تبنّت حانات وأندية الليل في طوكيو قواعد وإرشادات جديدة تهدف إلى محاولة وقف انتشار "كوفيد 19"، وذلك إثر ارتفاع مضطرد في عدد الإصابات، حمّلت الحكومة اليابانيّة مسؤوليته لواقع الحياة الليليّة في العاصمة اليابانيّة. ووجّهت الحكومة اللوم إلى آلاف الحانات التي يقدّم فيها مضيفون ومضيفات خدمات ترفيهيّة إلى زبائن هم في العادة موظفون إدارييون يرفّهون عن أنفسهم بعد يوم العمل، بغناء الـ"كاراؤوكي" karaoke واحتساء الشراب برفقة نادلات محترفات.
وبلغ عدد الإصابات الجديدة في طوكيو الأسبوع المنصرم 300 إصابة في يوم واحد، الأمر الذي حمَل الحكومة اليابانية على دعوة الناس إلى عدم السفر من العاصمة وإليها. واستُثني ذلك السفر من الحملة الحكوميّة التي تبلغ ميزانيتها بضعة مليارات من الدولارات، وتسعى إلى إحياء السياحة الداخليّة في اليابان.
في هذا السياق، علّق الناشط في مجال الصحّة العامة، شينيا إيوامورو، على الأمر، فاعتبر أن العاملين في حانات طوكيو يحتاجون إلى مزيد من الإرشادات كي يحافظوا على سلامتهم في خضم الجائحة. وقد بدأ السيد إيوامورو فعلاً بتعليم سبل السيطرة على العدوى في عدد من أندية الليل في طوكيو، إذ شرح خلال مؤتمر صحافي الخطوات التي ينبغي على مضيفات ومضيفي الحانات اتخاذها لتلافي الإصابة بالفيروس. وكذلك دعا إيوامورو في هذا الإطار إلى "حصر التقبيل، قدر المستطاع، بالشريك (العاطفي) وحده، وتلافي القبل "العميقة". ودعا ذلك الناشط الصحّي أيضاً إلى وجوب عدم مشاركة صحون الطعام، وضرورة أن يجلس الضيوف بوضعيّة زاوية قائمة لتلافي انتشار القطرات التي تحمل الفيروس خلال تبادل الأحاديث.
في السياق نفسه، وضعت "رابطة مؤسّسات الحياة الليليّة" Nightlife Business Association لائحة بإرشادات جديدة للعاملين في قطاعها. وتضمّنت تلك الإرشادات وجوب تعقيم مايكروفونات غناء الـ"كاراؤوكي" بين كل وصلة غناء وأخرى. في المقابل، استمرت الإرشادات الحكوميّة الرسميّة في إعطاء تعليمات بشأن الحفاظ على مسافة المترين بين الأشخاص، وضرورة ارتداء الكمامات. ومن جهة أخرى، لم تعد هذه التعليمات ملائمة بالنسبة إلى معظم الحانات والأندية الليلية، بحسب ما نقلته إلى الصحافيين المديرة التمثيليّة لـ"رابطة مؤسسات الحياة الليليّة"، كايوري كوهغا. وفي هذا الإطار، ذُكِرَ أن كبير أمناء مجلس الوزراء، يوشيهيدي سوغا، ينوي فرض مزيد من الفحوصات التي ستُنفّذ في مؤسّسات ومرافق الحياة الليلية. وجاء ذلك بعد أن بيّنت الفحوصات الشاملة التي أجريت في منطقة حانات الضيافة في طوكيو، تصاعد عدد إصابات فيروس كورونا، خصوصاً بين الشباب. كذلك تدرس الحكومة مسألة التشدد في تطبيق قانونها الخاص المتعلّق بجائحة كورونا، الذي يسمح لها بإعلان حالة الطوارئ.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في المقابل، اعتبرت السيدة كوهغا أن الحكومة تتخذ من الحياة الليلية الناشطة في طوكيو كبش فداء أمام تصاعد عدد الإصابات بـ"كوفيد 19". وفي هذا السياق، أوضحت كوهغا أن "لا شيء سيتغيّر إذا اقتصر الأمر على انتقادنا وإلقاء اللوم علينا". وقد أشارت أيضاً إلى أن الحكومة لم تعترف، أو تقرّ بالإرشادات التي أصدرتها الرابطة، وكذلك لم تقدّم الدعم المالي الكافي للمؤسسات والعاملين فيها. واعتبرت كوهغا أيضاً أن عديداً من النساء اليابانيات، من بينهنّ أمهات عازبات ونساء في وضعيّات اجتماعيّة أخرى، ممن يصعب عليهنّ العثور على عمل، يلجأن في العادة إلى عمل الحانات لتأمين شبكة أمان وظيفيّة سهلة.
وفي تطوّر متصل، لاقى كلام السيدة كوهغا صداه. إذ شدّد مدير قسم العلوم الجرثومية في "المعهد الوطني للأمراض المعدية" National Institute of Infectious Diseases، ماسايوكي سايجو، على ألّا تقوم السلطات باستهداف مجموعات معيّنة من الناس، وممارسة التمييز بحقّها، لمجرّد اعتبارات تتعلّق بطبيعة عملها. وذكر السيد سايجو أن "لا فرق بين العمل الليلي والعمل النهاري. إذ أن استراتيجيّة الحدّ من انتقال العدوى بين الأشخاص تبقى هي ذاتها".
واستطراداً، يذكر أن اليابان رفعت في مايو (أيار) المنصرم حالة الطوارئ الأولى التي أعلنت إثر تفشي فيروس كورونا، لكن البلاد عادت وشهدت ارتفاعاً في عدد الإصابات ابتداءً من مطلع الشهر الحالي. وتأتي أعداد الإصابات اليوميّة الجديدة، أكثر ارتفاعاً من أعداد الإصابات المسجّلة خلال فترة الذروة في ظلّ حالة الطوارئ السابقة. وعلى الرغم من ذلك، أصر المسؤولون على عدم ضرورة العودة إلى حالة الطوارئ، مشيرين إلى أن بعض أسباب تصاعد عدد الإصابات حاضراً يُفَسّر بزيادة عدد الفحوصات. في ذلك الصدد، تجدر الإشارة إلى أن تعامل اليابان مع الجائحة كان أفضل من تعامل دول كثيرة. إذ بقي عدد الوفيات جراء الفيروس أقلّ من 1000 شخص، بالمقارنة مع 45 ألف وفاة في بريطانيا، و143 ألف وفاة في الولايات المتحدة.
© The Independent