Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تحديات الأفكار البسيطة والأمن الإقليمي المعقد

"لدى العرب ثقة بالتعويل على موقف إسرائيل أكثر من موقف أميركا، فهم يريدون بعض الثبات"

لا شيء يعقد الصراع العربي الإسرائيلي أكثر من التصرف كأن الصراع على الأرض هو صراع على السماء (أ ب)

ما الذي يضمن الأمن والاستقرار في الخليج وبقية الشرق الأوسط؟ الوجود العسكري الأميركي؟ الانسحاب الأميركي من "غرب آسيا" كما تطالب إيران؟ إيجاد حل عادل لقضية فلسطين؟ نوع من توازن القوى والمصالح بين العرب وإيران وتركيا وإسرائيل؟ معاهدة "وستفاليا" جديدة تحمي سيادة كل دولة، وتمنع تدخل الدول القوية الطامعة في الدول الضعيفة؟

مؤتمر للأمن برعاية أممية على طريقة مؤتمر الأمن الأوروبي؟ التسليم بعقم الصراعات في النهاية، والتوجه نحو التنمية البشرية والنهوض الاقتصادي، والتركيز على نوعية التعليم العالي، وتمكين المرأة والتقدم التكنولوجي واقتصاد المعرفة؟

الأمن والاستقرار؟

ليس هناك عامل واحد يضمن الأمن والاستقرار، ولا بد من الجمع بين عاملين أو أكثر، فالوجود العسكري الأميركي سواء على الأرض أو ضمن "استراتيجية أوف شور" يدعو إليها عدد من الخبراء، يحمي أصدقاء أميركا من اعتداء واسع، لكنه لا يحمي الأمن من التفجيرات والإرهاب الذي تدعمه دول، فضلاً عن أن التهجم على وجود سلاح في أيدي أعداء أميركا، واستدامته أو رحيله، ورقة في يد البيت الأبيض، والانسحاب الأميركي الذي تطلبه طهران وتدعو إلى تفاهم بينها وبين العرب، يعني أن يصبح الخليج "بحيرة إيرانية"، وأن تكتمل الهيمنة الإيرانية على العالم العربي مباشرة وبواسطة الميليشيات التي أنشأها الحرس الثوري في العراق وسوريا ولبنان واليمن علناً، وفي بلدان أخرى سراً، وهو يخلق فراغاً يستدعي أن تملأه قوى إقليمية ودولية أخرى إلى جانب إيران أو في صراع معها.

تسوية قضية فلسطين التي نكرر القول إنها تضمن السلام الشامل في المنطقة لا تضمن في الواقع كل شيء، ولا تعالج الصراعات الأخرى في المنطقة، أولاً لأن قسماً من القوى الفلسطينية يرفض التسوية لأنه يريد تحرير فلسطين التاريخية من البحر الى النهر، وبالتالي سيهدد التسوية، وثانياً لأن هذه التسوية تسحب من يد إيران سلاح القضية الفلسطينية الذي تغطي به مشروعها الإمبراطوري، أما توازن القوى فمهمة مستحيلة، من حيث تصر أميركا على التفوق الإسرائيلي، وتنفق طهران كل مواردها على التحول "قوة إقليمية عظمى"، وتتصرف تركيا كأن العالم العربي "حديقة خلفية" لها، كانت من "أملاكها" أيام السلطنة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لا استراتيجية أمنية واحدة

وليس لدى الدول العربية استراتيجية أمنية واحدة، وأما المؤتمرات على غرار "وستفاليا" والأمن الأوروبي، فإنها تعيد تذكيرنا بأن الشرق الأوسط ليس أوروبا، ولا يزال في بداية الصراعات التي تجاوزت أوروبا نهايتها، وخرجت من عالم الحروب والصراعات العنيفة.

والسؤال الطبيعي بعد توقيع معاهدتي سلام بين إسرائيل وكل من الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين هو، ما تأثير ذلك في الأمن الإقليمي؟ الرئيس ترمب تحدث عن "فجر شرق أوسط جديد"، ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو يرى أن إسرائيل لم تعد معزولة عربياً، ووزيرا الخارجية في الإمارات والبحرين الشيخ عبد الله بن زايد وعبد اللطيف الزياني تحدثا عن "تعب الشعوب" من الصراعات، وعن أن السلام مع إسرائيل سيساعد الفلسطينيين أكثر في الحصول على تسوية وسلام، لكن الانطباع السائد في المنطقة والعالم هو أن ما حدث جزء من الرد على الخطرين الإيراني والتركي على العالم العربي.

بين تل أبيب وواشنطن

وفي رأي رئيس مجموعة الأزمات الدولية روبرت مالي، فإن لدى العرب "ثقة بالتعويل على موقف إسرائيل أكثر من موقف أميركا، فهم يريدون بعض الثبات" في المواجهة، أما في تل أبيب فإن الشعور العام الذي عبّر عنه مدير أكبر مستشفى إسحاق كريس، هو "أن التغيير المهم بالنسبة إلى جيلي هو أن وجودنا لم يعد يتوقف على كم نحن أقوياء عسكرياً، بل على كم عدد الجيران الذين نوقع معهم معاهدة سلام". لكن رئيس مكتب الخليج في مجلس الأمن القومي سابقاً يوئيل غودانسكي يحذر من انضمام إسرائيل إلى "المحور المضاد لتركيا"، وشمريت مئير ترى أن تغيير النظرة إلى تل أبيب كمصدر "لكل الشرور" وإلى قضية فلسطين "المقدسة" بدأ مع "الربيع العربي" الذي كشف أن "قضايا العرب وتحدياتهم سياسية داخلية".

الصراع العربي الإسرائيلي

ولا أحد يجادل في أن الفلسطينيين والعرب فشلوا في سياسة "خنق إسرائيل"، وإن مارست منظمة التحرير ثم السلطة الوطنية الاعتراف بإسرائيل والتطبيع معها وإرسال العمال إليها، لكن الرهان على النجاح في سياسة "عناق إسرائيل" مسألة يمتحنها الوقت.

ولا شيء يزيد في تعقيد الصراع العربي الإسرائيلي أكثر من التصرف كأن الصراع على الأرض هو صراع على السماء، فالصراع على الأرض له حل يوماً ما، ولا حل للصراع على السماء حتى عند المؤمنين المعتدلين الذين ترتفع فوقهم أصوات المتطرفين الأصوليين من الجانبين.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل