Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تعبر الحكومة الكويتية المأزق السياسي بصفقة مع البرلمان؟

مجلس الأمة الذي تسيطر عليه المعارضة هدد بعدم التعاون مع السلطة التنفيذية

شكلت الكويت حكومتها الثانية خلال أشهر معدودة بسبب الخلاف مع مجلس الأمة (كونا)

تشهد الساحة السياسية في الكويت أخيراً احتقاناً متزايداً، نتيجة شد وجذب ما بين الحكومة المشكلة حديثاً، ومجلس الأمة (البرلمان) منذ الانتهاء من الانتخابات البرلمانية بدورتها الثامنة عشرة التي أجريت في 5 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

إذ أتت نتائجها ومخرجاتها لتعبر عن حالة عدم الرضا عن أداء المجلس السابق، الذي بدأ دورته في 2016 حتى نهاية العام المنصرم، ليشهد في التشكيلة الجديدة تغيراً جذرياً في الوجوه حصلت فيه المعارضة الكويتية على حصة كبيرة من مقاعده.

هذا التغيير الكبير عمّق الهوة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، ما تسبب في تعليق تسمية الحكومة الجديدة، إذ سبق أن قدّم رئيس الوزراء في 13 يناير (كانون الثاني) رسمياً استقالة حكومته إلى أمير البلاد بعد شهر على تشكيلها، عقب أزمة بين الحكومة والبرلمان الكويتي، وإعلان 38 نائباً في المجلس تأييدهم لاستجواب قدمه ثلاثة نواب ضد رئيس الوزراء الشيخ صباح خالد الحمد الصباح. قبل أن تعود له مسؤولية تشكيل الحكومة الجديدة مطلع مارس (آذار) الجاري، الذي أدى فعلاً بصحبة مجموعته الوزارية اليمين الدستورية أمام أمير الكويت في الثالث من هذا الشهر.

إلا أن الحكومة لا يزال لديها قسم آخر تؤديه في 23 من مارس أمام مجلس الأمة، لذلك هي بحاجة إلى أن تعقد صفقة مقنعة مع النواب المعارضين لها قبل مباشرتها العمل، حتى لا تقع في مطب الخلاف الذي أودى بالحكومة السابقة بعد أن قررت كتلة نيابية وازنة عدم التعاون معها.

ملفات الخلاف

وتتلخص المطالب المختلف حيالها بتعديل اللائحة الداخلية بمجلس الأمة، يأتي في مقدمتها التعديل على القانون الذي ينظم الاقتراع على منصب رئيس المجلس ونائب الرئيس ومكتب ولجان المجلس عن طريق التصويت السري الورقي، في حين يريدون تعديله إلى تصويت علني بالاسم.

وتأتي بواعث هذه المطالبة عقب الخلاف الذي دار على خلفية فوز مرزوق الغانم بانتخابات رئاسة المجلس الحالي.

ويأتي المطلب الثاني في تعديل النظام الانتخابي العام، إذ جربت الكويت ثلاثة أشكال من الدوائر بدأت بنظام "العشر" من مجلس 1963 إلى مجلس 1975 بحيث ينتخب 5 أعضاء لكل دائرة، ثم انتقلت إلى نظام الـ"25 دائرة" بواقع عضوين لكل دائرة بدءاً من مجلس 1981، على أن يمثل كل دائرة عضوان، أما النظام المعمول به الآن منذ مجلس 2008 فأصبحت خمسة دوائر انتخابية على أن تنتخب كل دائرة عشرة أعضاء للمجلس، وأن يكون لكل ناخب حق الإدلاء بصوته لمرشح واحد فقط في الدائرة المقيد فيها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن مطالب النواب الحالية في تعديل الدوائر الانتخابية انقسمت بين من يريد الإبقاء على الوضع الحالي والتعديل على القانون الانتخابي بحيث يحق للناخب التصويت لمرشحين اثنين بدلاً من الواحد، والبعض يريد الرجوع لـ"الدوائر الـ"25، و"الدوائر 10"، وتوزيع القوائم النسبية وإدراج بعض المناطق إلى الجداول والقيود الانتخابية حتى يتسني للجميع التصويت والترشح، بدلاً من إلحاقها بمناطق أخرى، إضافة إلى مطالب أخرى تتعلق بالتوطين والإصلاح الاقتصادي، وإصلاح نظام الحريات.

الحكومة تتفاوض مع النواب

إلى ذلك أشارت مصادر مطلعة في مجلس الأمة الكويتي إلى مسار المفاوضات الحكومية- النيابية وإطارها السياسي خلال المرحلة المقبلة، وتهدف خريطة الطريق الحكومية إلى تأمين أكبر قدر ممكن من الاستقرار السياسي والتفاهمات المشتركة.

لكن في المقابل، تبقى التوجهات الحكومية الجديدة رهن جملة من المعطيات تتقدمها معضلة الخريطة الزمنية لإنجاز تلك التفاهمات وتحقيق مكسب سريع يرضي النواب الطامعين في كسب رضا الشارع، مقابل تحييد بعض القضايا ولو بشكل مؤقت لتخفيف الجنوح نحو التصعيد.

ويمكن أن تشكل الرسائل الحكومية التي تلقتها مجاميع نيابية عن قبول مبدئي لتعديل النظام الانتخابي مقابل تحييد القضايا الأكثر تعقيداً، نقطة انطلاق مقبولة لدى شريحة كبيرة من النواب، لا سيما أن نحو نصف المجلس يتبنى هذا الملف كمدخل لتحقيق مكتسبات أخرى على الصعيد السياسي.

في حين أكدت الحكومة للنواب أنها "عازمة على فتح باب التعاون مع مجلس الأمة بعيداً من التصعيد، وأنها أتت للمرة الثانية وفي غضون شهرين بتشكيلة جديدة تريد من خلالها، تذليل العقبات لصالح استحقاقات وطنية مثل تداعيات جائحة كورونا والتحديات المقبلة، التي تتطلب التعاون ووضع الأجندات والتفاهمات وخريطة طريق نحو تحقيق أكبر عدد من الإنجازات".

المرونة التي أبدتها الحكومة في المفاوضات، على رغم بقاء الخلافات على الخريطة الزمنية لتنفيذ الإصلاحات، سمحت بفك الكتلة النيابية الكبيرة المعارضة إلى 3 مجاميع صغيرة، تتقارب وتتباعد على جسور تفاصيل المشاورات مع الجانب الحكومي وتلتقي وتتفرق في المحطات الرقابية، وتتنازع قيادة الغالبية بشكل أكثر تفاعلاً.

كورونا يعمق الأزمة

وفي خضم المفاوضات بين الطرفين، ظلت التفاصيل سبباً في تعميق الخلافات، ففي غمرة الأزمة الصحية التي تحاول السلطات في الكويت السيطرة عليها جراء انتشار فيروس كورونا، عن طريق قيود تفرضها على التجمعات العامة، كسر عدد من النواب القيود الصحية بالتجمعات، وهو ما واجهته الحكومة بالعقوبات المنصوص عليها في القانون الوزاري الخاص بالاشتراطات الصحية.

إذ أصدر وكيل النائب العام قراراً بتكليف 15 نائباً للحضور لجلسة التحقيق التي ستعقد يومي 15 – 16 مارس الجاري في مبنى نيابة العاصمة، بعضهم نواب سابقون يأتي في مقدمتهم "رئيس مجلس الأمة السابق النائب أحمد السعدون ومحمد هايف وعبيد الوسمي وعادل الدمخي ونايف المرداس والحميدي السبيعي وعبد اللطيف العميري وعبدالله راعي الفحماء وخالد المطيري وأنور الفكر وفهد البريوج وفهد بن جامع وسعود الصواغ ومرزوق الحبيني وإبراهيم بن هندي".

إلا أن النواب فسروا الخطوة على أنها "انتقاء في تطبيق القوانين"، ليتقدم النائبان محمد براك المطير، برفقة بدر الداهوم "منظم التجمع" بطلب لاستجواب رئيس مجلس الوزراء.

وأكد النائب محمد المطير، أن الخطوة التي أقدمت عليها حكومة الشيخ صباح الخالد في تحويل عدد من النواب السابقين وبعض السياسيين للنيابة تمثل "مزاجية واضحة في تطبيق القانون"، مشيراً إلى أن هذا الفعل "يوضح أن النهج الجديد للحكومة لا يرقي لنهج حكومة تستحق التعاون أو قبول بقائها".

إلا أن الحكومة لا ترى الموضوع أبعد من كونه إحالة لعدد من المخالفين للشروط الصحية بعد تجمعهم وكسرهم للقانون إلى المحاسبة، مؤكدة أن "القوانين المرتبطة بالإجراءات الصحية يجب أن تطبق على الجميع من دون استثناء".

ولم يختلف تعليق بدر الداهوم الذي نظم المؤتمر عما قاله المطير، حول اتهام الحكومة بالتصعيد ضدهم، إلا أنه أقر بوجود تجمع بالمئات شهدته المناسبة التي نظمها، الأمر الذي عدته الحكومة مخالفة للاشتراطات الصحية.

وأضاف الداهوم "أرسلت لنا الحكومة ممثلين عنها وأبلغناها بأنه لن تكون هناك تجمعات لمواطنين"، وحول عدد الحضور، قال "العدد الحقيقي الحاضر في الديوانية لا يتجاوز 300 شخص، إلا أن كثيراً منهم  كانوا من الحكومة".

ولم تكن هذه القضية الأولى التي ترتبط بالنائب الداهوم، إذ تتجه الأنظار صباح الأحد 14 من مارس لمجلس الأمة لحكم الطعن الخاص بعضويته، التي سيتم الفصل فيها بحكم نهائي تصدره المحكمة الدستورية إما باستمرارها وعدم قبول الطعن أو ببطلان عضويته وإجراء انتخابات تكميلية لاختيار مرشح جديد يحل بدلاً عنه يتم تحديد وقتها بعد الحكم.

وتعود فصول القضية الرئيسية بعد اتهامه بالإساءة والتعدي على الذات الأميرية، وهي جريمة يقرها الدستور الكويتي، وسبق أن حرمته من الترشح لانتخابات 2016.

المزيد من تقارير