Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قانون انتخابات جديد يستنفر الأحزاب السياسية في الجزائر

جاء إعلان الرئيس تبون في سياق تعهدات سابقة قدمها غداة تسلّمه الحكم

ترقب قانون انتخابات يعيد للبرلمان الجزائري هيبته ودوره (غيتي)

حرّك أمر الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، بتحضير قانون الانتخابات الجديد خلال 15 يوماً، تمهيداً لإجراء انتخابات برلمانية ومحلية مسبقة، الطبقة السياسية التي باتت تتنافس من خلال آرائها ومقترحاتها، مما أعاد للحياة السياسية روحها المفقودة منذ بداية الحراك في 22 فبراير (شباط) 2019.

تعهد قرار وتجاوب

جاء إعلان تبون من ألمانيا، حيث يخضع لفترة علاج ونقاهة، في سياق تعهدات سابقة قدمها للجزائريين غداة تسلمه الحكم، وقبلها خلال حملته الانتخابية للرئاسة، إذ وعد بإجراء انتخابات برلمانية ومحلية مبكرة مباشرة بعد تعديل الدستور الذي تمت المصادقة عليه بالفعل في استفتاء شعبي، مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبقدر ما كانت خطوة الرئيس مفاجئة على اعتبار أن الجميع يترقب تحسن حاله الصحية وعودته للبلاد، بعيداً من أي أوامر أو قرارات، إلا أن بعض الطبقة السياسية ارتاح لما أقدم عليه تبون، وسارع إلى إعلان حضوره عبر ندوات صحافية وبيانات إعلامية وظهور تلفزيوني وإذاعي لقياداته، بعد جمود سياسي يشبه الهدوء الذي يسبق العاصفة.

شروط لا بد منها

في السياق ذاته، يعتقد الباحث في علم الاجتماع السياسي والمستشار في الهيئة الجزائرية لمكافحة الفساد، أسامة لبيد، أنه ومن أجل الوصول إلى قانون انتخابات قوي يسهم في ترقية العمل السياسي، يجب وضع معايير جديدة تقطع نهائياً ممارسات الماضي السلبية، بمنع المحاصصة في توزيع المقاعد البرلمانية، وشراء الذمم أمام أصحاب المال الفاسد، والفصل بين السياسة والمال، كشروط لا بد منها لضمان انتخابات تعبّر بشكل حقيقي ومن دون تشكيك عن الإرادة الشعبية، تنبثق عنها مؤسسات ديمقراطية نظيفة ذات مستوى وصدقية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويتابع لبيد، أنه من الضروري أيضاً تشجيع الشباب، لا سيما الجامعيين منهم، والمجتمع المدني، على العمل السياسي، إضافة إلى تنفيذ التزامات كان أعلنها تبون خلال الحملة الانتخابية، تخص تحمّل الدولة مصاريف الحملة الانتخابية للشباب الراغبين في الترشح، كي لا يقعوا فريسة المال الفاسد والمشبوه.

ويوضح أن المقاييس الجديدة التي يجب أن يتضمنها قانون الانتخابات بعد المراجعة، يجب أن تراعي في حدود الممكن "الجمع بين الكفاءة العلمية والتجربة في المترشحين، بخاصة في المدن الكبرى"، كما ينبغي ألا تحرم أي مواطنة أو مواطن يتمتعان بحقوقهما السياسية والمدنية من الترشح لأسباب سياسية، ضماناً لتوفير فرص متكافئة للجميع في الترشح، والرقي الاجتماعي والسياسي، وهو ما كان غائباً في السابق، الأمر الذي عجّل بفساد المجالس المنتخبة سواء كانت محلية أم برلمانية.

وتساءل الباحث، "كيف لفاسد أو أُميّ أن يتحكم في مصير أمة ويناقش قانون المالية والأسرة وغيرها؟". مضيفاً، "نتطلع إلى قانون يقيد أصحاب المال الفاسد الذين يغطون جهلهم بأموالهم، وهمهم الأكبر حماية مصالحهم الشخصية لا مصالح المواطن المغلوب على أمره"، مستبعداً أن يحدث القانون الجديد والانتخابات المسبقة المنتظرة تغييراً في الخريطة السياسية.

معارضة تشكك

في المقابل، لقيت دعوة الرئيس تبون تفاعلاً ايجابياً وترحيباً من طرف القوى السياسية المحسوبة على السلطة، إذ "سارعت" المعارضة إلى التشكيك في قدرة الرئيس على إحداث نقلة نوعية في العمل السياسي، والوصول إلى برلمان تمثيلي قوي ومجالس محلية قادرة على خدمة المواطن".

وذكر بيان لحزب العمال أن "التمهيد لانتخابات مبكرة خطوة لتكريس الوضع القائم بغية إنقاذ النظام الذي رفضته الغالبية الساحقة من الشعب منذ 22 فبراير (شباط) 2019، في الانتخابات الرئاسية وفي الاستفتاء على الدستور". مضيفاً أن "الرئيس لم يتطرق إلى واقع الحريات والانتهاكات المتواصلة من خلال الاعتقالات وتكميم وسائل الإعلام والآراء السياسية، بينما هذه الوضعية تستغلها هيئات أجنبية منها البرلمان الأوروبي بهدف التدخل في الشأن الداخلي".

واعتبرت الأمينة العامة للحزب أن الأولوية في الظرف الحالي هي اقتصادية واجتماعية وليست سياسية، ملمحة إلى رفضها الحديث عن تعديل قانون الانتخابات وعن انتخابات مسبقة.

كما ووصف رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية محسن بلعباس، في منشور له على صفحته في "فيسبوك"، دعوة الرئيس تبون، بـ "العناد القاتل للبلاد"، وألمح إلى أن حزبه يتجه مبدئياً نحو "مقاطعة المواعيد الانتخابية التي ينوي الرئيس تنظيمها مستقبلاً، مثلما قاطع الانتخابات الرئاسية والاستفتاء الدستوري".

وضع حد لتدخل المال الفاسد والتزوير

في سياق متصل، يستبعد الإعلامي المهتم بالشأن السياسي، عبدالرحيم خلدون، أن يصنع قانون الانتخابات المنتظر صدوره الحدث لدى الطبقة السياسية والأوساط الشعبية، "فحجم الفساد المستشري بين المنتخبين على مستوى البرلمان وحتى وسط المجالس المحلية لا يمكن وصفه، أضف إلى ذلك أن من سيصادقون على القانون هم الوجوه نفسها التي تقلدت منصب نائب من طريق التزوير والمال الفاسد".

وتابع، "بما أنه قانون للانتخابات وليس للتعيينات، فأعتقد أنه يجب على القانون الجديد أن يشمل كل مناصب المسؤولية على المستوى المحلي والتي لها علاقة مباشرة بالمواطن على غرار منصب والي، محافظ، ورئيس الدائرة، مع تطبيق رقابة فعلية قانونية وأمنية أثناء العملية الانتخابية وعقبها، حتى نتمكن من القول إن قانون الانتخابات أدى دوره كما ينبغي".

ويواصل خلدون، أنه فيما يخص الأحزاب السياسية فيمكنها أن تكون فاعلة وصانعة للقرار فعلاً، وأن تمكّن القانون الجديد من وضع حد لتدخل المال الفاسد والتزوير في العملية الانتخابية، وفتح الباب أمام الكفاءات والشخصيات التي تسعى حقاً إلى خدمة الوطن والمواطن، وليس للحصول على امتيازات وحصانة.

وختم أنه يجب حل البرلمان الحالي غير الشرعي، وبعدها يمكن الحديث عن قانون انتخابات.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي