Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ارجاء الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب بشأن ليبيا وسد النهضة إلى الثلاثاء

التلويح المصري بالتدخل العسكري في ليبيا يعيد خلط أوراق الأزمة

قوات تابعة لـ "الجيش الوطني" أثناء تجمعها في بنغازي في 18 يونيو الحالي قبل التوجه إلى سرت (أ ف ب)

صعّدت مصر لهجتها تعبيراً عن رفضها ما يدور في جارتها ليبيا، غير بعيد من حدودها الغربية، إذ أعلن رئيسها عبد الفتاح السيسي في خطاب لافت أن بلاده مستعدة للدفاع عن أمنها إذا حاولت قوات حكومة الوفاق المدعومة من تركيا وتسيطر على العاصمة الليبية طرابلس، نقل المعارك إلى داخل عمق مصر الأمني الإستراتيجي، بعد سرت في وسط ليبيا والجفرة جنوبها.
كلمة الرئيس المصري، التي ألقاها وسط حشد عسكري كبير من القوات البرية والجوية، على الحدود المشتركة مع ليبيا، لاقت تفهماً دولياً واسعاً، وانقساماً كبيراً حولها في ليبيا، بين ترحيب بمعسكر الشرق، من البرلمان و"الجيش الوطني"، واستهجان حكومة الوفاق، التي عدته إعلاناً صريحاً للحرب عليها.
وجاء التهديد المصري بالتدخل العسكري في ليبيا، رداً على إعلان الحكومة التركية، عزمها دعم قوات الوفاق، في التقدم نحو سرت والجفرة، للسيطرة على منابع النفط، وبعد استنفاد المساعي الدبلوماسية إلى الحل السياسي. إذ رفضت حكومة الوفاق التجاوب مع محاولتين مصريتين للحل، الأولى وهي المبادرة السياسية التي حملت اسم "إعلان القاهرة" وأُعلن عنها منذ أيام، أما الثانية فهي دعوة مصر إلى اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية، لبحث التطورات الخطيرة للأزمة الليبية.

اجتماع طارئ
 

وفي ظل الأجواء المشحونة، أعلنت جامعة الدول العربية مساء الأحد أنّها أرجأت إلى الثلاثاء موعد انعقاد اجتماع طارئ على مستوى وزراء الخارجية لبحث تطوّرات الأوضاع في ليبيا وملفّ سدّ النهضة الأثيوبي، مشيرة إلى أن أسباب الإرجاء هي محض تقنية كون الاجتماع سيعقد عبر الإنترنت.
وكانت الجامعة أعلنت في بيان ظهر الأحد أنّ الاجتماع سيعقد الإثنين، إلا أنها أصدرت مساء بياناً ثانياً أوضحت فيه أنّه "تقرّر تأجيل الاجتماع لمدة 24 ساعة فقط ليعقد يوم الثلاثاء المقبل بدلاً من يوم غد الإثنين وذلك لأسباب تقنية خاصة بشبكة الاتصال المرئي والترتيبات المتّصلة بعقد الاجتماع الوزاري".
وأفاد مسؤول دبلوماسي في الجامعة لوكالة الصحافة الفرنسية أن "وزراء الخارجية العرب سيعقدون جلستين منفصلتين بناءً على طلب مصر: الجلسة الأولى حول تطورات الأوضاع في ليبيا والثانية حول موضوع سد النهضة الأثيوبي".
وكان البيان الأول للجامعة ذكر أن الاجتماع سيُعقد "برئاسة الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية بسلطنة عمان بناءً على طلب من جمهورية مصر العربية لبحث تطورات الوضع في ليبيا عبر تقنية الفيديو كونفرنس".

الشرق يرحب

ولاقى إعلان الرئيس المصري استعداد بلاده التدخل في ليبيا، في حال هاجمت قوات الوفاق الموالية لتركيا، مدينتَي سرت والجفرة، ترحيباً واسعاً في شرق البلاد، على المستويَين الرسمي والشعبي، إذ صدرت تصريحات داعمة من مسؤولين في البرلمان والجيش والحكومة المؤقتة، ودعوات شعبية إلى التظاهر دعماً للإعلان المصري.
وصرح مدير إدارة التوجيه المعنوي في "الجيش الوطني الليبي" اللواء خالد المحجوب إلى "اندبندنت عربية"، بأن "الموقف المصري مرحَب به، ومفهوم من قيادة الجيش، نظراً إلى الأخطار التي يمثلها التوغل التركي في العمق الإستراتيجي لأمن مصر، إذا تجاوز سرت والجفرة". وأضاف أن "أردوغان عبّر بوضوح عن إصراره على الوصول إلى منابع النفط، الواقعة شرق سرت وفي الجنوب الشرقي لليبيا، لإدراكه أن المناطق التي سيطر عليها، غرب البلاد، لا أهمية اقتصادية لها. ومن دون النفط، فهو في الواقع لم يحقّق شيئاً من تدخله في ليبيا، ما استلزم رداً مصرياً يلجم أطماع أنقرة، التي باتت تشكّل تهديداً صريحاً لمصالحها".
وبيّن المحجوب أنه "حتى الحدود البحرية، التي أعاد أردوغان ترسيمها مع حكومة الوفاق، تقع شرق ليبيا وليس غربها، وتمسّ الحدود المائية لمصر، بالتالي التخوّفات المصرية منطقية، بينما تدرك تركيا أنها إذا لم تتوغّل شرقاً، ستخرج بمعادلة صفرية من تدخّلها في بلادنا".
ولدى سؤالنا حول ما إذا تمّ الإعلان المصري بتنسيق مع الجيش الليبي؟ أجاب محجوب "بالتأكيد هناك تنسيق وتعاون، وكل الخطوات التي قد تلجأ إليها القاهرة لحماية مصالحها وأمنها، ستتم بالتشاور معنا، ووجهات النظر بيننا وبين القيادة السياسية والعسكرية في مصر متطابقة تماماً".
كذلك، لاقت كلمة السيسي ترحيباً من البرلمان الليبي والحكومة المؤقتة التابعة له، حيث رحّب النائب الثاني لرئيس مجلس النواب، أحميد حومة، بما جاء فيها، معتبراً إنها "متناغمة مع إعلان القاهرة، لحل الأزمة الليبية". ولفت إلى أن "دور مصر يهدف إلى وقف الاقتتال بين الأشقاء الليبيين، وحماية الأمن القومي العربي، بخاصة مع تدخل تركيا في شأن بلادنا".

ورحّب وزير الخارجية في الحكومة الليبية المؤقتة عبد الهادي الحويج أيضاً بكلمة السيسي، وقال في بيان، إن "ليبيا تتقاسم مع مصر مصيراً مشتركاً، والموقف المصري تجاه ليبيا، ينسجم مع مخرجات مؤتمر برلين، وموقف دول عدة".
رفض في طرابلس
من طرابلس، جاء موقف "حكومة الوفاق" رافضاً ومستهجناً بأشد العبارات لما ورد في كلمة الرئيس المصري، معتبرةً إياها بمثابة "إعلان حرب" عليها و"تدخل غير مقبول في الشأن الليبي".
واعتبر النائب في المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق عبد السلام كاجمان، أن "تصريحات السيسي تُعد تدخلاً في ليبيا، وترقى إلى إعلان حالة حرب، على دولة مستقلة ذات سيادة وعضو في الأمم المتحدة". وأضاف أن "حكومة الوفاق تستمد شرعيتها من الاتفاق السياسي (الذي تم التوصل إليه في الصخيرات في المغرب)، وهي المسؤولة الأولى عن بسط السيطرة على كامل أراضي ليبيا".

أما المتحدث باسم "قوات الوفاق" محمد قنونو فنفى أن يشكل تقدمهم باتجاه الشرق، خطراً على أمن الجارة الشرقية لليبيا. وقال إن "مَن يرى أننا نشكل تهديداً له فليغلق حدوده، ويمسك عنا مدرعاته وطائراته". وأضاف "تحيط بنا سبع دول مجاورة، ولم نشكل خطراً على أمنها، كما تدعي القاهرة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تفهم دولي ودعم إقليمي


دولياً، قوبلت كلمة الرئيس المصري بمواقف متفهمة لمخاوف القاهرة، إذ أصدرت وزارة الخارجية الأميركية بياناً عبّرت فيه عن دعمها "للجهود المصرية، لاستئناف الحوار بين الفرقاء في ليبيا، برعاية الأمم المتحدة"، لافتاً إلى أن واشنطن تدعم "رغبة الليبيين، في وضع حد للتدخل العسكري الأجنبي، والامتثال لحظر الأسلحة، والتعهد بتنفيذ مخرجات مؤتمر برلين، التي تم التوصل إليها في يناير (كانون الثاني) الماضي".

كذلك، عبّرت وزارتا الخارجية السعودية والإماراتية، عن تفهمهما مخاوف مصر، إزاء التطورات في ليبيا على أمنها، مؤكدتين دعم الرياض وأبو ظبي الكامل للقاهرة، بخطواتها في هذه الأزمة، مشددتين في الوقت ذاته، على أن أمن مصر من أمن بلادهما.

الأردن بدوره أكّد وقوفه إلى جانب مصر في مواجهة "أي تهديد لأمنها واستقرارها"، وفق ما أفادت وزارة الخارجية في بيان، قالت فيه إن الوزير أيمن الصفدي بحث في اتصال هاتفي مع نظيره المصري سامح شكري تطورات الأوضاع في ليبيا. وبحسب البيان، أكّد الوزيران ضرورة حل الأزمة سياسياً "بما يضمن أمن ليبيا واستقرارها وسيادتها ووحدة أراضيها ومصالح شعبها وفق المرجعيات المعتمدة التي تشمل اتفاق الصخيرات، ومؤتمر برلين، واتفاق القاهرة المنسجم مع مخرجات مؤتمر برلين".

إرباك في أنقرة

في المقابل، احتجّت تركيا على ما ورد في كلمة الرئيس المصري، التي تشكّل ضربةً لطموحاتها ومخططاتها، التي أعلن عنها الرئيس التركي رجب أردوغان قبل أيام، وحدّد فيها الهدف الإستراتيجي لبلاده في ليبيا خلال المرحلة الحالية، المتمثل في السيطرة على الهلال النفطي، شرق سرت.
واشترطت أنقرة انسحاب "الجيش الوطني" من سرت والجفرة، وإخراج قائده المشير خليفة حفتر من المشهد السياسي، للعودة إلى المفاوضات والوصول إلى هدنة مستدامة في ليبيا. وأتى في تصريحات متطابقة لوزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو والناطق باسم الحكومة التركية، إبراهيم قالن، أن "هذا هو موقف حكومة الوفاق، وتركيا تدعمه".

رسالة واضحة وألفاظ محددة

من جهة أخرى، يرى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، في جامعة بنغازي، جمال الشطشاط، في حديث إلى "اندبندنت عربية"، أن "الموقف المصري أعاد التوازن إلى المشهد الليبي، بعد ميله لصالح معسكر طرابلس في الفترة الأخيرة"، مشيراً إلى أن "اللافت في الخطاب، كان اللهجة الحادة للرئيس المصري، والألفاظ المحددة في التوصيف، والتي شملت كلمات مثل جماعات إرهابية وميليشيات خارجة عن القانون، التي تُستخدم في الموقف الرسمي المصري لأول مرة، لتعبّر صراحة عن موقف مصر، تجاه أطراف الأزمة الليبية". وأضاف أن "هذا الواقع الجديد الذي فرضته مصر، من شأنه أن يعيدنا إلى المسار السياسي، وإعلان هدنة عسكرية، مرتكِزة على المواقع الحالية لكل طرف"، معتبراً أن "إلقاء الرئيس المصري كلمته وسط حشد عسكري هائل، على الحدود الليبية، حمل رسائل واضحة، لا يمكن أن تتجاهلها تركيا وحكومة الوفاق".

المزيد من العالم العربي