Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"تسليح المتطوعين" يثير عاصفة هجوم ضد الرئيس الفيليبيني

توالت الردود الغاضبة والرافضة اقتراح دوتيرتي ومخاوف من زيادة معدلات القتل في البلاد

يرغب الرئيس الفيليبيني رودريغو دوتيرتي في السماح للفرق التطوعية من المدنيين بامتلاك الأسلحة (أ ف ب)

أعرب الرئيس الفيليبيني رودريغو دوتيرتي أخيراً عن رغبته بالسماح للفرق التطوعية من المدنيين، الذين يساعدون الشرطة في مكافحة الجريمة، بامتلاك الأسلحة للدفاع عن أنفسهم أثناء أدائهم مهماتهم.

وأثار ذلك زوبعة من الانتقادات في مجلس النواب والدوائر الحقوقية في الفيليبين، إذ وُصفت تلك الخطوة بـ "الخطيرة"، محذرين من أن ذلك سيؤدي إلى "زيادة معدلات القتل في البلاد".

ومنذ أن وصل الرئيس دوتيرتي إلى سدة الحكم في الفيليبين عام 2016، توالت تصريحاته المثيرة للجدل أمام وسائل الإعلام، مثل سجن رافضي اللقاح وإعطائهم لقاح الخنازير وقتل مهربي المخدرات من طائرة هليكوبتر محلقة في السماء والتقليل من شأن النساء وعدم قدرتهن على تولّي مناصب قيادية.

تسليح الفرق المتطوعة

تسهم الفرق المتطوعة من المدنيين لمكافحة الجرائم في العمل على الحدّ من الجرائم ومراقبة الأمور التي تدور حولهم، كما يقول رئيس الشرطة الوطنية الفيليبينية غويليرمو إليازار، الذي يوضح أن مهمة هذه الفرق ليست تنفيذ القانون وإجراء الاعتقالات، لكن مراقبة وملاحظة كل ما حولهم ومساعدة الحكومة.

غير أن تصريحات الرئيس الفيليبيني رودريغو دوتيرتي خلال إطلاق تحالف المتطوعين لمكافحة الجريمة أخيراً تبدي رغبة في منح سلطة أكبر لهذه المجموعات عبر حصول المدنيين المؤهلين على السلاح، لمساعدة الحكومة في تطبيق القوانين، وفسّر الرئيس تسليح الجماعات المتطوعة، معتبراً "لا يفترض أن يقتلوا في أثناء أدائهم دورهم".

ولا تُعدّ فكرة تسليح المدنيين أمراً جديداً من دوتيرتي، فقد أطلق تصريحاً مشابهاً عام 2018 حين قال إنه يضع في الاعتبار منح العامة أسلحة للمشاركة في الحرب ضد الجريمة والمخدرات.

لكن التصريح أثار عاصفة من الردود الغاضبة والرافضة الاقتراح في الداخل الفيليبيني، فأعربت نائبة الرئيس ليني روبريدو عن معارضة الاقتراح، موضحة أنه "أمر خطير للغاية، وغير فاعل"، كما بيّنت أن الإقدام على هذه الخطوة ربما "يتسبب في انتهاكات لحقوق الإنسان، وأن المشكلات يمكن حلّها من دون الأسلحة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واتفق مع قولها عدد من النواب الفيليبينيين والجماعات الحقوقية، فعلى سبيل المثال، استنكرت مفوضية حقوق الإنسان الفكرة، وأكدت أنها ربما تقود إلى تعديات على حقوق المواطنين، ويمكن أن تؤدي إلى انتشار الأسلحة النارية.

كما قال نائب رئيس الأقلية في مجلس النواب الفيليبيني كارلوس إساغاني زاراتي إن الاقتراح الذي طرحه دوتيرتي من شأنه "جعل الشوارع أكثر خطورة"، ويتسبب في زيادة القتل والفوضى، وأعربت النائبة ريسا هومتيفيرسون عن رفضها له، مؤكدة أن الأسلحة يجب أن تكون في حوزة المتخصصين فقط لا المدنيين العاديين.

ومع هذا الجدل الذي أثارته تصريحات دوتيرتي، خرج القصر الرئاسي، "مالاكانانج"، ليعلن أن تسليح المتطوعين في فرق مكافحة الجريمة لم يصبح سياسة تنتهجها الحكومة، وأشار المتحدث باسم الرئاسة الفيليبينية إلى أن التصريحات تعني "انفتاح الرئيس على الفكرة من دون وجود اقتراح أو سياسة نهائية بشأنها".

ودافع رئيس الشرطة الوطنية عن اقتراح الرئيس الفيليبيني ووصفه بـ "المهم"، كما أكد أنه يأتي في "مصلحة المتطوعين وحمايتهم من العناصر الإجرامية في أثناء عملهم التطوعي في مكافحة الجريمة والمجرمين".

كما يسمح القانون الفيليبيني بامتلاك الأسلحة للمواطنين تحت عدد من الشروط والمواصفات كأن يكون عمر الشخص 21 سنة، وأن يكون موظفاً أو تاجراً، وذا سجل ضريبي نظيف وليس من أرباب السوابق.

ويتوجب على طالب حيازة أسلحة نارية اجتياز الاختبار العصبي النفسي من قبل الشرطة الوطنية واختبار تحليل المخدرات، مع ضرورة حصوله على رخصة امتلاك الأسلحة.

ويذكر إحصاء سابق عام 2014 أن عدد الفيليبينيين الذين يمتلكون أسلحة نارية بلغ ما يقرب من أربعة ملايين مواطن، نصفهم حاز عليها بطريقة غير قانونية، وتشير تقارير لمنظمات مدنية إلى أن الأسلحة غير القانونية في البلاد تأتي ضمن أربعة مصادر هي التهريب وإعادة تدوير الأسلحة المستخدمة في معارك سابقة والأسلحة منتهية التصاريح والمصانع المحلية التي تصنع أسلحة غير قانونية.

ويُسهم انتشار الأسلحة غير القانونية في الفيليبين بمدّ الجماعات المتطرفة بالعتاد الذي تستخدمه في عملياتها الإرهابية، فقد ضبطت قوات الجيش العام الماضي العشرات من الأسلحة والذخائر في حوزة جماعة أبو سياف الإرهابية.

دوتيرتي المثير للجدل

أصبح الرئيس الفيليبيني حديث وسائل الإعلام الدولية ومنصات التواصل الاجتماعي المحلية، بسبب تصريحاته المثيرة للجدل وردوده على وسائل الإعلام. فمع بداية تولّيه الحكم في البلاد، وصف دوتيرتي مقتل 32 شخصاً من المشتبه فيهم بتجارة المخدرات بالأمر الجيد، لافتاً إلى أن الشرطة لو استطاعت قتل 32 شخصاً كل يوم لتمكّنت من تقليل ما يعاني منه هذا البلد. كما ذكر مسبقاً أنه يتعهد بسجن وقتل كل من يتآمر على الدولة.

وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، أثارت تصريحات له عن النساء غضب عدد كبير من الناشطات النسويات في بلاده، إذ ذكر أثناء حديثه عن تكهنات بترشح ابنته للانتخابات الرئاسية المقبلة، أن النساء "لا يصلحن للرئاسة".

وفي 21 يونيو (حزيران) الماضي، ومع تفاقم أزمة كورونا وزيادة الحالات في الفيليبين، قال إنه سيضع من لا يأخذ اللقاح "وراء القضبان"، وهو ما رفضه عدد من النواب والحقوقيين كونه لا يتماشى مع القانون، ليصدر بعدها عدد من تصريحات المسؤولين الحكوميين، الذين يوضحون أن كلام دوتيرتي جاء فقط ليدلّل على أهمية التطعيم وحاجة المواطنين الملحة إليه.

لكن، على الرغم من تصريحاته المثيرة للجدل، لا يزال دويترتي يتمتع بشعبية كبيرة داخل بلاده، فقد كشف استطلاع أخير في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عن أن الرئيس لديه معدل قبول يصل إلى 91 في المئة بين الفليبينيين.

الجريمة وحرب المخدرات

وفي وقت تُعدّ حرب المخدرات التي شنّها منذ أن وطأت قدماه القصر الرئاسي أكبر الأفعال التي تتعرّض للانتقاد من جانب الحقوقيين بالداخل والخارج، طالبت القاضية في المحكمة الجنائية الدولية فاتو بينسودا أخيراً بإجراء تحقيق كامل في ما وصفته بـ "السلوك الوحشي لحرب الرئيس دوتيرتي على المخدرات"، مشيرة إلى احتمالية إدانته بجرائم ضد الإنسانية، كونه جزءاً من هجوم منظم موجه ضد المدنيين، وهو ما ردّ عليه القصر الرئاسي برفضه التعاون مع أي تحقيق من المحكمة الجنائية الدولية، واصفاً الطلب بأنه "غير قانوني" ونابع من "دوافع سياسية".

كما أثار دوتيرتي غضب كثيرين من الحقوقيين أخيراً عندما رفض الإفصاح الكامل عن السجلات المتعلقة بعمليات مكافحة المخدرات، ما جعل بعض الجمعيات الحقوقية تصف ذلك بأنه إبطال لأي نيّة لإجراء تحقيق شفاف في قضايا قتل الكثيرين في ما يُعرف بـ "حرب المخدرات".

وأسفرت الحرب على المخدرات عن آلاف الضحايا، وأثارت كثيراً من التحفظات في الأوساط الحقوقية، وتشير البيانات الرسمية للشرطة الوطنية الفيليبينية إلى أن عدد القتلى في العمليات الأمنية ضد جرائم المخدرات وصلت إلى ستة آلاف شخص في الفترة بين يوليو (تموز) 2016 وحتى ديسمبر (كانون الأول) 2020، لافتة إلى أن المشتبه فيهم قتلوا في أثناء اشتباكهم مع قوات الشرطة.

وكشف تقرير صدر في مارس (آذار) الماضي عن مفوضية حقوق الإنسان في الفيليبين عن أن الشرطة الوطنية استخدمت القوة غير المبررة والموسعة، بغية قتل المشتبه فيهم عن عمد أثناء العمليات المرتبطة بالمخدرات، التي ارتُكبت خلال فترة حكم الرئيس دوتيرتي.

وتذكر إحصاءات الشرطة الوطنية عن الجريمة في البلاد أن السرقة والاعتداء الجسدي والنهب من بين أكثر الجرائم انتشاراً في الفيليبين، إلى جانب السرقة والاحتيال الرقمي باستخدام بطاقات الائتمان وسرقة السيارات، وأظهرت تقارير الشرطة انخفاض معدل الجرائم الإجمالي لعام 2020 بنسبة كبيرة جداً عن العام الذي سبقه.

وربطت الشرطة هذا التراجع بالقيود المفروضة على الجمهور وبتحسين إدارة عمليات الشرطة، كما تشير إحصاءات الشرطة إلى أن عدد الجرائم الإجمالي في 2019 تجاوز 70 ألف جريمة مسجلة، بينما انخفض عام 2020 إلى نحو أقل من 40 ألفاً.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات