Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لبنان يواجه مخاطر التخلف العشوائي عن سداد ديونه

المستشار القانوني الدولي استبعد قرار إعادة الجدولة بطلب من الدولة

رئيس الوزراء اللبناني حسن دياب يغادر بعد كلمة أعلن فيها قرار تعليق دفع الـ "يوروبوند" (أ.ف.ب)

مع انقضاء يوم التاسع من مارس (آذار)، موعد سداد استحقاق السندات الدولارية الى حَمَلَتِها من المستثمرين الأجانب أو المحليين، تنفيذاً لقرار الحكومة اللبنانية تعليق الدفع، يكون لبنان قد خطا أولى خطواته التطبيقية نحو دخول نادي الدول المفلسة، بعدما شكل قرار الحكومة أعلاناً رسمياً للإفلاس.

المهلة المتاحة للتفاوض

وبانقضاء هذا التاريخ، يبدأ العد العكسي أمام المهلة المتاحة للتفاوض مع الدائنين من حملة السندات، وهي لا تتجاوز الأسبوع، على لبنان خلالها أن يظهر حسن نيته والتزامه تنظيم عملية إعادة جدولة الديون المستحقة في إطار خطة مبرمجة لهيكلتها. ذلك أن قرار التخلف عن دفع سند مارس، يضع كل رزمة السندات المصدرة من الحكومة اللبنانية على طاولة التفاوض، وقيمتها 30 مليار دولار، موزعة كالآتي: 11 ملياراً للصناديق والأفراد في الخارج، 13 ملياراً محمولة من المصارف اللبنانية، و5.7 مليار لدى المصرف المركزي.
وفي هذا الصدد، صرح وزير المالية اللبناني غازي وزني اليوم الاثنين، أن لبنان لم يصل إلى نقطة التخلف غير المنظم عن سداد ديونه لكنه خيار ممكن إذا كان الدائنون غير مستعدين للتفاوض. وقال وزني إن احتياطيات البنك المركزي تبلغ 29 مليار دولار وإن البنوك المحلية أُعطيت سبعة مليارات دولار لأجل الوفاء بالتزاماتها الداخلية والخارجية. وأضاف أن هناك خطوات عدة يمكن اتخاذها لمعالجة المشاكل التي تواجهها المصارف التجارية، وأن دمجها وضخ سيولة بين 20 و25 مليار دولار من الخارج هو شرط أساسي لذلك.

وكانت المفاوضات بدأت قبل إعلان الحكومة قرارها، من خلال المكتب الاستشاري المالي الدولي "Lazard" الذي تعاقدت معه لهذه الغاية، إلى جانب المستشار القانوني الدولي "Cleary Gottieb"، لكن ضيق الوقت لم يتح للازارد الوصول الى وضع برنامج مع الدائنين، علماً بأن معلومات أكيدة توافرت لنا كشفت أن "Lazard" كان يعمل على قرار التخلف بناء لطلب الحكومة، وليس إعادة الجدولة. واليوم تنطلق مفاوضات ثلاثية الأطراف في شكل رسمي بين الدولة اللبنانية والمصارف والدائنين. وقد كلفت جمعية المصارف مكتب "houlihan lokey" مستشاراً لها لإدارة التفاوض من جانبها، فيما يتولى الاستشاري "لازارد" التفاوض باسم الدولة.

ولا تعكس أصداء المفاوضات الأولية أي إيجابية حتى الآن، في ظل تشدد الدائنين الذين تم التواصل مع نحو 75 في المئة منهم، وعدم إبدائهم أي تفهم أو قبول للشروط التفاوضية التي تخوضها الدولة.

تخلف منظم أو عشوائي؟

وفي انتظار ما ستؤول إليه نتائج هذه المفاوضات، فإن لبنان سيكون أمام خيار من اثنين: إما التوافق مع الدائنين على خوض تفاوض على برنامج منظم لإعادة هيكلة الدين، وإما الإعلان عن التخلف. وتجدر الإشارة في هذا المجال إلى أن رئيس الحكومة حسان دياب اعتمد في خطابه إلى اللبنانيين السبت الفائت صيغة "تعليق" الدفع وليس الامتناع عنه، أو التخلف، باعتبار أن إعلان التخلف سيأتي بعد صدور نتيجة المفاوضات الأولية مع الدائنين، لأن المفاوضات الجارية حالياً ترمي إلى الاتفاق مع هؤلاء على القبول بدخول في برنامج إعادة هيكلة لسنداتهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يقف لبنان على مفترق خطير جداً بالنسبة إلى وضعه المالي، ذلك أن كل المؤشرات تشي بتعذر التفاوض الودي مع الدائنين. وفي حال سلك لبنان هذا الخيار الذي يشكل السيناريو الأسوأ بالنسبة إليه، فما هي التداعيات التي سيرتبها مثل هذا القرار على البلد وعلى اللبنانيين؟

لبنان دخل دائرة الخطر

يدخل لبنان إلى عملية تفاوض شاقة وطويلة من موقع تفاوضي ضعيف بسبب هشاشة وضعه المالي والنقدي والاقتصادي. وقد عبر رئيس الحكومة عن هذا الواقع بوضوح عندما أعلن عن أن الأزمة اللبنانية ذات أبعاد ثلاثية: أزمة النقد وأزمة المصارف وأزمة الدين. وهذا الوضع ينسحب أيضاً على وضعه السياسي الهش، حيث بات يدور في فلك محور إيران، بعد تشكيل حكومة تخضع لنفوذ "حزب الله" وإيران بالكامل. فإذا لم ينجح خيار التفاوض الودي لبرمجة هيكلة الدين، فإن لبنان مقبل على مرحلة شديدة الخطورة في ظل الترقب الدولي للخطوات التي تعتزم الحكومة اتخاذها. ويمكن إدراج المخاطر المحدقة بثلاث أساسية:

الأول يتمثل بلجوء وكالات التصنيف الدولية إلى خفض جديد لتصنيفه السيادي إلى مستوى "D" أي "Default"، ما يضعه في خانة التخلف والإفلاس برتبة "خردة".

الخطر الثاني نقدي ومالي يكمن أولاً في المخاطر على العملة الوطنية التي ستشهد تدهوراً، ما لم يضطر المصرف المركزي إلى تحرير سعر الصرف في ظل افتقاده إلى الأدوات النقدية للدفاع عنها مع استنفاد احتياطاتها بالعملات الأجنبية، والاحتفاظ بها من أجل تأمين الحاجات التمويلية الملحة مثل الأدوية والقمح والفيول. وحتى لو لم يعمد المركزي إلى تحرير سعر الصرف، إلا أنه سيضطر إلى رفع سعر التثبيت من 1515 ليرة للدولار الواحد إلى 2000 ليرة، وهذا قرار يجري درسه وتم التمهيد له من خلال التعميم الذي أصدره المركزي إلى الصيارفة بالتزام سقف ألفي ليرة للدولار، علماً بأن هؤلاء لم يلتزموا في أول يوم من الأسبوع، وامتنعوا عن بيع الدولار. وإلى العملة، ثمة مخاطر عالية على ميزانيات المصارف والمصرف المركزي نظراً إلى حجم السندات التي يحملها الجانبان (5.7 مليار دولار في محفظة المركزي و13 ملياراً لدى المصارف).

الخطر الثالث

أما الخطر الثالث فقضائي حيث ينتظر أن يدخل لبنان في نزاع قضائي مع الدائنين فيما لو رفض هؤلاء الشروط التفاوضية المعروضة، ولجأوا إلى التحكيم الدولي. وهذا سيرتب على لبنان تحمل تبعات الحجز على ممتلكات الدولة في الخارج، باعتبار أن الحجز لا ينفذ داخل الأراضي اللبنانية نظراً إلى الحصانة السيادية التي تتمتع بها بموجب القانون.

وعليه، تفيد المعلومات المتوافرة أن عدداً من الصناديق بدأ الإعداد للدعوى في إطار التهويل على الحكومة وتحديدها بحجز ممتلكاتها من أجل تحسين شروطها التفاوضية، فهل تنجح؟

هي أيام قليلة كفيلة بتبيان القرار النهائي للحكومة ليبنى على الشيء مقتضاه!

المزيد من اقتصاد