Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بوريس جونسون قلق بغض النظر من يفوز في الانتخابات الأميركية  

الموقف الرسمي المتقادم مفاده أن قوة العلاقات الأميركية - البريطانية لن تتأثر مهما حصل لكن الواقع أكثر تعقيداً بكثير

يعتقد كثيرون أن رئيس الحكومة البريطانية لن يتأخر في محاولة التقرب من الرئيس الأميركي الجديد بغض النظر من سيفوز (غيتي) 

في غضون الأسابيع الأخيرة، بدأ حلفاء بوريس جونسون بتمهيد الطّريق لرئاسة جو بايدن. فاتّضح لهم أنّ قواسم مشتركة كثيرة تجمع بين الرّجلين، على الرغم من الخلافات القصيرة الأمد التي تُبعد بينهما.

وفيما ينضّم مقرّ إقامة رئيس الحكومة ومكتبه في "شارع داونينغ" إلى بقيّة العالم في لعبة الانتظار الموتّرة لما ستؤول إليه الانتخابات الأميركية، يتمثّل الموقف الرّسمي المتهالك في الحفاظ على وهج العلاقات الأنجلو-أميركية في كل الظروف، لكنّ الواقع أكثر تعقيداً بكثير.

"نحن واثقون أنّ العلاقات (بين البلدين) ستزداد قوّةً وصلابة بصرف النّظر عن هويّة المرشّح الذي سيفوز في الاستحقاق الرّئاسي"، أفاد وزير الخارجية دومينيك راب لشبكة "سكاي نيوز" في اليوم الذي تلا إدلاء الأميركيين بأصواتهم، مستهيناً بدبلوماسية عالية باحتمال "تغيّر أشكال الفرص والمخاطر" تبعاً للنتيجة النهائية.

ففي حال تغلّب دونالد ترمب على الصعاب وصمد في موقعه، سيظل جونسون على علاقة شخصية متميزة به، حتى لو لم تُترجم هذه العلاقة بعد إلى مكاسب ملموسة للمملكة المتحدة. الحقيقة أن فوز ترمب بولاية ثانية سيُحيي الآمال بالتوصل إلى اتفاق تجاري بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. ولطالما كان هذا الاتفاق أحد أعظم آمال مؤيدي بريكست، لكن المفاوضات بشأنه تعثرت مع تردد الجانب البريطاني في السماح باستيراد منتجات زراعية، من قبيل الدجاج المغسول بالكلور ولحوم الأبقار المحقونة بالهرمونات. ولذا، يُمكن القول إنّ إبرام اتفاق تجاري حر بين البلدين لن يكون بالمهمة اليسيرة على الإطلاق؛ ولو قدم جونسون تنازلات لترمب، فسيواجه معارضة شرسة داخل المملكة، من شأنها أن تُقوّض إشاراته المُطمئنة الأخيرة التي وجهها إلى مجموعات الضغط المرتبطة بمعايير الأغذية والمواد الزراعية.

وإن كان بعض حلفاء جونسون يُرحبون سراً باستمرار زميلهم الشعبوي في الحكم ويُدركون أن ذلك يسبب قلقا بالنسبة إلى السير كير ستارمر (زعيم حزب العمال المعارض) فترسيخ الاستقرار وحده لا يكفي، حتى في ظل أزمة عالمية، ولا بد أن يكون مصحوباً بإلهام الناخبين. فالعديد من المحافظين يصابون بالتوتر جراء تعذر إمكانية التنبؤ بتصرفات ترمب على الساحة العالمية ومن عدائيته تجاه المؤسسات الدولية. والأرجح أنهم سيتنفسون الصعداء لو نجح بايدن في الوصول إلى البيت الأبيض.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولو حدث ذلك، سيكون هناك حتماً "بعض المطبات في الطريق"، أقله في البداية، على حد تعبير أحد مسؤولي "وايت هول" (شارع في حي مقر رئاسة الحكومة البريطانية والوزارات وسط لندن). وهذا يعني على أرض الواقع بأن جونسون لن ينال شرف أول اتصال أو أول دعوة إلى واشنطن وفريقه سينكر اهتمامه بمثل هذه الهواجس الإعلامية.

