Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بعد عام على أحداث دلهي الطائفية لم يسترجع المتضررون حياتهم

لا زالوا يواجهون دعاوى الشرطة، وتكاليف متزايدة، وإعاقات دائمة بعدما تحطمت حياتهم بفعل أسوأ أحداث شغب شهدتها العاصمة الهندية منذ عقود من الزمن، كما تكتب ستوتي ميشرا من دلهي

النيران وصلت إلى جامع في شمال شرق دلهي العام الماضي خلال الاضطرابات التي هزت العاصمة الهندية (أ ب)

كان الحي حيث يقيم يحترق، بعد أن اقتحم المنطقة حشد من الرعاع الهائج الذين راحوا ينتقلون من شارع إلى آخر، ليضرموا النار في البيوت وهم يرددون شعارات، حين أصيب محمد عدنان، 16 عاماً، وهو عامل في أحد المصانع، بالرصاص في فخذه الأيمن مساء 24 فبراير (شباط) 2020، ونقل على عجل إلى مستشفى حكومي قريب.

 وعلى الرغم من وجود رصاصة في ساقه، فقد غطى الأطباء الجرح وأخرجوا الشاب من المستشفى. وبعد مرور عام على الحادثة، لا يزال عدنان شأن عديد من الضحايا الآخرين، يعيش في ظل شبح الخوف والفاقة، وهو يعاني من عاهة دائمة أصيب بها خلال أعمال الشغب الطائفية الطابع التي خلفت العام الماضي 53 قتيلاً.

يقول عدنان، الذي أمضى الشطر الأكبر من العام الماضي في المستشفيات، لصحيفة "اندبندنت" إنهم في كل مرة "كانوا يرفضون معالجتي ويطلبون مني الذهاب إلى مستشفى آخر".

وقبل أن تغير أحداث الشغب تلك حياته إلى الأبد، كان عدنان المعيل الوحيد لعائلته المؤلفة من خمسة أشخاص، وكان يجني ما يسد الرمق من وظيفته في معمل للحرف اليدوية في مستوطنة سوبهاش ناغار في شمال شرقي المدينة.

وفيما كان يرقد على فراشه في بيته المؤلف من غرفة وحيدة، يروي عدنان أهوال ذلك اليوم الرهيب قبل 12 شهراً، "قال الأطباء إنني حتى ولو تمكنت من الوقوف، فلن أستطيع السير من دون دعم (أو عكاز)، فساقي ستبقى مشلولة".

وكان حشد من الرعاع المسلح المؤلف من مئات الأشخاص قد هجم مهتاجاً على المقاطعات الشمالية الشرقية في المدينة، ما أدى إلى إراقة دماء كثيرة. وكانت تلك الاشتباكات التي اندلعت بين الهندوس والمسلمين، هي أسوأ أعمال شغب شهدتها العاصمة منذ عقود من الزمن، وقد تواصلت على مدى خمسة أيام، وقيل إنها بدأت في أعقاب خطاب استفزازي لزعيم حزب بهارتيا جاناتا الحاكم الذي يقوده ناريندرا مودي، وذلك في رد على احتجاجات انطلقت على مستوى البلاد استمرت لأسابيع للتعبير عن معارضتها لقانون الجنسية المثير للجدل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وألقت شرطة دلهي اللوم في التحقيق الذي أجرته على احتجاجات الاعتصام وإغلاق الطرق التي نظمها أولئك المعارضون لـ"تعديل" قانون الجنسية الصادر في 2019، والخطط التي توشك أن تدخل حيز التنفيذ لإنشاء سجل وطني للمواطنين، وهو إجراء مثير للجدل. ويرى المحتجون المناوئون لقانون الجنسية المعدل، أن القانون الجديد سيؤدي إلى استبعاد المهاجرين المسلمين، ويطيح نسيج البنية العلمانية للديمقراطية الهندية.

وتشير السجلات الرسمية إلى أن ثلثي القتلى الذين بلغ عددهم الإجمالي 53 قتيلاً كانوا من المسلمين، فيما أصيب ما يزيد على 580 شخصاً، كما أجبر مئات على النزوح من مناطقهم. ويدعي ناشطون محليون أن الخسائر التي تكبدتها تلك المناطق كانت أكبر من ذلك بكثير.

من جانبه، يقول نجم الدين، الذي لم يشأ أن يذكر اسم عائلته، وكان واحداً من السكان المحليين الذين نقلوا عدنان إلى المستشفى، إن "المستشفيات الحكومية قد تعرضت لضغوط حتى لا تعالج الضحايا وتُظهر أن هناك إصابات خطيرة".

وعلى بعد خطوات قليلة من منزل عدنان، وقعت ضحية أخرى، وهو شاب في الـ35 من العمر رفض الإفصاح عن اسمه، يكافح للبقاء على قيد الحياة، لا سيما أنه تعرض لإطلاق نار وبقيت رصاصة في جوار أذنه اليمنى.

ويقول "فيما كنت مسافراً إلى منزل حماتي، وصل أولئك الذين قاموا بأعمال الشغب... وبدأوا بالتهجم علي وإساءة معاملتي". وأضاف: "كنت ملتحياً وعلى رأسي طاقية صغيرة (من النوع الذي يرتديه المسلمون)، فأخذوا يهتفون بشعاراتهم العدوانية مؤكدين لي "سنمنحك الحرية" (هذه إشارة الى شعار رُفع خلال الاحتجاجات المضادة لتعديل قانون الجنسية)".

وتابع: "وحين أبلغت الطبيب أنني أصبت بالرصاص، قال "أنت ضُربت بحجر" إلا أن الفحص بالأشعة المقطعية أثبت وجود رصاصة في رأسي".

وبعد فترة قصيرة من تقديم إفادته للشرطة في تقرير يسمي فيه مثيري الشغب، احتُجز شقيقه بموجب زعم مفاده أنه شارك في أعمال العنف، بيد أن المصاب يدعي أن احتجازه يرمي إلى كم أفواههم بعد رفع التقرير.

واعتبر ناشطون أن الشرطة، في سياق استجابتها لأحداث الشغب، استهدفت المسلمين والناشطين المناوئين لقانون الجنسية المعدل بشكل لا يتناسب مع ما يقومون به. إلا أن تشينموي بيسوال، وهو المتحدث باسم شرطة دلهي، نفى صحة هذه التهمة نفياً قاطعاً.

ويقول بيسوال، في تصريح أدلى به لصحيفة "اندبندنت"، إنه بموجب  755 حالة مسجلة اعتُقل حتى الآن 1852 متهماً" وبينهم 869 مشاركين في أحداث الشغب من أبناء المجتمع الهندوسي و956 من أفراد المجتمع الإسلامي".

ويضيف بيسوال: "إن الأرقام تنضح بما فيها، كان التحقيق عادلاً للغاية وغير متحيز على الإطلاق، استند إلى أدلة علمية وقابلة للتصديق".

من جانبه، يقول أكرم خان الذي فقد ذراعه اليمنى وإصبعاً من كفه الأيسر جراء أعمال العنف تلك في حي مصطفى آباد، إنه كافح بغرض تسجيل  تقرير الشرطة الأولي المتعلق بقضيته، وهو من النوع الذي يستلزم إجراء تحقيق بالأمر.

ويزعم خان، الذي يعمل في مهنة الخياطة، أنه تعرض لضغوط بهدف حمله على تقديم شكوى ضد أشخاص مجهولين، بدلاً من رفعها على المعتدين الذين استطاع أن يتعرف عليهم. ويوضح، "بينما كنت أغادر بهاجانبورا، هاجمني مثيرو أعمال الشغب وضربوني". ويزيد "تعرفت عليهم ورفعت شكوى ضدهم، غير أن الجهات المختصة لم تتخذ أي إجراءات بحقهم حتى الآن، وكانت الشرطة تصف ما حدث لي بأنه كان حادثاً".

ويلفت خان إلى أنه قد مُنح 500 ألف روبية (4884 جنيه إسترليني) كتعويض من حكومة دلهي، وهو مبلغ لا يكفي لإعالته هو وأسرته، لا سيما أنه لن يكون بمقدوره أن يعمل كخياط بعد اليوم.

أما غونجان ساشديفا، وهو هندوسي يملك متجراً، فيشير إلى أنه هرب من المنطقة عندما اندلعت أعمال الشغب. وأوضح، "حين عدت بعد موجة العنف، كان متجري قد احترق بالكامل". ويفيد بأنه قد اُعطي هو الآخر 500 ألف روبية، أي التعويض نفسه الذي ناله خان، على الرغم من أنه قد خسر بضائع تبلغ قيمتها في الأقل 4 اضعاف ذلك التعويض.

نجمة، 21 عاماً، التي تعيش مع والدتها وشقيقيها في منطقة خاجوري خاس حيث أُضرمت النار بمئات البيوت، فقدت كل متاعها خلال أعمال العنف نفسها. وتقول، "فقدنا كل شيء، فكل ما نملكه قد احترق".

ولا زالت هناك ملصقات للمنظمات غير الحكومية التي ساعدت في عمليات إعادة بناء البيوت على طرفي الشارع. وكان عديد من السكان قد أجبروا على العيش في خيام شديدة الاكتظاظ لوقت طويل، على الرغم من أن الجائحة كانت منتشرة أثناء الشطر الأكبر من فترة مكوثهم فيها.

وقد عاد الآن معظم السكان إلى البيوت التي بُنيت أخيراً، إلا أن حياتهم بعد أحداث العنف تلك لن تكون كما قبلها. وبينما يشير بعضهم إلى أن أعمال الشغب لم تؤثر في علاقاتهم مع جيرانهم، مؤكدين، "لا نزال نثق بهم"، فإن ساشديفا يقول، إن كثيرين لا يزالون يشعرون بالخوف من اندلاع العنف من جديد وتهشيم هذا السلام الهش مرة ثانية.   

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات