Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صراعات الآخرين تمنح قائمة المنفي ودبيبة مناصب ليبيا التنفيذية

بيان مفاجئ من "الهيئة الطرابلسية" قد يكون أثّر على قرار قسم من المقترعين قابله ترحيب من الحكومة المؤقتة واللجنة العسكرية المشتركة

جانب من عملية انتخاب المرشحين للمناصب التنفيذية الليبية في حوار جنيف يوم الجمعة 5 فبراير الحالي (رويترز)

فازت قائمة رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، ورئيس الحكومة الموحدة، عبد الحميد دبيبة، بثقة الناخبين في لجنة الحوار الليبي بجنيف، لتتشكل منها السلطة التنفيذية الجديدة في ليبيا، بحصولها على أصوات 39 ناخباً، مقابل 34 صوتوا لقائمة رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، ووزير الداخلية في "حكومة الوفاق"، فتحي باشاغا، في الجولة الفاصلة التي جرت يوم الجمعة 5 فبراير (شباط) الحالي.

وشكل فوز قائمة المنفي - دبيبة مفاجأةً كبيرة بالنسبة إلى كثيرين، بعد أن كانت قبل جولة الاقتراع الحاسمة، غير مرشحة تماماً للوصول إلى المرحلة الأخيرة الفاصلة، ومواجهة قائمة رئيس البرلمان ووزير الداخلية في حكومة الوفاق، التي كانت بالنسبة للجميع، فائزةً حتى قبل إجراء عملية التصويت.
ولقي تشكيل السلطات التنفيذية الجديدة في ليبيا بعد جولات حوار ماراثونية استمرت لأشهر عدة، بدءاً من تونس وانتهاء بجنيف، إشادةً ودعماً دولياً وإقليمياً كبيرين، سيشكلان دفعةً قويةً لها للنجاح في مهمتها الرئيسة، وهي العبور بالبلاد من المرحلة الانتقالية إلى مرحلة الاستقرار السياسي، عبر تمهيد الطريق لإجراء الانتخابات العامة في البلاد، نهاية العام الحالي.

جولة اقتراع فاصلة

وأعلنت نائبة رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ستيفاني ويليامز، فوز القائمة التي تضم محمد المنفي، وعبد الله اللافي، وموسى الكوني، أعضاء للمجلس الرئاسي، وعبد الحميد دبيبة رئيساً للوزراء في الحكومة الموحدة، بعد عملية التصويت التي شارك فيها 73 عضواً في لجنة الحوار السياسي، في حين ألغي صوت واحد. وقالت ويليامز، إن "السلطة التنفيذية الجديدة تعهدت بالالتزام بخريطة الطريق، وإجراء الانتخابات في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، إضافة إلى تمثيل النساء في المناصب الحكومية بنسبة لا تقل عن 30 في المئة". وأضافت وليامز أنها تنتظر أن يكون منصب نائب رئيس الوزراء من نصيب المرأة، وطالبت أعضاء الملتقى باحترام نتائج التصويت على القوائم.

ولجأت بعثة الأمم المتحدة إلى جولة اقتراع فاصلة، الجمعة 5 فبراير، بين القائمتين الحائزتين أكبر عدد من الأصوات في الجولة الأولى بين القوائم الأربع المرشحة لشغل مناصب السلطة التنفيذية الجديدة في ليبيا، بعد فشل أي منها في الحصول على نسبة 60 في المئة من الأصوات، المطلوبة للفوز.
وسيتعين على رئيس الحكومة الجديدة، عبد الحميد دبيبة، تقديم تشكيل وزارية لعرضها على البرلمان، في مدة أقصاها 3 أسابيع، وفي حال فشل مجلس النواب في منحها الثقة، تعرض التشكيلة الحكومية على أعضاء لجنة الحوار، للموافقة عليها وإعطائها ضوءاً أخضر لممارسة مهماتها.

من قادة ليبيا الجدد؟

محمد يونس بشير بوحويش المنفي، رئيس المجلس الرئاسي الجديد، من مواليد عام 1976، حاصل على درجة الدكتوراه في الهندسة، من جامعة طبرق الليبية، ويتحدر من قبيلة "المنفة" التي تنتشر في شرق ليبيا.
فاز المنفي بعضوية "المؤتمر الوطني العام"، أول برلمان ليبي بعد الثورة، في عام 2012، وترأس لجنة الإسكان والمرافق في "المؤتمر".

وكانت آخر المهمات الدبلوماسية التي قام بها المنفي، هي عمله سفيراً لحكومة الوفاق في أثينا، قبل أن تطلب منه الحكومة اليونانية مغادرة البلاد، بعد اتفاق ترسيم الحدود البحرية الذي جرى بين حكومته والحكومة التركية.
في المقابل، أصبح عبد الحميد الدبيبة، خامس رئيس للحكومة في ليبيا، منذ سقوط نظام معمر القذافي، وهو رجل أعمال وسياسي ليبي، يبلغ من العمر 59 عاماً، ومن أبرز أثرياء مدينة مصراتة، حاصل على ماجستير في الهندسة من كندا، وهو مؤسس ورئيس تيار "ليبيا المستقبل"، ولم يسبق له تولي أي منصب سياسي رسمي في الدولة الليبية.

وفي الوقت الذي يُعدّ فيه المنفي من جيل السياسيين الشباب في ليبيا، يعد عبد الحميد دبيبة من رجال الأعمال الليبيين الذين تربطهم شبكة علاقات معقدة برجال السياسة، منذ عهد القذافي. وأشرفت عائلة دبيبة الثرية على مشاريع عدة للبنى التحتية في ليبيا، مثل المطارات والملاعب الرياضية وخطوط إمداد المياه، منذ فترة مشروع "ليبيا الغد"، الذي قاده سيف الإسلام القذافي في السنوات الأخيرة لحكم والده للبلاد.
وكان دبيبة قد تعهد أثناء ترشحه لرئاسة الحكومة، بـ"العمل على تأمين الانتخابات، ودعم المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، واللجوء إلى المنظمات الدولية، ومنها الأمم المتحدة لدعمها لوجستياً".

وقال في كلمة أمام ملتقى الحوار السياسي الليبي في جنيف، الأربعاء الماضي، إنه "سيعمل على تفعيل دستور البلاد، وإنشاء مؤسسات أمنية احترافية، وحصر السلاح بيد الدولة".

وكاد دبيبة يفقد فرصته بالترشح لرئاسة الحكومة حين واجه اتهامات في ملتقى الحوار السياسي الذي عقد بتونس في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بدفع رشاوى لشراء أصوات للظفر بمنصب رئيس الوزراء. وفتحت البعثة الأممية تحقيقاً رسمياً في تلك الاتهامات، قبل أن يغلق الملف ويسمح له بالترشح للمنصب في جنيف.
 


كيف فازت القائمة غير المرشحة؟

قبل بداية الجولة الفاصلة لحسم اسم القائمة الفائزة في سباق المناصب التنفيذية، كانت القائمة المشكلة من محمد المنفي وعبد الحميد الدبيبة، وعضوين في المجلس الرئاسي، واحد عن الجنوب، هو موسى الكوني، وآخر عن الغرب هو عبد الله اللافي، غير مرشحة أبداً للمنافسة في هذه المرحلة، أمام قائمة عقيلة صالح وفتحي باشاغا، وقائمة عضو "المؤتمر الوطني" شريف الوافي، الذي ترشح لرئاسة المجلس الرئاسي، مع ممثل عن الجنوب هو عمر بوشريدة، وعبد الرحمن البلعزي عن الغرب، إضافة إلى محمد المنتصر مرشحاً لرئاسة الوزراء، فكيف حسمت الأمور؟

يرى الصحافي الليبي مراد الرياني أن "قائمة المنفي ودبيبة، استفادت بشكل كبير من سقوط قائمة شريف الوافي ومحمد المنتصر في جولة التصويت على القوائم الأربع، لأن أصوات أعضاء لجنة الحوار الموالية لهذين الأخيرين، ذهبت إلى القائمة الفائزة في الجولة الفاصلة، كرهاً لعقيلة صالح وفتحي باشاغا، وليس حباً للفائزين". ويضيف "قبل هذه الجولة تفاجأ الكثيرون بنجاح قائمة المنفي ودبيبة، في الترشح في الوصول إلى المرحلة الفاصلة، في مواجهة قائمة عقيلة صالح وفتحي باشاغا، ولكن بالنظر إلى عدد الأصوات الكبير الذي يملكه مجمع طرابلس الانتخابي في لجنة الحوار، فإن ترشح هذه القائمة ليس مفاجئاً أبداً".

ويتابع الرياني "أسهم وجود اسم عبد الحميد دبيبة تحديداً في قائمة المنفي، بمنحها عدداً كبيراً من الأصوات الطرابلسية، كرهاً في عقيلة صالح وشريف الوافي، في القائمتين المنافستين لها، بسبب موقفهما الموالي للجيش الوطني الذي يقوده المشير خليفة حفتر في الحرب التي خاضها بطرابلس"، ويعتبر أن "القائمة الفائزة استفادت من إرث العداوة بين الشخصيات التي تشكل القوائم الأخرى، لتجمع الأصوات التي حولت حظوظها المعدومة، إلى فوز لم يتوقعه أحد على الإطلاق، قبل يوم واحد فحسب من جولة التصويت الحاسمة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


"الهيئة الطرابلسية"

في المقابل، ربط مراقبون بين فشل قائمة عقيلة صالح بالفوز في المرحلة الحاسمة، وبين بيان مفاجئ أصدرته "الهيئة الطرابلسية"، قبل ساعات من بدء الاقتراع على مناصب السلطة التنفيذية، هددت فيه بالانقلاب على نتائج الحوار إذا أفرزت تولي رئيس مجلس النواب أي مسؤولية سياسية في السلطة الجديدة.
وقالت الهيئة المشكّلة من مجالس حكماء وأعيان وكتائب عسكرية ومنظمات مجتمع مدني في طرابلس الكبرى، في بيان إنها "ترفض وبشكل قاطع إشراك أو مساهمة كل الشخصيات الجدلية"، وعلى رأسها عقيلة صالح، "في أي جسم حكومي تشريعي أو تنفيذي".
وطالبت الهيئة "بمحاكمة عقيلة صالح كمجرم حرب، لإصداره قرار الهجوم على طرابلس، في الوقت الذي كان الحوار الليبي قاب قوسين أو أدنى من الانعقاد في مدينة غدامس، ومحاسبته على كل الجرائم التي ارتُكبت بحق المدنيين، سواء في العاصمة أو في بقية المدن الليبية".
وأكد البيان أن "أي إجراء يؤدي إلى تسلم هذه الشخصية الجدلية أي مسؤولية سياسية في الدولة، هو بمثابة إعلان حرب أهلية لن تنتهي إلا بانقسام ليبيا، وقتل أبنائها وتشريد عائلاتها".
ورأت مصادر ليبية أن صدور هذا البيان، ساهم في ذهاب الكثير من الأصوات في مجمع طرابلس، الأكبر عدداً في لجنة الحوار، إلى قائمة المنفي ودبيبة كون الشخصيات التي تتشكل منها، غير خلافية، كعقيلة صالح أو فتحي باشاغا أو الشريف الوافي.

الحكومة المؤقتة
أكدت الحكومة الليبية المؤقتة، في شرق البلاد، التي يقودها عبد الله الثني، السبت، أنها "مستعدة لتسليم السلطة بحال اعتُمدت من مجلس النواب بشكل قانوني"، مشيرةً إلى أنها "ترحب بأي قرارات يتخذها الليبيون حيال مَن يمثلهم".
موقف "الجيش الوطني"
وفي الوقت الذي نفى الناطق باسم "الجيش الوطني الليبي" أحمد المسماري، كل التصريحات التي نُسبت إليه بخصوص تشكيل السلطة التنفيذية، وموقف قيادة "الجيش" منها، رحبت اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) بنتائج ملتقى الحوار السياسي الليبي، الذي توِّج في جنيف باختيار مجلس رئاسي، ورئيس حكومة موحدة.
وقالت اللجنة في بيان صدر السبت، تناول الجولة السابعة من مباحثاتها المستمرة، في الفترة من الرابع إلى السابع من فبراير الحالي، جاء فيه، إنها "مصرّة على تنفيذ بنود وأحكام وقف إطلاق النار، الموقَّع في جنيف في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وتصر على المضي قدماً في عملية إخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب من البلاد فوراً"، مكررةً مطالبتها مجلس الأمن بمتابعة مخرجات "مؤتمر برلين" وإلزام كل الدول المنخرطة في الشأن الليبي بتنفيذ ما نصّ عليه.
كما أعلنت اللجنة أنها بدأت فعلياً بنزع الألغام ومخلفات الحرب، تمهيداً لفتح الطريق الساحلي، وأن لجنتها الفرعية لإخلاء خطوط التماس ستبدأ بإعادة تمركز القوات بعد إتمام عملية نزع الألغام  في المناطق المحددة.

المزيد من العالم العربي