Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تعديل جينات الأبقار يقلّص انبعاثات غازات الدفيئة

ثمة 1.4 مليار رأس ماشية عالمياً وتجشؤها وريحها من أكبر المصادر الزراعية للتلوث

الماشية تطلق غاز الميثان وهو من مكوّنات التلوث المؤدي إلى الاحتباس الحراري (أ ف ب)

رأت دراسة جديدة إن تعديل الجينات الوراثية للأبقار قد يقلّص بشكل ملحوظ كمية غاز الـ"ميثان" الذي تنتجه من طريق التجشّؤ وإطلاق الريح، فيُسهم في أزمة المناخ. 

وخلال العقد الماضي، تطوّرت بسرعة تقنيات التعديل الوراثي، أي إدخال تغييرات على تسلسل الحمض الوارثي النووي في الكائنات الحيّة، وصولاً إلى القدرة على صوغ خصائصها وفق ما يكون مرغوباً فيه.

في ذلك المنحى، يلفت إلى أن جائزة نوبل في الكيمياء قد أُعطيتْ الأربعاء الفائت إلى عالمة الكيمياء البيولوجية الأميركية جنيفر أ. داودنا وعالمة الأحياء الدقيقة الفرنسية إيمانويل شاربانتييه تقديراً لتطويرهما تقنية "كريسبر" CRISPR التي تمثّل "مقصات" تستطيع التعامل مع المكوّنات الجينية، ما يعطي القدرة على تعديل جينات الحيوانات والنباتات والكائنات المجهرية بدقّة متناهية.

وعلى نحوٍ مماثل، نظر تقرير صدر الشهر الماضي عن "مؤسّسة تقنيات المعلومات والابتكار، وهي مركز أبحاث علمية وتكنولوجية غير منحاز، في كيفية تسخير التعديل الوراثي من أجل التصدي لتحديات المناخ، بدءاً من تعزيز طاقة الوقود الحيوي وصولاً إلى تحسين استدامة تربية الأسماك والجمبري وتقليص نسبة انبعاثات غاز الـ"ميثان" من حقول الرز و(قطعان) الأبقار.

وكذلك أشار تقرير تلك المؤسسة إلى أنّ التعديل الوراثي قد يؤدي إلى تحسين الإنتاجية الزراعية بـ50 في المئة مع حلول العام 2050.

وفي الصورة الواسعة يبرز أن الأرض تضم 1.4 مليار رأس ماشية تقريباً، تشكّل ثاني أكبر المصادر الزراعية لانبعاثات غازات الدفيئة، بعد نفايات الطعام.
ومع إطلاق الأبقار الريح أو، وذلك هو الأهم، حين تتجشأ، ينبعث غاز الـ"ميثان" الذي يعتبر من أقوى غازات الدفيئة. وخلال أول عقدين بعد إطلاقه، يصبح الميثان أقوى بـ 84 مرة من ثاني أكسيد الكربون، وفقاً لـ"صندوق الدفاع البيئي" Environmental Defense Fund. بعبارة أخرى، إنّ الماشية إلى جانب غيرها من الحيوانات المجترّة، مسؤولة عن 40 في المئة تقريباً من انبعاثات الـ"ميثان" العالمية سنوياً، وفقاً لـ"منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة" ("فاو").

ومن حيث لا تدري، أصبحت الأبقار، موضعاً لنقاشٍ حول تغيّر المناخ. واستطراداً، بعدما سلّطت "الصفقة الخضراء الجديدة" Green New Deal التي اقترحتها النائبة الأميركية ألكساندرا أوكاسيو كورتيز والسيناتور إيد ماركي، الضوء على تأثير الانبعاثات الزراعية في أزمة المناخ، ثارت ثورة الجمهوريين ووسائل الإعلام المحافظة.

