Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اختلال الوضع في مالي يضغط على الجزائر لتنفيذ اتفاق السلم

مطالبات بوضع إطار عمل يسمح بالتوصل إلى التوافق الضروري على الأرض

تتمسك الجزائر بتنفيذ "اتفاق السلم والمصالحة" لاعتبارات عدة، أهمها استقرار حدودها أمنياً  (موقع الإذاعة الجزائرية)

عاد الحديث في مالي حول "اتفاق السلم والمصالحة" المنبثق عن "مسار الجزائر"، وعادت معه الخلافات بين المعنيين في ظل تغير المعطيات وموازين القوى، سواء الداخلية أو الخارجية، مع إعلان فرنسا سحب قواتها المنتشرة في المنطقة، ورفض الأمم المتحدة ملء الفراغ، ما يضع الجزائر أمام تحد جديد يستدعي التفكير في تعديل اتفاق السلم.

محاولات لإحياء اتفاق السلم

وفي وقت كان يُنتظر تحسن الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية في مالي بعد توقيع "الإخوة الفرقاء" على اتفاق السلم الذي قادته الجزائر تحت إشراف الأمم المتحدة، يبدو أن الأمور عادت إلى نقطة الصفر أمام الاختلالات التي يشهدها هذا البلد، بخاصة مع الانقلابات العسكرية التي لا تزال تطوراتها تتواصل مع تصاعد الاعتداءات الإرهابية.
ومن أجل إعادة بعض الاستقرار إلى المنطقة، عُقدت الدورة الـ 43 للجنة متابعة اتفاق السلم والمصالحة، تحت إشراف سفير الجزائر في مالي بوعلام سبيحي، رئيس اللجنة، وبحضور وزير المصالحة العقيد إسماعيل واغي، وأعضاء من "تنسيقية حركة الأزواد". وجدد رئيس الوزراء المالي، شوغيل مايغا، في كلمته أمام المجتمعين التأكيد على إرادة السلطات الانتقالية في مالي، في تجسيد الاتفاق المنبثق عن مسار الجزائر         بـ"طريقة ذكية" قصد إنجاحه، مبرزاً أهمية الحفاظ على الوحدة الوطنية وسلامة الإقليم، مشدداً على "أولويات المرحلة الانتقالية وهي تنظيم الانتخابات، وتنفيذ اتفاق السلم، والإصلاحات السياسية والمؤسساتية وإصلاح الدولة".

دعوات مالية

كما دعا المشاركون في الاجتماع إلى تجديد خريطة طريق تنفيذ اتفاق السلم، وإعداد خطة عمل تتضمن دعم قوات "مينوسما" (بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي) كلما اقتضى الأمر، وإلى مرافقة المجتمع الدولي، مالي في المرحلة الانتقالية، مشددين على ضرورة "تعزيز وهيكلة إطار المشاورة بين الماليين، لا سيما انعقاد لقاء في أقرب الآجال لاتخاذ القرارات".

وطلب المشاركون تعزيز المشاركة الفعلية للوساطة الدولية في إطار "الميثاق من أجل السلم" واللجان الفرعية من أجل تقديم يد العون في رفع العراقيل وضمان المتابعة الضرورية، مع "تسهيل وضع حصيلة شاملة وظرفية لتنفيذ الاتفاق، بعد 6 سنوات على توقيعه، من خلال إبراز الأعمال المنجزة والنقاط العالقة فيه".

تمسك جزائري

وتتمسك الجزائر بتنفيذ "اتفاق السلم والمصالحة" لاعتبارات عدة، أهمها استقرار حدودها أمنياً بتسهيل حملة مكافحة الإرهاب، واجتماعياً بالحد من موجات الهجرة غير الشرعية، واقتصادياً بتنمية المناطق الحدودية، حيث تدعو الأطراف المالية والمجتمع الدولي في كل مناسبة، إلى التعجيل في تنفيذ الاتفاق.
وقال وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم، خلال ترؤسه الاجتماع الوزاري لمجلس السلم والأمن الأفريقي، الذي خُصص لبحث تطورات الوضع في مالي، إن "تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة، الذي اكتسب زخماً إضافياً أخيراً، يحتاج إلى مزيد من التعجيل"، موضحاً أن "مسألة السلم والمصالحة التي ندعمها في مالي هي عملية قام بها الماليون لصالح الماليين". وأقر بوقادوم بأن "تنفيذ الاتفاق يظل مرتبطاً بشكل وثيق بمحيطه"، وهو محيط معقد على المستويات المجتمعية والأمنية والسياسية والاقتصادية، التي أُضيفت إليها الأزمة الصحية لجائحة كورونا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


خريطة طريق جديدة ضرورية

في السياق ذاته، اعتبر أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، عمار تريباش أن "الوضع الأمني بات مقلقاً في منطقة الساحل أمام استمرار التهديد الإرهابي وتوسع دائرة المشكلات والآفات الاجتماعية، ما يضع الجزائر أمام مسؤولية تسريع الجهود لتنفيذ الاتفاق، وذلك عبر دفع كل الأطراف إلى الوفاء بالتزاماتها، لأن الوقت ليس للتسويف والمنافسة حول قضايا هامشية، ولكن للعمل المفيد الملموس والجاد"، مضيفاً أن "إسهام الشركاء مطلوب جداً، لا سيما لمرافقة البرامج الموجهة لتحسين الظروف المعيشية للماليين، وتشجيع عودة اللاجئين وإعادة دمج المقاتلين السابقين في الحياة الاجتماعية والاقتصادية". وتساءل تريباش "هل يمكن للجزائر إعطاء دفعة قوية لاتفاق السلم في ظل الوضع الهش في مالي؟". وقال إن "الجزائر مطالَبة بإطار عمل مبتكر من شأنه أن يسمح بالتوصل إلى التوافق الضروري لتحديد المبادرات الجديدة التي سيتم تبنيها في هذا الشأن في حال سُجلت عراقيل، لأن وضع خريطة طريق جديدة تتلاءم مع أهداف ورزنامة المرحلة الانتقالية بات خطوة ضرورية لإنقاذ الاتفاق".

دور يحتاج إلى حزم وتعاون

كذلك، بين أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، بريك الله حبيب، أن "دور الجزائر الدبلوماسي في حلحلة الوضع الأمني في مالي، يحتاج إلى حزم كبير وتعاون دولي، بخاصة مع الشركاء الأفارقة الذين يتقاسمون ومالي الحدود والتاريخ". وأضاف أن "مستقبل المنطقة يتطلب حنكة وذكاء دبلوماسيين، وهذا ما تسعى إليه الجزائر انطلاقاً من تحركات وزير الخارجية صبري بوقادوم وخبرته في التعاطي مع مثل هذه القضايا الشائكة"، مبرزاً أن "تصاعد النشاط الإرهابي وعدم استقرار مؤسسات الدولة بسبب الانقلابات المتكررة والوضع الاقتصادي والاجتماعي الهش، يجعل من مسار تحقيق السلام يصطدم بعراقيل وصعوبات عدة". وختم بالقول إن "الجزائر كعادتها لن تتخلى عن السعي من أجل استقرار مالي أمنياً واقتصادياً وسياسياً".

اهتمام وضغط

ومع توسع دائرة المهتمين باتفاق السلم يزداد الضغط على الجزائر، بخاصة إذا أتى الاهتمام من شخصية لها تأثير في داخل مالي ووزن خارجي، مثل قائد "حركة أم 5" المعارضة، الإمام محمود ديكو، الذي أبرز في حديث لإذاعة الجزائر الدولية، أن اتفاق السلم والمصالحة المنبثق من مسار الجزائر، "ضروري"، باعتباره "الحل الوحيد" لإحلال الأمن والاستقرار. وشدد على أنه "لا بد من تطبيق هذا الاتفاق، فجميع الماليين متفقون على أنه الحل الوحيد لإيجاد السلام في مالي". واعتبر أن "دور الجزائر أساسي في تطبيق بنود الاتفاق، وفي مرافقة مالي للخروج من أزمتها السياسية".

المزيد من متابعات