Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البرلمان المغربي يتجه لإلغاء معاشات أعضائه

يحصل النواب على أجر شهري معفى من الضرائب يفوق ثلاثة آلاف دولار أميركي

أجور البرلمانيين تشكل خرقاً لمبدأ العدالة الاجتماعية (غيتي)

بعد أعوام من الجدل حول معاشات البرلمانيين، سجلت جلسة اللجنة المالية في البرلمان المغربي، التي عقدت في 13 أكتوبر (تشرين الأول)، شبه توافق بين أحزاب عدة على إنهاء تسلم النواب معاشات بعد إنهاء مهمتهم البرلمانية.

ويحصل البرلمانيون المغاربة على أجر شهري معفى من الضرائب يفوق ثلاثة آلاف دولار أميركي، ويتم اقتطاع مبلغ 2900 درهم (300 دولار أميركي) بشكل إجباري منه، ووضعه في الصندوق الوطني للتقاعد، كما يحصلون على تعويضات التنقل داخل المغرب، والسفر إلى الخارج وعن المهام الدبلوماسية، ويستفيدون من معاش شهري مدى الحياة بعد إنهائهم مهماتهم البرلمانية، معفى من الضريبة أيضاً، يتراوح بين 500 و1500 دولار أميركي، وهو ناتج مبلغ الاقتطاع الشهري ومساهمة خزينة الدولة بحوالى ضعف مبلغ ذلك الاقتطاع.

وكانت البرلمانية ابتسام عزاوي، التي تمثل حزب "الأصالة والمعاصرة" المعارض، تقدمت قبل عام بمقترح قانون لإلغاء معاش البرلمانيين وتصفية صندوق معاشهم، واعتبرت في تصريح إلى "اندبندنت عربية"، أن السبب وراء ذلك هو أن المهمة النيابية ليست وظيفة، ولكنها مهمة وطنية نبيلة محددة الزمان، وبالتالي يجب أن تنحصر جميع التعويضات المرتبطة بتأدية تلك المهمة في فترة الولاية، فمن غير المقبول تسلم البرلماني أي تعويض مادي بعد انتهاء مهمته النيابية، على حد تعبيرها.

من جهته، أكد النائب عن "فيدرالية اليسار" المعارضة، عمر بلافريج، ضرورة إلغاء ذلك المعاش في ظل "وجود مبدأ أساسي يجب العمل عليه وهو تغيير العقليات، باعتبار أنه من الشائع لدى المغاربة أن امتيازات عضوية البرلمان تبقى مدى الحياة، وبالتالي نطالب بإلغاء معاشات البرلمانيين لكن نبقي على مبدأ التعويض المادي عن تأدية المهمات النيابية خلال مدة الولاية التشريعية، لأنه لا يمكن ضمان استقلالية النواب في غياب ذلك التعويض، في الوقت الذي يعاني فيه العمل البرلماني إشكال غياب الاستقلالية".

خرق للعدالة الاجتماعية

وتوالت المطالب خلال الأعوام الأخيرة بضرورة عمل الدولة على تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين، وزادت موجة الحراك التي عاشها المغرب على غرار عدد من الدول العربية خلال عام 2011، من حدة تلك المطالب، كما زادت مواقع التواصل الاجتماعي صخبها.

وأشارت عزاوي إلى وجود أصوات كثيرة تنادي بإنهاء معاش البرلمانيين، لأن تلك التعويضات تشكل خرقاً لمبدأ العدالة الاجتماعية، وأكدت أن النائب من أهم الأشخاص الذين يجب عليهم احترام ذلك المبدأ، باعتبار أنه تم التصويت له في الانتخابات لخدمة مصلحة المواطن بشكل أساسي.

وأوضحت كذلك أنه لا يعقل أن يستفيد نائب بعد إنهائه ولاية واحدة من معاش مدى الحياة، في الوقت الذي لا يستفيد فيه العديد من المواطنين من أي تعويض عن التقاعد بعد قضائهم سنوات عمل كثيرة، وخلصت إلى أنه في الوقت الذي يعاني فيه المغرب تداعيات كورونا، وجب التعاطي مع مسألة المالية العامة بحكمة، على الرغم من أن الموازنة المخصصة لصندوق تقاعد البرلمانيين غير ضخمة، وبالتالي لا تؤثر بشكل كبير في المالية العامة للدولة، إلا أن الأمر يتعلق بمسألة أخلاقية بالأساس، نظراً لنبل العمل البرلماني، في وقت يعاني فيه العمل السياسي أزمة ثقة من جانب المواطن.

إعادة الثقة في السياسة 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشارت غزاوي إلى أن إغلاق ملف المعاش رسالة سياسية ترمي إلى إعادة الثقة، خصوصاً لدى الشباب، بالحياة السياسية. وعلى الرغم من أن تلك الخطوة لا تكفي وحدها لتحقيق ذلك، إلا أن من شأنها أن تشكل بداية الطريق في تلميع صورة العمل السياسي، وإعادة الطابع النبيل للعمل النيابي.

وذكرت أن هناك إرادة سياسية حقيقية عند مختلف الأفرقاء السياسيين لإغلاق هذا الملف بشكل نهائي، باعتبار أن الأمر أخذ أكثر من حجمه، خصوصاً أنه يسيء لصورة البرلماني، وبالتالي للعمل السياسي بشكل عام.

ازدواجية الخطاب

وأفادت مصادر من داخل البرلمان المغربي بأن فريق "حزب العدالة والتنمية" في الوقت الذي يساند فيه إنهاء معاشات البرلمانيين، إلا أنه يشدد على تمسكه بمقترح قانون يتعلق بتصفية صندوق تقاعد أعضاء مجلس النواب وتوزيع أمواله على البرلمانيين، ما يعني استرجاعهم الأموال التي أسهموا بها في صندوق المعاشات مدة ولايتهم. وهذا ما سيمكن بعض النواب، الذين أمضوا مدة طويلة داخل البرلمان، من جمع مبالغ ضخمة تصل إلى مئات آلاف الدولارات.

ووصف النائب عن حزب "العدالة والتنمية"، إدريس الأزمي، الذي يترأس الائتلاف الحكومي الحالي، تصفية ملف المعاشات بالأمر الصائب، إلا أنه صب جام غضبه على ما يتم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي، التي اتهمها بتكريس الشعبوية، باعتبار أنها تصف اجتماع لجنة المالية بأنه اجتماع نواب لتدارس معاشاتهم بعد استيقاظهم من سباتهم. وهو كان أثار الجدل بقوله إنه من غير المعقول أن يشتغل البرلمانيون وأعضاء الحكومة والسلطات المحلية بالمجان، فيما تعتمد عليهم الدولة في ضمان قوتها واستمراريتها.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي