تخوف علماء بريطانيون من أن تكون الاحتفالات التي رافقت بطولة "كأس أمم أوروبا 2020" في كرة القدم Euro 2020، قد أسهمت في "زيادة" انتشار جائحة كورونا في المملكة المتحدة.
وأثناء تلك المسابقة، تدفق مئات الآلاف من المشجعين من مختلف أنحاء بريطانيا ومن خارج البلاد، على ملعب "ويمبلي" في لندن خلال الأسابيع الأخيرة، كي يشاهدوا مباريات البطولة، إضافة إلى ملايين آخرين تابعوا النهائيات إما من الحانات أو الحدائق التي تقدم فيها البيرة، أو من صالات المنازل برفقة أسرهم والأصدقاء.
وفي اسكتلندا، جرى حتى الآن الربط بين نحو ألفي حالة إصابة بفيروس "كوفيد- 19" وبطولة "كأس أمم أوروبا 2020". وفي الشهر الماضي، أكدت "هيئة الصحة العامة في اسكتلندا "Public Health Scotland أن نحو ثلثي حالات الإصابة بالعدوى التي لامست الـ1,991، اكتشفت لدى أشخاص سافروا إلى لندن لحضور مباراة المنتخب الوطني الاسكتلندي ضد إنجلترا في 18 يونيو (حزيران) الماضي.
في غضون ذلك، أشار بول هانتر أستاذ الطب في "جامعة إيست أنغليا" University of East Anglia، إلى تسجيل "زيادة واضحة" في عدد الإصابات بالفيروس في إنجلترا واسكتلندا وويلز، بعد "حوالى 10 أيام" من المباراة الأولى التي خاضها منتخب كل من تلك البلدان الثلاثة في إطار تصفيات كأس أمم أوروبا 2020.
وأضاف هانتر أنه قبل ذلك التاريخ، اتخذ "معدل الزيادة الأسبوعية للإصابات بكوفيد في مجمل البلدان الثلاثة في المملكة، منحىً انحدارياً، فبدا الأمر كأننا بدأنا نشهد استقراراً في الأرقام".
في المقابل، ارتفعت الإصابات في إنجلترا، بـ32 في المئة خلال الأسبوع المنتهي في العشرين من يونيو (حزيران). وبحلول الثاني من يوليو (تموز)، قفز متوسط إصابات الأيام السبعة، بنسبة 74 في المئة.
أما في اسكتلندا، فسجلت زيادة بنسبة 21 في المئة في حالات الإصابة بالفيروس على مدى الأسبوع المنتهي في العشرين من يونيو، لتصل بعد حوالى سبعة أيام، إلى 132 في المئة.
وفي ويلز، ارتفعت الإصابات بـ114 في المئة مع حلول السابع والعشرين من يونيو، فيما لم يتعد معدل ارتفاعها 41 في المئة في الأسبوع الذي سبقه.
وأوضح البروفيسور هانتر أن "هذا الارتفاع (بين ارتفاع عدد الإصابات والمباريات) قد لا يعني بالضرورة أنه السبب في الزيادة التي حصلت، إلا أنه من الصعب عدم الاستنتاج بأن الاحتفالات المواكبة لتصفيات كأس أمم أوروبا 2020، شكلت عاملاً مهماً في دفع وتيرة تفشي الوباء صعوداً في المملكة المتحدة".
وفي سياق متصل، اعتبر الدكتور جوليان تانغ عالم الفيروسات السريرية في جامعة ليستر، أنه "من الرائع أن يفوز المنتخب الإنجليزي بمبارياته، إذ واكبت جميع خيبات الأمل التي أصابت المنتخبات الوطنية الإنجليزية على مدى الأعوام الأربعين الماضية".
وأضاف تانغ، "في المقابل، شكل الحدث فرصة مواتية للفيروس كي يزيد تفشيه بين المشجعين الأصغر سناً الذين لم يتلقوا تطعيمهم بعد، أو بين أولئك الذين لم يتلقوا سوى جرعة واحدة من اللقاح، أو بين المشجعين الأكبر سناً الذين تراجعت في أجسامهم المناعة التي حققها اللقاح لهم. وعلى الأرجح أن الفيروس تمكن من الانتشار في اللحظات التي احتفل فيها المشجعون بالعناق (أو حين مواساتهم بعضهم بعضاً). وفيما أحس معظمهم بمجرد أعراض خفيفة، إلا أن هذا الأمر لا ينطبق على البعض الآخر".
ونبه إلى أن فيروس "كوفيد" ستنعكس آثاره طويلة الأمد على بعض المشجعين، بدرجات مختلفة من الشدة. ولفت في هذا المجال إلى دراسة نشرت في مجلة "نايتشر"" Nature العلمية، أفادت أن أكثر من 50 في المئة من 247 شخصاً مصاباً بـ"كوفيد" لم تستدع حالتهم دخول المستشفى وتراوحت أعمارهم بين السادسة عشرة والثلاثين عاماً، ما زالوا يعانون أعراضاً مستمرة، بعد نحو ستة أشهر من تاريخ بداية الإصابة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في هذا الوقت، توقع أحد الخبراء البارزين في مجال صنع نماذج افتراضية رقمية عن الفيروسات، أن يكون دور نصف النهائي في كأس أمم أوروبا 2020 والمباراة النهائية، قد تسببا بوقوع حوالى مليون إصابة إضافية بفيروس كوفيد-19 في المملكة المتحدة.
وفي هذا الإطار، قدر البروفيسور كارل فريستين من كلية لندن الجامعية (UCL)، أن يكون حوالى 70 ألف شخص قد أصيبوا بالفيروس نتيجة نشاطات متعلقة بمباراة نصف نهائي إنجلترا ضد الدنمارك، الأربعاء (قبل الماضي). وفق ما نقله فريستين إلى صحيفة "اندبندنت"، من شأن ذلك التسبب بوقوع حوالى494,090 حالة إصابة إضافية بالعدوى في غضون شهر.
وكذلك رجح فريستن أنه "إذا ما أخذ في الحسبان المباراة النهائية التي أجريت الأحد (الماضي) في ويمبلي، وما رافقها من تنقلات شعبية إلى الاستاد، أو لقاءات اجتماعية بعد المباراة مع العائلات والأصدقاء الذين شاهدوا الحدث من المنزل وفي أماكن مغلقة، فمن الممكن أن يصل العدد النهائي لحالات الإصابة بالفيروس المرتبطة بكرة القدم، إلى أكثر من مليون حالة".
في المقابل، رأى البروفيسور هانتر أن الارتفاع الحاد في عدد الإصابات المرتبطة بمباريات "كأس أمم أوروبا 2020" قد يخفف من وطأة القلق حيال الموجة الوبائية الراهنة التي تعصف بالبلاد.
وأوضح فكرته مشيراً إلى "أن الجانب المشرق في ذلك، يعني أنه قد تكون هناك ضغوط صحية أقل بعد انتهاء المباريات (بسبب تكون درجة معينة من المناعة متأتية من العدوى الطبيعية، لدى عدد من الذكور الأصغر سناً). وإذا ما لحقت إنجلترا بركب اسكتلندا، فقد نرى أن عدد حالات الإصابة بالفيروس سيتجه نحو الانخفاض، خصوصاً مع إغلاق المدارس أبوابها لقضاء عطلة الصيف قريباً، على الرغم من أن ذلك قد يبدو تفاؤلاً فائضاً".
وختم هانتر بالإشارة إلى أن "أرقام الإصابات في اسكتلندا قد تتجه إلى الانخفاض بعد مباريات كأس أمم أوروبا 2020 انتهت، إضافة إلى توقف المدارس عن استقبال الطلاب قرابة أسبوع، لذا ربما يمكننا أن نتوقع انحساراً للوباء بوتيرة أسرع. وإذا كان الأمر كذلك، فإنه يبشر بالخير بالنسبة إلى إنجلترا بعد التاسع عشر من يوليو (تموز) الجاري (موعد رفع قيود "كوفيد"). وسنعرف مآل الأمور، بطريقة أو بأخرى، في الأسابيع الثلاثة المقبلة".
© The Independent