إذ أطلق مستشار ترمب السابق سيباستيان غوركا أمام مؤتمر العمل السياسي المحافظ، شعار "يريدون سلبكم الهمبرغر"، بينما ظهرت المذيعة في قناة "فوكس نيوز" جانين بيرو في فقرة تُصوّر شكل انفجار ناري صادر عن بقرة يدمّر الأرض. كذلك صاح ترمب خلال مناظرته الرئاسية الأولى مقابل جو بايدن، "يريدون القضاء على الأبقار"!.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


وفي تفاصيل علمية عن ذلك الأمر، يشار إلى أن الأبقار تستمد غذائها من مضغ المواد النباتية المجترة المتخمرة جزئياً التي تعيد إخراجها إلى فمها من الحجرة الأولى من حجرات معدتها الأربع قبل أن تهضمها. وتنتج الأبقار غاز الميثان بشكل أساسي بسبب الميكروبات التي تحيا داخل جهازها الهضمي، وليس بسبب الماشية نفسها، وفق التقرير المشار إليه آنفاً. واستطراداً، قد يوفّر التعديل الوراثي والتناسل الانتقائي حلاً على المدى البعيد، بالنسبة إلى تلك الانبعاثات من غاز الميثان.

كذلك وجدت دراسة أسترالية أجريت في 2012 على أكثر من ألف رأس ماشية من قطعان مختلفة، أنه بين ربع مليون ميكروب مختلف موجود داخل جهازها الهضمي، ارتبطت نحو 39 منها في الوقت نفسه بالإنتاجية وتوليد الـ"ميثان".

وفي ذلك الملمح، تشير دراسة "مؤسسة تقنيات المعلومات والابتكار" إلى إنه "مع تحديد الجينات الفردية المسؤولة عن وجود هذه الميكروبات، سيصبح من الممكن استخدام التعديل الوراثي مباشرة لاستهداف المكوّنات الجينية المسؤولة أكثر من غيرها عن البكتيريا التي تنتج مستويات عالية من الـ"ميثان"، أو زيادة قدرة مكوّنات جينية أخرى تُحفّز تكاثر أنواع تولّد مستويات "ميثان" متدنية".

وتشير النتائج أيضاً إلى أن التعديل الوراثي يمكن أن يقلّص الانبعاثات الصادرة عن الماشية بشكل كبير. ويسعى الباحثون الآن إلى تطبيق التقنية على الخراف، بالإضافة إلى الأبقار.

بسبب تلك الإمكانات في التصدي لتغيّر المناخ، تدعو "مؤسسة تقنيات المعلومات والابتكار" الحكومات إلى زيادة الأبحاث والتطوير و"إلغاء أعباء القوانين التنظيمية غير العلمية المفروضة على التعديل الوراثي".
وفي ذلك الشأن، أشار فال غيدينغز، أحد كبار الباحثين في المؤسسة، في بيان أصدره، إلى أنه "فيما يستحيل التنبؤ بحجم مساهمة حلول التعديل الوراثي في التقليص من تأثيرات التغير المناخي، إلا أنه من الواضح أنّ إمكاناتها كبيرة. إن أداة التعديل الوراثي قوية للغاية وتطبيقاتها واسعة جداً وتطويرها سريع إلى درجة أننا لا نستطيع بكل بساطة التفكير في طرق استخدامها كافة خلال العقود المقبلة".

في مقلب مغاير، أثارت سرعة التقدّم في هذا المجال أسئلة أخلاقية عدّة. في 2018، استشاط المجتمع العلمي غضباً بعد إعلان العالم الصيني هي جيان كوي عن لجوئه إلى تقنية التعديل الوراثي من أجل تعديل الجينات الوراثية لطفلتين توأمين قبل الولادة كي تصبحا مقاومتين لفيروس نقص المناعة البشرية المكتسبة. وسُجن ثلاث سنوات، إثر تلك الحادثة.

وعلى نحوٍ مشابه، يمكن لتغيير الحمية الغذائية للأبقار أن يقلّص انبعاثات الميثان كذلك. إذ وجدت الأبحاث التي أجريت في 2018 أنّ إضافة الطحالب البحرية إلى علفها قد يقلّص الانبعاثات المتأتية من أمعاء الأبقار بـ99 في المئة.

© The Independent

المزيد من بيئة