عبّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الأربعاء، عن دعمه لسيادة العراق وقال إن تنظيم "داعش" والتدخلات الخارجية يأتيان على رأس التحديات التي تواجهها بغداد.
وقال ماكرون خلال زيارة لبغداد إن فرنسا تدعم أيضاً جهود رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي من أجل "توفيق أوضاع" جميع القوى المسلحة، في إشارة إلى فصائل شيعية مسلحة يدعم معظمها إيران.
وأضاف، في مؤتمر صحافي مشترك مع الكاظمي، "سنظل ملتزمين لأن المعركة ضد داعش مستمرة، لكن ذلك يجب أن يكون في سياق اتفاقية وبروتوكول يحترم سيادة العراق".
وبحث ماكرون أيضاً التعاون في مجال الطاقة مع الكاظمي والعمل معاً في مشروع نووي يمكن أن يحل مشكلة نقص الكهرباء المزمن في العراق، إضافة إلى الدعم الفرنسي لبناء خط مترو أنفاق في بغداد.
من جانبه، قال الكاظمي "مهتمون كثيراً بالدعم الفرنسي في الحرب ضد داعش، فلفرنسا دور متميز. هذا الدور سوف لن ينساه العراقيون وسيكون في سجل التاريخ المشرق لهذه العلاقات".
وتابع "نعمل على تطوير العلاقة في المجال الأمني والعسكري، وقد وجهت القادة الأمنيين والعسكريين بالبدء في تطوير هذه العلاقة".
وأوضح الكاظمي أن العراق سيعمل على تذليل العقبات أمام الشركات الفرنسية، قائلاً "سنعمل بكل جد لتذليل كل التحديات أمام الشركات الفرنسية في مجالي الاستثمار والعمل في العراق".
ضغط هائل
وكان الرئيس العراقي برهم صالح استقبل ماكرون في قصر السلام في العاصمة بغداد.
وذكرت وكالة الأنباء العراقية على "تليغرام"، أن لقاء مشتركاً جمع الرئاسات الثلاث في قصر بغداد مع الرئيس الفرنسي.
وخلال مؤتمر صحافي للرئيس العراقي ونظيره الفرنسي، قال ماكرون "العراق يعيش مرحلة مفصلية من تاريخه، فهو يواجه تحدي التدخلات الخارجية التي تضعف حكومته". وأكد وقوف "فرنسا الدائم إلى جانب العراق... نحن في العراق من أجل مساعدته ودعمه".
بدوره، قال الرئيس العراقي "لا نقبل أن يكون العراق ساحة صراع للآخرين"، مؤكداً "على أهمية تجفيف مصادر تمويل الإرهاب".
"دعم مسيرة السيادة"
وقال الرئيس الفرنسي، خلال مؤتمر صحافي مساء الثلاثاء، في ختام زيارته الثانية للبنان (خلال أقل من شهر)، "أؤكد لكم أنني سأكون غداً صباحاً في العراق لكي أطلق، بالتعاون مع الأمم المتحدة، مبادرة لدعم مسيرة السيادة" في هذا البلد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان ماكرون قال الجمعة في لقاء مع الصحافيين، إن "المعركة من أجل سيادة العراق أساسية" للسماح "لهذا الشعب وهذا البلد اللذين عانيا كثيراً" بـ"عدم الخضوع إلى حتمية سيطرة القوى الإقليمية والإرهاب".
وأضاف، "هناك قادة وشعب مدركون لذلك، ويريدون أن يحددوا مصيرهم بأنفسهم"، مشيراً إلى أن "دور فرنسا مساعدتهم على ذلك".
وأشار ماكرون إلى أنه ينوي "بناء مبادرة قوية معهم، بالتعاون مع الأمم المتحدة، من أجل سيادة العراق".
والعراق عالق منذ سنوات بين شريكيه الأكثر نفوذاً واشنطن وطهران، وأصبح في موقع يزداد صعوبة منذ 2018، مع شن الولايات المتحدة بقيادة دونالد ترمب حملة "ضغوط قصوى" ضد إيران.
حركة احتجاجية قوية
يواجه العراق، الذي شهد العام الماضي حركة احتجاجية قوية، وضعاً اقتصادياً صعباً.
وأدى وباء كوفيد-19 إلى تفاقم الصعوبات في العراق، ثاني الدول المصدرة للذهب الأسود في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك)، الذي تأثر إلى حد كبير بهبوط أسعار النفط.
وفي يناير (كانون الثاني)، دعا ماكرون إلى "خفض التصعيد" بعد اغتيال الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، لدى وصوله إلى بغداد. وردت طهران بقصف قوات أميركية في غرب العراق.
كما أن فصائل مدعومة من إيران استهدفت مرات عدة السفارة الأميركية بالصواريخ، ومصالح عسكرية وتجارية أميركية في البلاد.
وتأتي زيارة الرئيس الفرنسي بعد أن أعلن دونالد ترمب في 21 أغسطس (آب) أنه سيسحب قواته من العراق، من دون تحديد برنامج زمني لذلك. ولا يزال يوجد حوالي خمسة آلاف جندي ودبلوماسي أميركي في العراق.
وغادرت آخر القوات الفرنسية العراق في وقت سابق من هذ العام.
الإرهابيون الفرنسيون في العراق
رداً على سؤال بشأن الإرهابيين الفرنسيين المسجونين في العراق، قال الرئيس الفرنسي، إن "أولئك الذين اختاروا بحرية أن يذهبوا للقتال في ساحات خارجية وأن يدانوا بارتكاب أعمال إرهابية في دولة ذات سيادة" يجب "أن يحاكموا في هذه الدولة".
ومن أصل 150 فرنسياً اعتقلوا بتهمة الانضمام إلى تنظيم "داعش"، فإن الغالبية العظمى من هؤلاء محتجزون في معسكرات ومراكز اعتقال تابعة للإدارة الكردية في شمال شرقي سوريا، في حين أن أحد عشر إرهابيا فرنسياً محتجزون في العراق، حُكم عليهم بالإعدام.
وقال مسؤول عراقي إن زيارة ماكرون حول "سيادة العراق" تشكل أيضاً رسالة غير مباشرة إلى تركيا.
تركيا وأربيل
قال مسؤول عراقي إن "زيارة ماكرون حول (سيادة العراق) تشكل رسالة غير مباشرة إلى تركيا".
ونفذت تركيا عملية عسكرية جوية وبرية هاجمت فيها مقاتلين أكراد في شمال العراق في يوليو، مما أثار غضب بغداد التي نددت بانتهاك أراضيها.
والتوتر على أشده حالياً بين فرنسا وتركيا على خلفية النزاع في ليبيا، حيث إن البلدين متهمان بدعم طرفين متقاتلين، والخلافات في شرق المتوسط حول التنقيب عن الغاز.
ولن يزور ماكرون أربيل، وفق مصادر عراقية أشارت إلى أنه سيلتقي مسؤولين أكراداً في بغداد.
وقام ماكرون في 2017 بعيد وصوله إلى الإليزيه، بوساطة بين السلطات الكردية والحكومة العراقية بعد خلافات نشأت بسبب تنظيم الأكراد استفتاء على الاستقلال عارضته بغداد.
وقال ماكرون في حينه "أن يكون العراق قوياً ومتصالحاً وتعددياً، وأن يعترف بكل مكون من مكوناته هو شرط للاستقرار الفوري وعلى المدى المتوسط" للشرق الأوسط.