أُطلق الأربعاء 9 يونيو (حزيران) الحالي، سراح القيادي في "الحشد الشعبي" العراقي، قاسم مصلح بعد أسبوعين على توقيفه بشبهة التورط في اغتيال ناشطين، في خطوة تفعّل الجدل حول قدرات الحكومة في السيطرة على الفصائل الموالية لإيران في البلاد.
وكان مصلح اعتُقل في 26 مايو (أيار) الماضي، بتهمة اغتيال الناشط إيهاب الوزني، رئيس تنسيقية الاحتجاجات في كربلاء، الذي كان لأعوام عدة يحذر من هيمنة الفصائل المسلحة الموالية لإيران، وأُردي برصاص مسلّحين أمام منزله، واغتيل ناشط آخر هو فاهم الطائي من كربلاء أيضاً.
وبحسب صحافيين في وكالة الصحافة الفرنسية، وصل مصلح قرابة الظهر إلى كربلاء (نحو 100 كيلومتر جنوب بغداد) التي يتحدر منها وله فيها نفوذ كبير، حيث استُقبل عند الأماكن المقدسة لدى الشيعة في المدينة.
وقال مصلح إثر وصوله، "الهيئة القضائية أحقّت الحق وأنجزت مهمة التحقيق بأسرع وقت، واليوم أخذ الحق مساره وتم الإفراج عني".
مسؤولية القضاء
من جهته، أحال مصدر أمني مسؤولية الإفراج عن مصلح، إلى القضاء. وأوضح لوكالة الصحافة الفرنسية "من جهتنا، قدّمنا كل الأدلة الخاصة بملف مصلح، لكن القضاء هو مَن اتخذ القرار بالإفراج عنه بسبب ضغوط مورست عليه". وأضاف المصدر أن الأدلة التي قُدّمت ضده تتضمن "مكالمات هاتفية بين مصلح ومنفذي الاغتيالات، وإفادات شهود وذوي الضحايا ورسائل تهديد لعائلات الضحايا" تثبت تورطه، فيما يؤكد القضاء أنه لا يملك أدلة كافية لمواصلة احتجاز مصلح، بحسب المصدر نفسه.
في المقابل، أصدر مجلس القضاء الأعلى بياناً أوضح فيه أنه "لم يُقدَّم أي دليل ضد" مصلح في جريمة قتل إيهاب الوزني، لا سيما أنه "أثبت بموجب معلومات جواز السفر أنه كان خارج العراق عند اغتيال الوزني". وأضاف أن "محكمة التحقيق لم تجد أي دليل يثبت تورطه في تلك الجريمة بشكل مباشر أو غير مباشر، لذا تم الإفراج عنه".
الفصائل المسلحة
ويُتهم القضاء في العراق بالحكم لصالح جهات تدفع رشى أو تحظى بدعم أحزاب وفصائل مسلحة. ولم يتحدث القضاء عما ورد بشأن الضغوطات التي مورست للافراج عن مصلح.
وعلى إثر الإعلان عن توقيف مصلح قبل أسبوعين، قامت فصائل موالية لإيران باستعراض للقوة عند مداخل المنطقة الخضراء في العاصمة التي تضمّ مقار حكومية وسفارات، من بينها السفارة الأميركية.
وغالباً ما تُنسب الاغتيالات التي استهدفت ناشطين منذ انطلاقة "ثورة تشرين" عام 2019، إلى فصائل مسلحة موالية لطهران.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
فمنذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في العراق قبل نحو عامين، التي تعرّضت لقمع شديد راح ضحيته أكثر من 600 شخص، شكّل 70 ناشطاً أهدافاً للاغتيال أو لمحاولة الاغتيال، فيما خُطف عشرات آخرون لفترات قصيرة، في عمليات تُتهم الفصائل الموالية لإيران بتنفيذها.
"انتصار للحشد"
وكان المئات في استقبال مصلح في كربلاء الأربعاء، حيث كان مناصرو إيهاب الوزني يرددون قبل شهر شعارات منددة بإيران.
ووصف سعد السعدي، مدير مكتب "عصائب أهل الحق" في كربلاء، أحد فصائل "الحشد الشعبي"، الإفراج عن مصلح بأنه "الانتصار الذي يُضاف إلى سجل انتصارات الحشد الشعبي ضد الاستهدافات الداخلية والخارجية".
ورفع مؤيدو مصلح في كربلاء لافتات كُتب عليها "قاسم عاد منتصراً" ووزّعوا الحلوى ابتهاجاً بالإفراج عنه.
ومصلح هو قائد عمليات الأنبار في "الحشد"، وهو تحالف من فصائل عدة يهمين عليها الموالون لإيران وباتت منضوية في القوات الأمنية الرسمية.
وقال مصدر في "الحشد" إن السبب الحقيقي لاعتقال مصلح هو اتهام الأميركيين له بالوقوف خلف الهجمات الصاروخية ضد قاعدة "عين الأسد" في الأنبار التي تضم عسكريين أميركيين.
وأوضح المصدر أن مصلح لم يكن موقوفاً منذ أيام لدى السلطات، بل كان موجوداً في مقر "الحشد الشعبي"، حيث خضع للتحقيق.
ويحتفل "الحشد" نهاية هذا الأسبوع بالذكرى السابعة لتأسيسه، وتؤكد مصادر فيه أن مصلح ربما يشارك بشكل بارز في هذا الاحتفال الرسمي، كون الحشد جزءًا من المؤسسات الرسمية العراقية.