Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

منزل عائلة الكرد المقدسية "نصف لهم وآخر محرم عليهم"

استولى مستوطنون على منازل عدة في الحي وما زالوا يحاولون الحصول على البقية

سمحت المحكمة الإسرائيلية لمستوطنين في عام 2009 بالسكن في الغرفة التي بنتها عائلة الكرد (حساب منى الكرد على تويتر)

يروي كل بيت في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية، حكاية مختلفة عن حكاية جاره، ولعل قصة عائلة "الكرد" التي أُجبرت على تقاسم المنزل مع مستوطنين تُعتبر من الأغرب، إن لم تكن الأغرب.
قصة حيّ
"كل طفولتي كانت هنا، درست في هذا المنزل، وفيه ترعرعت، ونلت شهادتي وتزوجت وأنجبت أطفالي، حتى إنني أذكر حين زرعت والدتي هذه الشجرة في ساحة البيت"، هكذا يقول نبيل الكرد، وهو فلسطيني مقدسي، صاحب أحد المنازل التي تهدد الجمعيات الاستيطانية الإسرائيلية بالسيطرة عليها في حيّ الشيخ جراح شرق القدس، وطرد ساكنيها منها بدعوى أن هذه المنازل ليست لهم ولا يملكون أوراقاً ثبوتية تشير إلى ملكيتهم لها.
قصة منازل الشيخ جراح بدأت منذ سبعينيات القرن الماضي، ولكنها تجددت في الآونة الأخيرة بسبب قرار المحكمة الإسرائيلية إخلاء ساكنيها منها، في مقابل تقديم الفلسطينيين التماساً في هذا الشأن، ما دفع أفراد هذه الأُسر الذين ربما يصبحون بين ليلة وضحاها من دون مأوى، إلى الجلوس يومياً أمام بيوتهم وتنظيم فعاليات ثقافية وفنية وإفطارات رمضانية من أجل حماية منازلهم والبقاء فيها، ويشاركهم في هذه النشاطات أصدقاء ومتضامنون وفلسطينيون من كل مكان أو غير فلسطينيين، عبر البث المباشر على مواقع التواصل الاجتماعي. ولكن خلال هذه الفعاليات، تندلع المواجهات بينهم والشرطة الإسرائيلية في المكان، أو يتعرّض السكان إلى اعتداءات من المستوطنين الذين سبق واستولوا على بعض المنازل في الحيّ.
ولكل منزل في الشيخ جراح حكاية مختلفة، إذ تقول الشابة منى الكرد وهي إحدى قاطنات الحيّ، إنها وعائلتها مهددون بالتهجير. وتضيف أن جدتها اللاجئة هي مَن سكنت في البداية في غرفتين صغيرتين، ولاحقاً حين تزوج ابنها قرر توسيع المنزل، ومن أجل ذلك حاول مراراً الحصول على ترخيص من البلدية الإسرائيلية لبناء غرف إضافية، إذ لم يعُد المنزل يتّسع للجدة وله وزوجته وأطفاله، ولكن في كل مرة كان يواجَه بالرفض، لأن السلطات الإسرائيلية ترفض إعطاء تراخيص بناء أو توسعة لمنازل الفلسطينيين في القدس.

"ممنوع علينا ومسموح للمستوطنين"

وتتابع منى الكرد قائلة إن والدها وبعد محاولات كثيرة، قرر بناء غرفة ومرافقها على عاتقه في حديقة المنزل، ولكن عندما أُنجز البناء، جاء قاضٍ من المحكمة الإسرائيلية ومعه أمر بإغلاق المنزل بحجة عدم الترخيص ومصادرة المفتاح وحرمان العائلة وأطفالها من منزلهم الجديد الذي كانوا ينتظرون الانتهاء منه على أحرّ من الجمر، وباتوا في كل مرة يمرون من جانبه في طريقهم إلى الغرفة التي يتشاركونها مع الجدة تغصّ قلوبهم بأمنيات السكن فيه، واستمرت هذه الحال تسع سنوات دفعت خلالها العائلة حوالى 29 ألف دولار تحت بند المخالفة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبعد سنوات الإغلاق الطويلة، كانت المفاجأة أن المحكمة الإسرائيلية سمحت لمستوطنين في عام 2009 بالسكن في الغرفة التي بنتها عائلة الكرد. حينها تقدّمت العائلة بطلب إلى المحكمة بهدم الغرفة ولكن السلطات الإسرائيلية رفضت، وأسكنت في المكان ما بين 9 و15 مستوطناً شاباً، ليتشارك أفراد العائلة معهم المدخل والحديقة. وكانت لذلك آثار سلبية في حياة العائلة كما تروي الكرد، إذ كانوا يتعرّضون لمضايقات مستمرة من هؤلاء، كتكسير البوابة الرئيسة للمنزل، وتخريب الجداريات التي رسمها متضامنون على سور حديقة البيت وكتابة عبارات تحريضية ضد العرب.
وتوضح منى أنه منذ ذلك الحين وبسبب هذه المضايقات والاستيلاء على نصف منزلهم، نُظِّمت حملات تضامنية كثيرة مع عائلة الكرد، إذ نصب ناشطون خيمةً في ساحة المنزل، ولكنهم تعرّضوا لمضايقات هم أيضاً. ففي إحدى المرات، أحرق المستوطنون خيمتهم ورموا النفايات عليهم، عدا عن الاعتداءات التي قد تصل إلى الضرب المبرح، إضافةً إلى تكسير ألعاب الأطفال التي وضعها أهل الحيّ في حديقة منزل عائلة الكرد.

"الشيخ جراح" نشأ منذ 65 عاماً

منزل عائلة الكرد واحد من بيوت عدة حصلت عليها 28 عائلة فلسطينية عام 1956، هُجِّرت إبان النكبة واستقرت في تلك المنطقة، ووقّعت اتفاقاً مع الأردن ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، بحيث توفّر الحكومة الأردنية - بصفتها السلطة الحاكمة آنذاك – الأرض، بينما تؤمّن وكالة "أونروا" المنازل، ويستأجر اللاجئون هذه الأرض لثلاثة أعوام ومن ثم تصبح ملكاً لهم. ولكن مع حدوث "النكسة" عام 1967 واحتلال إسرائيل للقدس، لم يحصل سكان هذه المنطقة على أوراق تثبت ملكيتهم للمنازل التي يقطنون فيها، وأطلقت جمعيات استيطانية معارك قانونية في المحاكم الإسرائيلية لأخذ هذه المنازل بحجة أنها تعود إلى يهود قبل عام 1948. وبالفعل استولى مستوطنون على منازل عدة في الحيّ وما زالوا يحاولون الحصول على البقية. إلا أن المحكمة العليا الإسرائيلية أرجأت النظر في القضية إلى موعد لم يُحدد بعد، عقب تقديم الأهالي التماساً بهذا الشأن، في حين لا يزالون معرّضين، هم والمتضامنون معهم، لاعتداءات ومضايقات يومية من المستوطنين.

المزيد من الشرق الأوسط