Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الوزير مايكل غوف يحاول إسعاد والده بتدمير حياة الآخرين

يحب التحدث عن كيف قوّض الاتحاد الأوروبي مشروع الصيد الذي أداره أبوه في أبردينشاير. وهو يريد الانتقام الآن

اشتهر غوف بشدة معارضته للبقاء في الاتحاد الأوروبي (غيتي)

قبل خمس سنوات، لم يكن مايكل غوف يحب أكثر من التحدث عن كيف دمّر الاتحاد الأوروبي وسياسة المصائد المشتركة للأسماك مشروع الصيد الذي أداره والده في أبردينشاير (في اسكتلندا).

غير أنه أصبح من الصعب جداً إثبات حقيقة ما حدث فعلاً. ويرجع ذلك أساساً إلى أنه عندما طرحت تلك المسألة للمرة الأولى، حاول الصحافي فيصل إسلام من قناة "سكاي نيوز" آنذاك، الضغط عليه كي يكشف عن المزيد من التفاصيل، ولكن قيل له "أنت يا فيصل في صف النخب، وأنا في صف الفئات العاملة. هذا النوع من الاستهزاء بالأشخاص الذين يؤمنون بالديمقراطية هو الذي يشوّه سمعة الناس الذين يدعمون البقاء (في الاتحاد الأوروبي)".

يا لها من شعبوية مثيرة. من المذهل أن نستذكرها، أليس كذلك؟ لكن العالم كان مكاناً مختلفاً في ذلك الوقت، والشعبوية لم تكن مفهومة جيداً. لكنها أصبحت أكثر وضوحاً عندما انتخبت أميركا عن طريق الخطأ أول رئيس فاشي لها، الذي تفاخر بالاعتداء الجنسي على النساء ومنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة، وكذلك أجرى مقابلة مع مايكل غوف المناهض للنخبة، بينما كان روبرت مردوخ يمسك بيده سراً.

على أي حال، دعونا نستطرد. نعم، من الصعب تحديد ما حدث بالضبط، لأن غوف الأب أخبر بعض الصحافيين صدفة بأن مشروعه لم يفلس بسبب الاتحاد الأوروبي، بل هو من "قرر يوماً إنهاءه".

عندما عُرضت تصريحات الوالد على غوف الابن، انسحب  ثم عاد باقتباسات جديدة من أبيه تدعم روايته عن الحوادث. لكن، وفق ما بات معلوماً، لقد كتبت [تصريحات الوالد] وأرسلت عبر البريد الإلكتروني، على عكس التصريحات التي أُدلي بها بصوت مرتفع لشخص ما عندما اتصلوا به وسألوه.

وفي اليوم التالي، أورد غوف الابن "أتذكر عندما كان والدي يدير مشروعه. كان لديه موظفان من فتيان دار رعاية. استقبلهم أبي، وأمّن لهم وظيفة وسمح لهم بالعمل في مشروعه، والنوم هناك في غرفة إضافية وفّرها لهم".

وأضاف، "لقد أغلق المشروع، وفقد هؤلاء الأولاد منزلهم بسبب ذلك. أعرف ما مرّ به والدي عندما كنت تلميذاً. ولا أعتقد أن أي شخص يجب أن يقلل من معاناته أو أن يحاول جعل رجل يبلغ من العمر 79 سنة يخدم أجندتهم بدلاً من أن يوافقوا على ما يفعله ابنه، ويوافقوا عليه أيضاً".

إذاً، هذا هو المغزى الأساسي. يتعلق الأمر كله بجعل الأب فخوراً بالانتقام لخسارة مشروعه للصيد. وفي نهاية الأسبوع، كتب غوف في الصحف عن تلقّي والده التطعيم، من دون إشارة إلى سير مشروع استعادة الفخر. لكن بطبيعة الحال، لا يخلو "بريكست" من السخرية المتولدة تلقائياً. ها نحن الآن، بعد أكثر من شهر، بالكاد يمر يوم من دون إفلاس شركة صيد بريطانية جديدة، بسبب "بريكست" تماماً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومثلاً، عملت شركة "بارون شيلفيش" في بريدلينغتون، في منطقة يوركشاير (بوسط إنجلترا) لـ40 عاماً قبل هذا الأسبوع، والآن أقفلت إلى الأبد. ولقد أوضح مالكها سام بارون أن "ذلك كله حدث بسبب بريكست، وقد شمل تكاليف إضافية وإجراءات رسمية إضافية ومقامرة إضافية، ويعود الأمر إلى الحكومة والاتحاد الأوروبي". وأضاف، "يشبه الأمر لعبة الروليت الروسية مع وجود خمس رصاصات في المسدس". [في تلك اللعبة، توضع رصاصة واحدة في مخزن أسطواني متحرك للمسدس يتّسع لست رصاصات، ويدار عشوائياً، ثم يجري التسديد إلى الرأس].

وكما حدث، تولّى سام بارون إدارة الأعمال في الشركة من والده. شكّل ذلك حماقة من جانبه، لأنه لو بذل مزيداً من الجهد، لذهب ربما إلى أكسفورد وأصبح شخصية كبيرة حقاً في النقابة وانخرط في السياسة، ثم أفلس شركات صيد أخرى كي يجعل والده فخوراً به.

لا يوجد نقاش هنا بالطبع. لا مجال للمناورة بالاقتباسات. إن سام بارون مجرد صياد، وليس شخصاً شعبوياً من شأنه أن يصوغ لك كذبة مع كل نَفَس.

بعد ظهر يوم الاثنين المنصرم، مَثُل السيد غوف أمام لجنة برلمانية مختارة، مباشرة بعد أن أنزل على الآخرين البؤس ذاته الذي تحدث عنه بشكل مؤثر قبل خمس سنوات. لقد كانت أنشطته [مايكل غوف] التصديرية على ما يرام، ومن دواعي السعادة معرفة هذا. ومن الواضح أن منتجاته طازجة أكثر من أي وقت مضى، على الرغم من أن جميع وقائع الاجتماع جرت عبر رابط الفيديو، كان بالإمكان شم رائحتها عبر كاميرا الـ"ويب".

واستطراداً، شكّلت إيرلندا الشمالية القضية المطروحة خلال الاجتماع، مع الانهيار الفوري لبروتوكولها. وبالطبع، فإن البروتوكول لا يعمل في الواقع حتى عندما يعمل، وهو حالياً لا يعمل. ومثلاً، يستحيل أن يشتري بستاني من بلفاست لمبات من مشتل نباتات اسكتلندي، وذلك مثل قدّمه السيد غوف قبل أن يلقي باللوم في ذلك على "لاهوت التكامل في الاتحاد الأوروبي". ففي عالم  غوف، لا شيء يعتبر خطأ متأتياً منه، إذ جاء "بريكست" من أجل "استعادة السيطرة على أموالنا وحدودنا وقوانيننا". معاذ الله أن يجرؤ الاتحاد الأوروبي على المطالبة بالحق في فعل الشيء ذاته.

في هذا الصدد، ذكر غوف أن "هدفي يتمثّل في الحرص على أن يباشر سكان إيرلندا الشمالية أعمالهم اليومية بأقل قدر من الاضطراب في حياتهم اليومية". لكن هذا ما كانوا يفعلونه، قبل أن يأتي مايكل غوف بأفكاره الكبيرة حول "بريكست"، الذي لم يصوتوا لمصلحته ولا يريدونه.

مع ذلك، طالما أن والده فخور، فهذا هو الأهم، أن يشاهد مايكل الصغير ينتقم له، بتدمير حياة تلو الأخرى.

© The Independent

المزيد من آراء