Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يجوز لأرباب العمل فرض لقاح كورونا على العمال؟

الجدل حول قبول سياسة "لا لقاح لا عمل" كوسيلة لحماية العملاء والعاملين وفتح أبواب الاقتصاد مستمر في بريطانيا

لا لقاح لا عمل يقول أرباب العمل ولكن ماذا عن الحرية الشخصية وتكافؤ الفرص؟ (أ ف ب) 

فيما تُواصل المملكة المتحدة برنامجها التلقيحي السريع ضد فيروس كورونا، تبرز مسألة ما إذا كان سيُسمح لأرباب العمل بالإصرار على موظفيهم لأخذ اللقاح.

وثمة تقارير تفيد بأن بعض الشركات تبحث في إمكانية صوغ عقودٍ تشترط على العاملين الجدد تلقي اللقاح وتغيير العقود الخاصة بالموظفين الحاليين. وإبان الشهر الماضي، أعلن شارلي مالينز، مؤسس شركة "بيمليكو بلامبرز" (Pimlico Plumbers) بأنه سيطلب من طاقم العاملين لديه التطعيم لحماية العملاء والعمال الآخرين، تحت شعار "لقح نفسك من أجل عملك".

حينها، قال وزير شؤون اللقاحات ناظم الزهاوي إن هذه السياسة "تمييزية". وأضاف: "نحن لسنا من هذا النوع من البلدان وأعتقد أنه من المهم جداً أن نُطبق الأمر بالإقناع".

لكن هذا الأسبوع بدا وكأن السيد الزهاوي قد غير لهجته بقوله إن "مثل هذا القرار منوطٌ بالشركات وحدها".

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل ينبغي قبول– وحتى تشجيع- سياسة "لا لقاح، لا عمل" كما أسماها البعض، كوسيلة لحماية العاملين والعملاء وفتح أبواب الاقتصاد، أم دحضها لأنها تمييزية وغير قانونية ربما، إن لم تكن خطيرة؟

ويتمثل أحد أخطار هذه المقاربة في كونها لا تعول على أدلة واضحة حول مدى تأثير اللقاح على قابلية انتقال العدوى، بل على مجرد تمنيات وآمال بعدم انتقال فيروس كوفيد-19 من الأشخاص الملقحين إلى الأشخاص غير الملقحين، مع أنه ما من إثبات دامغ على ذلك.

بالتالي، يُمكن القول إن سياسة "لا لقاح لا عمل" قد تكون خطيرة لإمكانية إعطائها حساً خاطئاً بالأمان، لا سيما لو مهدت لعودة كثير من العاملين إلى المكاتب– سواء بإرادتهم أو بضغطٍ من أرباب العمل– بعدما كانوا يعملون من منازلهم.

على جبهة التمييز، هناك خطر في أن تؤدي سياسة "لا لقاح، لا عمل" إلى إلحاق الضرر غير المباشر بفرص توظيف العاملين الشباب، نظراً إلى تصدر الفئات الأكبر سناً قوائم أصحاب الأولوية في الحصول على اللقاح.

وما قد يفاقم الأمور انتظار حصول كل أفراد المجتمع البالغين على اللقاح قبل المضي قدماً بتنفيذ عقود جديدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولكن ثمة من يرفضون أو لا يستطيعون الخضوع للتلقيح، ربما لدواعٍ طبية أو دينية، وهذه مشكلة لم تجد طريقها إلى الحل بعد.

ومن غير الواضح بعد ما إذا كانت عقود "لا لقاح، لا عمل" ستُشكل خرقاً لـ"قانون المساواة بين الجنسين لعام 2010".

"فنحن لم نختبر يوماً عقوداً من هذا القبيل"، يذكر دانييل باركر من شركة المحاماة "وينكوورث شيروود" (Winckworth Sherwood).

"وفي الكثير من الأوقات، لا تُستكمل هذه العقود إلا من قبل أشخاص قادرين على إدارة نزاعاتهم بأنفسهم في غياب هيئة إنفاذٍ شاملة".

من وجهة نظر المحامين، قد تتوقف مشروعية العقود الجديدة ومدى قانونيتها على كل قطاع. ففي دور الرعاية حيث يتعاطى العاملون مع الفئات الضعيفة والهشة، قد يكون تغيير العقود لاشتراطها ضرورة تلقي اللقاح أمراً مبرراً. أما في شركات الخدمات حيث يُمكن لمعظم الموظفين العمل من منازلهم، فقد يكون التغيير عسيراً ومضنياً. 

وبصرف النظر عن الشق القانوني، يبقى الجانب المبدئي غير واضح. فاعتبار اللقاح شرطاً أساسياً للعمل قد يميز بين الملقحين وغير الملقحين، لكن البعض يؤكد أن هذا هو المقصود.

