تفشت الاستعانة ببنك الطعام لتسجّل أرقاماً قياسيّة مع زيادة عدد الإمدادات الطارئة الموزّعة عبر بريطانيا بمعدل الخمس عامٍ حسب ما أظهرت أرقام حديثة.
وقال مدافعون اجتماعيون إن من "المخجل" أنّ عدداً متعاظما من البريطانيين ليسوا قادرين على تأمين الطعام لأنفسهم بعد أن كشفت بيانات نشرتها جمعية تراسل تراست Trussell Trust، أكبر مزوّد منح غذائية في بريطانيا، عن توزيع إمدادات طعام طارئة تكفي لثلاثة أيام بلغت 1,583,668 في الفترة الممتدة حتى مارس (آذار) 2019 - مسجّلةً ارتفاعاً بنسبة 19 في المئة مقارنةً بالعام السابق.
أكثر من نصف مليون من تلك الإمدادات (557,618) مُنح للأطفال ما يُثير مخاوف من تفاقم إملاق الأطفال، بعد أن كشفت الأرقام الحكومية الشهر الماضي أن عدد اليافعين الذين يعيشون في فقر مدقع قد تعاظم بمقدار 200 ألف في سنة - ليصل إلى 3,7 مليون.
هذه البيانات استثارت من جديد التنديد بالائتمان الشامل - النظام الحكومي المعدل المعلمة للرعاية الاجتماعية. إذ قالت تراسل تراست إن المشاكل المرتبطة بالانتقال إلى النظام الجديد كانت "المحرك الأساس" لتفاقم الحاجة، وفي المقام الأول بسبب اضطرار المستفيدين إلى الانتظار خمسة اسابيع للحصول على المنحة المالية وفقا للنظام الجديد.
مارغريت غرينوود وزيرة العمل والمعاشات في حكومة الظل لحزب العمال المعارض وصفت التكاثر الشديد بالصادم وقالت إنّ "الحاجة إلى حزم طعام طارئة في أحد أكثر البلدان ثراءً في العالم هو أمر مخجل".
"لا يجدر أن يُجبر أحد في مجتمعنا على اللجوء إلى بنوك الطعام للبقاء على قيد الحياة. على الرغم من محاولات الوزراء الشاقة لتعليل الاستعانة ببنك الطعام بصعوبة، فإن تراسل تراست صريحة بأنّ الاقتطاعات من الضمان الاجتماعي والانتظار خمسة أسابيع لمنح الائتمان الشامل هي الأسباب الرئيسة لهذا التفاقم،" أردفت وزيرة الظل العمالية.
وقالت جمعية تراسل تراست إنّ الأسباب الرئيسة لحاجة الناس إلى مساعدة غذائية هي أإخفاق المنح في تغطية تكاليف المعيشة على نحو متسق (33 في المئة)، والتأخر في أداء هذه المنح أو تغييرها. وحثّت الجمعية الوزراء على التخلّص من فترة الخمسة أسابيع للحصول على أول دفعة من الائتمان الشامل.
وقالت ايما ريفي، المديرة التنفيذية في المنظمة الخيرية: "يُفترض بنظام مساعداتنا الاجتماعية أن يحمينا جميعاً من الانجراف إلى الفقر. ويجب أن يكون الائتمان الشامل جزءاً من الحلّ ولكن حالياً يترك الانتظار الذي يطول خمسة أسابيع العديد من الأشخاص من دون مالٍ كافٍ لتغطية حاجاتهم الأساسية."
ودعت ريفي الحكومة إلى التكفل بأن تعكس مبالغ المنح الكلفة الفعلية للمعيشة وأن يكون العمل مضموناً وأن يحصل الناس على أجر المعيشة الحقيقي للمساعدة في ضمان حماية الكل من الفقر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"كأولوية، نحثّ الحكومة على إنهاء فترة انتظار منحة الائتمان الشامل وذلك تخفيفاً للضغط على آلاف الأسر،" أضافت ريفي. "في نهاية المطاف، ليس مقبولاً أن يُضطرّ أحد إلى الاستعانة ببنك الطعام في المقام الأول. ما من جمعية خيرية بوسعها أن تحلّ مكان الحصول على الأمان المالي."
وكشفت دراسة أجرتها مؤسسة ريزولوشن فاوندايشن Resolution Foundation (وهي خلية تفكير بريطانية) في فبراير (شباط) أنّ إملاق الأطفال قد يتفاقم إلى أرقامٍ قياسية بحلول العامين 2023-2024 ما لم تُدخل الحكومة تغييراتٍ جوهرية على الائتمان الشامل والفوائد الأخرى.
وكان مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بمسألة الفقر المدقع وحقوق الإنسان قد حذّر في نوفمبر (تشرين الثاني) بأنّ السياسات والتخفيضات الحادة في الدعم الاجتماعي ترسّخ مستويات عالية من الفقر وأنّ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) ساهم في تفاقم المشكلة.
وعزا كامبل روب، الرئيس التنفيذي لمؤسسة جوزيف رونتري المستقلة Joseph Rowntree Foundation، الزيادة في استخدام بنك الطعام إلى "فشل الحكومة المستمر في السيطرة على الفقر". مضيفاً أنّه "عندما يبلغ استخدام بنوك الطعام مستوياتٍ مرتفعة، نكون قد تخطينا لغة التحذير ورسائل التنبيه. ما لم نتّخذ تحرّكاً جرئياً لحلّ مشكلة الفقر، فإننا نواجه خطر نسف المبادىء التي تقوم عليها بلادنا. إنّ انخفاض الأجور والعمل غير الآمن وارتفاع تكاليف المعيشة وخاصة الإسكان، وعدم فعالية نظام الضمان الاجتماعي كلّها عوامل تحول دون حصول الناس على الحياة الكريمة. في الوقت الذي نقرر فيه مستقبل بلدنا، يجب علينا إعادة تصميم الأنظمة التي تحبس الكثير من الناس في حالة الفقر."
ونفى متحدث باسم وزارة العمل والمعاشات أن يكون الأشخاص ينتظرون خمسة أسابيع لتلقي أول دفعة من الائتمان الشامل قائلاً أنّ المال متوفّر للمطالبين بدءاً من اليوم الأول. مضيفاً أنّه "لا يمكن الادعاء بأن الائتمان الشامل يزيد الاستخدام الإجمالي لبنوك الطعام أو أن التغييرات في الفوائد والتأخيرات هي التي تغذّي النمو. ويظهر تحليل الصندوق الاتئماني انخفاضاً كبيراً في حصة الطرود التي يتم إصدارها بسبب التأخير في دفع الفوائد. تكمن الطريقة الفضلى للخروج من الفقر في مساعدة الأشخاص على إيجاد وظائف مستدامة وهذا ما نقوم به مع تحقيق توظيف قياسي. أمّا الذين يحتاجون إلى شبكة أمان، فقد استثمرنا 10 مليارات جنيه إسترليني في الائتمان الشامل منذ العام 2016 وحده، وأكدنا أن تجميد الفوائد سينتهي العام المقبل وأجرينا تغييرات لجعل الائتمان الشامل أكثر عدالة للنساء والأسر."
© The Independent