Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف يفهم تخلي رموز الدعوة في مصر عن فكر الإخوان المسلمين؟

شهادة حسان ويعقوب كشفت حجم التنكر للجماعة ومراقبون يعتبرونها "محاولة للتنصل" خشية التقاضي

على مدار سنوات ذاعت أحاديث الداعية محمد حسان بين الأوساط المصرية (الصورة تخضع لحقوق الملكية الفكرية_الصفحة الرسمية لحسان على فيسبوك)

بين يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) الحالي، أثارت ولا تزال شهادتا اثنين من أبرز رموز التيارات الإسلامية "السلفية" في مصر، وهما الشيخان محمد حسين يعقوب ومحمد حسان، أمام محكمة الدائرة الخامسة إرهاب، في القضية المعروفة إعلامياً بـ "داعش إمبابة"، الجدل في مصر، لما تضمنته من تصريحات وصفها البعض بأنها محاولة من الرجلين لـ"التنصل والتخلي عن أفكار" لطالما لاقت قبولاً وانتشاراً في المجتمع المصري لعقود، و"خلقت جيلاً من المتشددين".

وكمثل شهادة حسين يعقوب قبل أسابيع، جاءت شهادة حسان أمام المحكمة، بعد أن طلب محامي متهمين اثنين في القضية سماع أقوالهما في ما ذكره موكلاه في التحقيقات بأن المعتقدات التي سارا على نهجها قائمة على أفكارهما.

إلا أن مسار أسئلة المحكمة وردود الرجلين وصلت إلى حد ما وصفته بعض من التيارات الإسلامية في مصر بأنه "خيانة" لأفكارهم، فيما كانت محط اهتمام ونقاش من التيارات الأخرى التي رأت فيها "تراجعاً صريحاً" عن الأفكار والخطب المؤيدة جماعة الإخوان المسلمين التي تصنفها السلطات "إرهابية"، فضلاً عن التنظيمات المتطرفة الأخرى مثل "داعش" و"القاعدة" وغيرها. ما يطرح التساؤل عما إذا كانت فعلاً تلك الشهادات بمثابة محاولة للتخلي عن أفكار الجماعات الإسلامية، وعلى رأسها الإخوان المسلمين.

تناقضات شهادة حسان

في شهادته أمام المحكمة التي تجاوزت الساعتين الأحد الماضي، حمل حديث الشيخ "السلفي" محمد حسان، وفق عديدين، كثيراً من التناقضات والتصريحات المغايرة لأفكار سابقة، كان أعلن عنها بوضوح خلال العامين التاليين لأحداث يناير (كانون الثاني) 2011، وفي عهد حكم جماعة الإخوان المسلمين، وهو ما أرجعه البعض محاولة من الرجل لتجاوز "أخطاء" شهادة سلفه حسين يعقوب أمام المحكمة ذاتها قبل نحو شهرين.

ومن بين ما جاء من تناقضات في حديث حسان، تبرؤه من جماعة الإخوان، وذلك على الرغم من موقفه المؤيد لهم سابقاً، فضلاً عن وصفه المنتمين إلى التنظيمات التكفيرية مثل "داعش" و"القاعدة" بـ"الخوارج" و"التكفيريين"، وذلك على وقع إسناد النيابة في القضية المنظورة والمعروفة إعلامياً بـ"خلية داعش إمبابة"، للمتهمين تهم تولي قيادة جماعة إرهابية، الغرض منها الدعوة إلى الإخلال بالنظام العام، وتعريض سلامة المجتمع ومصالحه وأمنه للخطر، وتعطيل أحكام الدستور والقوانين، ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها، والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين والحريات والحقوق العامة، والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والأمن القومي.

وعن حديثه عن جماعة الإخوان، قال حسان، إنه كان مؤيداً لهم خلال فترة توليهم الحكم في مصر، من يونيو 2012 - يوليو (تموز) 2013، وكان "ينصحهم لله وحباً لدينه ووطنه". كما كان مؤيداً ومناصراً لهم بعد أحداث يناير 2011، ظناً منه، حسب وصفه، أنهم "من أكفأ الموجودين على الساحة السياسية".

إلا أنه عاد واستدرك، أن جماعة الإخوان "في بدايتها كانت دعوية، ثم تحولت إلى حزب سياسي يريد الوصول إلى الحكم"، وعليه وصلت الجماعة بالفعل للحكم، وتولت رئاسة الوزراء ومجلسي الشعب والشورى، ومنصب الرئاسة، ومع ذلك على حد تعبيره "لم توفق في حكم مصر، لأنها لم تستطع أن تنتقل من مرحلة فقه الجماعة إلى مرحلة فقه الدولة"، منتقداً ما فعلوه للاستمرار في السلطة والدماء التي أريقت بعد إطاحتهم من الحكم.

وبحسب حديث حسان، فإن "القصد من جماعة الإخوان لا يعلمه إلا الله"، فهي لم تستطع أن تنتقل من مرحلة سياسة الجماعة ذات الطيف الواحد إلى مرحلة سياسة الدولة ذات الطيف المتعدد. موضحاً أنه عندما حدث الصدام الحقيقي بين الجماعة والدولة بكل مؤسساتها، رفع الإخوان شعار "الشرعية أو الدماء"، مضيفاً أنه كان يرى "من الواجب أن تتخلى الجماعة عن الحكم حقناً للدماء".

ومضى حسان في تفصيل انتقاده لفكر الإخوان، قائلاً، إن المنهج أو الفكر القطبي، نسبةً إلى سيد قطب (أحد أبرز منظري جماعة الإخوان)، هو "أساس الجماعات" المتطرفة، مضيفاً أن "هناك فرقاً كبيراً بين أصول المنهج السلفي وأصول الإخوان المسلمين، فالأول أصوله الدعوة إلى التوحيد الخالص، والثاني، وهم الإخوان، يهتمون بالدعوة والتربية وإصلاح الدنيا بالدين، لكن هناك تقصيراً عند الإخوان في الدعوة، فهم يركزون على الأمور السياسية".

وعند سؤال المحكمة حسان عن رأيه في التيار السلفي، رد "هم كاسم يطلق نسبة إلى السلف الصالح، وهناك سلفيات كثيرة، السلفية العلمية والسلفية التربوية، وهناك ما يسمى الآن بالسلفية الجهادية، وكان أول من أطلقها عبدالله عزام، ليضم كل من ينتسب إلى السلفية تحت مظلتها"، مشيراً إلى أن هؤلاء يتبنون القتال "منهجاً وحيداً للخلافة الإسلامية، وكأنه لا يوجد سبيل للوصول لذلك إلا بهذا. وأصحاب هذا الفكر لا يزالون موجودين في كل دول العالم، ويرون أن كل من يتبنى هذا المنهج لمعالجة العدو البعيد والقريب، فهو سلفي جهادي مهما كان انتماؤه أو حزبه أو جماعته".

وبسؤاله عن الجماعات المتطرفة الأخرى، قال "حين يخرج زعيم التنظيم بتسجيل صوتي بعدما قتل أفراداً من الجيش ويقول نصاً، (لقد قتلناهم، لأن الله أمرنا بذلك)، فهذا ضلال مبين، هم إطلاقاً ليسوا على الطريق الصحيح، فكيف يكونون على الطريق الصحيح وهم يستحلون الدماء المعصومة؟".

ثم تابعت المحكمة بسؤاله عن قول بعض المتهمين في التحقيقات، إن تنظيم "داعش" يدعو إلى توحيد المسلمين في خلافة واحدة، وإن حدوث "عمليات إرهابية" هو في سبيل الله، ليرد "هذا القول مخالف للقرآن والسنة، وهو ينشر عن سوء فهم وسوء قصد للكتاب والسنة". وأوضح أن "الدواعش هم خوارج العصر".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وذكر حسان أنه يرفض أن يسمي تنظيم "داعش" بأنه "تنظيم وحشي سيئ السمعة"، لأنه "وصف ضعيف لما يقومون به"، متسائلاً، "أي وحشية أبشع من جز الرقاب، وحرق الأحياء، ونحر الأعناق، بأي دليل من كتاب الله وبأي دين يفعلون ذلك".

وكان لافتاً دعوة حسان أنه "يجب مواجهة تنظيم داعش أمنياً، ومواجهة الصغار الذين يتأثرون بهذا الفكر فكرياً دون تسفيه أو تحقير، فلا بد أن تكون المواجهة الفكرية مع المواجهة الأمنية". مشيراً إلى أن "أي جماعة مهما كان مسماها، ومهما تدثرت به من عباءة الإسلام، تخرج عن كتاب الله وعن سنة رسول الله، وتستحل الدماء المحرمة للمسلمين والدماء المعصومة للآمنين والمستأمنين، هي جماعة منحرفة".

وعن رأيه في "القاعدة"، قال حسان "تنظيم القاعدة سواء في أفغانستان أو العراق أو العالم أجمع يتبنى الفكر التكفيري، وحصر الحق فيهم وفي منهجهم ومعتقدهم، ويحكمون على المسلمين بالردة، كما يحكمون على جميع الحكومات بأنها كافرة ومرتدة، وبعد التكفير يأتي التفجير، واستحلال الدماء والأموال وانتهاك الأعراض".

وبشأن العمل الدعوي، قال حسان، "هناك فرق بين العالم والداعية. الأخير قد يكون مجتهداً في البلاغ بما يحفظه من كتاب الله انتساباً لقول الرسول، "بلغوا عنى ولو آية"، وكل مسلم بلا استثناء يجب أن يكون داعياً إلى الله عز وجل، وأن الدعوة المتخصصة لها رجالها من العلماء، والعلماء يعلمون كتاب الله وسنة الرسول، وهذا ليس دليل منتهى العلم، ولا بد أن يكون العالم عالماً بالتناسخ والمنسوخ حتى لا يخالف الإجماع، ويجب أن يكون عالماً بلسان العرب (اللغة العربية)، وأن تكون له إيجازات علمية، إضافة إلى أنه يصلح أن يكون العالم داعياً، ومن كان شيخه كتابه غلب خطأه صوابه، ولا بد لطالب العلم قبل الوصول إلى درجة العالم أن يكون عالماً، بما تفضل بكتاب الله وسنة رسوله الله، وقال إن له شيخاً منذ الثامنة من عمره، وهو الشيخ محمد عوض مصباح".

وكان لافتاً في حديث حسان كذلك قوله، إن "الذين يعقدون الاجتماعات في الزوايا الصغيرة وبث فكرهم المشبوه للشباب ليس لديهم أخلاق، ولا يجوز لهم الدخول إلى قبلة المسجد من دون استئذان إمامه، حتى لو كان من طلابه"، موضحاً "لا يجوز لأحد أن يتصدى للدعوة العامة إلا إذا كان مؤهلاً لذلك، فإن كنت لست مؤهلاً، ولم تعرف الدليل ولا الفرق بين العام والخاص، لا يحق لأي إنسان أن يعتقد أنه عالم".

وفي مقابل حديثه، واجهت هيئة المحكمة الداعية السلفي بمقاطع فيديو تظهره وهو يحرض على القتال في سوريا، إبان حكم الرئيس المصري الراحل محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، حيث كان يدعو حسان إلى اعتبار ذلك "واجباً بالنفس والمال والسلاح، كل على حسب استطاعته"، وهو الأمر الذي سألته المحكمة بشأنه، عما إذا كانت هذه الدعوة بمثابة دفع للشباب للسفر والقتال في سوريا والانضمام إلى الجماعات المتطرفة، ليبرر قوله في الأخير أمام المحكمة قائلاً، إن "ما قاله كان حديثاً موجهاً إلى الملوك والحكام، وسوء القصد عند البعض لا يتحكم فيه القائل أو المتكلم".

وأمام هذه الشهادة، قررت محكمة الدائرة الخامسة إرهاب، تأجيل محاكمة 12 متهماً من عناصر "داعش إمبابة" إلى جلسة 9 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل للمرافعة، وأمرت بإعفاء محمد حسان من الغرامة المقررة عليه وصرفه من المحكمة.

حسان ليس الأول

وقبل نحو شهرين، كانت حدة الجدل أكبر بشأن شهادة الداعية السلفي محمد حسين يعقوب أمام المحكمة ذاتها، بعد أن نفى صراحة انتماءه إلى الفكر السلفي، أو إفتاءه في أي أمر، موضحاً أنه لم يتخصص في الحديث أو الفقه، وكل ما يقوله لا يتعدى اجتهادات شخصية من قراءاته. لافتاً إلى أنه بدأ الخطابة عام 1978 على المنابر ومن خلال أشرطة الكاسيت، وأنه "لا يفتي ويسأل العلماء ويستشيرهم، وليس له علاقة بالسياسة، ولا ينتمي إلى أي حزب أو جماعة".

وكانت أبرز تصريحات يعقوب صاحب الـ 65 سنة، التي أثارت جدلاً، رده على سؤال عن تأثر المتهمين بالفكر التكفيري و"الداعشي"، وإقرار أحدهم بأنه يستقي أفكاره من خطب الدعاة محمد حسان ومحمد حسين يعقوب ومصطفى العدوي وأبي إسحاق الحويني، وأنه يعتبر أن "الجهاد في سبيل الله يتمثل في ارتكاب عمليات إرهابية"، إذ نفى علمه بذلك. وقال "هذا ضلال"، نافياً علمه كذلك بالتنظيمات الإرهابية، مثل "القاعدة" و"داعش".

كما نفى يعقوب معرفته بزعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، أو قضيته، قائلاً بشأن حكم الانضمام إلى "الجماعات الإرهابية"، "لا أدري، لأنني لا أستطيع أن أحكم عليهم بأن ما يفعلونه صح أم خطأ"، وإن "ادعاءات الجماعات الإرهابية" بأن مصر لا تنفذ الشريعة الإسلامية، هو "كلام خطأ شكلاً ومضموناً".

كذلك أثار حديثه عن جماعة الإخوان المسلمين جدلاً، إذ قال، إن "حسن البنا (مؤسس الجماعة في عشرينيات القرن الماضي) أسس الإخوان لعمل الخلافة والوصول إلى الحكم، ولا يجوز اتباع شخص إلا النبي، ولا اتباع جماعة إلا جماعة النبي". وتابع أن "سيد قطب كان شاعراً وأديباً، ولم يتفقه في علوم الدين، ولم يتعلم على يد شيخ".

وأثار حديث يعقوب عن عدم كونه "عالماً"، وأنه "حاصل على دبلوم معلمين (مرحلة دراسة متوسطة كانت تعقب الإعدادية في مصر، وتؤهل حامل شهادتها للعمل معلماً في المرحلة الابتدائية فحسب) وهو فقط قرأ في كتب كثيرة"، جدلاً آخر حول عشرات الآلاف من المقاطع والتسجيلات المنتشرة ليعقوب على الإنترنت. مضيفاً، "الناس يقسمون إلى علماء وعباد، وأنا في العباد، ومنذ بدايتي حين يسألني أحد أقول له اسأل العلماء، وكل ما أقوله هو اجتهادات شخصية مما قرأت".

"تنصل" أم "مراوغة"

على وقع الجدل المحتدم إلى الآن بشأن شهادة كل من يعقوب وحسان أمام المحكمة واختلاف ما جاء فيها عما كان معلناً من قبلهم سابقاً، تتباين آراء المراقبين والمتابعين لتلك الشهادات، في حديثهم إلى "اندبندنت عربية"، إذ اعتبرها البعض "تنصلاً صريحاً لفكر الجماعات الإسلامية لعدم صوابها"، وآخرون رأوا فيها محاولة "للمراوغة" من الرجلين لتجنب المحاكمة، بالنظر إلى تأثيرهم الذي استمر عشرات السنين.

ويجمل مراقبون، إن إجابات الرجلين بدت في المحكمة صادمة لكثيرين، على رأسهم أنصار التيار السلفي، وأنصار جماعة الإخوان المسلمين، فضلاً عن أولئك المناوئين للتيارات الإسلامية، وعليه أعاد المغردون نشر مقاطع مصورة لهما تضمنت مواقف سياسية تعود إلى السنوات الأولى بعد احتجاجات 2011، التي قادت إلى إطاحة نظام الرئيس المصري الراحل حسني مبارك، وسط استنكار من البعض بشأنه أنهما ليسا بـ"علماء ومخولين بالإفتاء، ولم يدرسا العلم، وعلى الرغم من ذلك يتصدون للفتوى وللكلام في اﻷحكام الشرعية، فضلاً عن التطرق إلى قضايا في غاية الخطورة، مما يتعلق في الشأن العام واﻷمور الشرعية العميقة".

وبحسب الإخواني المنشق عن الجماعة، الباحث في شؤون الإسلام السياسي ثروت الخرباوي، فإن التناقض الذي ظهر عليه حسان ويعقوب "غير مستغرب"، وذلك بعد أن تنصلا أمام المحكمة من دعوات التكفير والجهاد السابقة وانتقادهما الجماعات الإسلامية، ومنها الإخوان بهدف "تبرئة ساحتهما أمام القضاء".

وذكر الخرباوي، أن دعاة التيار السلفي في مصر بشكل عام بعيدون عن وسطية الإسلام واعتداله، وأن أغلب رسائلهم الدينية تحمل تحريضاً على العنف والإرهاب، وراح ضحيتها عديد من الشباب.

من جانبه، وبحسب الباحث في الإسلام السياسي إبراهيم المنشاوي، "فإن شهادة الرجلين لم تسقطهما بمفردهما، بل أسقطت أسطورة زرعت في مصر عبر عقود، وعليه سعى الرجلان من خلال التنصل من تلك الأفكار لإنقاذ نفسيهما، إلا أنهما لم يدركا أن تلك الشهادة أسقطت معهما ظاهرة (المشيخة السلفية)، وهي تتلقى من الدولة ضربة محكمة في رموزها الكبار".

وكانت دار الإفتاء المصرية قد اعتبرت في وقت سابق، على لسان مستشار المفتي مجدي عاشور، شهادة محمد حسين يعقوب أمام المحكمة أن "العقود الماضية كانت زمناً خصباً لظهور دعاة مثل يعقوب"، وذكر عاشور، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية، أن "التناقضات التي جاءت في شهادته تدل على أنه قد يكون جاهلاً، ويظن أنه عالم، وأفكاره امتداد لفكر الخوارج". وتابع، "مثل هؤلاء الشيوخ يرون أنهم جنس، وباقي البشر جنس آخر، ولولا مبدأ التقية لكانت شهادته موضوعاً للدراما".

بدوره يرى الباحث في شؤون الإسلام السياسي أحمد سلطان، أن سبب انتشار ظاهرة الدعاة بالأساس، تعود إلى "الجهل" الذي يبقى المناخ المناسب لانتشار التطرف، موضحاً "أن الأفكار المتطرفة سطحية، وتعتمد على الاستدلال الانتقائي، والتفسير الظاهري للنصوص الشرعية".

وتابع سلطان، يعتمد منظرو الأفكار المتطرفة على التحريض الدائم ضد القامات العلمية الإسلامية الوسطية، لحصر مصادر التلقي في جماعة معينة لدعم الفكر المتطرف، وهو ما يلقى قبولاً واسعاً في أوساط معينة في المجتمع المصري".

"انتقادات إقصائية"

في المقابل يدافع البعض، بينهم مؤيدو يعقوب وحسان، عن شهادتيهما، معتبرين أنها عكست "تواضعاً"، أمام محكمة استدعتهما كشاهدين وليس متهمين. مضيفين، "أن الشيخين غير مسؤولين عمن يسيء فهم أو تفسير أفكارهما، وأن ما هو ثابت أنهما لم يدعيا يوماً للعنف أو للخروج على الدولة، لا تلميحاً ولا تصريحاً، وهو ما يضاف لهما".

وبحسب ناصر رضوان، أحد مشايخ السلفية في مصر، ومؤسس "ائتلاف الصحابة وآل البيت"، فإن "جل الانتقادات والاتهامات التي لاحقت شهادتي الشيخين حسان ويعقوب، جاءت من أصوات مناوئة للدعوة السلفية وعلى رأسها الخطاب الليبرالي العلماني"، الذي يعتبره "إقصائياً وعنصرياً بشكل يفوق كل ما قد يقال عن أي تيار إسلامي".

وذكر رضوان، أن العلمانيين يريدون "التضييق عل كل أبناء التيار الإسلامي إعلامياً ومجتمعياً وحتى سياسياً"، موضحاً أن ما حدث "ليس هجوماً على الدعوة السلفية بل هو محاولة لتشوية الإسلام نفسه". وتابع، "هناك أشخاص وجماعات تدعي انتماءها للدعوة السلفية لكنها بعيدة تماماً عن منهج تلك الدعوة الذي لم يحرض على العنف يوماً"، مشيراً إلى أن ما يعرف بـ"السلفية التفكيرية ليست بعيدة فقط عن الدعوة السلفية بل بعيدة عن الإسلام كله".

من جانبه، كتب البرلماني السابق ذو التوجه السلفي، ممدوح إسماعيل، في مقال له بعنوان "شهادة محمد حسان للعسكر"، "إن شهادة حسان أمام المحكمة، لم تكن مجرد شهادة مواطن، إنما كان (وجوداً سياسياً) في ساحة المفروض أنها للقانون وتحقيق العدالة". وتابع أن "الأصل أن الأسئلة القانونية من المحكمة للشاهد لا بد أن تتعلق بوقائع الدعوى المادية وليس بالأفكار، خاصة أن الدستور المصري نص في المادة (47): على أن حرية الرأي مكفولة، والأسئلة في الفكر لا بد أن تتعلق بالواقعة المادية في الدعوى".

وتصاعد دور التيار السلفي في مصر في سبعينيات القرن الماضي، وكان بالأساس حركة دعوية، وتزامن مع صعوده ظهور جماعات أخرى تبنت العنف، وحينها شهدت مصر خلال الثمانينيات والتسعينيات هجمات "إرهابية" في مختلف أنحاء البلاد، لم تستهدف رجال الأمن فحسب بل أوقعت عدة ضحايا في صفوف المدنيين.

المزيد من تقارير