ومن قال إن مطالبة العمال بأخذ اللقاح أكثر تمييزاً من قرار منع المسافرين القادمين من وراء البحار من دخول المملكة المتحدة ما لم تكن نتائج اختباراتهم التشخيصية سلبية؟  وإن كانت المحال والمتاجر تطلب من الزبائن ارتداء أقنعة واقية، فهل تختلف كثيراً عن الشركات التي تفرض على موظفيها أخذ اللقاح؟

ولكن ألن تكون هذه العقود الجديدة وسيلةً ناجعة لحماية الزملاء والعملاء وتوفير أماكن عمل صحية ومأمونة، كما يقول شارلي مالينز؟

"من الواضح أن هناك معضلة أخلاقية بشأن حقوق الشركات وعملائها وحقوق الموظفين"، يشرح إيان مولهيرن من "معهد توني بلير" (للدراسات) Tony Blair Institute.

"وقد يكون [التلقيح الإلزامي] منطقياً ومعقولاً في بعض القطاعات على غرار قطاع الرعاية الصحية، لكنه أكثر تعقيداً في قطاعات أخرى. وبرأيي، لا يمكن أن يكون لدينا مجتمع منقسم إلى قسمين على أساس الرغبة في التلقيح وربما لا يجوز لأرباب العمل الاطلاع على تفاصيل خاصة بالحالة التطعيمية لموظفيهم".

وعند هذا الحد، يرى السيد مولهيرن أن ثمة طريقة للخروج من هذه المعضلة، وتكمن هذه الطريقة في تطوير نظامٍ حكومي "للبيانات الصحية الرقمية" يضم أسماء كل من حصل على اللقاح أو على نتيجة اختبار كورونا سلبية.

"وهذا من شأنه أن يسمح للأفراد بالإفصاح عن حالتهم لأرباب العمل أو المطاعم أو شركات الطيران من دون تفاصيل إضافية تحدد هويتهم".

لكن الجانب السلبي في هذه الخطة مرده إلى أنها تقتضي إرساء المزيد من البنى التحتية الرقمية للدولة.

أضف إلى ذلك أنه ينبغي تحفيز العمال على بذل الجهود اللازمة للحصول على اللقاح، بالرضى والمصادقة لا بالإكراه، وهذا ما لا تُروج له مسألة تغيير العقود.

"يمكن للشركات أن تُسهل على الناس الحصول على اللقاح سواء من خلال ساعات عمل مرنة أو إجازات مدفوعة"، يوضح بيتر تشيز من "معهد تشارترد للأفراد والتنمية" CIPD.

"فمثل هذا التصرف يُشجع على أخذ اللقاح ويعزز الخطاب القائل بأن التلقيح مهم ومدعوم من قبل أرباب العمل".

بالنسبة إلى شارلي مالينز الذي خاض معركة قضائية كبيرة ضد أحد العاملين لديه بشأن وضعه الوظيفي، فهو لا يتخيل أن سياسة "لا لقاح، لا عمل" ستُهدئ من روع كل من يخشى استخدامها كوسيلة لتقليص حقوق العمال والموظفين.

أما بريان بالمر، الرئيس التنفيذي لشركة الروبوتات "ثارسوس" Tharsus التي تتخذ من شمال شرقي إنجلترا مقراً لها والتي استثمرت الكثير من أجل حماية مصنعها من كوفيد وطورت نظاماً ابتكارياً للحركة الشخصية مع أجهزة يمكن إرتداءها وبيانات يمكن إدارتها لمساعدة الشركات الأخرى على فهم الطريقة التي يتحرك بها العمال في مراكز العمل ومتى يختلطون ببعضهم البعض، فلا يعتقد أن تغيير العقود لفرض اللقاح سيجعل مكان عمله أكثر أماناً.

برأيه، "سيكون الأمر بمثابة مبالغة زائدة لعنصرٍ واحد من [عناصر السلامة في أماكن العمل]". وهو بالتأكيد ليس خطوة كاملة، وقد أظهرت الأشهر الإثني عشر الأخيرة أنه لا حل سحرياً– نحن بحاجة إلى مقاربة أكثر شمولية للتعامل مع الوضع الراهن. ولا أظن أنه يحق لأي شركة فرض قواعد على التحصين".

في نهاية الأمر قد يكون تغيير العقود غير ضروري.

فلغاية هذه اللحظة، كان الإقبال على اللقاح في المملكة المتحدة شديداً، مع تطعيم أكثر من 90 في المئة من الأشخاص الذي تتجاوز أعمارهم الـ75 سنة.

"لكن هل ثمة ضرورة حقيقية لإضفاء صفة قانونية وملزمة على موضوع التلقيح فيما يستعد كثيرون لتلقي الجرعات اللازمة منه في كل الأحوال؟" يسأل دانييل باركر من شركة المحاماة والاستشارات القانونية "وينكوورث شيروود".

© The Independent

المزيد من اقتصاد