Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

22 عاما على محرك البحث الأشهر: حكاية "غوغل" من الصفر إلى المليار

نشأت فكرته في مشروع دكتوراه لطالبين في جامعة ستانفورد عام 1996، والآن تجاوزت قيمة الشركة المالكة في السوق تريليون دولار

يتربع غوغل على المركز الأول عالمياً كمحرك رئيسي للبحث الإلكتروني (أ ف ب)

تثير قصة صعود وهيمنة محرك البحث المعلوماتي "غوغل" على الإنترنت، الذي ولدت فكرته الأولى في لبنة مشروع للحصول على درجة الدكتوراه في علوم الكمبيوتر لشابين يدعيان لاري بيغ وسيرغي برين، قبل 22 عاماً، بجامعة ستانفورد الأميركية، الكثير من "الإعجاب والبحث" لدى قطاع كبير من مطوري وتقنيي عالم الفضاء المعلوماتي.

فـ"غوغل" الذي تغلغل منذ ولادته في الرابع من سبتمبر (أيلول) 1998، وتحول سريعاً إلى عملاق البحث الأشهر والأكبر بصورة باتت ترتبط في أذهان مستخدمي الإنترنت بأن بوابة الفضاء الإلكتروني والمعلوماتي هي تلك الصفحة البيضاء التي تحتوي على شريط للبحث وشعار الشركة "Google"، إذ يحتكر نحو 75 في المئة من عمليات البحث حول العالم كأكبر محرك للبحث الإلكتروني.

فما هي قصة "غوغل" وكيف وصل لهذا القدر من الانتشار؟ ولماذا أصبح محرك البحث الإلكتروني الأكبر؟ بصورة قال عنها ديفيد فيس ومارك مالسيد، مؤلفا كتاب "قصة غوغل" (The google story) الصادر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2005، إن "تغلغله في نسيج الحياة اليومية لملايين البشر حتى أصبح من المستحيل الاستغناء عنه، وسرعته التي تتم بها الاستجابة للملايين من طلبات البحث كل ثانية من أماكن متفرقة حول العالم هي ضرب من ضروب السحر".

"إمبراطورية المعلومات العالمية"

وفق الروايات الرسمية من أصحابها والتقارير المعلوماتية المتاحة عن "غوغل" نفسها، فإن الأخيرة هي شركة تقنية أميركية؛ تعتبر من كبريات شركات الخدمات الإلكترونية المرتبطة بالإنترنت بخاصة البحث المعلوماتي والبريد الإلكتروني والإعلان، وقد اقترن اسمها بأشهر محرك بحث ما جعلها ضمن أقوى العلامات التجارية عالمياً.

بدأت فكرة إنشاء شركة "غوغل" في يناير (كانون الثاني) عام 1996 في إطار مشروع بحث دراسي قام بإنجازه آنذاك الطالبان لاري بيدغ وسيرغي برين في جامعة ستانفورد بولاية كاليفورنيا الأميركية، وتركز على تطوير أسلوب جديد للبحث على شبكة الإنترنت. ولما نجح المشروع أسس الطالبان شركة بتاريخ 4 سبتمبر 1998 في مينلو بارك بسان ماتيو (ولاية كاليفورنيا)، ويوجد مقرها الرئيسي حالياً في ماونتن فيو بنفس الولاية. وذلك قبل عامين من منح براءة اختراع لجزء من آلية التصنيف والترتيب الخاصة بالشركة، ونسبها رسمياً إلى جامعة ستانفورد في التاريخ نفسه من عام 2001.

وبحسب ما ذكره، ديفيد فيس ومارك مالسيد، في كتاب "قصة غوغل"، فقد اختير اسم "غوغل" (وهو مصطلح رياضي يعني رقم "1" متبوعاً بمئة صفر) ليعكس مهمة الشركة المتمثلة في تنظيم كم هائل من المعلومات المتاحة على شبكة الإنترنت، واتخذت لها شعاراً غير رسمي هو "لا تكن شريراً". حيث توفر "غوغل" مجموعة خدمات مجانية سهلة الاستخدام في الإنترنت، تتمثل في خدمة البحث على الإنترنت التي لاقت إقبالاً كبيراً من المستخدمين عبر العالم، ويقدم محرك الشركة خلال جزء من الثانية نتائج ذات علاقة بالمادة المبحوث عنها، ويستقبل لهذا الغرض ملايين طلبات البحث يومياً، ويعمل على تنظيم المعلومات الدولية وتسهيل الوصول إليها والاستفادة منها على المستوى العالمي.

كما تتيح الشركة خدمة تبادل رسائل البريد الإلكتروني المجاني، ونشر المواقع التي توفر معلومات نصية ورسومية في شكل بيانات وخرائط على شبكة الإنترنت، وبرامج العمل المكتبي (الأوفيس)، وشبكات التواصل الاجتماعي التي تتيح الاتصال عبر الشبكة بين الأفراد، إضافة إلى مشاركة الأفلام وعروض الفيديو.

ووفق جامعة ستانفورد الأميركية، فإن "غوغل" في الأساس بدأ بمحاولة لاري بيدغ وسيرغي برين، تطوير أسلوب جديد للبحث على شبكة الإنترنت لطلاب الجامعة، وظهر في بدايته في برنامج "باكرب" (backrup) في يناير (كانون الثاني) 1996، وهو محرك البحث الذي يشكل أساس محرك البحث "غوغل"، الذي اعتمد في العام التالي، مشيرة إلى أن "غوغل" الذي هدف لمساعدة طلبة الجامعة في البحث على الإنترنت، كان تسمية خاطئة لكلمة "غوغول" التي تعني حسابياً 1 يليه 100 صفر.

وفي عام 2000، أصبح "غوغل دوت كوم" أكبر محرك بحث في العالم، وبدعم من المستثمرين، إذ بلغ عدد صفحات "غوغل" مليار صفحة، بالتالي أصبح أكبر محرك بحث في ذلك الوقت، ويستخدمه أكثر من نصف سكان العالم ممن لديهم اتصال مع الإنترنت. وبعد 4 أعوام، انضمت "غوغل" إلى سوق الأسهم "ناسداك"، حيث تم طرح حوالى 20 مليون سهم بسعر 85 دولاراً للسهم وإطلاق برنامج البريد الإلكتروني جيميل (Gmail)، وبلغت قيمة الشركة السوقية آنذاك حوالى 20 مليار دولار.

وفي عام 2015، أعلن لاري بيغ ميلاد شركة ألفابت الشركة التي تضم "غوغل"، في إطار إعادة هيكلة الأخيرة، وأصبحت قيمتها السوقية تتجاوز في أحدث التقديرات الرسمية لعام 2020، عتبة التريليون دولار أميركي، ضمن 4 شركات تقنية عالمية متجاوزة حاجز  التريليون دولار، هي "مايكروسوفت" و"أبل" و"أمازون" و"غوغل"، بحسب ما تقول وكالة "رويترز". مشيرة إلى أن "غوغل" تملك أكبر وأشهر برنامج إعلاني يعرف باسم "آدسنس"، وتقوم عبره بدور "الوسيط" لإدارة حركة الإعلانات المعروفة باسم CPC بين أصحاب الإعلانات والناشرين من مالكي المواقع، وذلك مقابل أرباح مادية للأطراف الثلاثة.

وبحسب أرقام "ألفابت"، فقد حققت الشركة خلال الربع المالي الثالث من عام 2016، وهو العام التالي لنشأتها، عائدات تجاوزت الـ22 مليار دولار أميركي، بنسبة زيادة بلغت 20 في المئة مُقارنة بنفس الأرقام في الربع المالي الثالث من عام 2015، حيث كانت وقتها "غوغل" هي الشركة الرئيسة.

وتؤكد "غوغل" أنها دائماً تدعم مبدأ الحيادية في الخدمات بتشديدها في دليلها المهني على المساواة في منح حق الوصول للإنترنت، وعدم السماح لناقلات البيانات الواسعة النطاق باستخدام قوتها في السوق للتحكم في الأنشطة التي يقوم بها المستخدمون على الإنترنت. لكنها تواجه أحياناً انتقادات أبرزها تلك المرتبطة بالمخاوف من انتهاك خصوصية المعلومات الشخصية للمستخدمين وحقوق الطبع والنشر.

وبجانب ما تقدمه "غوغل" الآن، بتعداد موظفين حول العالم يتجاوز الـ80 ألف موظف، من خدمات بحثية متعددة الجوانب (يتجاوز معدل عمليات البحث السنوي حوالى 3.5 مليار عملية)، قال مؤسس الشركة لاري بيغ في مرحلة إعادة هيكلة الشركة في عام 2015 وإنشاء "ألفابت" إن دور "غوغل" سيتركز على إدارة الخدمات والمواقع والمنتجات الشهيرة مثل "يوتيوب" و"غوغل مابس" ومتصفح "كروم" ونظام "أندرويد"، أما "ألفابت" فستعمل على إدارة مشروعات "غوغل" الأخرى البعيدة نوعاً ما عن مجال الإنترنت (مثل: "إكس لاب" و"كالتشيو لايف") من خلال مؤسسات أخرى بعيدة من "غوغل".

كيف هيمنت "غوغل" على عالم البحث؟

وفق جون هنس رئيس جامعة ستانفورد وأحد أعضاء مجلس إدارة مؤسسة "غوغل"، فإن "تفوق وتميز الشركة يعود لطريقة الدمج بين البرمجيات التي صممت خصيصاً لإتباع طريقة فريدة ومثيرة في تنظيم المعلومات واستخراجها بسرعة فائقة والماكينات والأجهزة التي تقوم بتشغيلها"، معتبراً بحث حديثه في كتاب "قصة غوغل"، أن "ماكينات وأجهزة الكمبيوتر في المؤسسة والتي يتم تجميعها في أماكن سرية داخل مجمع الشركة في وادي السيلكون بكاليفورنيا صممت خصيصاً لاستغلال أحدث التكنولوجيات في منظومة للوصول إلى أفضل أداء لاسترجاع المعلومات بسهولة ويسر فضلاً عن السرعة الفائقة".

ويقول موقع "ريليابل سوفت" فإن "غوغل" الذي بات يستحوذ أيضاً على أعلى نسبة بحث على الهواتف الذكية، بإجمالي 93 في المئة من عمليات البحث على الهواتف الذكية حول العالم، تستخدم منظومته برامج تقوم بتكسير أي طلب بحث على موقع الشركة إلى مجموعة أصغر من الطلبات تقارن بسرعة شديدة بالمعلومات التي تم تخزينها وتنظيمها في وقت سابق.

بدوره، اعتبر إريك شميدث وجوناثان روزنبرغ، في دراستهم "كيف يعمل غوغل؟"، أن التكنولوجيا التي غيرت موازين القوي من الشركات إلى العملاء، طوعها عملاق البحث الإلكتروني "غوغل" في ابتكار وسائل للنجاح عبر تعديد خدماتها ما ضاعف سريعاً من الأعداد التي ارتبطت بها".

ويتربع "غوغل" على المركز الأول عالمياً، فيما لم تتمكن بعد مواقع بحثية أخرى من منافسته كمحرك رئيسي للبحث الإلكتروني حتى الآن أبرزها موقع bing المملوك لشركة "مايكروسوفت" الأميركية، ومحرك بحث "ياهوو"  Yahoo، الذي تديره شركة bing منذ عام 2011، فضلاً عن محرك بحث  Ask.com.

وفي السابق، كانت الأنظمة المتاحة تصنّف نتائج البحث بحسب معدل تكرار الكلمات المفتاحية في الصفحة، وتعاطى بيغ وبرين مع هذا النظام من خلال تحليل العلاقات بين صفحات الإنترنت (كعدد الروابط التي تحيل إلى هذه الصفحات)، ما يتيح تحديد دقتها بشكل أفضل، وسرعان ما أثبتت هذه الفكرة جدواها وتقدّم المحرّك على كل منافسيه.

