Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا بعد كارثة دوري السوبر الأوروبي في كرة القدم؟

لطالما شجعتُ فريق تشيلسي لكني نفرت من هذا الانتزاع السافر للسلطة واستخلصت منه بعض الدروس

استطاع جمهور كرة القدم إجبار النوادي الكبرى على إلغاء مسابقة لم يرضَ عنها (رويترز)

الأسبوع الماضي، اتخذ بعض الأشخاص العاديين الذين يحبون اللعبة موقفاً ضد أقطاب كرة القدم. ولم يفز أولئك الأشخاص فحسب، بل هزموا الأقطاب هزيمة نكراء. إذاً، على ماذا انطوى الأمر كله ؟

كثيراً ما يتذمر مشجعو كرة القدم من الجشع والتسويق، لا سيما في ما يتصل بأسعار الفطائر المباعة أثناء المباريات. لكن الآن وقد هدأنا بعض الشيء بعد مهزلة الاستهزاء هذه، نستطيع أن نسأل: ماذا بعد ذلك بالنسبة إلى كرة القدم والدوري الممتاز؟

مع الظهور المفاجئ والاختفاء المفاجئ بالقدر نفسه لدوري السوبر الأوروبي المقترح، شهدنا لحظة من كرة القدم المرعبة والمرحة لم نكن رأيناها أبداً من قبل. وكنت على وشك إطلاق تدوين صوتي (بودكاست) عن كرة القدم ذلك الأسبوع، لكنني وجدت نفسي أفتقر إلى تقبل الأمر، مع ملاحظة أن الافتقار إلى التقبل ليس شيئاً أعرف به عادة.

وعلى الرغم من اشمئزازي، وعلى الرغم من توقفي عن تشجيع "تشيلسي"، النادي الذي شجعته منذ كنت في الخامسة من عمري (كيف وافقوا على هذا الأمر الكريه؟)، والأهم، على الرغم من توقفي عن الاهتمام بكرة القدم، كنت لا أزال مستعداً لإطلاق التدوين الصوتي. لكن، توجب علي الانتظار.

وإذ بات من الواضح أن مشجعي كرة القدم في كل مكان لم يتقبلوا الأمر، وأن إنجلترا، وفق الصحافة الأوروبية، "أنقذت كرة القدم"، مع ظهور مشجعي فريق "تشيلسي" في شكل خاص، بعد احتجاج صاخب على طريق "فولهام"، أبطالاً غير متوقعين، بدأت سحابة سوداء في الابتعاد. والواقع، أن إرغام النوادي الإنجليزية الستة [التي وقعت على بيان إطلاق "دوري السوبر الأوروبي"] على تغيير موقفها في شكل كامل، على نحو لم يكن ماركوس راشفورد نفسه يتوقعه، يستحق الآن (على نحو عاجل إلى حد ما) تحليلاً.

أعرف أن إطلاق تدوين صوتي الآن لا يشكل فكرة أصيلة تماماً. وأنا رسمياً آخر شخص في العالم يفعل ذلك. بل إن بيل غيتس أرسل لي برقية تهنئة. كان من الضروري أن يكون ضيوفي في الحلقة الأولى على الإطلاق أصواتاً محترمة في اللعبة. وبذا، توجب أن يشمل ذلك ليس أقل من باتريك باركلي، وهو صحافي شهير إلى حد ما في كرة القدم، وبات نيفين، الذي إذ أشعر مشجعي "تشيلسي" بسعادة غامرة خلال عمله في منتصف ثمانينيات القرن العشرين، أصبح الآن الخبير التلفزيوني لدى المشجعين ذوي التفكير. ووضعنا معاً بعض الحلول الممكنة. ومنها احتمال إنشاء هيئة تنظيمية [تعنى بتشريعات عن كرة القدم]. ليس لدينا واحدة، ولم يكن ثمة نظير لـ"أوفكوم" [الهيئة التشريعية البريطانية المنظمة للاتصالات] في كرة القدم. فعندما يكون هناك كثير من المال في اللعبة، أتخيل أن آخر شيء يريدونه هو طرف يتحكم بهم. إذ يشبه وجود هيئة تنظيمية لمالكي نوادي كرة القدم، الوقوف في محل للحلويات. وعندما يضعون كيساً من مشروبات الليمون الحامض يزن ربع باوند على المنصة بغرض الدفع، يكون المنظم هو من يلاحظ وجود 32 كيلوغراماً من الحلويات المحشوة في سراويلهم [رشاوى]. في المقابل، سيتعارض وجود هيئة تنظيمية مع التيار الحالي. فقد رفع "بريكست" تحرير القطاع المالي إلى مستوى جديد. لكن هذا أمر آخر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحتى أوائل ثمانينيات القرن العشرين، كانت تذاكر الدخول إلى مباريات كرة القدم مشتركة. وفي هذه الأيام، لا يحدث ذلك إلا في كأس الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم عند احتفال ما يسمى "النوادي الصغيرة" إذ تتفوق على ناد كبير. قديماً، إذا لعب فريق صغير كـ"كوفنتري سيتي" مع فريق أكبر في دوري كرة القدم الإنجليزي، كفريق "مانشستر يونايتد"، في ملعب "أولد ترافورد"، يحصل على نصف المال. وعلى مدار سنوات، ساعد ذلك في الحفاظ على مظهر من مظاهر المساواة. وبدا ناجحاً. ولهذا السبب نجحت ثماني فرق مختلفة طيلة 11 عاماً بين 1967 و1978 في الفوز بالدوري الإنجليزي لكرة القدم.

وبالتالي، يفترض أن يكون للهيئة التنظيمية سلطة تحقيق المساواة المالية بين النوادي، مرة أخرى. شخصياً، أود أن أرى كريستيانو رونالدو في فريق "نورويتش سيتي" خلال الموسم المقبل. ولن يكون من دواعي السرور أن نرى الفريق الآتي من "أنجليا الشرقية" ينافس على اللقب فحسب، بل سيكون من دواعي المرح أيضاً.

وفي ذلك المنحى، ثمة عديد من الناس المدينين لكنهم يعيشون على أمل أن يمحو أحد المحسنين ذات يوم هذه الديون بضربة واحدة. لكن، ما حجم ذلك الدين الذي يوصف بأنه أكبر مما ينبغي؟ في جوهره، لم يكن الدوري الممتاز يدور حول الجشع، بل كان مدفوعاً بالذعر واليأس.

واستطراداً، يندرج فريقا "ريال مدريد" و"برشلونة" بين أكثر الفرق نجاحاً في العالم، وعلى الرغم من ذلك فإن كلاً منهما يحمل حالياً مئات الملايين من الديون. والواقع أن هنالك حصة تبلغ 3.5 مليار يورو في خزائنهما يملكها مصرف "جاي بي مورغان"، وليس من شأنها تسديد الدين فحسب، بل ضمان هيمنتهما [على مسابقات كرة القدم] في المدى المنظور، وكذلك تسمح لهما بالاستمرار في شراء أفضل اللاعبين في العالم. لكن لا يوجد فريق يتمتع بحق إلهي في أن يكون مهيمناً كل عام.

وفي الأسبوع الماضي، بدا كأن مشجعي كرة القدم يصرخون في وجوه الفرق أن "عيشوا في حدود إمكاناتكم! وإذا لم تكونوا النادي الأفضل لفترة من الوقت، فليكن ذلك!".

وعلى أي حال، ما مبرر المال في كرة القدم؟ من المفترض أن يعود إلى هذه اللعبة بهدف تطوير الجيل الأحدث من اللاعبين، لا أن يصب في جيوب أصحاب المليارات. إذا رأت بعض الأوساط في الهيئتين الإداريتين، "الاتحاد الدولي لكرة القدم" و"الاتحاد الأوروبي لكرة القدم"، واللتان لا تزالان توزعان المال على الأندية (ليس قدر ما تسطيعان لكنهما تفعلان على أي حال)، "مصاصي الدماء في كرة القدم"، فماذا يسمي مشجعو "مانشستر يونايتد" ملاك ناديهم آل غلايزر؟ [تمتلك شركة "غلايز" مؤسسة مالية للاستثمار والمحاسبة، نادي "مانشستر يونايتد"].

من جهة أخرى، يروج أن استحواذهم ["غلايزر"] على النادي سلب مليار جنيه من "مانشستر يونايتد". وجاء [لاعب كرة القدم السابق] غاري نيفيل بمصطلح قذر يستخدمه علناً وفي شكل متكرر لوصف آل غلايزر، "آكلو الجيف". وأشك في أنه تراجع.

ليست الملكية في كرة القدم واضحة دائماً، سواء بالنسبة إلى المالك أو إلى المشجعين الذين يتوقعون عموماً أن يكون لدى من يشترون النادي الحب نفسه للفريق كما يفعلون، إذ يرغب المشجعون في أن يكون مالكو نواديهم أمناء على إرث ما. فهل يرى المالكون ذلك؟ في بعض الأحيان يفعلون. كنت مسروراً عندما أيد رومان أبراموفيتش علناً سياسة إعادة اللاعبين السابقين إلى أيام المباريات للاختلاط بالمشجعين. لكن هل من الممكن أن يكون امتلاك ناد لكرة قدم مماثلاً لامتلاك مبنى مصنف في الفئة الأولى؟

عند شراء عقار كهذا في هذا البلد، من الواضح أن المرء ملزم قانوناً بإثبات أنه سيحافظ على سلامته وفق معيار معرف. وبينما يبحث الناس عن سبل للتعبير عن السبب الذي جعل مشجعي كرة القدم يشعرون بالإهانة إزاء هؤلاء المالكين ورؤسائهم التنفيذيين (الذين استقال بعضهم الآن)، ربما من الضروري أن تظهر فئة جديدة من أندية كرة القدم، في موقع جديد في مكان ما بين شركة مدرجة ومبنى من الدرجة الأولى، مع قواعد محددة حول كيفية إدارته؟

في الوقت الحالي انتهى "دوري السوبر الأوروبي". لكن العقول المدبرة للمشروع تقول إنه "مجمد". وأخشى أن يعود مرة أخرى متخفياً في زي جديد، مثل عودة "ضريبة الرؤوس" [فرضت أيام مارغريت ثاتشر على أن تجبى من الأفراد جميعهم بغض النظر عن مداخيلهم] بعد أعمال الشغب التي اندلعت على مستوى البلاد بالكامل ضدها. لا أحد يفكر مرتين الآن في دفع الضريبة البلدية، وهي ضريبة الرؤوس نفسها بالضبط، بعد ما أعيدت تسميتها. يشبه ذلك تماماً أن "جيف" بات يسمى "سيف"، وأصبحت ألواح "ماراثون" ألواح "سنيكرز". لذا، فلن يكون من المستغرب أن يحاولوا مرة أخرى.

من المقترح أن تكون الحدود القصوى للمرتبات هي الطريق إلى الأمام؛ وأنا لست متأكداً من هذا، لكن ثمة حجة طيبة في هذا الصدد. إذ لا تنجح النشاطات التي تجرى في مقابل المال إلا في بعض الأحيان، لكن كما قال منتج الموسيقى كوينسي جونز ذات يوم، "يخرج الإله من الغرفة عندما تعزفون الموسيقى في مقابل المال".

وفي المقابل، أولئك الذين يحققون عظمة حقيقية لا يحفزهم المال أبداً. هذا بالتأكيد على غرار أن الأكثر عشقاً لكرة القدم سيسعدهم أن يتقاضوا الحد الأقصى من الأجور المتوفرة مع معرفتهم التامة بأن الأموال الزائدة (وثمة كثير منها) تعود لتصب في القاعدة وليس إلى مصالح الأعمال الخارجية للمالكين.

من زاوية أخرى، ثمة شيء أكثر غرابة، ولا أعتقد أننا استوعبناه على النحو اللائق، يتمثل في أن الناس العاملين، وهم المشجعون العاديون لكرة القدم، قد صدقوا القول حين أخبروا أصحاب المليارات بما يمكنهم فعله وما لا يمكنهم القيام به. ولنفكر كذلك في تلك الاحتجاجات المميزة التي لم تنتج سوى القليل، على غرار مسيرة المليون تقريباً المناهضة لـ"بريكست"، أو مسيرات "غرينهام للعموم"، أو "حملة نزع الأسلحة النووية". أو المظاهرات العالمية المناهضة للحرب [على العراق] في 800 مدينة في 15 فبراير (شباط) 2003.

هذه المرة نجح الاحتجاج المفاجئ، ورفع الصوت، والغضب على وسائل التواصل الاجتماعي، [نجح] ذلك كله. وقد وقف الناس معاً ضد الثروات الشنيعة، وفازوا. واستمع أصحاب المليارات، وتراجعوا عن "دوري السوبر الأوروبي"، وفي تحرك غير مسبوق، اعتذروا في واقع الأمر.

شكل ذلك تحولاً هائلاً في النموذج السائد. وأظن أن ثمة أناساً في بعض الدوائر يفضلون ألا نطيل في الحديث عن الموضوع لفترة أطول مما ينبغي. ففي نهاية المطاف، ليس هناك ما هو أخطر من السماح لعامة الناس بأن يعتقدوا أنهم يملكون السلطة اللازمة لتغيير الأمور.

وكخلاصة، تقع القوة الحقيقية التي تدوم طويلاً على عاتق المشجعين. هذا ما كان وما سيكون دائماً. نحن وحدنا القادرون على ضمان استمرار القيم والثروة إلى جانب بعضهما بعضاً. ولأن السلطة لا بد من أن تكون في نهاية المطاف حول تمكين الآخرين، وليس الأفراد الذين يستولون على السلطة لأنفسهم. ولا بد من أن يدرك المشجعون هذه الحقيقة، ويستخدموا هذه القوة العظمى المكتشفة حديثاً بحكمة. ولن يتسنى لنا أن نعتبر لحظة "دوري السوبر الأوروبي" محورية إلا إذا حدث ذلك.

يتوفر التدوين الصوتي لأوميد جليلي وعنوانه "على ماذا انطوى الأمر كله؟" الآن على "أكاست" Acast

© The Independent

المزيد من آراء