Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مضادات حيوية في لحوم أميركية قد تبطل جدوى أدوية السرطان وكوفيد 

استبعاد لحوم الأبقار المحقونة بهرمونات النمو والدجاج بالكلور في اتفاق التجارة البريطاني- الأميركي لا يكفي لحماية المستهلكين

أميركا تعطي مواشيها مضادات حيوية ما يلحق ضرراً جسيماً بمن يأكل لحومها (غيتي)

حذَّر تقرير صدر حديثاً من أن مواشي في مزارع أميركية من المقرر أن تُستَورد لحومها إلى بريطانيا، بموجب اتفاقات تجارية لمرحلة ما بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، تتغذى على أعلاف أُضيفت إليها 10 أنواع من المضادات الحيوية المحظورة في المملكة المتحدة. وقد يؤدي ذلك إلى تقويض فاعلية أدوية معتمدة في علاج العدوى البكتيرية، والسرطان، وحتى فيروس كورونا.

في الواقع، سيمثل جلب تلك اللحوم الأميركية إلى المملكة المتحدة خطوة خطيرة إلى الوراء في الحرب ضد ظاهرة مقاومة الجراثيم للمضادات الحيوية، (وتؤدي إلى إبطال فاعلية تلك الأدوية التي تسمى أيضاً "أنتي بيوتيك"Anti Biotics)، فضلاً عن أن خطر الإصابة بالسرطان، قد يتأتى من استهلاك تلك اللحوم في حد ذاتها، وفق "صندوق الغذاء المستدام" Sustainable Food Trust SFT.

وكذلك ستكون تلك الواردات بمثابة "صفعة كبيرة على وجوه المزارعين البريطانيين"، والسماح بها يشكل تصرفاً "غير مسؤول تماماً"، وفق الباحث الذي أعد التقرير.

وخلُص البحث إلى أن مجرد حظر لحوم البقر المعالجة بالهرمونات والدجاج المغسول بالكلور، لن يكون كافياً كي يحمي المستهلكين في المملكة المتحدة، في حال التوصل إلى اتفاق تجاري بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية.

في التفاصيل، يرد أن التقرير حدد 10 أنواع من المُضادات الحيوية المحظور استعمالها في بريطانيا، وتُستخدم أميركياً في تحفيز نمو الحيوانات أو قتل الطفيليات ضمن مزارع (تعتمد أسلوب التدجين) الصناعي المكثف وتخصص في تربية المواشي والخنازير والدجاج والديك الرومي.

في الواقع، يخلق الاستخدام الروتيني الواسع الانتشار للمضادات الحيوية في الحيوانات الداجنة، ظروفاً مثاليةً لتطوير مقاومة الجراثيم للمضادات الحيوية، وفق ريتشارد يونغ، الباحث الذي نهض بالتقرير ومدير قسم السياسات في "صندوق الغذاء المستدام" SFT.

"بالنسبة إلى أحد تلك العقاقير التي تُعطى للماشية عقار "كاربادوكس" carbadox، لا تشكل مقاومة المضادات الحيوية المصدر الرئيس للقلق، إنما الخواص المُسرطنة لهذا الدواء، وإمكانية وجود بقايا منه في لحم الخنزير. ومنذ أربع سنوات، تواجه "إدارة الغذاء والدواء" الأميركية معارضةً شديدة من جانب قطاع تربية المواشي، بسبب محاولاتها حظر استخدام ذلك المضاد الحيوي في إنتاج لحوم الخنازير"، بحسب التقرير الذي حث على ضرورة حظر "كاربادوكس" فوراً بسبب الخطر الذي يشكله.

وكذلك ذكر التقرير أنه "ثمة مخاوف على صحة الإنسان بشأن اللحوم التي يدخل في إنتاجها واحد من المضادات الحيوية التي يتناولها التقرير. بعض تلك المخاوف ملحّ، والبعض الآخر أطول أجلاً ويتصل بالإخلال بمضادات حيوية مصنفة بوصفها قادرة على قتل جراثيم خارقة superbugs (جراثيم تستطيع مقاومة للمطهرات والمضادات الحيوية) في المستشفيات، ومعالجة السرطان، وحتى علاج كوفيد-19 في إحدى الحالات".

ولقد سلط يونغ الضوء أيضاً على "مخاوف من مقاومة طويلة الأمد للمضادات الحيوية" في ما يتصل بأدوية أخرى مستخدمة في تغذية الماشية الأميركية.

واستطراداً، إذا وافقت الحكومة البريطانية على إبرام اتفاق تجاري حر مع الولايات المتحدة الأميركية، يُرجح على الرغم من ذلك أن تكون اللحوم مدرجة ضمن قائمة البنود، مع أن الاتفاق التجاري مع الاتحاد الأوروبي يقلل من الحاجة الملحة إلى اتفاق (بشأن تلك اللحوم).

وفي سياق متصل، يشير التقرير المعنون "أقصى نمو، مهما كانت التكلفة"، إلى مقترحات الاتحاد الأوروبي، بشأن حظر كامل لاستخدام المضادات الحيوية بصورة استباقية ووقائية (بمعنى استعمالها في ظل عدم وجود مرض يبرره) في الحيوانات اعتباراً من 2022، مع الطلب إلى المنتجين الذين يصدّرون الدجاج إلى الاتحاد الأوروبي الالتزام بالأمر نفسه". ويضيف التقرير، "تعترف حكومة المملكة المتحدة بضرورة تقليص الاستخدام الوقائي (للمضادات الحيوية في الحيوانات)، ولكن يبدو أنها مترددة في التماشي مع هذا الإجراء الاحترازي الأخير من جانب الاتحاد الأوروبي".

في مسار متصل، تُضاف إلى أعلاف الأبقار والخنازير وطيور الديك الرومي في الولايات المتحدة مادة غذائية مخصصة لمضاعفة النمو تُسمى "راكتوبامين" ractopamine. ويعرف عن تلك المادة أنها محظورة في المملكة المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين لأسباب تتعلق بسلامة الأغذية والخشية من "تأثيرات مضرة محتملة على صحة القلب والأوعية الدموية، تطرحها رواسب متبقية من تلك المادة في اللحوم وأحشاء الذبائح".

يضاف إلى ذلك أن الجهات التنظيمية الروسية المعنية أشارت إلى صلة بين "راكتوبامين" وانخفاض متوسط سنوات عيش الناس.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي رسالة إلى جورج يوستيس، وزير البيئة البريطاني، كتب يونغ، "نظراً إلى المشكلة العالمية المتزايدة (المتمثلة في ظاهرة) مقاومة البكتيريا للأدوية المضادة للميكروبات، فسيكون تصرفاً غير مسؤول كلياً أن تسمح الحكومة باستيراد لحوم البقر أو الخنازير أو الدواجن المنتجة باستخدام مضادات حيوية الهدف منها تحفيز النمو، محظورة هنا (في المملكة المتحدة)، أو استخدام مضادات حيوية مسموحة في المملكة المتحدة، إنما تُستعمل في الولايات المتحدة في مكافحة أمراض بطرق ربما تكون غير مشروعة هنا".

وأضاف يونغ محذراً من أن الاستخدام اليومي لجرعات بسيطة من المضادات الحيوية يقود، على الأرجح، إلى تطوير مقاومة الجراثيم للمضادات الحيوية أكثر كثيراً مما يحدث لدى تناول جرعات علاجية كاملة وقصيرة الأجل، وهو ما يحدث في حال الإصابة بالمرض".

واستطرد يونغ، "إن السماح باستيراد لحوم مُنتجة باتباع أساليب ممنوعة هنا (في بريطانيا) سيكون بمثابة صفعة كبيرة على وجه المزارعين البريطانيين، وخطوة خطيرة إلى الوراء في الحرب ضد ظاهرة مقاومة مضادات الميكروبات".

تذكيراً، اعتمدت المملكة المتحدة قانوناً يحظر فيه الاتحاد الأوروبي استيراد وإنتاج اللحوم المعالجة بهرمونات تحفيز النمو. وفي المقابل، من المتوقع أن يدفعها إبرام اتفاقات تجارية تحت وطأة الضغوط، إلى إلغاء ذلك الحظر.

منذ 2015، قلص مربو الحيوانات الداجنة في المملكة المتحدة استخدام المضادات الحيوية بنسبة 43 في المئة. ويعمد نظراؤهم الأميركيون إلى استخدام تلك المضادات أكثر من البريطانيين بنحو خمسة أضعاف في كل كيلو غرام من اللحوم، وثماني مرات أكثر في لحوم البقر والديك الرومي.

وقد أفادت "مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها" في الولايات المتحدة العام الماضي أن 2.8 مليون عدوى مقاومة للمضادات الحيوية، تحدث في البلاد سنوياً وتودي بحياة 35 ألف شخص، ما يشكل زيادة بالمقارنة مع 23 ألف شخص في 2013.

في تصريح أدلى به لـ"اندبندنت"، ذكر يونغ أن المصادر الرئيسة للمملكة المتحدة من لحوم الخنازير المستوردة ستبقى، في ما يبدو، الدنمارك وهولندا وألمانيا. وأضاف، "من شأن اتفاق التجارة الحرة مع الولايات المتحدة أن يجعل المملكة المتحدة سوقاً محتملة للحوم الدواجن الأميركية. إذ إن بلاد المنشأ الرئيسة لوارداتنا حالياً موجودة خارج دول الاتحاد الأوروبي على أية حال. وبمجرد إبرام اتفاق تجارة حرة مع الولايات المتحدة، ستتنافس الأخيرة والاتحاد الأوروبي على أساس متكافئ، ما خلا معايير الإنتاج، ذلك أن الولايات المتحدة تعتمد معايير أدنى من بريطانيا بأشواط".

وفي سياق متصل، ذكر متحدث باسم وزارة البيئة والغذاء والشؤون الريفية، أن "الحكومة البريطانية كانت واضحة في أننا لن نساوم على معاييرنا العالمية المتصلة بحماية البيئة ورعاية الحيوانات والغذاء".

وأضاف المتحدث، "تحظر المملكة المتحدة فعلاً استخدام هرمونات النمو الاصطناعية في الإنتاج المحلي والمنتجات المستوردة، وسيبقى ذلك سارياً بعد الفترة الانتقالية. علاوة على ذلك، يتوجب أن تمتثل المنتجات الغذائية الزراعية المستوردة إلى المملكة المتحدة بموجب اتفاقات التجارة الحرة الحالية أو المستقبلية، وفق حالها الآن، تمتثل إلى متطلبات الاستيراد الخاصة بنا، التي تشتمل على قيود واضحة بشأن مخلفات الأدوية البيطرية في اللحوم والمنتجات الحيوانية الأخرى".

© The Independent

المزيد من صحة