وعلى مر السنين الأخيرة، أصدرت "غوغل" منتجات عدة لتوسيع خدماتها، كان أبرزها خدمة الخرائط "غوغل مابس" و"جيميل" للبريد الإلكتروني ونظام تشغيل "أندرويد" والمتصفح "كروم"، كما اشترت "غوغل" منصة الفيديو على الإنترنت "يوتيوب" عام 2006. وفي عام 2015، أعادت "غوغل" هيكلة أقسامها وأنشأت مجموعة "ألفابت" القابضة، فضلاً عن فروع أخرى مثل "فيريلي" (الصحة) و"ويمو" (السيارات المستقلة) و"ديب مايند" (الذكاء الاصطناعي).

كما خاضت الشركة منذ بضع سنوات صناعة الأجهزة، مثل واجهة "هوم" الموصولة وهواتف "بيكسل" الذكية، غير أن بعض المبادرات لم تكلل بالنجاح، مثل شبكة التواصل الاجتماعي "غوغل+"، والجيل الأول من النظارات الذكية "غوغل غلاس"، وفق تقديرات المختصين.

من أين تأتي عائدات الشركة؟

تعتمد "غوغل" بشكل رئيسي على الإعلانات الموجهة إلى المستخدمين استناداً إلى بياناتهم الشخصية التي تجمعها وتصنفها وفق معادلات حسابية. وبحسب تقديرات "أي ماركتر"، بلغت أعمال "ألفابت" في عام 2017، 111 مليار دولار كلها تقريباً متأتية من "غوغل"، مشيرة إلى أن المجموعتان تستحوذان على أكثر من 60 في المئة من العائدات الإعلانية الرقمية في الولايات المتحدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقبل عامين من تسجيل الشركة المالكة لـ"غوغل" قيمة سوقية تجاوزت حاجز التريليون دولار للمرة الأولى في يناير (كانون الثاني) 2020، لتصبح رابع شركة تكنولوجيا أميركية متجاوزة هذا الحاجز، حققت المجموعة عائدات بقيمة 32.7 مليار دولار، وأرباحاً صافية قدرها 3.2 مليار، في الربع الثاني فقط من عام 2018، على رغم غرامة فرضها عليها الاتحاد الأوروبي بقيمة 4.34 مليار دولار.

ووفق أحدث تقارير مجموعة "ألفابت" المالكة لـ"غوغل"، بشأن الأرباح والإيرادات، في فبراير (شباط) من العام الحالي 2020، فإن محرك البحث "غوغل"، وهو أكبر صانع للأرباح في إمبراطورية "ألفابت" مترامية الأطراف، حقق مكاسب بـ27.2 مليار دولار في هذا الربع الأخير من عام 2019، كما إن منصة "يوتيوب" وحدها حققت إيرادات من الإعلانات قرابة 5 مليارات دولار في خلال الربع الأخير من عام 2019، فيما حقق الأداء المالي لقسم الحوسبة السحابية، 2.6 مليار دولار من العائدات، مشيرة إلى أن الشركة حققت عائدات بلغت 46 مليار دولار في تلك الفترة، بارتفاع قدره 17 في المئة عن عام 2018.

وتشير توقعات مؤسسة "أي ماركتر" للأبحاث التسويقية، وصول حجم الإنفاق العالمي على الإعلانات الرقمية على شبكة الإنترنت خلال 2022، إلى 457.9 مليار دولار، مقارنة بـ380.4 مليار دولار فى 2020، وبزيادة 77.5 مليار دولار. ووفق أحدث تقاريرها في فبراير 2020، أنفق كل من الصين والولايات المتحدة أكثر من 10 مليارات دولار، خلال العام الماضي، على الإعلانات الرقمية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير