Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما الذي بقي من بغداد العباسية؟

العاصمة التي مرت بها غزوات ونكبات فكبت مرارا ونهضت دائما

مخطط لساحة السوق في بغداد القديمة (غيتي)

اعتادت بغداد أن تتألق دهوراً، وتخبو سنينَ، لكنّ فيها طاقة تتجدد حتماً، وبمراجعة تاريخها نجد أنها أطلق عليها أسماء عديدة، منها "الزوراء، ومدينة السلام، وعاصمة الرشيد"، حين كانت ذات يوم عاصمة الدنيا ومركز الدولة العباسية وعاصمة الخلافة الإسلامية.

بغداد الأزل تشكو الغزاة والطغاة

تزخر بغداد من دون شك بالمعالم التاريخية والتراثية التي ظلت على الرغم من جور الزمان وقسوة الغزوات والتدمير المغولي، خصوصاً أيام تيمورلنك وغزوها (1239 -1400) الذي هدمها وأحرق مكتباتها، ورمى أطنان الكتب والمراجع في النهر، حتى اصطبغ باللون الأحمر.

وكان الغزاة يتلذذون بحرق بغداد وسماع أنينها، لكنها ما زالت تزخر بالمساجد والقصور والقلاع القديمة التي تعود إلى زمن مؤسسيها ومعزي نهضتها من بني العباس الذين حكموها للفترة (750- 1258) ميلادية بسبعة وثلاثين خليفة، أشهرهم المنصور مؤسس المدينة والرشيد والمأمون والمعتصم.

وما زالت منائر بغداد وقباب أئمتها وولاتها شامخة، كجامع الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان في الأعظمية بجانب الرصافة، ومقام ومسجد الإمامين موسى الكاظم ومحمد الجواد في الكاظمية في كرخ بغداد، ومقام الشيخ السهروردي، ومعالم أخرى تعلن عروبة وإسلامية عاصمة الرشيد.

واختلف المؤرخون حول من سمى بغداد، وكيف وردت في التاريخ، فقد ورد الاسم في أكثر من وثيقة بابلية يعود تاريخها إلى زمن الملك البابلي حمورابي عام (1700) قبل الميلاد، إذ جاء في الكتابات المسمارية بصيغة "بكدادو" و"بكدادا"، وتكتب باللغة المسمارية "باك -دا -دو" و"باك -دادا"، وبالكلمة البابلية "الو" الدالة على المدن في مملكة بابل، حسب ترجيح الباحث والمؤلف الآثاري الشهير طه باقر.

وأفادت مصادر أخرى، أن اسمها متات من قرية صغيرة في سوق تجارية وجدت منذ سلالة الكشين السومريين، إلا أن المؤرخ العراقي البارز مصطفى جواد يرجح أن بغداد "تسمية بابلية"، وهي "بعل جاد" وتعني معسكر الآلهة "بعل". بينما يرجح آخرون أن بغداد تعود إلى اللغة الكلدانية، ومأخوذة من "بلداد" اسم إلهة كلدانية، وهناك من يضفي عليها نكهة فارسية متأتية من "بغ دادا" أي بستان الرجل.

ويشير الباحث الآثاري المهندس سامي الشمري أحد العاملين في الترميم والصيانة الآثارية لـ"اندبندنت عربية" إلى "أن الدراسات أثبت أن بغداد العباسية شيدت على موقع بابلي قديم في الضفة الغربية من دجلة في منطقة تسمى (كرخو) وقرى موقع (بكدادو) وكان تخطيط المدينة يتسم بالدقة والتصميم والاستحكامات من أسوار وخنادق وأربع بوابات إضافة لتميزها بالقصر الأخضر في الوسط يخترقها الشارع الأعظم". ويضيف "وتميزت بغداد أيضاً بنسيجها العمراني حول الطرقات التي تتخللها الأسواق والحمامات والخانات".

مناخ بغداد ودعة الحياة فيها قادت لاختيارها

وحين اختار الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور رقعة مرتفعة من الجانب الغربي من نهر دجلة، ليتخذها عاصمة جديدة لاعتدال مناخها ولوجود قرى عامرة مزدهرة قريبة مأهولة بالسكان، كانت بغداد إحدى قراها المعروفة على حد تأكيد المؤرخ (يعقوب سركيس).

وتعد بغداد في نظر المؤرخين مدينة عباسية صرفة، حين بناها ثاني خلفاء بني العباس، واختارها عاصمة للخلافة عام 726 ميلادية، بعد أن نصحه بعض الكهنة النسطوريين الذين عاشوا قبل الإسلام في المنطقة الحالية، لملاءمة مناخها ولوجود قرى متعددة تحيط بها تعود إلى العهد البابلي. ولكون المنصور مهندساً فذاً حرص على أن يتخذها على موقع مرتفع، تطل على جانبي نهر دجلة، وكانت أعجوبة الزمان أيام خلفاء بني العباس كالرشيد والمأمون في ما بعد.

خراب بغداد وأفولها واستنهاضها

يقول الدكتور جمال حسن العتابي وهو متخصص في تاريخ الفنون لـ"اندبندنت عربية" "تحولت بغداد بعد الغزو المغولي 1258 من عاصمة دولة عظيمة إلى مدينة مخربة أحاقت بأبنيتها وعمرانها الكوارث، ذهبت بجمالها وأزالت آثارها وطمست معالمها إلا أن الأيدي الآثارية امتدت إليها في عقد الثلاثينيات من القرن الماضي لإنقاذ ما تبقى من معالم رقيها الفني والعمراني المتبقي، ومن أهمها؛ القصر العباسي والباب الوسطاني والمدرسة المستنصرية وعدد من المآذن والأضرحة كمنارة سوق الغزل ومرقد زمرد خاتون المعروف خطأً لدى العامة بـ(قبر السيدة زبيدة) زوج هارون الرشيد، وجامع الشيخ معروف الكرخي".

ويشير العتابي إلى أن آثار بغداد العباسية شهدت مرحلة ثانية من الترميم والصيانة في عقدي السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، وبات البناء يتجدد بنوع خاص من النضارة، حيث تصل بغداد نفسها بهذا التجدد إلى جوهر هويتها الحضارية التمدنية، مثلت العمارة الذروة في نجاح المشروع الحداثي العراقي والسبيل للتعبير عن فضاءاته الواسعة بوعي أهميتها التاريخية.

المدرسة المستنصرية أول جامعة إسلامية

حين تدلف إلى عمق شوارع بغداد الحالية، وتبحث عما تبقى من حقبة بني العباس لا بد من أن تجاور النهر، لتمر بالمدرسة المستنصرية التي يعود تاريخها إلى زمن الخليفة العباسي المستنصر بالله، عام 1233 ميلادية، استعادة دائرة الآثار العراقية ملكية المدرسة عام 1940، وأجريت أعمال الصيانة عليها بدءاً من عام 1960 بهدف إعادة معالمها واسترجاع زخارفها بالمواصفات نفسها، وهي أول جامعة عربية إسلامية، وكانت مركزاً علمياً وثقافياً شيدت على مساحة 4836 متراً مربعاً، لتطل على النهر بجانب قصر الخلافة الذي هدم بعد أن خربته غزوات تيمورلنك لبغداد، وبالقرب منها تقع المدرسة النظامية، ويتميز المبنى كما يؤكد المؤرخون بنافورة مياه كبيرة تتوسطه، وساعة عدت من أعاجيب الدنيا وقتها تعلن أوقات الصلاة في ذلك الزمن على مدار اليوم، كما يشير الباحث الآثاري سامي الشمري إلى أن المدرسة المستنصرية نموذج فريد في أعمال الزخرفة النباتية والهندسة الكتابية بدءاً من المدخل حتى جدرانها الداخلية والخارجية وهي انعكاس على رقي الفن والذوق الرفيع بتلك الفترة المتميزة لبنائها.

