Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الآرت نوفو" حركة مهدت طريق الحداثة في الفن والعمارة

كان الهدف منها عصرنة التصميم والهروب من الأساليب والأنماط التاريخية

يعد مبنى دار باتلو في برشلونة واحداً من أشهر مباني الآرت نوفو (أن سبلاش)

جاءت حركة الآرت نوفو Art Nouveau كردة فعل على فنون وعمارة القرن التاسع عشر، الذي كان مفرطاً في الزخرفة من دون توظيف حقيقي للأشكال، وهنا نشأ اعتقاد بضرورة أن تفرض الوظيفة شكل التصميم.

وكان الهدف منها عصرنة التصميم، والهروب من الأساليب والأنماط التاريخية التي تميزت سابقاً بالانتقائية والنزعة الأكاديمية، فالتزمت إلغاء التسلسل الهرمي التقليدي للفنون، الذي اعتبر فنوناً مثل الرسم والنحت متفوقة على الفنون التطبيقية والحرف مثل تصميم الأثاث وأعمال الحديد المشغول.

الفن الجديد

تعرف الآرت نوفو باللغة العربية باسم "الفن الجديد"، وتُسمى بالألمانية Jugendstil، وبالإيطالية Stile Liberty بمعنى الأسلوب الحر، أما باللغة الكتالونية فتسمي Modernisme català أي الحداثة الكتالونية.

في بريطانيا، كان المصطلح الفرنسي Art Nouveau شائع الاستخدام، بينما في فرنسا كان يطلق عليها غالباً مصطلح Style moderne أقرب إلى المصطلح الإنجليزي Modern Style ، كما كان يُطلق عليها أحيانًا اسم Style Jules Verne على اسم الروائي Jules Verne، أو Style Métro نسبة إلى مدخل مترو أنفاق Hector Guimard .

النشأة

انطلقت الحركة في أواخر القرن التاسع عشر، وبلغت ذروة شعبيتها بين (1910-1890) في أوج التقدم الصناعي، الأمر الذي انعكس على التصاميم، فجاءت أكثر تعقيداً معتمدة على تكنولوجيا بناء مبتكرة، وأرخت بظلالها على الفنون الصناعية بشكل خاص، وقد استخدمت على نطاق واسع في الهندسة المعمارية والتصميم الداخلي والديكورات والأثاث وفنون الغرافيك والملصقات والرسومات التوضيحية وتصميم المجوهرات وفن الزجاج والمنسوجات والسيراميك والأعمال المعدنية والفنون التطبيقية بشكل عام.

وتُعد كل من فرنسا وبلجيكا الموطن الأصلي لهذه الحركة، إضافة إلى انتشارها في مراكز حضرية كبيرة، مثل باريس وبروكسل وبرشلونة وغيرها، ويُعد المعماري البلجيكي "هنري فان دي فيلدا" واحداً من ممثلي حركة الآرت نوفو، ومن المؤسسين الأساسيين لها، حين سعى ممارسو وفنانو الآرت نوفو إلى إعلاء الصنعة الجيدة، ورفع مكانة الحرف، وإبراز فائدة التصاميم الحديثة المصممة يدوياً بحس فني، مما ضيّق الفجوة بين الفنون الجميلة والفنون التطبيقية.

الملامح المميزة

تميزت الحركة بتجنب الخطوط الزاوية المستقيمة، وبسيادة الأشكال العضوية والزخارف الطبيعية والخطوط المنحنية الناعمة والمتداخلة، وبالاستخدام الواسع للأقواس والأشكال غير المتناظرة، والمواد الإنشائية والخام كالخشب والمعدن والزجاج بشكل واضح، إضافة إلى الاعتماد على الصناعات اليدوية.

في العمارة الخارجية، استخدم الخط المتموج غير المتماثل الذي يحاكي الطبيعة ويتخذ شكل براعم وسوق الأزهار وأجنحة الحشرات، أما في الفراغات الداخلية فظهر الاستخدام المكثف للخطوط المتموجة في تشكيل المسطحات، وكذلك الخطوط المنحنية المستوحاة من الطبيعة والأشكال النباتية التي تظهر بشكل واضح في تشكيل التفاصيل الدقيقة للدرابزين والنوافذ، واستخدام الفسيفساء في تشكيل الأرضيات واعتماد مادة الحديد عنصراً إنشائياً أساسياً.

وكذلك الاستخدام المبالغ به للأشكال الزخرفية في التشكيل الخارجي وتشكيل عناصر الفراغ الداخلية، إضافة إلى اعتماد مبدأ النحت الشامل للكتلة من قبل بعض المعماريين، واستخدام الزجاج الملون في تغطية الفراغات الداخلية وتطويعه في تشكيل النوافذ.

وقد تلقى الفنانون الإلهام من الطبيعة وأشكالها العضوية والهندسية، وأنتجوا تصاميم بتوحيد الأشكال الطبيعية في مكان واحد أو توزيعها في مساحات العمل الفنية.

دار باتلو

يعد مبنى دار باتلو Casa Batlló المُتموضع في شارع Passeig de Gràcia في برشلونة واحداً من أشهر مباني الآرت نوفو، وضع تصميمه المصمم أنطوني غاودي في عام 1904، الذي نقل رؤيته الفنية المفعمة بحيوية الآرت نوفو باعتماد مبدأ النحت الشامل للكتلة، بدلاً من إضافة عناصر زخرفية وتوظيفها مع عناصر المبنى، حيث نجد المنحنيات في كل مكان داخل فراغات المبنى في الأسقف والأرضيات، كما تتركز الزخرفة والأعمال النحتية والأشكال البيضاوية غير المنتظمة في الطابق الأرضي بشكل خاص.

أما الواجهة فمزينة في معظمها بقطع السيراميك المكسر، مُشكّلة بمجموعها فسيفساء ملونة، توحي للناظر من بعيد بمظهر أقرب إلى جلد الزواحف، حتى السقف يبدو مقوساً وأشبه بظهر منحني، ويعلوه برج وصليب.

واعتبرت هذه الحركة في الفترة ما قبل الحرب العالمية الأولى طرازاً قديماً، الأمر الذي مهّد الطريق لظهور حركة الآرت ديكو في عشرينيات القرن الماضي، لكنها عادت لتشهد إقبالاً شعبياً في الستينيات، واليوم يُنظر إليها كونها سلفاً مهماً، وجزءاً لا يتجزأ من الحداثة.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات