Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

طالبو لجوء تجمدت حياتهم لأن الداخلية البريطانية لا ترد عليهم

لا يستطيع المراهقون منهم الدراسة والحصول على عمل كي يبدؤوا، وكاد بعضهم يعاد إلى البلد الذي فر منه، ولا يملكون سوى الانتظار والأمل

الداخلية البريطانية تماطل في البت بطلبات لجوء المهاجرين، أحياناً لسنوات طويلة، فتحطم حياتهم (غيتي)

كانت سارة تشعر منذ سنّ الخامسة عشرة بألم مفاجئ كلما رأت مظروفاً بريدياً على عتبة باب بيتهم. إذ اعتادت أن تندفع كي تلتقطه متخيلة أنه يخفي الرسالة المنتظرة التي ستعني أن حياتها يمكن أن تبدأ الآن. وفي كل مرّة على امتداد نحو عشر سنوات، تحبط وتجر أذيال الخيبة، لأن القرار بشأن طلب لجوئها لا يكون موجوداً في ذلك الظرف.

وفي الرابعة عشرة من عمرها، هربت تلك الفتاة التي نطلق عليها اسم سارة المستعار بهدف حمايتها، مع أمها وأخيها الأصغر سناً إلى المملكة المتحدة. وقدَّمت العائلة طلب لجوء في بريطانيا في 2008، لكنه رُفِضَ بعد ثلاثة أشهر على أساس عدم كفاية الأدلة. وسرعان ما رفعوا طلباً آخر بمساعدة محامٍ تلك المرة، فبدأت مرحلة الانتظار.

أنهت سارة دراسة شهادة الثانوية العامة ونالت مؤهلات أكاديمية في المحاسبة. واستعدت الشابة للالتحاق بالجامعة، غير أنها لم تستطع الحصول على قرض دراسي بوصفها طالبة لجوء. ولا تزال بانتظار القرار بشأن طلب الحماية الخاص بها. عُرضت عليها أول وظيفة في المحاسبة حين بلغت سن العشرين، على الرغم من أنها لا تحمل شهادة جامعية. ولم تستطع سارة قبول العرض لأن قواعد وزارة الداخلية تمنعها من العمل أثناء انتظارها البتّ في قرار اللجوء. وبقيت العائلة تنتظر.

وبحسب سارة، "شعرت برغبة في الانتحار". وتضيف، "لا أدري ما الذي كنت سأفعله لو أنني لم أبادر إلى أداء عمل تطوعي بهدف إلهاء نفسي. لا أستطيع أن أشرح الأمر. إذ يبدو كأنني قد علقتْ. لقد تجمَّدت حياتي. لم أشعر أن حياتي لها معنى".

وتُظهر وثائق المحكمة أن طبيباً نفسياً سريرياً قد شخَّص حالة سارة بأنها "اضطراب ما بعد الصدمة النفسية" وقد نتجت من "حوادث صادمة عدة على امتداد سنوات حياتها"، مع وجود عامل محدد يتمثل في "التأخر المستمر في التوصل إلى حل بشأن قضية طلب اللجوء الذي قدمته"، الأمر الذي ألحق بها "أذًى بيّناً وضرراً نفسيّاً واضحاً".

 

"جائر ولا يمكن تفسيره"

تُقدم سارة مثلاً من مئات الأشخاص الذين تُركوا طي النسيان أثناء انتظارهم القرار بخصوص طلباتهم الحصول على حق اللجوء، طيلة نحو عشر سنوات أو أكثر. وتفيد البيانات التي حصلت عليها "اندبندنت" أن ما يزيد على 1200 طالب لجوء ممن تخضع حالاتهم الآن للدرس، قد انتظروا أكثر من خمس سنوات، فيما تزيد فترة انتظار 399 آخرين على عشر سنوات.

وبحسب سارة "دأبت على التحقق يومياً من بريدي الإلكتروني والعادي. لم أرد سوى أن أعرف". وتضيف، "شعرتُ أنني كمن ينتظر شيئاً لن يأتي. وانتابني قلق على الدوام مما سيحصل لنا إذا تقررت إعادتنا من حيث أتينا".

وفي تفصيل آخر، تشتمل الأعداد التي توافرت لدى "اندبندنت" بفضل طلب قُدم بموجب "قانون حرية المعلومات"، على حالات جرى فيها استئناف القرار. وتذكر وزارة الداخلية في الملاحظات المرفقة بتلك البيانات أن التأخير الذي حصل مراراً مردّه عدد من العوامل تشمل مدى تعقيد الحالات، والأوراق الثبوتية التي قدمها صاحب الطلب، والموارد المتاحة في معالجة الطلب والبت فيه.

 وكذلك تكشف أرقام منفصلة تلقتها منظمة "مجلس اللاجئين" عن طريق طلب قُدِّمَ بموجب "قانون حرية المعلومات"، أن عدد الطلبات التي تنتظر القرار الأولي منذ ما يزيد على سنة، ولا تشمل طلبات الاستئناف، قد زاد نحو عشرة أضعاف بين عامي 2010 و2020، إذ ارتفع من 3588 إلى 33016 طلباً. وينتظر ما يزيد على 250 شخصاً من بينهم عشرات الأطفال، القرار الأولي حول قضاياهم، أكثر من خمس سنوات.

في سياق متصل، لقد عاشت سارة مع والدتها التي أنجبت طفلاً جديداً في 2013، وإخوتها الآخرين، في مسكن خصصته وزارة الداخلية لطالبي اللجوء، أثناء انتظارهم القرارات بشأن طلباتهم. وتصف السكن بأنه "مقرف".

وتتابع، "واجهنا مشاكل عدّة بسبب مكان الإقامة خلال تلك السنوات، ما عمل على مفاقمة التوتر الذي شعرنا به. لقد عشنا في الطابق الثاني، مع وجود ثقب في الحمام بوسعك أن ترى من خلاله الشقة في الطابق الأسفل. وكذلك كان الباب مكسوراً حتى إن الريح كفيلة بأن تفتحه".

في خطوة تالية، اتصلت سارة بالنائبة العمالية جوان ريان في 2016 ملتمسة المساعدة، بعدما انتظرت القرار نحو ست سنوات. وبعد سنتين من المتابعة أجابت وزارة الداخلية بادعاء مفاده أن سارة لم تستأنف على الإطلاق قرار الرفض الأولي الذي صدر في حقها سنة 2009. وفي وقت لاحق، اعترفت الوزارة أن ذلك الادعاء لم يكن دقيقاً.

وفي ذلك العام نفسه، استعانت سارة بمحامٍ جديد بدأ باتخاذ الإجراءات القانونية بشأن التأخير الذي اعتُبر "جائراً ولا يمكن تفسيره "، وفي 2019، بعد تسع سنوات من تقديم طلب اللجوء، مُنحت سارة أخيراً حق اللجوء.

في أعقاب هذا القرار، أمرت المحكمة وزارة الداخلية بدفع 35 ألف جنيه استرليني (48.61 ألف دولار) لسارة تعويضاً عن الأضرار التي أصابتها جرّاء التأخر في البتّ بالطلب. اعتذرت الوزارة لسارة، غير أنها لم تقدم أي تفسير لأسباب التأخير.

وحاضراً، تعمل سارة بدوام كامل في جمعية خيرية معنية باللاجئات، ولديها شريك تشاطره حياتها، وقد رُزِقَتْ طفلاً. لكنها تشير إلى أن التكيف مع الحياة الجديدة شكّل أمراً صعباً.

وتتابع، "لقد كان الأمر حقاً صعباً بعد منحي حق اللجوء. بدا ذلك كأن حياتي كلها كانت تدور حول الصراع مع وزارة الداخلية للحصول على قرار. لذا، لم أكد أصدق أنني حصلت على حق اللجوء حين صار القرار في يدي".

وتردف سارة "حصلتُ مباشرة على وظيفة، إلا أن أبناء وبنات جيلي بدؤوا العمل، وشرعوا في بناء حياتهم، قبل سنوات عدّة، وأنا تأخرت عنهم. شعرت أنني لا أستطيع التواصل مع أشخاص في عمري. من الصعب حقاً التأقلم مع تلك الحياة الجديدة".

"عملية بيروقراطية لا نهاية لها"

في أوقات سابقة، اعتادت وزارة الداخلية تقديم خدمة معيارية ثابتة، بمعنى أن تستغرق ستة أشهر في البت بشأن قرارات اللجوء. وفي 2019، بيَّنت الوزارة أنها "تتخلى" عن تلك الخدمة من أجل "التركيز على حالات يعاني أصحابها وضعية فيها هشاشة شديدة". ولا يزال موقعها الإلكتروني يشير إلى أن الطلبات "سيتخذ القرار بشأنها عادة في غضون ستة أشهر".

وصلت فترات انتظار طالبي اللجوء العام الماضي إلى مستوى غير مسبوق، إذا انتظر نحو 46800 شخص أكثر من ستة أشهر كي يُتّخذ قرار أولي بشأن طلباتهم في نهاية 2020، ما يمثل زيادة قدرها 700 شخص عمن عانوا الوضع نفسه خلال الربع السابق، ويعادل أكثر من ثلاثة أرباع العدد الإجمالي للمتقدمين.

واستطراداً، يجري إبلاغ غالبية الأشخاص عند صدور القرارات حول طلباتهم، بأن في وسعهم البقاء في المملكة المتحدة. وفي العام الذي انتهى في يونيو (حزيران) 2020، مُنِحَ عدد ناهز نصف الطلبات المقدمة عند اتخاذ القرار الأولي، حق اللجوء أو الحماية الإنسانية أو أشكال بديلة من الإذن بالبقاء في بريطانيا. وارتفع العدد إلى أكثر من ثلثي أصحاب طلبات الاستئناف.

 ويصف توني سميث، وهو مدير قوة الحدود البريطانية العام سابقاً، نظام اللجوء بأنه "عملية بيروقراطية لا نهاية لها" تشتمل على "إطالة أمد الحالات إلى أجل غير مسمى".

ويضيف "تعتبر بعض الحالات بالغة التعقيد، وتكون مرفقة بعدد هائل من الوثائق والمواد الأخرى. يشكو التشريع من الفوضى. ثمة اتفاقات خاصة باللاجئين، واتفاقات تتعلق بحقوق الإنسان، وأحكام المحكمة العليا التي أصدرها قضاة على امتداد 20 سنة".

 ويتابع سميث، "هنالك عدد من الكتيبات الإرشادية. ولديك مكتبة من المواد ذات الصلة التي تعود إليها في كل حالة وكل مقابلة".

ويشير موظف الخدمة المدنية السابق إلى وجود "كثير من الاحتيال (الذي يمارسه أجانب ينتحلون صفة طالبي لجوء) في النظام"، غير أنه اعترف أن وزارة الداخلية تخطئ أيضاً في أحكامها بشأن بعض الحالات.

وفي ذلك الشأن، يقر بأنه "بالطبع، نخفق أحياناً، فنحن وزارة حكومية. ولا تعمل الحكومة بشكل منهجي كالساعة. فقد يمنح الشخص المعني بدراسة حالة ما صاحبها حق اللجوء مع أنه لا ينبغي له أن يفعل ذلك، لكن يكون العمل مجدياً في حالات أخرى أيضاً".

ويوضح سميث "من واقع خبرتي، فإن الغالبية العظمى من حالات التأخير تعود إلى الرفض. هنالك دائماً احتمال تحويل الرفض إلى موافقة بعد فترة من الزمن. فلربما لم تُقدّم كل الأدلة في مرحلة المقابلة أو أن القرار الذي اتخذه الموظف المسؤول جاء مغلوطاً، ولذا يفوز بعض الناس عندما يستأنفون".

ويرى أن "السؤال هو كيف يمكننا أن نوازن بين الحاجة إلى ضوابط صارمة للهجرة من جهة، والحاجة إلى منح لجوء حقيقي للأشخاص الذين يحتاجون إليه؟".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

"لم أعرف إذا كنت سأنجو"

في سياق متصل، يتمثّل ما يدعو إلى القلق في ندرة حصول أصحاب الطلبات على المشورة القانونية. فقد فُرِضَ عدد من القيود على منح المساعدة القانونية خلال السنوات العشرين الماضية، ما صعَّب مهمة حصول طالبي اللجوء على المشورة القانونية المجانية. ووجدت بحوث أجرتها مجموعة "فعل اللاجئ" في 2018 أن عدد مزوّدي الخدمات القانونية ممن يعرضون تمثيل الأشخاص بما يتعلق بقوانين اللجوء والهجرة بوصفها خدمة قانونية، قد هبط بـ65% منذ 2005.

ومثلاً، مُنِح فيكتور موجكاتشي، 60 سنة، حق اللجوء العام الماضي بعد انتظار دام 11 سنة. وقد هرب ذلك المواطن الذي يحمل جنسية زيمبابوية، من الاضطهاد السياسي في بلده الأصلي. ورُفِضَ طلب اللجوء الذي قدمه بادئ الأمر في 2010 على أساس أن الأدلة التي قدمها لم تكن قوية بما فيه الكفاية.

وآنذاك، استأنف موجكاتشي القرار في المحكمة من دون تمثيل قانوني لأنه لم يستطع تحمل نفقات المحامي، ولم يكن مؤهلاً للحصول على المساعدة القانونية المجانية. وفيما بعد، قدم موجكاتشي ثلاثة طلبات لجوء جديدة في غضون ثلاثة أعوام من دون تمثيل قانوني، ولقيت كلها الرفض.

وحاضراً، يعمل موجكاتشي في مدينة "شيفيلد" ضمن جمعية خيرية هدفها دعم اللاجئين. وقد صدر أمر بترحيله في 2019، في وقت استطاع فيه الحصول على مشورة قانونية من خلال مركز احتجاز المهاجرين، الأمر الذي أدى إلى إلغاء قرار ترحيله. وبعد ذلك، قدّم طلب لجوء جديداً بمساعدة محامٍ فتُوجت محاولته بالنجاح ونال حق اللجوء في 2020.

ويتذكر الرجل مفكراً بطلبات اللجوء الأولى التي قدمها، "لم أحصل حينذاك على أي تمثيل قانوني إطلاقاً. قدّمتُ الأدلة، لكنها لم تكن معروضة بلغة قانونية. لقد قدمتُ في المرات الأولى المعلومات نفسها التي أبرزتها فيما بعد في المحكمة سنة 2019 حينما مُنِحْتُ حق اللجوء".

ويضيف، "لو أنني حصلت على مساعدة قانونية جيدة في البداية، لكنت قد نلت حق اللجوء في ذلك الوقت. ولو أنني شرحتُ حالتي بطريقة أفضل مع تمثيل قانوني، لأضحى ممكناً أن تصبح حالتي مفهومة بشكل أفضل".

من زاوية مختلفة، ترى وزارة الداخلية أن طلب اللجوء الأصلي للمواطن الزيمبابوي، قد "رُفِضَ بشكل صحيح"، بينما قُبِلَ الطلب الأحدث الذي قدمه في 2019 بعد أن "تغيّرت بشكل كبير" ظروفه.

ويصف الرجل الزيمبابوي التجارب التي مرّ بها في إطار تعامله مع نظام اللجوء في بريطانيا، بأنها "صادمة ومروعة". وبحسب كلماته، "أنت حياتك للخطر وتأتي إلى بلد تعتقد أنك ستحظى فيه بالحماية، لكنهم لا يصدقون روايتك، ويهددون بإعادتك إلى التعذيب الذي تركته خلفك".

ويتابع، "لقد عِشْتُ في ظل تلك السحابة من عدم اليقين. لم أكن أعرف إذا كنت سأنجو بعد طلب اللجوء. وواجهتُ ذلك المناخ من عدم التصديق، وتُركتُ في دوامة النسيان".

وفي سياق ردّه على البيانات التي جرى تحصيلها بموجب "قانون حرية المعلومات"، ينقل متحدث باسم وزارة الداخلية إلى صحيفة "اندبندنت"، أن الوزارة ملتزمة ضمان معاينة طلبات اللجوء "من دون تأخير غير ضروري"، غير أن بعض الحالات قد تكون "أكثر تعقيداً وتستغرق معالجتها زمناً أطول".

ويضيف أن الوزارة، في إطار "خطة جديدة للهجرة" أُعلِنت في مارس (آذار) 2021، ستضمن أن يصبح نظام اللجوء "المتصدع" حالياً أكثر تناسباً مع الغرض "الذي وُضع من أجله"، ولذلك ستتخذ خطوات كفيلة بتعزيز القدرات، وستركز على المضي في عمليات التحسين الرامية إلى اتخاذ القرارات "بشكل أكثر كفاءة"، بما في ذلك إعطاء الأولوية للطلبات الأقدم وتلك التي تقدم بها أشخاص معرضون للخطر أكثر من غيرهم.

وفي سياق متصل، يشير كولين يو، وهو محامٍ متخصص في قضايا الهجرة، إلى أنه "من المروع حقاً" بقاء شخص ما قيد انتظار القرار الأولي بخصوص طلبه، خمس أو عشر سنوات. ويعتبر أن تراكم طلبات اللجوء المتأخرة في السنوات القليلة الماضية ناجم عن "فشل ذريع جاء مِنْ قِبَل وزراء متعاقبين".

وكذلك ينتقد محامي الهجرة هذا خطط اللجوء الجديدة التي وضعتها الحكومة. ويُشار إلى أن بريتي باتيل وزيرة الداخلية، ترى أن تلك الخطط ستؤدي إلى حرمان اللاجئين الذين يصلون إلى بريطانيا بطرق غير مصرح بها من الحق التلقائي في الحصول على اللجوء، ومن ثم سيرحّلون قسراً إلى دول آمنة جاؤوا من طريقها إلى المملكة المتحدة.

وفي وقت سابق من العام الحالي، كشفت "اندبندنت" أن فرنسا وألمانيا وبلجيكا استبعدت إبرام صفقات من هذا النوع مع بريطانيا، ما سيؤدي في رأي الخبراء إلى تأجيل البت بطلبات اللجوء في المملكة المتحدة لأشخاص معرضين للخطر، لفترة أطول.

واستطراداً، يورد المحامي يو أن "ذلك يعني تجميد حياة اللاجئين الحقيقيين، مع عيشهم في فقر مدقع داخل ثكنات عسكرية مهجورة بعيداً من أقاربهم، في وقت يتمكن فيه أشخاص ليس لديهم حالات جيدة، من البقاء في المملكة المتحدة لفترات متطاولة".

"كنت أتساءل عن وجودي"

في إطار مماثل، يشير جايمي بيل، وهو محامٍ يعمل في شركة "دانكان لويس للمحاماة" وسبق له أن مثل سارة، إلى أن طالبي اللجوء يتعرضون بشكل منتظم إلى فترات تأخير "غير مبررة" بعد تقديم مستندات وشروح إضافية، بشأن طلبهم الأصلي، يكون النجاح من نصيبها في النهاية. وبالتالي، يُلقي بهم التأخير في "دائرة مفرغة من الانتظار والضيق" ما يجعلهم غير قادرين على المساهمة في حياة المجتمع.

ويضيف بيل، "غالباً ما يجري دفع الطلبات الجديدة المعقدة إلى قعر كومة من الطلبات الأخرى، ولن تُعاين تلك الطلبات الصعبة من دون ضغوط. وهناك اختلاف واسع في توقيت الاستجابة، فإذا حالف الحظ بعض الطلبات قد يصدر القرار بشأنها في غضون ثلاثة أشهر، وإلا فقد تضطر إلى مواصلة الضغط سنوات من أجل اتخاذ القرار حولها".

في ذلك الصدد، يلفت بيل إلى أنه "لسوء الحظ، لا يوجد دافع لدى الممثلين القانونيين كي يلاحقوا وزارة الداخلية بشكل متكرر. يجب أن تتحلى بالصبر، وأن تدرك أيضاً مدى اليأس الذي يعيشه موكلك أثناء انتظار صدور القرار. وإذا أراد الممثل القانوني أن يريح نفسه ولم يفعل شيئاً، ستكون في تلك الحالة عرضة لتأخير قد يدوم لسنوات. لكن لا ينبغي أن يكون الوضع هكذا".

وعلى نحوٍ مماثل، يرى دانيال سويج، مدير المؤسسة الاستشارية "لنقف لمصلحة حقوق الإنسان كلها"، احتمال وجود "ثقافة عدم تصديق" في وزارة الداخلية التي تتلقى الطلبات، ما يؤدي إلى "الرفض على أفكار مسبقة بدلاً من الأدلة المرفقة بتلك الطلبات".

ويضيف، "في بعض الأحيان، يبدو الأمر كأن وزارة الداخلية تتعمد السعي إلى رفض الطلبات. نرى مراراً وتكراراً أمثلة جرى فيها التعليق على قرارات لا تتناسب مع التجارب التي عاشها أصحاب العلاقة".

ويتابع موضحاً أن حالات "التأخير قد تركت أثراً عميقا في أوضاع طالبي اللجوء النفسية وفي صحتهم البدنية. لكن لم يُبذل جهد يذكر في ذلك الشأن".

وحاضراً، تتمتع سارة بحق اللجوء. وعلى الرغم من ذلك، لا تزال تعاني صدمة الانتظار طيلة تسع سنوات. وبحسب كلماتها، "ثمة ضرر نفسي يحدث لك جراء ذلك. حينما أشارت وزارة الداخلية إلى أنني لم أقدم أي طلب على الإطلاق، تساءلتُ عن وجودي: من أنا؟ هل أنا حقاً موجودة؟".

وتزيد سارة، "كلما تقدمتُ بطلب بغية الحصول على شيء ما حالياً، حتى لو كان حساباً مصرفياً أو شيئاً من هذا القبيل، فإنني أصاب بالذعر إذا حصل أي تأخير قصير".

وتؤكد، "أعرف أن كثيرين انتظروا أكثر مني. يخرِّب ذلك الأمر حياتك برمتها. إذ لا تقتصر المشكلة على تسع سنوات مضت، بل تشمل سنوات عدّة مقبلة، إنها تَسِمُ حياتك بطابعها إلى الأبد. نعم، لقد حصلت على حق اللجوء وتلقيتُ بعض التعويضات أيضاً، لكن المعاناة لم تنتهِ بالنسبة إليَّ حتى الآن".

© The Independent

المزيد من تقارير