فبايدن الذي يعتقد بأن بريكست كان خطأً جسيماً، سيكون أكثر اهتماماً بترميم العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وسيصب جام تركيزه على كل من إيمانويل ماكرون وأنجيلا ميركل، ممثلي فرنسا وألمانيا اللتين ستتنافسان على لقب أفضل بديل لبريطانيا التي فقدت، بخروجها من الاتحاد الأوروبي، كل أمل بلعب دور الجسر بين أوروبا وأميركا على نحو ما فعلت في عهد رؤساء حكوماتها السابقين.

في البداية، قد تكون العلاقة الشخصية بين بايدن وجونسون غريبة نوعاً ما. فنائب الرئيس السابق لم ينسَ بعد قول جونسون عن معارضة أوباما بريكست إنها تنبع من كونه "نصف كيني" ومن "كراهيته الموروثة" للإمبراطورية البريطانية. أضف إلى ذلك أن المسؤولين البريطانيين عجزوا عن تمهيد المسارات المعتادة  (التقليدية) مع فريق المرشح المنافس قبيل يوم الانتخابات (كما جرت العادة في السنوات والعقود الماضية). وهذا مرده في شطر كبير منه إلى توخي فريق بايدن الحذر على خلفية التدخل الروسي في السباق الرئاسي عام 2016.

وما كل التوترات بين الرجلين من الماضي. ففي سبتمبر (أيلول)، أثار جونسون غضب بايدن حين تهديده بتجاوز بروتوكول إيرلندا الشمالية في اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي. ورداً عليه، حذر (المرشح) بايدن، الفخور بأصوله الإيرلندية، المملكة المتحدة من احتمال خسارتها الاتفاق التجاري مع الولايات المتحدة إذا قوضت "اتفاق الجمعة العظيمة" (اتفاق السلام في إيرلندا الذي ساهمت إدارة الرئيس كلينتون الديمقراطي في التوسط لإنجازه).

صحيح أن رئيس الحكومة البريطانية لن يعترف بذلك أبداً، لكن رئاسة بايدن ستزيد الضغط عليه ليتوصل إلى تسوية مع الاتحاد الأوروبي بعدما وصلت المفاوضات بشأنها إلى مرحلة حرجة؛ ومن شأن هذه التسوية أن تمنحه القدرة على إزالة الأحكام المثيرة للجدل من "مشروع قانون السوق الداخلية" وتجنب أي خلاف ضار مع الرئيس القادم، مع العلم أن احتمالية إبرام اتفاق تجاري بريطاني-أميركي ستكون ضئيلة إذا بلغ بايدن البيت الأبيض. فهذا النوع من الاتفاقات لا يندرج ضمن أولويات إدارته. ويرى الوزراء أن الأمل الأكثر واقعية هو انضمام المملكة المتحدة (والولايات المتحدة) إلى اتفاق الشراكة التجارية العابرة للمحيط الهادئ.

على المدى المتوسط، يظن مساعدو جونسون أن أحداث المرحلة المقبلة ستتيح له إرساء علاقة عمل جيدة مع بايدن. فبرأي هؤلاء، يمكن لتسلم المملكة المتحدة الرئاسة الدورية لـ"مجموعة السبع" G7 العام المقبل أن يضمن زيارة الرئيس الأميركي لها. كما يُمكن لخطة جونسون لمجموعة الدول العشر الديمقراطية التي تنظر في نفوذ الصين– والقاضية بضم الهند وأستراليا وكوريا الجنوبية إلى "مجموعة السبع"– أن تنسجم مع أهداف السياسة الخارجية لبايدن.

عدا ذلك، يُمكن لاستضافة بريطانيا مؤتمر غلاسكو المناخي المؤجل إلى 2021 أن يفتح المجال أمام جونسون للتعاون الوثيق مع بايدن، على أمل أن يدعم القضية البيئية ويُعيد ضم الولايات المتحدة إلى اتفاق باريس.

أخيراً يمكن للروابط الأمنية والاستخباراتية القائمة بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أن تمنح جونسون بعض الطمأنينة، كونها تسمو فوق رؤساء الجمهورية ورؤساء الحكومة الذين لا يتمتعون بعلاقات شخصية قوية. ومما لا شك فيه أن العوائق في الطريق ستكون مزعجة، لكن اجتيازها سيستحق كل العناء.

© The Independent

المزيد من آراء