الذين كانوا قد كلفوا في بلادهم مساعدة بريطانيا في ظل حكومة صاحبة الجلالة.

وعلى الرغم من تلك التعهدات، لم تقرر الحكومة البريطانية ما إذا كان المواطنون الأفغان الخمسة آلاف الذين ستتم مساعدتهم على المجيء إلى المملكة المتحدة بموجب خطة إعادة توطين منفصلة خلال السنة المقبلة، سيحصلون هم أيضاً على وضع الإقامة إلى أجل غير مسمى، وأكدت في الوقت نفسه أن اللاجئين الفارين من حكم حركة "طالبان" هناك، لن تتم إعادة توطينهم في بريطانيا إذا ما دخلوا إليها تسللاً في قوارب صغيرة عبر القناة الإنجليزية.

هاتان النقطتان كانتا كافيتين لجعل الناشطين في هذا المجال يطرحون علامات استفهام حول مدى جدية الالتزام البريطاني الحقيقي بمساعدة الأفغان المحتاجين. وقالت السيدة راميا علي إن "ضحايا ويندراش يفهمون تماماً المعاملة غير الإنسانية التي يواجهها اللاجئون الأفغان في الوقت الراهن".

واعتبرت أن "تصريحات وزارة الداخلية التي تتحدث عن بذل كل ما في وسعها من أجل اللاجئين الأفغان، في وقت تصر على وجوب انتظار هؤلاء في صف وهمي لدخول المملكة المتحدة من خلال طريق قانوني - وهو غير موجود - تذكر بالتصريحات العامة المتعاقبة لوزراء الداخلية بأن الحكومة تبذل كل ما في وسعها من أجل ضحايا ويندراش، في حين كانت تطالبهم بإبراز شهادات ولادة أهلهم، وبيانات من الشركات التي أجرت مقابلات معهم لكن لم توظفهم، كي تقرر منحهم تعويضات".

ورأت علي أنه "يتعين على الحكومة إحقاق العدل بالسماح للاجئين بدخول البلاد في أسرع وقت ممكن، لكن لا يجب أن تستخدم ذلك ذريعةً لوقف البت في طلبات ضحايا ويندراش وتقديم التعويضات لهم".

في غضون ذلك، لفت الأسقف ديزموند جادو في حديث مع صحيفة "اندبندنت"، إلى أن عدداً من المدعين في قضية "ويندراش" يشعرون بقلق من تغاضي الحكومة البريطانية عن محنتهم، تحت ستار مخادع بأنها ببساطة منهمكة للغاية في الاهتمام بأمور ملحة. واعتبر أن البيئة المعادية لهؤلاء ما زالت قائمة، موضحاً أن المزيد من ضحايا الفضيحة يخشون التقدم بطلبات تسوية أوضاعهم خوفاً من تعرضهم للاضطهاد من جانب الحكومة.

وأضاف جادو قائلاً: "لا يمكنني أن أنفي وجود مثل هذه المخاوف. وفيما أرى أن من الصواب أن تتحمل الحكومة البريطانية مسؤولياتها (حيال اللاجئين الأفغان) فإنه يجب ألا تهمل واجباتها تجاه جيل ويندراش".

وتابع قائلاً إن "لهذه البلاد سجلاً حافلاً بعدم تحمل مسؤولياتها. وإن "ما يؤخذ عليهم (المسؤولين) هي طريقة تعاملهم مع أزمة أفغانستان، لأن من المعروف أن بريطانيا تخذل الناس بينما تعمل ما في وسعها للحصول على ما ترغب فيه، كالسعي إلى إنشاء علاقات لتحقيق مصالحها، من خلال منظمة دول الكومنولث على سبيل المثال. لكنها لا تفعل ذلك عندما يتعلق الأمر بوجوب اتخاذ موقف واضح من قضية ما، والخضوع للمساءلة. وأضاف أنه "يتعين على الحكومة البريطانية أن تتخذ القرارات الصائبة في مختلف المجالات، وأن تكون أكثر ترحيباً بالآخرين".

في المقابل، سجل بعض الناشطين وجود نقاط اختلاف مشروعة بين استجابة وزارة الداخلية لأزمة أفغانستان في الوقت الذي يراقبها العالم، وفضيحة "ويندراش".

فعلى سبيل المثال، تقترح التوصية التاسعة من "المراجعة لاستخراج العبر" Lessons Learned Review  (تعمقت في الأخطاء التي ارتكبت في فضيحة "ويندراش") التي أجرتها ويندي ويليامز مفتشة الشرطة البريطانية، استحداث منصب مفوض لشؤون المهاجرين، لتمثيل أصواتِ مهاجرين غير مسموعة، بمَن فيهم مجموعة "ويندراش" ذات الغالبية السوداء. لكن لم يتم اتخاذ أي إجراء حتى الآن، على الرغم من تعيين السيدة آتكينز في منصب جديد للإشراف على إعادة توطين اللاجئين الأفغان في غضون أيام.

وتحدث نشطاء آخرون عن غياب آلية فاعلة للتدقيق في شأن اللاجئين الوافدين إلى بريطانيا من أفغانستان، في حين أن احتمالات إحراز تقدم بريطاني على مستوى مساعدة أسر ضحايا "ويندراش" قد تبخرت نتيجة الكشف عن بعض السجلات الجنائية المثيرة للجدل التي يزعم أنها تشكل انتهاكاً لـ "شرط حسن السلوك".

باتريك فيرنون المعلق الاجتماعي والناشط في حملة "ويندراش" قال لصحيفة "اندبندنت" في هذا الإطار: "يبدو أنه عندما تقع أعمال عدوانية، يحصل مواطنو هونغ كونغ أو الصينيون أو الأفغان في بريطانيا على وضع الإقامة إلى أجل غير مسمى، بغض النظر عن سجلاتهم الجنائية السابقة. إلا أن هناك معياراً مختلفاً عندما يتعلق الأمر بجيل ويندراش".

وأضاف: "يمكن الاستنتاج بأنه لا توجد نية جدية لتصحيح الأخطاء، أو أن يتم وضع خطة تعويض مناسبة. إذ لا تزال النعرة ضد العرق الأسود مترسخة في صلب ممارسات وزارة الداخلية".

الناشط إيوين هيربرت سمول، طالب الحكومة بإصدار عفو عن المهاجرين لتصحيح هذا الخلل في التوازن. وقال لصحيفة "اندبندنت": "في الوقت الذي أتعاطف فيه مع اللاجئين الأفغان وأقر بمسؤولية حكومتنا إزاء الهاربين من الاضطهاد، فإن في المملكة المتحدة أفراداً من جنسيات أخرى مرغمون على البقاء بلا وضع قانوني لمدة تناهز 20 عاماً، ومن ثم يتم نقلهم إلى المرحلة المقبلة التي تمكنهم من الحصول على الجنسية البريطانية والتي قد تستغرق 10 سنوات، ليحصلوا بعدها على إذن "محدود" بالبقاء في البلاد".

وأشار إلى أن "أفراد جيل ويندراش عاشوا في المملكة المتحدة لمدة تصل إلى 50 عاماً بلا وثائق رسمية، ولا يزال بعضهم قابعاً في الظل خوفاً من اضطهاد وزارة الداخلية. بالتالي، لا بد أن يتم إصدار عفو عن المهاجرين".

وتابع هيربرت: "من جانب آخر، تلقى آلاف اللاجئين الأفغان - الذين صادف أنهم ساعدوا حكومة المملكة المتحدة في المرحلة السابقة - وعداً بمنحهم وضع الإقامة لأجل غير مسمى في بريطانيا Indefinite Leave to Remain، ضمن سياسة شاملة، مع مسار واضح للمواطنة بعد 12 شهراً من مجيئهم إلى المملكة المتحدة بموجب وضع إقامة دائمة. في المقابل، يواجه عدد كبير من الأفراد المنتمين إلى جنسيات أخرى، بمَن فيهم أشخاص من جيل ويندراش، ورعايا بريطانيون سابقون وأحفادهم، طريقاً مسدوداً في ظل تراكم ملفات تسوية أوضاعهم داخل أدراج دوائر الهجرة منذ عقود".

تجدر الإشارة أخيراً إلى أن صحيفة "اندبندنت" قامت بالاتصال بوزارة الداخلية البريطانية للحصول على تعليق منها على ما ورد في هذا التقرير.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات