Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الوشاح أناقة للرجال والنساء

واق من البرد وقطعة قماش فرضت نفسها في الحرب والسلم

يشكّل الوشاح في بعض الدول جزءاً من الهوية الثقافية المتناقلة عبر الأجيال (بيكسابي)

كعناق دافئ يلتف حول الرقبة ملامساً الوجه، ومنسدلاً على الكتفين بأناقة، إنه الوشاح، قطعة الوصل الحميمة بين الرأس والجسد.

بين الفصول تلعب الأوشحة أدوارها الكثيرة، فهي ليست مجرد قطعة قماش ترتاح بألوانها وأشكالها وزخارفها على الكتفين، إنما قصص غزلت على مر التاريخ لتستقر آخذة مكانها في عالم الأزياء، مسلطة عليها الأضواء، لتكون شخصيتها الخاصة.

في الحرب والسلم

في بعض الدول، يشكل الوشاح جزءاً من الهوية الثقافية المتناقلة عبر الأجيال، وظهر بحسب الاستكشافات في مصر القديمة، أن وشاح نفرتيتي الأقدم تاريخياً، كما تُظهر النقوش والرسوم استخدام الوشاح الدائم كقطعة مرافقة للثوب في مصر. كذلك في روما، فقلما نجد تمثالاً لإمبراطور لا يعلوه وشاح منقوش. وفي الصين أيضاً، اعتمد الأباطرة الأوشحة، وكذلك الجيش والشعب، ولطالما دل نوع القماش على الطبقات، وكذلك على رتب الجيش.

ولا يخفى على أحد أن الأزياء الهندية التراثية، التي ما زالت مستخدمة حتى اليوم، اعتمدت الوشاح بطريقتها الخاصة، وهو جزء أساس من الساري الهندي الشهير، الذي قلده كثير من دور الأزياء حول العالم.

ويحكى أن نابليون بونابرت قد أهدى زوجته جوزفين وشاح "الباشمينا"، "أي وشاح الصوف الناعم"، وعلى الرغم من سخريتها من هديته تلك، إلا أنها جمعت أكثر من 400 وشاح خلال ثلاث سنوات، وفي القرن الـ 19 اشتهرت شالات الكشمير التي تشبه ذلك الشال الذي أهداه نابليون لجوزفين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولكن في الحرب العالمية الأولى عندما أصبحت الخياطة واجباً وطنياً لإنتاج الملابس للجنود على الجبهة، جاء الشال ليدفئ الجنود في الحرب، وانطلق بعدها في العصر الحديث ليكون دلالة على الأناقة المفرطة، وكانت دار الأزياء الفرنسية "هيرميس" هي الرائدة في إدخال الوشاح إلى منصات العروض مستخدمة الحرير الصيني كخامة أساسية مزينة بالتفاصيل المرسومة يدوياً.

 بعدها انتشر الوشاح الحديث في أرجاء أوروبا كقطعة تجميلية للأثواب، وتعددت الأقمشة من القطن والكشمير والصوف وغيرها.

وتجسد الأوشحة اليوم  تراث الأسلوب الأوروبي الراقي، ويستخدم الوشاح الصغير الملفوف على رقاب الرجال مع الثياب الرسمية كبديل عن ربطات العنق، ودلالة على فائض من الأناقة والمظهر المترف.

الأوشحة السياسية

 لطالما استخدم الوشاح في الدلالة على انتماء وتضامن، للفرق الرياضية أو القضايا سياسية، وفي العالم العربي، عرفت الكوفية المعروفة أيضاً بـ "الكفّية" و"الشماغ" و"الحطّة" و"الغترة"، واستخدمت، وما زالت، كلباس رأس للرجال ضمن الزي الوطني الرسمي في بعض الدول، إلا أنها نزلت إلى الأكتاف في دول أخرى، وأصبحت دلالة على نضال الفلسطينيين، واشتهرت الفصائل الفلسطينية باستخدامها إما للمحاربين أو في المنصات الرسمية، كما اشتهر رئيس السلطة الفلسطينية الراحل ياسر عرفات بكوفيته التي بالكاد ظهر يوماً من دونها.

وارتدى الثوار في الدول العربية وبعض دول العالم الكوفية، وتلثم بها البعض، ووضعت على الأكتاف، كما أنها تلف على رؤوس الرجال والنساء في دلالة على مناصرة القضية الفلسطينية، وقضايا الثورات العربية.

الشتاء الأرقى

وفرض الوشاح نفسه كقطعة من "إكسسورات" الثياب في كل الفصول، لكنه كان أكثر حظاً في فصل الشتاء، وكان ضرورة في المناطق الباردة.

وتقول رانيا كرم، إنها لا تستخدم الوشاح طوال فصل الصيف إلا في قريتها الجبلية حيث يتسلل البرد في الليل في عز الصيف، ولكنه مجرد شال قطني خفيف بألوان مشرقة وكبير الحجم، وتضيف أن رفيقها الشال الصوفي الأسود في فصل الشتاء.

أما بلال جرادي فيوضح أنه يستخدم الشال من الصوف الناعم في الشتاء، ويجده أنيقاً ويلفّه حول رقبته أيام الصقيع.

وتخبر ربى الضيقة، أنها تستخدم كثيراً من الشالات، في الصيف والشتاء، وتستخدم بعض الشالات فوق الثياب على كتف واحد كالساري الهندي، وتعتبر أن الشالات إذا استخدمت على الرأس تكون شبابية وجذابة، وإذا استخدمت على الكتفين تكون أنيقة، فهي قيمة إضافية للملابس.

ولا تكتفي نورما بدر بوشاحاتها التي تحرص أن تأتي بها من كل بلد تزوره، ويكون عليها إما رمز من البلد أو رايته أو اسمه، وتحتفظ بها لابنتها، وتقول إن أكثر الشالات المفضلة لديها، وهي تعلقها في صالون بيتها الشال الأحمر والأبيض، الذي استخدم بكثرة كدلالة على الانتماء إلى "ثورة الأرز" و"14 مارس (آذار)" بعد اغتيال رئيس مجلس الوزراء الراحل رفيق الحريري.

مزيد من الأناقة

ويعتبر الإعلامي والمتخصص في مجال الموضة علي جفال أن شالات "هيرميس" هي الأجمل، وتشتهر بألوانها الصاخبة والجميلة، ويشير إلى من الأوشحة المفضلة لديه من تصميم الإيطالي بيار لويس ماسكيا، ويلفت إلى مرافقة الشال كقطعة أساسية في البلدان العربية للعباءة "العباية" في ملابس السيدات، أما بالنسبة للشال الرجالي، فيعتبر أن الإيطالي الذي يلتف حول العنق تحت القميص يعطي مزيداً من الأناقة.

الوشاح لا يصلح كمامة

وبعكس ما كان قد أشار إليه الرئيس الأميركي دونالد ترمب في منتصف العام بأن "الوشاح يحقق نتائج جيدة" في الوقاية من كورونا، فقد حذرت دراسة أميركية أجريت في جامعة ديوك أخيراً من خطورة اعتماد وشاح الرقبة بديلاً عن الكمامة كإجراء صحي للوقاية من الوباء، مشددة على ضرورة لبس الكمامة للوقاية، ومشيرة إلى أن القماش المستخدم في صنع الوشاح تكون مساماته في العادة واسعة، وهو بالتالي غير فعال لمنع انتقال الفيروسات، وكذلك فهو يتعرض للتلوث البكتيري بشكل أطول من الكمامة، بسبب ارتدائه لوقت أطول، وامتصاصه العرق، ما يجعل بيئته رطبة وخصبة لنشر البكتيريا بدلاً من مكافحتها.

والسؤال، هل تأخذ دور الأزياء على عاتقها تحويل الوشاح إلى كمامة، أم تبقي على انسيابية وأناقة الوشاح كقطعة فريدة، وتكتفي بصنع الكمامات على حدة كما فعلت بعد انتشار الوباء بأشهر قليلة؟

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات