لم يكن يتخيّل الشاب اللبناني الذي بدأ حياته "حلاقا" في صالون للرجال أن تعطيه الشهرة كل ما يتمنى من نجومية وانتشار وجدل وإثارة، وأن يصبح عنصرا رئيسيا في إزعاج النجوم بتعليقاته الساخرة التي تضحك وتبكي في نفس الوقت. راغد قيس، الشاب الثلاثيني الذي سَمّى نفسه "شرطيا" يحاسب المشاهير عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فكان أول من ينتقد ويمدح ويشكر ويسخر من أي تصرف للمشاهير، وكثيرا ما أوصله نقده الساخر إلى ساحات المحاكم، وشكاه نجوم كبار بتهمة الإزعاج والنقد الجارح، حتى حدث ما لم يكن يتوقعه أحد.
هدأ النقد، وراحت الشراسة، وضاعت خفّة الظل وغابت الروح الساخرة في لحظة واحدة، عندما غيّب القدر "راغد" عن الحياة في ظروف غامضة. خبر واحد كان "أقرب إلى الإشاعة"، يقول إن راغد مات، صاحب الصفحة المشاكسة ذو اللسان الذي أضحك وأبكى كبار النجوم غاب فجأة. ظنّ الجميع أنها لعبة جديدة ساخرة من ألاعيبه المضحكة التي احترفها، لكن للأسف لم تكن كذلك. كانت حقيقة موجعة لكل متابعيه الذين تخطوا المليون وربع المليون، وربما كان منطقيا أن يُصطدم محبوه بخبر وفاته، لكن كانت الصدمة أقوى على النجوم الذين جمعتهم عداءات مع "راغد"، والذين ربما حزنوا عليه أكثر من النجوم أصحاب الصداقات معه.
منشور محذوف يثير البلبلة
إعلان وفاة "راغد" المفاجئ والقول إنه مات إثر وعكة صحية مفاجئة كان مثار الشكوك خلال الساعات الماضية، وحتى الآن لم يهدأ الحديث عن وجود شبهة قتل في الموضوع، بخاصة أنه أعلن أكثر من مرة أنه يتلقى تهديدات بالقتل من أرقام غريبة بعد تهكمه على بعض المشاهير العرب أصحاب النفوذ الكبير.
وقبل أيام كتب أحد الأشخاص تعليقا على صفحة "شرطة المشاهير" قال فيه "وفاة صاحب حساب شرطة المشاهير"، وهذا التعليق سبّب بلبلة بين متابعي "راغد" وتساءلوا عن هوية الشخص الذي كتب التعليق وهدفه منه، حتى أزال الشخص المجهول التعليق بعد عاصفة الهجوم، وتزامنا مع التهديد والتعليق أعلنت وفاة "راغد" بأزمة صحية، واتفق متابعوه على أنه "من المستحيل أن يكون الأمر طارئا ومميتا في نفس الوقت، حتى لو كان سرطاناً في أشرس مراحله، بخاصة أن (راغد) كان دائم الحديث عن نفسه وعيوبه وأمراضه بشكل ساخر، وليس من الطبيعي أن يكون لديه معاناة مميتة من مرض ولم يخبر أحدا أو حتى ينوّه بشكل ساخر".
آخر منشوراته
وكانت آخر منشورات "راغد" عن الممثلة السورية سوزان نجم الدين، وكان يسخر من نشرها صورة وهي تعاني من وعكة صحية، وقال متابعو راغد تعليقا على طبيعة المنشور "كيف يتهكّم شخص مريض وعلى حافة الموت من شخص آخر مريض ويعاني من أزمة صحية؟"، واتّفقت إجاباتهم على أنه "بالتأكيد لم يكن يعاني من أي مرض فهو لا نوّه ولا شكا ولا حكى ولا حتى تحفّظ أو تأذّى من مرض غيره، وهذا كله يؤكد أنه لم يكن مريضا أو يعرف أنه يعاني وفي مرحلة الموت".
وتشكك البعض في أن راغد ربما مات مقتولاً أو مسموما بفعل فاعل، وترددت الأقاويل بأنه "ربما عانى من وعكة خفيفة لكنه تسمّم أو قُتل بشكل أو بآخر حتى يظهر كأنه مات إثر مرض".
شهادة من أحد أقربائه
وعلى جانب آخر تحدث أحد الأشخاص مدعيا قرابته من "راغد"، وقال إن "راغد" كان "يعاني من مرض ومنذ نحو شهر ونصف عانى من ارتفاع درجة حرارة جسده، ونزلت الحرارة، ومنذ خمسة أيام تطورت حالته بشكل مؤسف، واحتُجز بمستشفى رفيق الحريري الحكومي، ثم ساءت حالته، وعاش على الأكسجين الصناعي وتوقفت الرئتان تماما دون معرفة السبب رغم محاولات الأطباء إنقاذه، وفارق الحياة في الثانية من ظهر الاثنين، ووري جسده في مسقط رأسه ببلدة كفر حيم".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتعددت روايات وفاة راغد قيس، فبعضها قال إنه مات بسكتة قلبية، والبعض الثاني أكد أنه اكتشف وجود تورم في الغدد الليمفاوية تسبب في ارتفاع حرارته بشكل كبير، وأخذ الأطباء عينات منه للتحليل، لكنه مات قبل ظهور النتائج.
وروى البعض أنه أصيب بفيروس نادر تظهر أعراضه كأنه نزلة برد حادة، وهذا الفيروس يفتك بالمريض إذا لم يُكتشف.
وآخر الروايات أن هناك لغزا في وفاته، وأن المستشفى لم تعلن عن التفاصيل، بناء على طلب عائلة راغب، حيث حصلوا على نتائج التحليل الأخير الذي أجراه قبل وفاته وهم فقط أصحاب الحق في الإعلان عن أسباب الوفاة كما ردد البعض.
وزير الصحة اللبناني يدخل عل الخط
وفي تصاعد لأزمة وفاة راغد قيس، طالب بعض الصحفيين وزير الصحة اللبناني، جميل جبق، بفتح تحقيق عاجل لمعرفة أسباب وفاته وشرحها بشفافية للجمهور، وهاجمت الإعلامية اللبنانية زهراء فردون الوزير عبر منشور كتبته على الـ"فيسبوك" وقالت فيه "إلى وزير الصحة: مرحبا أنا زهراء فردون صحافية. صرلي فترة عم جرب أحكيك أو أحكي حدا من مستشارينك. أنا رفيقته لراغد اللي توفى إمبارح... وخض الرأي العام... راغد وصاني أحكي معك شخصيا.. إحنا انذلينا ذلة الكلاب قدام المستشفيات وما كنت ترد علينا... لأنك فعلا وزير"، وردا على هذا الهجوم أصدر المكتب الإعلاميّ لوزير الصحة اللبناني، بيانا إعلاميا أكد فيه أنه "لم يتلقً أيَّ اتّصال من أيّ شخص في قضيّة الشّاب المُتوفَّى، راغد قيس، وكذلك مستشاريه، أو أعضاء مكتبه، وبالتّالي، لم يكن أيّ منهم على علم".
وأضاف المكتب الإعلامي للوزير في بيانه أنه بعد الاتصال بالإعلامية التي قامت بحملة وصفها بأنها تحمل مغالطات جوهرية، تبيّن أنها كانت تحاول الاتصال منذ نحو الشهر على رقم خاطئ، حيث أن الرقم لمستشار إعلامي سابق لوزير الصحة السابق غسان حاصباني، وليس على الرقم أي من المستشارين الحاليين.
واختتم مكتب الوزير بيانه بأنّ الوزير جميل جبق سيفتح تحقيقاً بالحادث لمعرفة أسباب موت راغد قيس، لاستبيان الأمور بعد جمع التقارير والإفادات ذات الصلة، بهدف اتخاذ الإجراء المناسب في حال ثبوت جرم تقصيري من أحد المديرين في الوزارة، أو في المستشفيات.
نعي المشاهير
النجمة إليسا كانت أكثر النجوم الذين ينتقدهم راغد بشراسة، مرة بسبب فستانها ومرة بسبب أغنية أو صورة طرحتها على صفحات السوشيال ميديا، ولكن كانت إليسا أول الناعين والمحزونين على موت الشاب، حيث قالت في تغريده نشرتها على موقع (تويتر) "كتير زعلت لما سمعت بخبر وفاة راغد قيس، صاحب حساب (شرطة المشاهير)، الله يرحمه راح بعمر كتير صغير، ما كنت بعرفوا شخصيا ومرات كانت تعليقاته قاسية بحقي، بس بنحني قدام الموت وبنصلي لروحه. الله يصبّر أهله".
ونعت الفنانة ديانا حداد راغد بمنشور قالت فيه "الله يرحمك يا راغد.. عرفتك عن بعد وكنت إنسان مهذب بأخلاقك وطيب بإنسانيتك.. بس بتعرف يا خيي رحت على مطرح في أمان وفي محبة وفي سلام أكتر من هالمكان".
ونشرت الفنانة سوزان نجم الدين نعيا لراغد معلنة فيه أنها سامحته على كل ما كتبه عنها، بخاصة أن آخر منشور كان نقدا حادا لها وهي في حالة مرضية.
وعلقت الفنانة سيرين عبد النور على خبر وفاة راغد قيس "ما عم صدق.. الله يرحمك ويصبر أهلك".
وقالت الإعلامية وفاء الكيلاني في نعيها لراغد "خبر محزن وأكثر من صادم، يا ريت يكون مش حقيقي، وفاة راغد قيس عمري ما شفتك بس كنت بحس إنك إنسان قلبك طيب رغم لسانك اللاذع.. الله يرحمك ويغفر لك ويجعل مثواك الجنة ويصبر أهلك يا رب.. يا ريت كل الناس تترحم عليه اللي بيحبوه واللي زعلانة منه الدنيا ماتستاهلش".
أما الفنان تيم حسن، فقال في تعليق مختصر ناعيا الفقيد "الله يرحمك ويصبر أهلك تعازي لأسرتك وأحبابك".