Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جون كيري عاد إلى مسرح العالم لكن بجدل مختلف

استبق الزيارة الخارجية الأولى لبلينكن بجولة التقى خلالها قادة ومسؤولين أوروبيين

جون كيري ورئيسية المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين (تويتر جون كيري)

غادر وزير الخارجية الأميركي الأسبق جون كيري، مسرح العالم في عام 2017، وفي سيرته إنجاز واحد من أكثر مخرجات إدارة باراك أوباما المثيرة للجدل، وهو الاتفاق النووي الذي عارضته إسرائيل ودول خليجية، واليوم يعود ليجذب جدلاً مختلفاً بشأن دوره كمبعوث رئاسي لشؤون المناخ، وهو منصب استحدثه الرئيس جو بايدن، لتنسيق جهود الولايات المتحدة وحلفائها في مكافحة التغير المناخي.

وعلى الرغم من أن كيري، الذي شغل منصب كبير دبلوماسيي الولايات المتحدة في الفترة بين عامي 2013 و2017، بات يمارس دوراً محدوداً في دبلوماسية بلاده التي يقودها حالياً نائبه الأسبق أنتوني بلينكن، فإن عودته خلقت مخاوف من أن مهمته الجديدة قد تدفعه للإدلاء برأيه في الملفات التي لا تدخل في اختصاصاته، بالتالي، التأثير في السياسة الخارجية لإدارة بايدن على نحو يجعلها مطابقة لتوجهات إدارة الرئيس أوباما.

ومنذ توليه منصبه الجديد، اكتفى كيري بالتطرق إلى شؤون المناخ، على الرغم مما يجري من تحركات أميركية أوروبية، لإحياء الاتفاق النووي الذي قاد مفاوضاته في عام 2015، إلا أنه أثار، الأسبوع الماضي، مخاوف لدى مسؤولين في وزارة الخارجية، بعد تدشينه جولة، التقى خلالها قادة أوروبيين، في حين لم يبدأ وزير الخارجية الحالي أنتوني بلينكن، حزم حقائبه لتمثيل مصالح الولايات المتحدة في الخارج بوصفه كبير الدبلوماسيين فيها.

وتأتي هذه المخاوف، لتعيد إلى الأذهان تصعيد وزير الخارجية الأسبق مايك بومبيو ضد المحادثات غير الرسمية التي أجراها كيري مع مسؤولين إيرانيين في عام 2018، معتبراً ما قام به "غير لائق ولا مسبوق". وذكر كيري أنه التقى وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف ثلاث أو أربع مرات منذ مغادرة منصبه، وعندما سئل عما إذا كان يقدم المشورة لطهران بشأن كيفية التعامل مع الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي أجاب بالنفي، مشيراً إلى أنه قال لظريف إن "العالم غير راض عما يحدث في ما يتعلق بالصواريخ و"حزب الله" وما يحدث في اليمن".

ارتباك داخلي

وفيما أعرب بلينكن في وقت سابق عن تأييده لجولة كيري في أوروبا، نقلت "سي أن أن"، عن أربعة مسؤولين في الخارجية الأميركية، قولهم إن تكليف كيري بأول رحلة له، الأسبوع الماضي، أدى إلى مخاوف من أن يطغى دوره على الوزير الحالي. واعتبرت الشبكة الأميركية، رحلة مبعوث المناخ خرقاً للبروتوكول المعتاد، مشيرة إلى أنه في الوقت الذي تحدث بلينكن إلى عديد من هؤلاء القادة والمسؤولين عبر الهاتف، التقى كيري بعض وزراء الخارجية وجهاً لوجه، قبل أن تتاح تلك الفرصة للوزير بلينكن.

ورداً على سؤال حول الرسالة التي بعثتها لقاءات كيري الاستباقية بالمسؤولين الأوروبيين، قال متحدث باسم وزارة الخارجية، "إن المبعوث الرئاسي الخاص بشؤون المناخ، بدعم من الرئيس بايدن والوزير بلينكن ومضيفيه في لندن وبروكسل وباريس، يعتقد أنه من المهم تحقيق تقدم هذا العام لمواجهة أزمة المناخ. وأشار المتحدث بأن كيري سافر إلى أوروبا في هذا الوقت لأنه وشركاء الولايات المتحدة هناك، كانوا واثقين من أن الاجتماعات المباشرة يمكن أن تعزز هذا التقدم بشكل هادف، تمهيداً لقمة القادة بشأن المناخ الشهر المقبل".

وشملت جولة كيري التي وُصفت بـ"غير العادية"، لقاءات مع قادة ومسؤولين أوروبيين في مقدمهم، رئيس وزراء المملكة المتحدة بوريس جونسون، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وتخللها اجتماع بشأن المناخ في الاتحاد الأوروبي، ومشاورات مع وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، كما ظهر في صور بصحبة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ونائبها فرانس تيمرمانز.

وبعد مرور أسبوع على زيارة كيري التي التقى خلالها قادة من المحتمل ألا يستطيع وزير الخارجية نفسه عقد اجتماعات رسمية معهم وفقاً للبروتوكول، وصل بلينكن إلى كوريا الجنوبية قادماً من طوكيو، حيث عقد اجتماعات مع مسؤولين وقادة أعمال يابانيين، كان العامل المشترك فيها تعزيز التعاون بين واشنطن وحلفائها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ لمواجهة سياسات الصين.

وفيما تسلط زيارات المسؤولين الأميركيين ما بين الشرق والغرب، الضوء على الشراكة الاستثنائية المتمثلة في عمل وزير خارجية سابق جنباً إلى جنب مع وزير حالي، فإن الوضع الجديد، بحسب مسؤولين في وزارة الخارجية، قد يؤدي إلى بعض الارتباك، على الرغم من عدم إغفالهم ما لهذا التغيير الذي جلبته إدارة بايدن من دور محتمل في تعزيز "الإنتاجية الدبلوماسية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى الرغم من العلاقة الجيدة بين كيري وبلينكن، فإن هناك قلقاً في أوساط الخارجية الأميركية، من أن يحدث تغيير في آلية العمل، يطمس الخطوط الفاصلة بين المسؤولين الاثنين اللذين يتمتعان بنهج ومسيرة إدارية مختلف، فقد عرف عن كيري تمتعه بالأضواء منذ العشرينيات من عمره، بينما يُنظر إلى بلينكن على أنه أكثر تحفظا ومنهجية، وعرف عنه دعمه المسؤولين الآخرين في معظم محطات حياته.

سهولة السفر

بعدما أوضحت الإدارة الحالية أن مكافحة التغير المناخي من أولوياتها الرئيسة، وأعادت الولايات المتحدة رسمياً لاتفاقية باريس للمناخ في اليوم الأول لتولي بايدن منصبه، جاءت تحركات كيري المتسارعة متوقعة، لسد الفجوة الزمنية الذي أحدثها تجاهل الولايات المتحدة ملف التغير المناخي طيلة السنوات الأربع الماضية. وساعدت قدرته على أداء مهمات لا يستطيع بلينكن القيام بها، مثل السفر من دون وجود عدد كبير من المرافقين، على التخطيط وإجراء الجولة الأوروبية خلال فترة قياسية، إذ أفادت "سي أن أن"، بأن كيري سافر على متن طائرة تجارية ومعه مساعد واحد فقط.

لكن الرحلة الأوروبية سلطت أيضاً الضوء على الحساسية التي تحيط بدور كيري، ومكامن الخلل التي يتعين حلها. وبينما قيل إن التخطيط لها استغرق أسابيع، واقتضى موافقة البيت الأبيض ووزارة الخارجية، فإن بعض المسؤولين بحسب الشبكة الأميركية، شعروا بأن زيارات كيري تم التخطيط لها في اللحظات الأخيرة، فضلاً عن وجود مسؤولين لم يعلموا بالموافقة عليها إلا بعد صدور بيان رئيسة المفوضية الأوروبية حول المكالمة التي أجرتها مع الرئيس بايدن، أشارت من خلاله إلى زيارة مرتقبة للمبعوث الرئاسي الخاص بشؤون المناخ.

التأثير في ملفات غير المناخ

وأثار أحد المسؤولين، في حديثه لـ"سي أن أن"، إمكانية أن يتدخل الوزير الأسبق في ما لا يدخل ضمن نطاق اختصاصه المحدود كمبعوث للمناخ، نظراً لمكانته وخبرته وحبه المعروف للأسئلة المتعلقة بالسياسة، ومن دون أن يستبعد احتمال استدعائه للإجابة عن أسئلة وقضايا باتت من اختصاص بلينكن، تساءل، "من يعرف ما سيقوله عندما يسأل عن قضايا غير متعلقة بالمناخ مثل إيران، أو الحزب الجمهوري، أو التمرد على الحكومة، وغيرها من الملفات".

المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، توقع في وقت سابق هذه المخاوف، موضحاً أن كيري سيكون متمسكاً بقضية المناخ، وأضاف، "المبعوث الرئاسي الخاص كيري يركز بشكل مباشر على تغير المناخ". وبالنسبة إلى مسؤولي وزارة الخارجية، فإن حماس المبعوث الرئاسي لإنجاز الأمور يتوافق مع رغبتهم إدارة حماس الأوروبيين للانخراط في الدبلوماسية الشخصية مع مسؤولي إدارة بايدن. لكن في الوقت نفسه، ربما يرى بعض المسؤولين الأجانب في كيري وسيلة للوصول إلى بايدن ونقل الرسائل أو الطلبات من خلاله بدلاً من التحدث إلى بلينكن.

وبعيداً عن المخاوف التي أثارها بعض مسؤولي الخارجية الأميركية، فهناك تصورات إيجابية، منها أنه في الطابق السابع، حيث توجد مكاتب الوزير وكبار موظفيه، يُنظر إلى كيري كقوة إضافية لبلينكن، للمساندة في خلق دبلوماسية أميركية أكثر فاعلية.

اقرأ المزيد

المزيد من سياسة