وحين أعاين ذلك المعلم العباسي فإن المدرسة المستنصرية تتألف من طابقين، شيدت فيهما مئة غرفة كبيرة وأخرى صغيرة، تحيطها الدواوين العباسية والقاعات، وكلها مخصصة للدراسة، ومزودة بمكتبات كانت زاخرة بأعداد ضخمة من المجلدات النفيسة والنادرة.

 

 

ويؤكد مؤرخون بغداديون منهم المؤرخ حسين علي محفوظ وناجي معروف أنها بلغت أكثر من 450 ألف عنوان تعد مراجع يقصدها العلماء والفقهاء في ذلك الزمان، يأتونها من كل الأمصار التابعة للإمبراطورية العباسية، حين نقل الخليفة المستنصر أكثر من ثمانين ألف مجلد مصنف لشتى العلوم الصرفة التي أنجزها جده المأمون وسواه من خلفاء بني العباس وعادلوها بالذهب، ليضعوها في مكتبة المستنصرية.

وكانت مدة الدراسة فيها عشر سنوات، يدرس الطالب فيها علوم القرآن والسنة النبوية والفقه وعلوم النحو وعلم الفرائض والتركات ومنافع الحيوان والفلسفة والرياضيات والطب وعلم الصحة، وهي أول جامعة جمعت الدراسة فيها المذاهب الإسلامية جمعاء.

وبعد سقوط بغداد عام 1258 أهملت قروناً وتراكمت أحزانها وخربها الطغاة والولاة، ثم شرع الوالي العثماني المصلح داود باشا عام 1826 في إعادة بنائها وسماها "الأصفية"، نسبة إلى لقبه "أصف الزمان".

وحسب الباحث العراقي صلاح عبد الرزاق، "ظل التدريس قائماً فيها قرابة أربعة قرون بشكل متواصل، تخللها فترات توقف للدراسة، خاصة في الفترة الأولى للاحتلال المغولي الذي حدث عام 1258م، حيث استؤنفت الدراسة في العام نفسه، وبقيت المدرسة مفتوحة والدراسة منتظمة فيها قرن ونصف القرن، وتوقفت بسبب ما قام به تيمورلنك من تخريب لبغداد مرتين، الأولى عام 1392م، والأخرى 1400م إذ قام بالقضاء على مدارس بغداد ونكل بعلمائها، وأخذ معه إلى سمرقند عدداً كبيراً من الأدباء والمهندسين والمعماريين، وغادر آخرون إلى مصر والشام وغيرها".

هذا الخراب تسبب في إهمال هذا الصرح العلمي حتى أعيد ترميمها بصورة شاملة منذ سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، كما قال لي مدير الآثار وقتها الباحث الدكتور مؤيد سعيد "كنا حريصين على إعادة بنائها وترميمها بذات المستوى من البناء العباسي، وبنفس الحجر والقياسات، وحرصنا على استخدام بناءين مهرة في ترميم هندستها ومقرنصاتها الجمالية المميزة لعمارتها، مع تخصيص هيئة آثارية ومهندسين أكفاء لذلك الغرض".

القصر العباسي منظرة الخليفة

المعلم الثاني المتبقي من بغداد العباسية من جهة الرصافة اسمه القصر العباسي، الذي يعود تاريخه إلى الفترة التي تلت عودة العباسيين من العاصمة المؤقتة في سامراء شمالي بغداد على بعد مئة كيلومتر، وهو (دار المسناة) التي بناها الخليفة العباسي الناصر لدين الله سنة 1181 ميلادية، حسب تأكيد الباحث التراثي العراقي يعقوب سركيس الذي توصل إلى أن المبنى هو قصر الخليفة الناصر لدين الله، وهو ما يؤكده الرحالة ابن جبير الذي زار بغداد وشاهد الخليفة الناصر يصعد من مناظرته في أعلى الجانب الشرقي من نهر دجلة، كما ورد في بحث محكم لسليمة عبد الرسول في دائرة التراث العراقية التي تصفه بأنه: "كانت وظيفة القصر للتنزه والفرجة، وهذا يفسر المبالغة في التفنن والزخرفة التي تضمنها لاسترضاء الخليفة والبذخ الذي شاع في عصره".

 

 

أناقة عمارة القصر العباسي الباذخة

حين تتجول في القصر العباسي تلمس أن ما يميز عمارته أنه يطل على دجلة امتداداً للمدرسة المستنصرية، وأنه ذو طراز معماري خاص في العمارة الإسلامية من الباب إلى فناءاته المميزة بمعالمها المزخرفة والكتابة المنحوتة على واجهته التي رسمت بأيدي نحاتين مهرة، فمنذ تلج بوابة القصور المهيبة تخرج إلى مجاز أنيق سقفه المزدان بنقوش ودكات مخصصة للحرس والخدم، حيث مدخل القصر والمجاز إلى ضلع القصر الكبير يبلغ طوله أكثر من 21 متراً تحيطه أواوين على شكل طاق كبير عامر يعد أكبر طاق تراثي معقود في بغداد العباسية على الطراز الإسلامي المزخرف والمنقوش بآيات قرآنية.

ويحيط بالقصر مجازات ودهاليز طول الواحد منها يزيد على 26 متراً وارتفاعه يزيد على تسعة أمتار. وظل القصر العباسي محكم الجدران قروناً كونه قوي الأساس غلفت واجهته بالزخارف والمنحوتات، ليبقى معلماً مبهجاً تتوسطه نافورة تبلغ أبعادها (20 متراً في 21.5 متر)، وتميز باحته زخارف من الآجر بحجوم وصور مختلفة.

لم يترك القصر مهجوراً منذ ثمانينيات القرن الماضي، حيث اتخذ مقراً لدار الثقافة والفنون العراقية، ثم ألغيت هذه المؤسسة ليتحول إلى مقر للدراسات والأبحاث (بيت الحكمة) الحالي.

جامع الخلفاء وسط بغداد علامة دولة العباسيين

المعلم العباسي الثالث الذي يتوسط بغداد جهة الرصافة هو جامع الخلفاء، الذي بناه الخليفة المكتفي بالله العباسي، لكي يكون المسجد الجامع لصلاة الجمعة شرقي القصر الحسني، وكان يسمى جامع القصر، ثم أطلق عليه اسم جامع الخليفة، وسمي في العصر الحديث جامع الخلفاء، وفق ترجيح إمام الجامع الراحل الباحث الشيخ جلال الحنفي، الذي كان المرجع التراثي لبغداد القديمة.

وشيد هذا الجامع عام 908 ميلادية، ويقع في شارع الجمهورية بمحلة سوق الغزل قرب الشورجة أكبر أسواق بغداد الحالية، المكتظة بالأسواق والباعة الذين اتخذوا من المكان مصلى يومياً، ويتميز بمئذنته وبعمارتها الغريبة عن مآذن المساجد العراقية الأخرى، وهي الأثر الوحيد الباقي من دار الخلافة العباسية، وقد بنيت هذه المنارة قبل سبعة قرون من الآجر فقط، منقوشة ومزخرفة، ويبلغ ارتفاعها 26 متراً.

ويشير الباحث التراثي إلى أنه سامي الشمري يعد من أهم معالم الرصافة الباقية مجاور قصر الحسني آنذاك، وقد قامت دائرة أوقاف بغداد مطلع ستينيات القرن الماضي بإعادة بناء الجامع من قبل المعماري الشهير الراحل مهدي كبة.

كما تمكن المعماري العراقي الشهير محمد مكية من ترميمها وإعادة زخرفتها خلال سبعينيات القرن الماضي، حتى أضحى هذا المسجد الجامع من معالم بغداد وشواهد عصرها الزاهر.

أسوار بغداد وأبوابها قصة البقاء والأفول

ومن معالم بغداد العباسية التي ظلت شاهداً على عصر التألق العربي - الإسلامي أسوار بغداد وأبوابها كالباب الوسطاني الواقع قرب جامع السهروردي قلب العاصمة، الذي يعد من بقايا بغداد المدورة، حيث بنى الخليفة المنصور قصره وسطها لكي يؤمن قدرة الوصول إليها أقرب نقطة من أي باب يريد من أبوابها الداخلية والخارجية القائمة على تدابير عسكرية محكمة لضمان حمايتها أثناء الحروب والغزوات، حيث ضرب على بغداد ثمانية أبواب، أربعة داخلية ومثلها خارجية، سماها أبواب الشام وخراسان والبصرة والكوفة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعند زيارة المتبقي من أبوابها القديمة لا تجد سوى باب الظفرية أو الباب الوسطاني جهة الرصافة، قرب جامع ومئذنة عمر السهروردي ومقبرة الشيخ عمر الشهيرة، إلى جانب طريق محمد القاسم السريع الحالي. ويشمخ الباب الوسطاني بقبته المميزة تحملها أطواق مطمورة بارتفاع أربعة أمتار، يحيطها سور بعرض مترين وبرج القلعة الذي نقشت عليه كتابات إسلامية إلى حجر الفرشي الأصفر، وتعلو السور منافذ (مزاغل) للحراسة التي يكمن فيها الجند، ويرجح المؤرخون أن هذا الباب جرى استكمال بنائه زمن الخليفة المسترشد بالله 521 للهجرة، وجرى تحصينه زمن الخليفة الناصر لدين الله 594 للهجرة.

الباب هو الوحيد المتبقي لبغداد العباسية، الذي زارته "اندبندنت عربية"، من عدة أبواب شهيرة هدمت أو فجرت في مراحل مختلفة من تاريخ بغداد، أهمها الباب المعظم وسط بغداد الرصافة، الذي هدم في أثناء دخول الجيش البريطاني بغداد 1917 ميلادية، والباب الشرقي نهاية شارع الرشيد، بعد أن اتخذه الإنجليز كنيسة عام 1917، وهدم عام 1937، وباب الآغا في محلة بغدادية جرف في أثناء توسيع بغداد، وباب الشيخ بالقرب من مرقد الشيخ عبد القادر الكيلاني، وباب الطلسم الذي فجره العثمانيون خشية استيلاء الإنجليز عليه، لوجود مخازن للذخيرة فيه عام 1917.

وبذلك ظلت بغداد مكشوفة بلا أسوار أو تحصينات تتناهبها الغزوات، وتجول فيها الأقوام الغازية وتتقاذفها أمواج الفيضانات، لكن بابها الوسطاني ما زال يذكر بمعلم من معالمها التاريخية.

عودة الإهمال وترك الرشيد الشارع والأثر مكشوفاً

وفي بغداد عشرات المنائر والأديرة والكنائس التي بنيت في تلك الحقبة الثرية من تاريخ المدينة التي ما تكاد تأفل حتى تعود إلى النهوض مستمدة من إرثها زيادة مجد وحافزاً للوقوف ومعاودة البناء والإبداع.

 التاريخ التدميري لمعالم بغداد تكرر بعد 2003، فجرى استباحة المدرسة من جديد وسرقتها ونهبها وإهمالها، حتى تحولت إلى مبنى مهجور من جديد يقبع في زاوية مهملة وسط بغداد، وعلى مرأى المارة الذين يتلمسون خطاهم معتلين جسر الأحرار ينظرون إلى بنايتها الصفراء من حجر منحوت مما يذكرهم بأفول عاصمتهم.

وكما يقول لي الدكتور جمال العتابي بحرقة وأسى "بغداد اليوم لم تعد في وجهها عذرية الزمن وعطره، بعد أن اجتاحتها الحروب والحصارات والاحتلال حتى أزاح الملثمون متونها ومحو معالمها وهم مجندون لمقاومة الجمال والتحضر لأنهم يحملون عقد التاريخ ضد الهوية والحداثة".

ليل بغداد الطويل حجب عهود النور ولن يطول، فهناك وقدات أمل باستنهاضها من جديد.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات