Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لمعايشة حياة المكفوفين... مطعم مصري يقدم وجباته في الظلام

الأول من نوعه في الشرق الأوسط... والكفيف يقود المبصر لتجربة تناول طعام مختلفة

"مطعم في الظلام" يقدم تجربة مميزة للاقتراب من عالم المكفوفين (حسام علي. اندبندنت عربية)

في تجربة فريدة من نوعها يقدِّم "مطعم في الظلام" (Dans le noir) فرصة لضيوفه لمعايشة واقع الشخص الكفيف والإحساس به، عبر تناول المبصر الطعام بقاعة معتمة يقوده فيها كفيف ويقدم له الأكل، في حالة من تبادل الأدوار بينهما، ليحصل الزبون على فرصة أن يعيش حياة ذوي الإعاقة البصرية، ولو لمدة ساعة واحدة، يبصر فيها داخل الظلام أموراً لم يكن بمقدوره رؤيتها في الضوء، وفي الوقت ذاته يدرك طبيعة حياة المكفوفين وكيف يتعاملون ويشعرون في إيقاع يومهم.

يقع قُرب الأهرامات ويتبع شركة فرنسية

المطعم الواقع في منطقة قُرب أهرام الجيزة الأثرية، هو الأول من نوعه في مصر والشرق الأوسط، ويتبع شركة فرنسية تتولى إدارته، وعلى الرغم من ذلك يقدِّم لزبائنه الأطباق المصرية، ويمتاز بديكوراته ذات الطابع الفرعوني والشرقي.

الحديث عن التجربة بدقة يتطلب معايشتها من داخل الغرفة المظلمة. هناك التقينا عبد الباسط عزب، صاحب المطعم، ورئيس المركز العربي للإعلام المتخصص لذوي الإعاقة، حيث قال لـ"اندبندنت عربية" إنه "يعايش واقع المكفوفين ويعرف التحديات التي يواجهونها جيداً، وكان أول مُقدِّم برامج للمكفوفين في العالم العربي".

 

وتابع "سافرت كثيراً إلى الخارج، وفي أثناء سفري رأيت هذه التجربة وأعجبتُ بها كثيراً، وسعيت إلى نقل الفكرة من الشركة الفرنسية، فهذا المطعم له فروع كثيرة في 16 دولة، منها روسيا وفرنسا وهولندا وإنجلترا، وهذا الفرع الذي افتتحناه في مصر هو الأول من نوعه في الشرق الأوسط".

وأضاف "التجربة عموماً جديدة تماماً على الناس في مصر، والهدف منها أن يعايش الشخص العادي تجربة المكفوفين ولو لفترة بسيطة بهدف توسيع مداركه وتغيير نظرته إلى كثير من الأمور المتعلقة بذوي الإعاقة البصرية وكيفية تعاملهم في أمور حياتهم اليومية، بالإضافة إلى أن تعطيل البصر في الظلام يساعد الشخص العادي على التركيز أكثر على الحواس الأخرى".

مراحل التجربة

تختلف تجربة تناول الأكل في مطعم مظلم عن غيره من المطاعم، ولها استعدادات وإجراءات تبدأ بأن يلتقي مرشد كفيف الزبائن على مدخل قاعة معتمة، وهنا يوضح صاحب المطعم "يأتي الضيوف إلى المطعم فنوفر لهم مكاناً لحفظ متعلقاتهم الشخصية وترك أي شيء يسبب إضاءة مثل الهاتف الجوال أو ساعة اليد، ثم يجري الانتقال إلى قاعة أخرى يُشرح فيها ما سيحدث بالضبط حتى يكون الزبون على علم بالتفاصيل، وأخيراً يصطحب المرشد الزبائن إلى غرفة مظلمة".

 

ويوضح عزب "تهدف التجربة إلى تغيير الثقافة تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة عموماً، فالأمر ليس تناول وجبة في قاعة مظلمة، وإنما معايشة لأسلوب حياة قطاع من الناس في المجتمع عبر تبادل الأدوار، وهذا تنتج عنه رؤية أوضح لطبيعة حياة ذوي الإعاقة وبالتالي كيفية التعامل معهم".

أطباق مصرية

يعتمد المطعم أكلات مصرية تقليدية، ويقدِّم الأطباق التي تشتهر بها البلاد منذ عصور طويلة، بأسلوب عصري ومميز يثير الحواس الأخرى للزبائن، بعدما تتعطل لديهم حاسة البصر، حيث يدخل الواحد إلى القاعة من دون أن يعرف ماذا سيُقدم إليه، وعليه التذوق واستكشاف الأمر بنفسه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويقول صاحب المطعم "نركز على الأطباق القديمة التي لا تُقدم بكثرة في المطاعم العادية، مثل الفريك والكشري والكشك الصعيدي وكبد الإوز والشعرية المصنوعة يدوياً، والزبون عند الطلب لا يرى قائمة الطعام ولا يعرف ما فيها، لكن يخبرنا فقط إذا كان يعاني حساسيةً تجاه نوع معين من الطعام، أو إذا كان نباتياً، لنراعي ذلك في إعداد وجبته".

يتابع "يستكشف الزبون مكونات الطعام بنفسه ويخبرنا بها، وغالباً ما ينجح في ذلك وتكون تجربة جديدة تماماً عليه، وبعد تناول الوجبة نعطيه ورقة وقلماً ونطلب منه الرسم في الظلام، ونجعله يحتفظ بهذه الرسوم، ليظل متذكراً المكان والتجربة التي مرّ بها".

 

تشغيل المكفوفين

يعتمد "مطعم في الظلام" على تشغيل المكفوفين في أعمال تتعلق بمجال المطاعم والسياحة والفندقة، وهو توجه يُعد الأول من نوعه في مصر، وفي هذا الصدد يقول عبد الباسط "من بين أهدافنا توفير فرص عمل لذوي الإعاقة البصرية، حيث يعمل الكفيف على قيادة المبصر في الظلام وتقديم الطعام إليه ومساعدته وتلبية كل متطلباته، حيث يكون هو القائد الذي يأخذ الزبائن إلى عالمه لمدة ساعة".

يواصل "فريق العمل لدينا حصل على تدريب بمستوى متميز على يد مدربين فرنسيين يتبعون الشركة الأم".

آراء وتجارب

وأخيراً يقول "أغلب الذين خاضوا التجربة استمتعوا بها، وأكدوا أنها أضافت إليهم أبعاداً جديدة وجعلتهم يبصرون أموراً في الظلام لم يكونوا على علم بها من قبل". ويضيف "أحياناً يكون هناك أكثر من حجز للقاعة في نفس الوقت، ويبدأ أشخاص لا يعرفون بعضهم البعض بالتعارف، وهكذا يجد المرء نفسه يتعامل مع آخرين لا يرى ملامحهم ولا هيئتهم ولا يستطيع تقييمهم إلا عبر الشخصية والروح، من دون أن يكون للمظهر أي دور، ويكتشف بعد ذلك أن هذه هي حياة الكفيف وأسلوب تعامله واكتشافه للآخرين، ما يضيف إلى الزبون بعداً جديداً لم يخطر بباله من قبل".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات