Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اقتصاد أفغانستان... السيناريو الأسوأ نحو الانهيار بعد سيطرة "طالبان"

تعهد مانحون دوليون بـ 20 مليار دولار كمساعدات إضافية في الفترة بين 2021 و2025 مصيرها يبقى غامضاً بعد هيمنة الحركة

أفغانستان تعاني من أزمات بسبب الحروب التي عاشتها وبالتالي فإن اقتصادها بحاجة إلى برامج إصلاحية (أ ف ب)

شكك محللون اقتصاديون في قدرة حركة طالبان على إدارة اقتصاد أفغانستان، مؤكدين أن التاريخ لم يشهد من قبل قيام جماعة مسلحة بإدارة ملف اقتصاد دولة بالكامل. وأوضحوا أن فكر الجماعات القائم على السرية وعدم الوضوح وغياب الشفافية يزيد الأزمات المتوقع أن يواجهها الاقتصاد الأفغاني بعد سيطرة الحركة على الحكم.

المختص في الاقتصاد الكلي عماد كمال، يرى أن التاريخ لم يشهد واقعة نجاح جماعة مسلحة أو متطرفة في إدارة منظومة اقتصادية بالكامل، مؤكداً أن مصيرها سيكون الفشل، خصوصاً أن دول العالم تتخذ مواقف أكثر حذراً مع كل الجماعات المتطرفة والمسلحة.وأوضح أن أفغانستان بالفعل تعاني أزمات بسبب الحروب الطويلة التي عاشتها، وبالتالي فإن اقتصادها بحاجة إلى برامج إصلاحية وهيكلة لكافة القطاعات، ومع وجود حكومة تشكلها حركة طالبان، وفي الغالب سيكون كل أعضائها من التنظيم، فإن الأوضاع لا تبشر بأي خير وستكون النتيجة انهياراً اقتصادياً قريباً.

ثروات مدفونة بمليارات الدولارات

وعلى الرغم من الموارد المدفونة التي تمتلكها أفغانستان، لكن ظروف الحرب تسببت في بقاء هذه الثروات الضخمة مدفونة تحت التراب، ومما يؤكد ذلك تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" قبل أكثر من 10 سنوات، قالت فيه إن فريقاً صغيراً من مسؤولي "البنتاغون" وعلماء الجيولوجيا الأميركيين اكتشفوا ما يقرب من تريليون دولار من الرواسب المعدنية غير المستغلة في أفغانستان، وهو ما يتجاوز بكثير أي احتياطات معروفة سابقاً وتكفي لتغيير الاقتصاد الأفغاني بشكل أساس، وربما الحرب الأفغانية نفسها.

وأشارت إلى أن الرواسب غير المعروفة سابقاً، بما في ذلك الأوردة الضخمة من الحديد والنحاس والكوبالت والذهب، والمعادن الصناعية المهمة مثل الليثيوم، ضخمة للغاية. وذكرت أن هذه المعادن الضرورية للصناعة الحديثة يمكنها تحويل أفغانستان في النهاية إلى أحد أهم مراكز التعدين في العالم. وقالت إن أفغانستان يمكن أن تصبح مركزاً عالمياً لخام الليثيوم، وهي مادة خام رئيسة تستخدم في تصنيع بطاريات أجهزة الكمبيوتر المحمولة والهواتف وبطاريات السيارات الكهربائية، فيما تشير التقارير الرسمية إلى أن أفغانستان تحوي موارد جوفية غنية مثل الأحجار الكريمة واليورانيوم والمعادن الشائعة والمعادن الأرضية النادرة والنفيسة مثل الذهب والفضة، كما أنها تمتلك احتياطات قيمة محتملة من الغاز والنفط والفحم، ولم يتم استكشافها حتى الآن.

وأظهرت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية أن البلاد قد تمتلك 60 مليون طن من النحاس بقيمة تقدر بأكثر من 535 مليار دولار بالأسعار الحالية، و2.2 مليار طن من خام الحديد بقيمة تقدر بأكثر من 350 مليار دولار بالأسعار الحالية أيضاً، إضافة إلى 2700 كيلوغرام من الذهب بقيمة تقدر بنحو 155 مليون دولار.

ووفق بنك التنمية الآسيوي يعيش نحو 47.3 في المئة من السكان الأفغان تحت خط الفقر، وهناك 34.3 في المئة من العاملين يقل دخلهم عن 1.90 دولار يومياً. وخلال العام الماضي انكمش الناتج المحلي الإجمالي بمقدار خمسة في المئة، بالتزامن مع انخفاض نصيب الفرد من هذا الناتج بمقدار 7.2 في المئة، ودفعت هذه البيانات بنك التنمية إلى التحذير من خطورة الموقف، واصفاً أفغانستان بواحدة من أفقر بلدان العالم.

 

 

عجز تجاري ضخم واحتياط منهار في 2020

البيانات تشير إلى أن أفغانستان سجلت عجزاً في ميزانها التجاري خلال العام الماضي بلغ نحو 4.66 مليار دولار، مع تحقيق صادرات بقيمة 2.24 مليار دولار، مقابل واردات إجمالية بلغت قيمتها 6.9 مليار دولار. ووفق هذه الأرقام تؤدي القدرة التنافسية الضعيفة إلى عجز تجاري هيكلي يعادل أكثر من 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ويتم تمويله بالكامل تقريباً من تدفقات المنح الوافدة.

وخلال العام الماضي بلغ العجز التجاري لأفغانستان حوالى 31 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي البالغ 20.5 مليار دولار، حيث بلغت قيمة صادراتها خلال عام 2020 نحو 1.03 مليار دولار، بينما تجاوزت قيمة وارداتها 8.3 مليار دولار، لتسجل بذلك عجزاً في الميزان التجاري بقيمة 7.3 مليار دولار، بحسب بيانات الأمم المتحدة.

وفي ظل هشاشة الاقتصاد اعتمدت أفغانستان على المساعدات والمعونات والتي وصلت إلى نحو 100 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2009 قبل أن تنخفض إلى 42.9 في المئة خلال 2020، وخلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي تعهد مانحون دوليون بـ 20 مليار دولار كمساعدات إضافية لأفغانستان في الفترة بين 2021 و2025، لكن مصير هذه المساعدات يبقى غامضاً بعد سيطرة "طالبان" على البلاد.

وفي ما يتعلق بالملاءة المالية فتشير البيانات الرسمية إلى أن بنك أفغانستان المركزي يحوي نحو 9 مليارات دولار كاحتياط نقدي، سبعة منها محتفظ بها على شكل خليط من النقد والسندات الذهبية الأميركية وأوراق أخرى في الاحتياط الفيدرالي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وخلال العام الماضي بلغ الناتج المحلي الإجمالي لأفغانستان نحو 20.5 مليار دولار، وفقاً لتقرير "الإحصاءات العالمية" الصادر عن الأمم المتحدة، فيما بلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي 551.9 دولار عام 2020، مقارنة بـ 619 دولاراً في 2019.

قطاعياً، تسهم الزراعة بنحو 21.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، فيما تسهم الصناعة وخصوصاً الصناعات الغذائية بنحو 24.5 في المئة، بينما يسهم قطاع الخدمات والأنشطة الاقتصادية الأخرى بنحو 54.1 في المئة.

المساعدات الدولية

وعلى الرغم من مليارات الدولارات التي تنفقها الدول المانحة في المساعدات الإنسانية وبرامج إعادة الإعمار، يعيش أكثر من نصف سكان أفغانستان تحت خط الفقر، فيما تبلغ نسبة البطالة في البلاد نحو 40 في المئة. فوفقاً للإحصاءات فإن 42.4 في المئة من العمال في أفغانستان يعملون في الزراعة، و18.3 في المئة يعملون في الصناعة، بينما يعمل نحو 39.4 في المئة في قطاع الخدمات والقطاعات الأخرى. في الوقت نفسه، تتربع أفغانستان على قمة الدول المنتجة للأفيون، ويزيد إنتاجها على إنتاج الدول الأخرى مجتمعة، على الرغم من إنفاق الحكومة ملايين الدولارات للقضاء على إنتاج المخدرات في البلاد.

وفي عام 2017 كشف تقرير أصدره مكتب الأمم المتحدة المعني بالجريمة والمخدرات أن إنتاج الأفيون ارتفع بنسبة 87 في المئة مقارنة بعام 2016، ليصل إلى رقم قياسي يبلغ 9 آلاف طن.

وأفاد التقرير بأن مساحة زراعة الخشخاش ارتفعت لتصل إلى رقم غير مسبوق يقدر بنحو 328 ألف هكتار، بزيادة 63 في المئة على الأرقام المسجلة خلال عام 2016، فيما تقلص عدد الولايات الأفغانية الخالية من هذه الزراعات إلى 10 ولايات بعد أن كان 13.

وتفيد وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بأن حركة طالبان كانت تشارك في تجارة الأفيون، وبأن هذه التجارة تعتبر مصدراً رئيساً. وتظهر أحدث الأرقام المتاحة أن صناعة الأفيون في 2019 حققت مكاسب تتراوح بين 1.2 مليار دولار و2.1 مليار دولار، متجاوزة بذلك قيمة الصادرات القانونية للبلاد.
إلا أن الناطق الرسمي لحركة طالبان ذبيح الله مجاهد أكد في أول مؤتمر صحافي بعد سيطرة الحركة على كابول "أن أفغانستان ستتوقف عن إنتاج المخدرات بكافة أنواعها"، واضاف، "لن ننتج أي نوع منها، ولن يكون ممكناً لأحد أن يشارك في تنظيمها من هذه اللحظة".

اقرأ المزيد