Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حجم الحشود العسكرية التركية في طرابلس... ينذر بتصعيد جديد

تكهنات حول مستقبل الحل السياسي للأزمة بعد أن شهدت بداية الأسبوع موجة تفاؤل

 

مقاتلون تابعون لحكومة "الوفاق" في إحدى مناطق جنوب العاصمة الليبية طرابلس (أ.ف.ب)

اتخذت الأزمة الليبية مساراً تصعيدياً مجدداً، على خلفية رصد بوارج تركية تقوم بإنزال مقاتلين وعتاد عسكري على شواطئ طرابلس، ما أثار سخطاً كبيراً داخل ليبيا وخارجها، وأثار التكهنات حول مستقبل الحل السياسي للأزمة، بعد أن شهدت بداية الأسبوع الحالي موجة تفاؤل، عقب تواتر أخبار عن تقدم في المفاوضات بشأن مباحثات تقاسم السلطة بين طرفي النزاع، في مرحلة انتقالية تمهد لما بعدها من مراحل تنتخب فيها أجسام دائمة تقود البلاد إلى بر الاستقرار.

أول الغيث... نكسة

وفي بيان اعتبر أولى بوادر الانعاكاسات السلبية للتصعيد التركي في ليبيا، على المساعي القائمة للتقارب بين أطراف النزاع وأزمتها، وتهديداً صريحاً بانتكاسها، طالبت لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس النواب، من وصفتهم بـ" المعنيين" بحوار جنيف، بمطالبة المجتمع الدولي والبعثة الأممية ومجلس الأمن الدولي، بوقف تدفق المرتزقة والإرهابيين السوريين وسحبهم من الأراضي الليبية قبل أي حوار سياسي لحل الأزمة.

ودعت اللجنة في بيان لها "الدول الموقعة على مخرجات وتوصيات مؤتمر برلين، بالتوقف عن سياسة غض الطرف، عما يمارسه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من خروق وإرهاب على الشعب الليبي بالتعاون مع حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج"، التي وصفتها بـ "الراعية للمليشيات الخارجة عن القانون والمرتزقة السوريين"، وغيرها من الفصائل التي صنفها العالم بالإرهابية، وآخرها قيام تركيا بإرسال بوارجها الحربية محملة بالأسلحة والمرتزقة الإرهابية إلى طرابلس، بحسب البيان.

وفي مؤتمره الصحافي الأسبوعي اعتبر الناطق باسم الجيش الليبي أحمد المسماري، "أن مطار وقاعدة معيتيقة أصبحا قاعدة عسكرية تركية، وأن الأوامر تصدر من هناك بتوقيع الحاكم العسكري التركي"، بحسب تعبيره.

وطالب المسماري "المجتمع الدولي والبعثة الأممية بمتابعة التدخل التركية الذي أصبح علنياً"، معتبراً ذلك خرقاً كبيراً للهدنة "، ومؤكداً في الوقت ذاته "وصول سفينة تركية محملة بأسلحة وذخائر وصواريخ مضادة للطائرات إلى ميناء طرابلس، بحماية قطعتين بحريتين تركيتين".

توقع المزيد من المرتزقة

وتوقعت مصادر ليبية، وصول مزيد من المقاتلين الأجانب إلى ليبيا، معتمدة في ترجيحاتها على جدول الرحلات الجوية المزدحم بين مطاري طرابلس ومصراتة ومطارات تركية.

وتضمّن جدول الرحلات الجوية لمطار مصراتة اليوم الخميس 30 يناير (كانون الثاني)، خمس رحلات من وإلى تركيا... اثنتين منها تتوجهان إلى مصراتة، وثلاث رحلات إلى مطار إسطنبول. بينما أعلن مطار معيتيقة الدولي عن رحلاته الخميس، متضمنة استقباله رحلتين من تركيا عبر مطار إسطنبول وتسييره رحلة إلى المطار نفسه.

تركيا تقسم الصف الدولي

ورأى مراقبون أن التصعيد التركي بإرسال بارجتين حربيتين إلى طرابلس محملتين بأشكال الدعم العسكري كافة إلى حليفتها حكومة "الوفاق"، لا يهدد التقدم الذي أحرز في المسار السياسي بين طرفي النزاع الليبي فقط، بل يهدد بتفتيت الصف الموحد والتقارب غير المسبوق في وجهات النظر الدولية حول ليبيا، الذي عُد من أبرز منجزات مؤتمر برلين حول ليبيا.

وكان الجيش التركي قد أعلن، صباح الأربعاء 29 يناير، "أن أربع فرقاطات وسفينة للتزود بالوقود راسية خارج المياه الإقليمية الليبية لدعم عمليات الناتو في المنطقة، ولضمان أمن طرق التجارة البحرية"، بحسب وصفه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبدأت انعكاسات الممارسات التركية على المواقف الدولية حول الملف الليبي، تظهر بعد ساعات من ظهور صور البوارج التركية وهي ترسو في ميناء طرابلس، بسلسلة من التصريحات الرافضة والمنددة والمعبرة عن القلق.

واتهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون علانية تركيا بـ "خرق اتفاق وقف التدخل الأجنبي في ليبيا المتفق عليه في مؤتمر برلين بإرسال سفن حربية ومرتزقة إلى ليبيا".

وعقب اجتماع مع رئيس الوزراء اليوناني "كيرياكوس ميتسوتاكيس "، وصف ماكرون أيضاً اتفاق ترسيم الحدود بين تركيا وحكومة السراج، بأنه "وثيقة باطلة" لا تحمل أي سند قانوني أو سياسي.

وأضاف "خلال الأيام القليلة الماضية، رأينا سفناً حربية تركية يرافقها مرتزقة سوريون تصل إلى الأراضي الليبية، هذا انتهاك خطير وصريح لما جرى الاتفاق عليه في برلين".

ومباشرة ردت أنقرة على تصريحات ماكرون بإلقاء اللوم على فرنسا، لعدم الاستقرار في ليبيا بالسنوات الماضية، واعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية حامي أقصوي، في بيان، أن "فرنسا هي الفاعل الرئيسي المسؤول عن المشكلات في ليبيا منذ بدء الأزمة عام 2011".

وأكد وزير الخارجية الإيطالي "لويجي دي مايو"، خلال محادثة هاتفية أجراها مع نظيره التركي، مولود جاويش أوغلو، بحسب إحدى الوكالات الرسمية الإيطالية "أن التزام أنقرة مخرجات مؤتمر برلين يمثل ضرورة أساسية لوقف إطلاق النار في ليبيا.

ونقلت الوكالة أن دي مايو أعرب عن قلقه البالغ إزاء انتهاكات وقف إطلاق النار، وأكد أن التزام تركيا أساسي في هذه المرحلة، وقال "نحتاج إلى العمل معاً لإعادة العمل بوقف إطلاق النار وإطلاق طاولة الحوار السياسي التي نوقشت في مؤتمر برلين".

قلق تونسي وانتظار دولي

وفي السياق ذاته، أعرب المندوب التونسي لدى الأمم المتحدة المنصف البعتي، الأربعاء، عن قلقه الشديد من نقل مقاتلين سوريين للقتال في ليبيا.

وقال في كلمة ألقاها خلال جلسة حول الأزمة السورية في الأمم المتحدة، "نعرب عن قلقنا الشديد من التقارير الصادرة حول عمليات نقل مقاتلين سوريين إلى ليبيا".

وأعلن مندوب فيتنام الدائم لدى الأمم المتحدة، دانغ دينغ كوي الذي يرأس مجلس الأمن الدولي حالياً، تأجيل مناقشة تطورات الأزمة الليبية في مجلس الأمن إلى اليوم الخميس، وقال في تصريحات صحافية إنه "بانتظار اعتماد سريع لقرار يعزز نتائج قمة برلين بشأن ليبيا".

وأجاب عن سؤال عما إذا كان من الممكن اعتماد قرار في الجلسة؟ "نتوقع ذلك، أعتقد أن المشاورات لا تزال مستمرة، ونحن نمارس عملنا بسرعة، لقد قمنا بإعادة جدولة الاجتماع".

التاريخ يعيد نفسه؟

واعتبر السفير الليبي السابق في الهند رمضان البحباح، أن تركيا أداة تمارس سياسات بالوكالة في ليبيا، قائلاً إن "التاريخ يعيد نفسه وستسلم أنقرة ليبيا للاستعمار في النهاية كما فعلت بداية القرن الماضي"، وأضاف "أنقرة أداة بيد الاستعمار وهي تنفذ سياسات بناء على أوامر صادرة لحكامها لتسهيل عملية تقاسم الثروة الليبية بين الدول الأوروبية"، وأن "تركيا أردوغان ليست إلا وريث الإمبراطورية العثمانية التي فعلت الشيء نفسه وسلمت ليبيا للإيطاليين".

وأكد البحباح "أن أنقرة لن تلتزم أي تعهد دولي بما في ذلك اتفاقات موسكو أو برلين أو جنيف، ولن توقف إمداد الميليشيات بالإرهابيين والسلاح"، معتبراً أنها "تدرك جيداً أن التعهدات الدولية أوهام، وستمضي في مشروعها الاستعماري بكل الوسائل الممكنة مادام هناك عملاء وخونة من الطرف الليبي يساعدونها على ذلك، مقابل بقائهم في السلطة ونهب ثروات الليبيين".

وشكك الدبلوماسي الليبي السابق، في أي تعهدات دولية بشأن ليبيا، مؤكداً أن الجهود الدولية لإيجاد حل للأزمة الليبية "مجرد دعاية وتزييف للحقيقة، وصفقات لتسوية الأوضاع وفق ما يناسبهم".

دعم بقيمة خيالية

وفي سياق منفصل، أثارت نسخة مسربة من قرار خصصت بموجبه حكومة "الوفاق" بقيادة فايز السراج، مبلغاً ضخماً بقيمة مليار دينار ليبي، أي ما يعادل قرابة 750 مليون دولار، لدعم ما سمته ـ"وزارة الدفاع"، جدلاً كبيراً في ليبيا. واعتبرت أوساط مقربة من الجيش والبرلمان الليبي القرار "استعداداً لتمويل العمليات العسكرية وجلب المعدات العسكرية والمرتزقة"، بحسب قولها.

وتفيد النسخة المسربة تحت اسم القرار رقم 53 لسنة 2020، ونص على تخصيص مبلغ مليار دينار ليبي لـ"التجهيزات الأمنية" المتعلقة بالحفاظ على الأمن القومي ومكافحة الإرهاب لوزارة الدفاع، وفقاً لنص القرار.

وخصص القرار تحت بند "الترتيبات المالية الاستثنائية "، نصف مليار دينار ليبي لـ "التجهيزات اللوجستية والمعدات والتجهيزات الأمنية"، و300 مليون لـ "دعم العمليات العسكرية"، ومئة مليون لـ "حماية المؤسسات الحيوية ومكافحة الجريمة"، ومئة مليون لـ "تجهيز المرافق الصحية ذات العلاقة".

دق طبول الحرب

واعتبر الصحافي الليبي عبد المعز بوخطوة في حديث إلى "اندبندنت عربية"، أن الخطوات التركية التصعيدية في الفترة الأخيرة، تعبّر عن وجهة نظرها في مخرجات برلين وعدم رضاها عنها، وأضاف "بدا واضحاً أن البيان الختامي لمؤتمر برلين بما احتوى عليه، لم يرض أنقرة ممثلة في رئيسها رجب أردوغان، خصوصاً أنه ركز كثيراً على التصدي للتدخلات الخارجية في الأزمة الليبية في إشارة واضحة إلى تركيا"، وتوقع بوخطوة عودة الاحتكام للسلاح في أقرب وقت، قائلاً "لا أعتقد أن عاقلاً يرى حجم التحشيد العسكري التركي في طرابلس بشقيه اللوجستي، والمتعلق بجلب المقاتلين الأجانب، ويتوقع أنه جاء لدعم الحلول السلمية، في الحقيقة ما يحدث الآن هو شحذ للسلاح ودق طبول حرب لو وقعت فلن يفلت من تبعاتها كل المتشاطئين في المتوسط".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي