Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رغبة ليبية - بريطانية في إحياء الشراكة النفطية القديمة

تسعى المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس لفتح مكتب لها في لندن

تُعد بريطانيا من أبرز وأقدم الدول المستثمرة في قطاع النفط الليبي (أ ف ب)

بدأت السلطات الليبية بمحاولة جذب استثمارات أجنبية إلى بعض القطاعات الحيوية التي تعثرت في السنوات الأخيرة، مثل قطاعَي الطاقة والاتصالات، اللذين يعدان عصب الاقتصاد الوطني ومنبع الموارد التي تعتمد عليها الدولة بشكل أساس في دعم الموازنة العامة.

ولجأت السلطات التنفيذية الجديدة إلى شركاء ليبيا التقليديين لإنعاش قطاع النفط، الذي تضرر كثيراً نتيجة الصراع السياسي والعسكري الذي امتد لسنوات، وصيانة المرافق المتضررة والبدء بعمليات استكشاف جديدة في حقول النفط والغاز، التي تقول دراسات محلية ودولية أن ليبيا من الدول الواعدة فيهما بمزيد من الاكتشافات، التي من شأنها أن تعزز الإنتاج المحلي للطاقة، وتقدم فرصة مغرية للشركات الأجنبية لعقد شراكات مربحة بين الجانبين.

وكانت بريطانيا من بين أبرز الشركاء القدامى لمؤسسة النفط الليبية الذين عبروا عن رغبتهم بالعودة للعمل في ليبيا، حيث كانت شركة "بريتيش بتروليوم" العملاقة من أوائل الشركات التي أسهمت في اكتشاف النفط الليبي في خمسينيات القرن الماضي، وضخه في بداية الستينيات، وتسعى إلى العودة بقوة إلى أحد أقدم مواقعها النفطية في شمال أفريقيا.

رغبة مشتركة في الاستثمار

في السياق، أكد السفير البريطاني لدى ليبيا، نيكولاس هوبتن، على "رغبة المملكة المتحدة الكبيرة في الاستثمار في ليبيا، من خلال التعاون المشترك بين المؤسسة الوطنية للنفط وشركاتها مع الشركات العاملة في مجال النفط والطاقة".

واعتبر السفير البريطاني خلال لقاء مع رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، مصطفى صنع الله، الخميس 19 أغسطس (آب) الحالي، بمناسبة انتهاء فترة عمله كسفير لدى ليبيا، أن "السبب الأبرز وراء الاستقرار الذي تشهده ليبيا في الوقت الراهن، هو تماسك قطاع النفط الذي انعكس إيجاباً على عودة الاستقرار في البلاد، كونه الداعم الأول والأخير للاقتصاد الليبي".

وعبّر هوبتن عن "رغبة بلاده في إحياء الشراكة القديمة مع ليبيا في القطاع النفطي، مع استقرار الإنتاج في البلاد منذ بداية العام الحالي".

من جانبه، أكد صنع الله أن "المؤسسة الوطنية للنفط تتطلع إلى تطوير سبل التعاون المشترك مع الشركات البريطانية العاملة في مجال النفط والطاقة، لتطوير قطاع النفط الليبي، وفتح باب الاستثمار بما يخدم مصلحة البلدين، وتحريك عجلة التنمية في ليبيا".

دعوة فتحت باب التعاون

 جاء تعزيز التعاون في قطاع النفط، والبدء بتوقيع عقود استثمارية جديدة بين ليبيا وبريطانيا، بناءً على دعوة وجهتها وزارة النفط والغاز في حكومة الوحدة الوطنية الليبية في يوليو (تموز) الماضي، لفتح آفاق الاستثمار مع الشركات البريطانية المتخصصة في مجالات الطاقة.

وقالت الوزراة في بيان وقتها، إن "هذه الدعوة تأتي وفق نهج حكومة الوحدة الوطنية الداعي لتشجيع الاستثمار الأجنبي وتحفيز عودة المستثمرين الأجانب، لإطلاق مشاريع جديدة، واستكمال المشروعات المتوقفة في شتى المجالات".

وتطلعت الوزارة في بيانها إلى ما يمكن أن "تقدمه الشركات العالمية المتخصصة في مجال النفط والغاز، وما يمكن أن تسهم به في سبيل تحقيق المستهدفات المرجوة، خصوصاً من تلك الدول التي تتطلع بدورها للعمل في ليبيا، من بينها بريطانيا التي أبدت شركاتها الرغبة في العودة للعمل في البلاد".

ورحب البيان "بعودة الشركات البريطانية العاملة في مجال النفط والغاز، لا سيما "بريتيش بتروليوم"، للمساهمة في الاستثمار في هذا المجال، وفقاً للمعمول به من قواعد وإجراءات".

خطوات تحفيزية

وكانت تقارير صحافية بريطانية كشفت بداية العام الحالي، عن مساع تبذلها المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس لفتح مكتب لها في لندن، للتنسيق وعودة الاستثمارات البريطانية في حقل النفط والغاز في ليبيا، في أسرع وقت ممكن.

وذكر أحد التقارير أن "المكتب المقرر افتتاحه وفق تطورات الحالة الوبائية الحالية، سيمنح الشركات البريطانية عقوداً للاستشارات وإدارة الأصول بقيمة مئات ملايين الجنيهات الاسترلينية خلال السنوات المقبلة". وأضاف أن "هذا المكتب يمثل البوابة النهائية لقرارات الاستثمار الليبية، ومن خلاله تشرع البلاد في مشروع طموح لزيادة إنتاج النفط إلى مليونين ومئة ألف برميل يومياً"، وفق ما صرح رئيس المؤسسة الوطنية الليبية للنفط مصطفى صنع الله .
ونقل التقرير عن صنع الله قوله، إن "المؤسسة النفطية الحكومية في ليبيا ترغب بتوسيع الشراكة النفطية مع بريطانيا، عبر مناقصات للاستشارات وإدارة المحافظ المالية. وبناء القدرات سيتم بالاتفاق مع كبريات الشركات البريطانية، المعروفة في كل التخصصات الهندسية أو دراسات المكامن على وجه التحديد، ليكون التوريد من لندن على المدى المتوسط". وأضاف أن "بريطانيا تحظى بتقدير كبير من المؤسسة، وهي تمثل القلب على الرغم من وجودها خارج الاتحاد الأوروبي حالياً، إلا أنها تبقى مركزاً نشطًا للغاية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


وأكد على رغبة بلاده في إحياء مذكرة التفاهم مع "بريتيش بتروليوم" التي وقِعت في أكتوبر (تشرين الأول) 2018، مع المؤسسة وشركة "إيني" النفطية الإيطالية العملاقة لاستئناف التنقيب"، متحدثاً عن "تجمع عمل ممتاز تعمل بموجبه إيني كمشغل لاتفاقية الاستكشاف ومشاركة الإنتاج بالنيابة عن بريتيش بتروليوم، مقابل حصة بمقدار  45 في المئة".

وقال صنع الله إن "تنفيذ هذه المذكرة تأخر بسبب الصراع العسكري وجائحة كورونا، إلا أنها ما زالت سارية وموجودة، مع الآمال في أن تدخل حيز التنفيذ في أقرب وقت ممكن، لا سيما بعدما تسبب الصراع العسكري وعوامل أخرى بإبطاء التعافي ووضع قيود على الحد الأقصى للإنتاج النفطي".

شراكة قديمة متجددة

وتُعد بريطانيا تاريخياً، من أبرز وأقدم الدول المستثمرة في قطاع النفط الليبي، حيث تُعتبر شركة "بريتيش بتروليوم" من أوائل الشركات التي أسهمت في استكشاف النفط في ليبيا والبدء في تصديره في بداية الستينيات، مع بعض الشركات الأميركية والفرنسية.

وما زالت هذه الشركة الحكومية البريطانية، التي تُعرف اختصاراً باسم "بي بي"، تتقاسم الإنتاج والاستكشاف مع المؤسسة الوطنية للنفط، والمؤسسة الليبية للاستثمار، في حوض سرت (وسط ليبيا) في 5 حقول بحرية، وفي حوض غدامس (جنوب غرب) بعشرة حقول برية.

وجاءت عودة بريطانيا للاستثمار في مجال النفط والغاز الليبيين، مع عودة العلاقة مع نظام القذافي في عام 2007، بعد قطيعة منذ منتصف السبعينيات، عقب تأميم النظام السابق لقطاع النفط الليبي، بعد سنوات قليلة من توليه الحكم، قبل أن يتفق رئيس الوزراء البريطاني السابق، توني بلير، مع القذافي على عودة الشركات العاملة في مجال النفط.

وفي عام 2018، وقِّع أكبر اتفاق ليبي-بريطاني في مجال الطاقة، وهو اتفاق ثلاثي بالتعاون مع شركة "إيني" الإيطالية، التي تعمل في حوض غدامس أيضاً، في أكبر حقول الغاز الليبية، وتُعد شريكاً استراتيجياً، وتملك 42.5 في المئة من اتفاق التشغيل، بينما تمتلك المؤسسة الليبية للاستثمار 15 في المئة من الحقوق في الاتفاق".

المزيد من البترول والغاز