Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رؤية أممية معدلة للسلام في اليمن بين الرفض والقبول

أرسل مكتب المبعوث الأممي مسودة اتفاقية مقترحة لـ"الشرعية" و"الحوثي" تتضمن وقف إطلاق النار وحلول إنسانية واقتصادية

 الأمين العام للأمم المتحدة دعا إلى وقف الأعمال العدائية في اليمن (رويترز)

بعد خمول سياسي لأكثر من عام على آخر مشاورات بين الأطراف اليمنية في مدينة ستوكهولم السويدية، عادت الجهود السياسية لحلحلة الأزمة اليمنية من جديد إلى الواجهة على خلفية توقعات بتداعيات كارثية لأزمة كورونا قد تتجاوز الأزمة نفسها.

بداية نكز المساعي السياسية كانت في مارس (آذار) الماضي، عندما دعا الأمين العام للأمم المتحدة الأطراف المتحاربة في اليمن إلى وقف الأعمال العدائية، والتركيز بدلاً عن ذلك على مواجهة كورونا، وفي نهاية مارس(آذر)، أرسل مكتب المبعوث الأممي إلى الحكومة اليمنية والحوثيين مسودة اتفاقيات مقترحة حول وقف إطلاق النار، وتدابير إنسانية واقتصادية، أكد فيها على الاستئناف العاجل للعملية السياسية بهدف وضع نهاية شاملة للنزاع.

وبحلول أوائل أبريل (نيسان) الماضي، تلقى غريفيث تعليقات مبدئية من كلا الطرفين، بدا في ظاهرها رفض صريح من جانب الحوثيين، وأعلنوا عن رؤيتهم الخاصة للسلام، في مقابل ترحيب الحكومة اليمنية بهذه المقترحات.

ومع بداية يوليو (تموز) الحالي، وصل المبعوث الأممي مارتن غريفيث إلى الرياض، والتقى الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، والسفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، وأعلن عن مسودة معدلة من رؤيته للحل الشامل في اليمن، سمي بالإعلان المشترك لوقف الحرب في اليمن.

وبعدها عاد المبعوث الأممي غريفيث، ومعه السفير البريطاني إلى اليمن مايكل أرون، من مسقط، خالي الوفاض، بعد أن رفض وفد جماعة الحوثي لقاءه، واشترط قبل اللقاء السماح بدخول سفن المشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة.

رؤية حوثية

كان الحوثيون قد أعلنوا تمسكهم بوثيقة الحل السياسي الشامل التي تقدموا بها في أبريل (نيسان) الماضي، بمبادرة منهم، وسلموها إلى المبعوث الأممي، واشترطوا خلالها الوقف الشامل والنهائي للحرب في اليمن، وإيقاف كل الأعمال العسكرية البرية، والبحرية، والجوية، وإنهاء الوجود الأجنبي في كل الأراضي اليمنية (في إشارة للتحالف العربي الداعم للشرعية).

وذكرت أن المرحلة الانتقالية تقوم على ضمان وحدة اليمن واستقلاله، وسلامة أراضيه، كما تنص وثيقة الحوثيين على أن تطرح مخرجات العملية السياسية لاستفتاء شعبي وفقاً للدستور اليمني.

وتنص على أن يلتزم مجلس الأمن الدولي، والأمم المتحدة عقد الحوار في أجواء حرة ومستقلة، وتحدد الأمم المتحدة مكان الحوار وزمانه.

ودعت وثيقة الحوثيين إلى أن يقدم كل طرف مقترحاته، ورؤاه بشأن العملية السياسية لمبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن.

وتعقيباً على الإعلان المشترك الذي أعلن عنه غريفيث أخيراً، فقد نفى محمد علي الحوثي عضو المجلس السياسي التابع للحوثيين استلام جماعته لأي رؤية معدلة للسلام في اليمن أخيراً، وقال الحوثي في سلسلة تغريدات على "تويتر" "لا توجد أي رؤية مقدمة من أي طرف من دول العدوان للحل كما يروج".

وأضاف، "ما قدم المبعوث من مقترحات سابقاً في شهر أبريل (نيسان) الماضي لم يتم الرد عليها منذ شهرين وأكثر، وطلبوا منه الانتظار للرد بعد أسبوعين من لقائه بهم".

وتابع، "كان ردنا على المبعوث بوثيقة الحل الشامل التي أكدت على الحلول المشروعة غير المنقوصة للجمهورية".

رفض حكومي

الناطق باسم الحكومة اليمنية راجح بادي أكد أن موقف الحكومة واضح فيما يتعلق بالمبادرة التي تقدم بها السيد مارتن غريفيت في 17 أبريل  بما أسماه إعلاناً مشتركاً حول وقف إطلاق النار، والتدابير الإنسانية، والاقتصادية، واستئناف المشاورات السياسية.

وقال بادي في حديثه لـ "اندبندنت عربية" إن الحكومة أبلغت غريفيث بعدها برسالة رسمية، موافقتنا على هذا الإعلان المشترك أو على هذه المبادرة، وطلب منا بعدها أن يتحدث مع الحوثيين، وأجرى محادثات لأكثر من شهر مع الحوثيين وعاد لنا أخيراً بنسخة معدلة.

وأضاف "لكن للأسف الشديد أن هذه النسخة تختلف كلياً أو جذرياً عن المبادرة السابقة التي وافقنا عليها، ورفضها الحوثي وتفاجأنا أن هذه المبادرة الجديدة، أو التعديلات تتضمن وتحتوي على مطالب الحوثيين المخالفة للمرجعيات الثلاث، والمخالفة للقانون الدولي، التي تثبت ماتقوم به هذه المليشيات الانقلابية في كثير من المحافظات".

وتابع "أرسلنا رسالة للمبعوث الأممي أكدنا رفضنا لهذه التعديلات التي أجراها، وتمسكنا بالنسخة السابقة التي تقدم بها لنا في 17 أبريل الماضي. الكرة الآن في ملعب المبعوث الأممي الذي قام بهذه المخالفات الكبيرة".

فشل أممي

يرى الصحافي اليمني المهتم بالشؤون الإنسانية والحقوقية همدان العليي الرؤية أو ماسمي بالإعلان المشترك التي أطلق عليها هذا الاسم من باب دعمها، وإضفاء صبغة دولية عليها، ماهي إلا تلبية لمطالب الحوثيين القديمة والجديدة، ولا يمكن من خلالها تحقيق السلام في اليمن والاستقرار في المنطقة، لأنها لا تضمن تحقيق القرارات الدولية وأهمها قرار 2216 والمبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني، وبالتالي هي تنفذ مطالب الحوثيين ولا تحل المشكلة.

وأكد العليي أن هذه المبادرة الأخيرة ستكون سبباً في إضعاف فرصة اليمنيين في استعادة الدولة، وإضعاف الحكومة الشرعية التي يتمسك بها اليمنيون، ليس من أجل شخوصها، وإنما باعتبارها الوسيلة المثلى لاستعادة البلد دون أن تنزلق، أو تذهب الحرب لتكون في أبعاد أخرى غير وطنية (أبعاد طائفية).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار إلى أن اليمنيين يعرفون أن هذه المبادرات لا يمكن أن توقف الحرب، أو تصنع السلام، وإنما تطرح في مسعى لتحقيق نجاح شخصي لمكتب المبعوث الأممي في اليمن وهي التي ظهرت بهذه المبادرة، إنها معزولة تماماً عن الواقع والدليل أنه منذ تعيينه مبعوثاً في اليمن في العام 2018 لم ينجح في مهمة واحدة.

وقال العليي "بدلاً من أن تعمل الأمم المتحدة من أجل تنفيذ  قرار مجلس الأمن 2216 الذي يلزم الحوثيين تسليم مؤسسات الدولة وتسليم السلاح، وإطلاق المختطفين، قامت بتثبيت الانقلاب في الحديدة، وتحولت إلى حامية لجماعة الحوثيين، وبالتالي هناك فشل ليثبت الحوثيين في الحديدة وموانئها"

وأضاف "أيضا هناك فشل ذريع في تنفيذ التفاهمات الاقتصادية التي كان هدفها تسليم مرتبات الموظفين، فقامت جماعة الحوثي بنهب الأموال المجنبة في حساب خاص في فرع البنك المركزي في الحديدة دون أن تعمل الأمم المتحدة أي شيء، ولم تستطع الأمم المتحدة أن تحمي العاملين معها وهذه أبسط الأمور".

ونوه إلى أن الأمم المتحدة بدأت بنفس أسلوب الحوثيين المتمثل في استغلال الوضع الإنساني للضغط على الحكومة الشرعية من أجل تقديم تنازلات وتثبيت الحوثيين، كما هي الحال في الناقلة النفطية صافر التي تمثل مخاطر حقيقية، وتستخدمها الجماعة الحوثية كفزاعة للضغط على الحكومة والمجتمع الدولي، بينما الحل الحقيقي لهذه الإشكالية يتمثل في إبعاد هذه السفينة وإفراغها.

واتهم الأمم المتحدة بالتواطؤ مع جماعة الحوثي لإطالة أمد الحرب ومعاناة اليمنيين، وهناك ملف المختطفين الذي تماطل فيه جماعة الحوثي، وتراوغ وتحاول ربط هذا الملف الإنساني بالجانب السياسي.

السلام التزامات وليس خدعة

عادل الأحمدي رئيس مركز نشوان الحميري للدراسات والإعلام، أكد أن السلام ليس شعاراً، أو أمنية تلوكها الألسن، أو تتغنى به البيانات، بل هو مسألة تتطلب منطلقات موضوعية، والتزامات بدونها يغدو الحديث عن السلام مجرد خدعة لاستئناف الحرب.

وقال الأحمدي لـ "اندبندنت عربية" "عند التوقف مع مقترحات المبعوث الأممي، نجد أنه لا يوجد أدنى مؤشر على أن الحوثي ينوي التجاوب مع السلام. وأن كل ما يقوم به في صنعاء من تجريف للدولة ومؤسساتها واستبدال كوادرها بعناصره في مختلف المؤسسات والقطاعات. كلها تؤكد أن الحوثي لا يعمل بحسابه ولو 1 في المئة أن هناك سلاماً له مقتضياته التي تتطلب منه أن ينسحب، وتكون هناك حكومة يشارك فيها بحجمه الطبيعي.

وأضاف "تتعدى الممارسات الحوثية، مسألة احتلال الدولة وإحلال عناصره فيها، إلى مسألة تعديلات قانونية ومشاريع مثل ما أعلن مشروع "بناء الدولة"، الذي يفرضه الحوثيون بدلاً عن الدستور، وهي تعديلات تشير إلى أن الجماعة تقوم بتصغير، وتحوير الدولة اليمنية التي كانت لتصبح سلطة إمامة كهنوتية قهرية مفروضة على المواطنين بالحديد والنار.

وأكد أن الحوثي يبتعد كل البعد عن مقتضيات السلام التي حددتها جولات المفاوضات  المعروفة للجميع بالتقسيم إلى شق عسكري وشق سياسي، ويحاول أن يعرف السلام بطريقة خاصة من خلال تصوير (وكأن الحرب بينه وبين السعودية)، وبالتالي التنصل وإنكار الواقع الذي فرضه تمرده المسلح وسطوه على الدولة اليمنية، إلى محاولة تصوير أنه يمثل اليمن، الخاضع لسيطرته.

وأشار الأحمدي إلى أن المبعوث الأممي رغم ذلك يريد القفز على شروط السلام التي تحددها الحكومة الشرعية بالمرجعيات الثلاث، ويقدم مبادرة تعطي الحوثي فسحة من الوقت لا أكثر.

وفي مقابل الاتهامات الموجهة إليه أوضح غريفيث أن مسؤوليته كوسيط تقتضي تجسير الفجوة بين مواقف الأطراف مهما اتسعت إلى أن يتم الوصول لحل وسط مقبول للطرفين ويحقق طموحات اليمنيين.

المزيد من تقارير