Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

زيارة وزير الخارجية السعودي للعراق تحيي المجلس التنسيقي بين البلدين

الأمير فيصل بن فرحان بحث مع الكاظمي الوضعين الأمني والسياسي في المنطقة وتفعيل المشاريع المشتركة

صورة من اللقاء الذي جمع الكاظمي بالوزير السعودي في بغداد (المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي)

في لقاء هو الأول بين الجانبين، دشّن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان اللقاءات الرسمية بين بلاده وبغداد، بزيارة التقى فيها رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي.

وتصدرت الأحداث السياسية والأمنية في الإقليم جدول الزيارة، التي تأتي في وقت يشهد العراق ودول أخرى في المنطقة، نزاعاً مسلحاً وتدخلات خارجية غير مسبوقة.

وتأتي زيارة فيصل بن فرحان بعد عودة الكاظمي من واشنطن وعقده القمة الثلاثية مع مصر والأردن، في أجواء تعطي انطباعاً واضحاً بأن العراق ماضٍ بتعزيز الانفتاح على العالم وصناعة شراكات متينة مع محيطه العربي والمجتمع الدولي.

وارتكزت المباحثات على التعاون الاقتصادي بين البلدين، وتحقيق التوازن في الإنتاج النفطي، بالشكل الذي يخفف العبء الاقتصادي عن العراق، فضلاً عن مستجدات الأوضاع في المنطقة.

من جانبه، قال المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء عقب الزيارة، إن الكاظمي نقل للوزير السعودي تطلع بلاده لبناء علاقات مميزة ومختلفة تستند إلى الرابط التاريخي بينهما، مشدّداً على أهمية المملكة كشريك حقيقي للعراق في المرحلة المقبلة.

في حين أكد فيصل بن فرحان أهمية علاقة بلاده ببغداد، مستعرضاً التحديات المشتركة التي تجمع البلدين والتي كانت على رأس ما تم بحثه في اللقاء.

 

وتحاول حكومة الكاظمي توسيع علاقات العراق الخارجية، وبالرغم من تأكيداتها عدم نية الدخول في أي من المحاور المتصارعة في المنطقة، إلا أنها تحاول إخراج العراق من العزلة والاعتماد التام على إيران سواء في ملفات الطاقة أم ملفات الاقتصاد والاستثمار والتبادل التجاري، كمنطلق للتخلص من النفوذ السياسي المتنامي لطهران على العراق. 

ويرى مراقبون أن الملف الأبرز الذي سيمثل منطلق نشوء علاقات مختلفة مع الرياض، يرتبط بتفعيل تفاهمات اقتصادية عدة بينها ملف الربط الكهربائي ومحاولة ادخال استثمارات تجارية واقتصادية مع دول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها السعودية، وهو الأمر الذي قد يسهم بشكل مباشر في التخلص من سيطرة الجماعات المسلحة الموالية لإيران على الملف الاقتصادي.

ملفات المجلس التنسيقي

وفي أعقاب اللقاء، قال وزير التخطيط العراقي خالد بتال إن الجانب السعودي أبدى رغبة كبيرة في فتح آفاق تعاون جديدة مع بلاده، بخاصة تلك المنبثقة من المجلس التنسيقي السعودي العراقي، التي أقرّها مجلس النواب أخيراً.

وذكرت وزارة التخطيط في بيان نشرته وكالة الأنباء العراقية، أنها ترحب بتطبيق مخرجات اجتماعات لجنة التنسيق المشتركة في المجالات التجارية والاستثمارية والصناعية والزراعية، وأيضاً الخدمية ورفع مستوى الاستثمار المشترك.

 

ولفت الوزير إلى أن زيارة أجراها الوفد العراقي إلى الرياض، تمخّضت عن توقيع عدد من مذكرات التفاهم في مجالات عدة وتمويل مجموعة من المشاريع من القرض السعودي الميسر للعراق والبالغ مليار دولار، معرباً عن أمله في أن يسهم تسريع إقرار مشاريع أخرى من قبل مجلس النواب في توقيع اتفاقيات جديدة في القريب العاجل.

إحياء اللجنة التنسيقية

ويستند رئيس الوزراء العراقي في بناء علاقاته مع الرياض على "اللجنة التنسيقية" التي شكلت في فترة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، كمنطلق لصياغة تفاهمات اقتصادية واستثمارية وتجارية بين البلدين، إلا أن حقبة عادل عبد المهدي بما مثلته من ربيع لسلطة الفصائل المسلحة عرقل مساع الانفتاح تلك.

ويحاول الكاظمي إعادة مد جسور الثقة مع الرياض وتصوير نفسه على أنه شريك قوي وموثوق بالنسبة لمحيط العراق أو المجتمع الدولي، بعد أن كان العراق يعيش حالة أقرب إلى العزلة تحديداً في العامين الماضيين.

ويستمر الكاظمي بالتأكيد على أن العراق لن يكون جزءاً من أي محور من محاور المنطقة، وهو الأمر الذي دفع الرياض للدخول على خط بناء تفاهمات اقتصادية كمنطلق لتعاون أشمل بين البلدين.

وتحاول الرياض في الفترة الحالية صياغة تفاهمات أكبر بعد وصول الكاظمي إلى السلطة الذي لا يمثل امتداداً لأي من الأحزاب القريبة من إيران. 

وعلى الرغم من محاولات طهران وأذرعها في العراق استخدام الخطاب الطائفي في إزاحة السعودية عن المشهد العراقي، إلا أن هذا الأمر لا يبدو ذي تأثير يذكر في الفترة الحالية، تحديداً بعد احتجاجات أكتوبر (تشرين الأول)، التي ارتكزت مطالبها على انهاء النفوذ الإيراني، وتقليل المد الطائفي بشكل ملحوظ في مدن الوسط والجنوب ذات الغالبية الشيعية.

مخاوف طهران

ويبدو أن أكثر ما يثير قلق طهران من محاولات العراق الانفتاح على المحيط العربي هو احتمالية خسارتها الرئة الاقتصادية الرئيسة لها في المنطقة، حيث تسعى التيارات الموالية لها إلى عرقلة أي تفاهمات اقتصادية قد تمثل منطلقاً للتخلص من نفوذ طهران وتجفف منابع تمويل جماعاتها المسلحة داخل العراق.

وتعتبر إيران انفتاح العراق اقتصادياً على السعودية خطراً عليها في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعانيها، إذ يبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 12 مليار دولار يجري باتجاه واحد من دون أن يصدّر العراق شيئاً يُذكر. وكانت طهران قد عبّرت في وقت سابق عن سعيها إلى مضاعفة صادراتها لتصل إلى حدود 20 مليار دولار سنوياً، فضلاً عن عقود استيراد الطاقة.

وكان وزير المالية العراقي علي علاوي قد قال في وقت سابق لصحيفة "الشرق الأوسط" أن "أحد أهداف الحكومة العراقية إعادة التوازن مع دول المنطقة، من الناحية الاقتصادية والتجارية، وأن الدور الاقتصادي السعودي في البلاد نوعاً ما خجول - على حدّ تعبيره - خصوصاً أن حجم اقتصاد  المملكة يعادل نصف حجم اقتصاد العالم العربي".

وأشار إلى أن "وجود الاستثمارات السعودية ضعيف نسبياً مقارنة بتركيا وإيران، اللتين يصل حجم استثماراتهما إلى 12 مليار دولار في السنة، مقابل حجم استثمارات الرياض في العراق الذي يصل إلى مليار دولار في السنة".

فرص إحياء الزيارة المؤجلة

وكان الكاظمي يستعد لزيارة الرياض في 20 يوليو (تموز)، وجهته الأولى بعد تقلّده رئاسة الحكومة، قبل إعلان الخارجية السعودية صبيحة اللقاء المفترض، تأجيل زيارته لظرف صحي طارئ ألمّ بالملك سلمان بن عبد العزيز في حينها.

وقالت الخارجية وقتها إن القيادة في المملكة اختارت تأجيل الزيارة بعد التنسيق مع العراقيين، إلى ما بعد خروج العاهل السعودي من المستشفى، رغبةً منها في أن تحتفي بالزيارة كما يجب، تقديراً لاختياره الرياض في زيارته الأولى.

ولم يحدد موعد الزيارة المقبلة بعد، إلّا أن لقاء اليوم يعد اللقاء الرسمي الرفيع الأول بين الطرفين وينتظر منه أن يدشن الاتصالات الرسمية من جديد للتنسيق بشأن موعد قريب للقاء المؤجل.

المزيد من العالم العربي