Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صندوق النقد يعلّق المساعدات إلى أفغانستان بسبب ضبابية الموقف

الاتحاد الأوروبي وألمانيا يقطعان دعم التنمية عن البلاد بعد سيطرة الحركة

أعلن صندوق النقد الدولي أن أفغانستان لن تتمكن من الوصول إلى موارده، بما في ذلك تخصيص جديد لاحتياطيات حقوق السحب الخاصة، بسبب عدم الوضوح بشأن الاعتراف بحكومتها بعد سيطرة حركة "طالبان" على العاصمة كابول. وبموجب الإعلان، علًق الصندوق دفع حوالى 450 مليون دولار من المساعدات إلى أفغانستان في أعقاب سيطرة "طالبان" على البلاد، بعدما تحركت وزارة الخزانة الأميركية لمنع وصول الأموال عندما أعلن مسؤول في الإدارة الأميركية، الثلاثاء 17 أغسطس (آب) الجاري، أن الولايات المتحدة جمدت 9.5 مليار دولار من الأصول المملوكة للبنك المركزي الأفغاني، وأوقفت الشحنات النقدية إلى الأفغان، في وقت تحاول فيه منع أي حكومة بقيادة "طالبان" من الوصول إلى تلك الأموال.
وتتمتع الولايات المتحدة وحلفاؤها بعدد كبير من الأصوات في مجلس إدارة صندوق النقد الدولي.
وقال متحدث باسم الصندوق في بيان "كما هي الحال دائماً، يسترشد صندوق النقد الدولي بآراء المجتمع الدولي". وأضاف "يوجد حالياً نقص في الوضوح داخل المجتمع الدولي في ما يتعلق بالاعتراف بحكومة طالبان في أفغانستان، ونتيجة لذلك لا يمكن للبلد الوصول إلى حقوق السحب الخاصة أو موارد صندوق النقد الدولي الأخرى".
ويُتوقع أن تكون لخطوة الصندوق آثار كبيرة على الاقتصاد الأفغاني، حيث يمثل النقد الأجنبي نحو ثلاثة أرباع الميزانية الأفغانية، كما تضخ أميركا نحو 12 مليار دولار إضافية في الاقتصاد الأفغاني. ويتوقَع أن يتوقف هذا الضخ مع سيطرة الحركة على الحكم في البلاد. وبحسب مسؤول أميركي فإن 80 في المئة من الميزانية الأفغانية مصدرها المساعدات الأجنبية.
وقال 17 من أعضاء مجلس النواب الأميركيين في رسالة إلى وزيرة الخزانة جانيت يلين بحسب مجلة "بوليتيكو" إن "إمكانية تخصيص حقوق السحب الخاصة لتوفير حوالى نصف مليار دولار في شكل سيولة غير مشروطة لنظام له تاريخ في دعم الأعمال الإرهابية ضد الولايات المتحدة وحلفائها أمر مقلق للغاية".
وتُعد خطوة الولايات المتحدة لمنع التخصيص، والتي أكدها مسؤول بوزارة الخزانة الأربعاء 18 أغسطس الجاري، هي أحدث محاولة من جانب إدارة الرئيس جو بايدن لحجب الموارد المالية عن "طالبان" وسط انسحاب أميركي فوضوي من البلاد. كما منعت الولايات المتحدة أيضاً الوصول إلى أصول البنك المركزي الأفغاني، التي يحتفظ بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بنحو 9.5 مليار دولار منها، وفقاً لرئيس "بنك دا أفغانستان"، الذي فر من كابول في وقت سابق هذا الأسبوع.

قطع 1.4 مليون دولار من المساعدات الأوروبية

في السياق ذاته، أكد جوسيب بوريل، كبير دبلوماسيي الاتحاد الأوروبي الثلاثاء الماضي، عقب اجتماع استثنائي لوزراء الخارجية الأوروبيين، أن الاتحاد قطع التمويل التنموي والمساعدات الحكومية عن أفغانستان في أعقاب استيلاء "طالبان" على السلطة. وقال "لن تذهب أي مدفوعات لأفغانستان في الوقت الحالي حتى نوضح الموقف". وأضاف "علينا أن نرى أي نوع من الحكومات ستشكّل طالبان".
وكان الاتحاد الأوروبي تعهد بتقديم 1.2 مليار يورو (1.4 مليار دولار) كمساعدات طارئة وتنموية لأفغانستان بين عامي 2021 و 2025، لكن دفع الأموال يتوقف على شروط عدة، بما في ذلك استخدامها لتعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وبخاصة للنساء والأطفال. وقال بوريل إن هذه الظروف لا تزال تراوح مكانها. وأضاف "بناءً على احترام هذه المبادئ، نستخدم نفوذنا من وجهة نظر مساعدات التنمية والشراكات".
كذلك قال بيتر ستانو، المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، أن "وضع التمويل لأفغانستان لا يزال متقلباً"، مضيفاً أن "الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه يقيّمون حالياً التطورات في أفغانستان، وتتم حالياً مراجعة كل أنشطتنا المتعلقة بهذا البلد في ضوء التطورات الأخيرة". وأضاف "نظراً إلى أن هذا الوضع سريع التطور، لم يتم اتخاذ أي قرار نهائي بعد، ولكن سيتعين علينا التفكير في ما حدث في أفغانستان عند تحديد مشاركتنا المستقبلية". وبينما لا تستطيع المفوضية الأوروبية إملاء سياسات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، قال بوريل إنه يتوقع أن تتصرف الدول الأوروبية "بطريقة منسقة".
وحتى قبل إعلان المفوضية الأوروبية، كانت ألمانيا علقت تمويلها لبرامج التنمية. وأكد وزير التنمية غيرد مولر هذه الخطوة الثلاثاء، فجمّد 250 مليون يورو (292.2 مليون دولار أميركي) من التمويل التنموي المخصص لأفغانستان هذا العام. وقال مولر لوسائل إعلام ألمانية إنه لم يتم صرف أي من هذه الأموال حتى الآن. وليس واضحاً بحسب "ديفيكس" وهي مؤسسة اجتماعية ومنصة إعلامية لمجتمع التنمية العالمي، ما إذا كان تعليق الأموال سيكون دائماً.

13 مليوناً يواجهون المجاعة

وأفاد مصدر رسمي في وزارة الخارجية الألمانية، "ديفيكس"، بأن "الوضع في أفغانستان متقلب حالياً. لذلك نركز على التحديات الحادة في الوقت الحاضر، بما في ذلك إجلاء المواطنين الألمان والقوات المحلية. سنتناول مسألة كيفية تشكيل تعاوننا الإنمائي في الوقت المناسب".
وفي وقت تحرك الاتحاد الأوروبي وألمانيا لقطع تمويل التنمية، أكد بوريل أن "أوروبا ستواصل المساعدة الإنسانية وربما تزيدها". وأضاف أن "المساعدة الإنسانية مطلوبة مهما كانت الظروف السياسية، وأن الناس في أفغانستان سيحتاجون إلى الكثير من المساعدة الإنسانية".
وقالت سيمون بوت، المتحدثة باسم منظمة الإغاثة الألمانية (ويلثينغرهايلف) التي تركز على تخفيف انعدام الأمن الغذائي، إنه من الأهمية بمكان الحفاظ على الدعم الإنساني. وتحصل المنظمة على تمويل من الحكومة الألمانية للعمل الإنساني والتنموي. وأفادت بوت بأن "طالبان اتصلت بالفعل بالمنظمات غير الحكومية لسؤالها عما إذا كانت ستستمر في عملها"، مشيرةً إلى أن "ويلثينغرهايلف تفكر في إعادة تشغيل بعض البرامج في المقاطعات الشمالية بأفغانستان، إذا كانت قادرة على القيام بذلك بأمان وأمكنها أن تتكيف مع الوضع الحالي".
وقالت "يجب أن نتحقق من الشروط والإجراءات التي تجري على الأرض الآن، فنحن جميعاً بحاجة إلى مزيد من الوضوح، لكننا لا نريد أن نترك الشعب الأفغاني الذي هو في أمسّ الحاجة إلى المساعدة الإنسانية". وتركز المنظمة جزءاً كبيراً من عملها على معالجة انعدام الأمن الغذائي في بلد يواجه فيه 13 مليون شخص حالياً نقصاً في الغذاء. وحذرت من أن الوضع قد يزداد سوءاً بشكل كبير إذا نزحت أعداد كبيرة من الناس خلال الأزمة الحالية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تراجع الأفغاني وشح العملات الأجنبية

سيتعين أيضاً على المجتمع الدولي أن يراقب مؤشر الفساد في البلاد حيث ضُخت مليارات الدولارات كمساعدات إلى أفغانستان على امتداد عقدين من الزمان لكن الفقر المُدقع لم يغادر الشارع الأفغاني ولم يرَ أبناء الشعب الأفغاني سوى القليل جداً من تلك الأموال. ومع توقف المساعدات والمنح من المنظمات الدولية والبلدان المتقدمة مع سيطرة "طالبان"، سيغرق الشارع الأفغاني في عتمة التضخم التي يقودها التراجع القياسي في قيمة العملة المحلية. وتوقع مصرفي سابق في البنك المركزي الأفغاني نقصاً في العملة الأجنبية مع تردي الأوضاع في البلاد. 

"طالبان" وآفة الفساد

ومن المبكر جداً معرفة ما إذا كانت "طالبان" ستواجه تحديات الفساد التي تنخر البلاد أو إن كانت ستغلق عينيها عن ممارسات الفساد المتفشية منذ عقود. ويُعد الفساد مشكلة واسعة الانتشار ومتنامية في المجتمع الأفغاني وبحسب مؤشر مدركات الفساد (الذراع البحثي لمنظمة الشفافية الدولية، الذي يقدم لمحة سنوية عن الدرجة النسبية للفساد من خلال تصنيف البلدان والأقاليم من جميع أنحاء العالم). واحتلت أفغانستان المرتبة 165 في تفشي الفساد لعام 2020 تراجعاً من المرتبة 177 في عام 2017 ضمن تصنيف المؤشر الذي يستطلع معدلات الفساد في 180 دولة في العالم. وعلى الرغم من التحسن الطفيف الذي أحرزته البلاد في هذا المجال على الرغم من تفشي جائحة كورونا وتبعاتها، لا يزال الفساد متفشياً بمعدلات كبيرة في البلاد.

71 في المئة من الأسر تقتات على الزراعة

من المبكر أيضاً معرفة إن كانت "طالبان" التي عادت بقوة لحكم البلاد، ستواجه زراعة الأفيون التي موّلت عمليات الإرهاب لتنظيم القاعدة الذي احتضنته طالبان لسنوات طويلة وجعلت أفغانستان إحدى الوجهات الرئيسة لتجارة المخدرات. وبحسب البنك الدولي فإن 71 في المئة من الأُسر في أفغانستان تقتات على الزراعة.

تريليون دولار من ثروات الليثيوم

وتمتلك أفغانستان ثروات أخرى على رأسها الثروات المعدنية والذهب والفضة والنحاس والألمنيوم، إضافة إلى الثروة الأبرز التي قد يسيل لها لعاب المستثمرين وهي ثروة تقدر بنحو تريليون دولار من الليثيوم المُستخدم في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية.