Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أردوغان في الجزائر اعترافا منه بثقل دورها في الملف الليبي

حضر شخصياً لمنح ضمانات لنظيره الجزائري حول أي وجود عسكري مقبل في ليبيا

تبون مستقبلاً نظيره التركي في مطار الجزائر (صفحة وكالة أنباء الأناضول على فيسبوك)

لم ينتظر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وقتاً طويلاً ليحلّ في العاصمة الجزائرية، بعد أقل من 10 أيام على تلقيه دعوةً من نظيره الجزائري عبد المجيد تبون، في ما بدا وكأنه استعجال للزيارة بمجرد دخول الجزائر كلاعب فاعل في الملف الليبي. لكن أردوغان زاوج خلال الزيارة بين المعلن والسري، مردداً في الخطاب الرسمي رفضه أي تصعيد عسكري في ليبيا مقابل عرض مرافقيه تقارير عن "انتشار السلاح".

واستقبلت الجزائر أردوغان بحفاوة كبيرة بما أن زيارته هذه هي الأولى لزعيم أجنبي إلى البلاد منذ انتخاب تبون رئيساً. وعلى الرغم من أن الزيارة اتخذت أبعاداً اقتصادية في الغالب، بناءً على رغبةٍ ملحة من الجانب التركي خصوصاً، فإنها ناقشت في سياق آخر الملف الليبي على أساس النظرة الجزائرية لمسار الحل هناك.

وكان لافتاً أن وجود أردوغان في الجزائر لم يجب عن أسئلة تثير قلق مستضيفيه، فالجارة الغربية لليبيا والتي تنشر قوات عسكرية غير مسبوقة على حدودها الشرقية تتابع بقلق كبير تقارير عن إرسال مرتزقة من سوريا إلى طرابلس الليبية.


خلط الأوراق

وصرح أستاذ كلية العلوم السياسية في جامعة الجزائر، المحلل الأمني سليم حمادي في هذا الشأن أن "الرئيس التركي بات يرى في الجزائر عائقاً أمام خططه في ليبيا وليس العكس، فعودة الجزائر إلى لعب دور محوري في الملف الليبي وجمعها لمفاتيح الصراع مع انفتاحها على كل الأطراف، خلط الأوراق التركية". وأضاف "يعلم أردوغان حجم ونوع التحالف الجزائري – الروسي، وهي ورقة أخرى يضعها في الحسبان خلال زيارته ومدتها يومان".

ولفت حمادي إلى أن "زيارة أردوغان إلى الجزائر في هذا التوقيت لا تنفصل عن مجريات الأحداث في ليبيا وتطورها سواء في الداخل الليبي أو في الإقليم أو دولياً، فمؤتمر برلين حدد بعض النقاط حول التدخل العسكري ودعم أطراف النزاع الليبيين، وعبّر في مخرجاته عن رفض التدخل الأجنبي في إشارة واضحة إلى تركيا على وجه التحديد، لكن هذا التحذير أو المخرج على أهميته وجديته بالنسبة إلى الطرف الأوروبي فإنه في المقابل لا يعني الكثير بالنسبة إلى أنقرة".


الجزائر عائق أمام تركيا؟
 

وشرح حمادي أيضاً أن "تركيا التي تعرف جيداً أن وجودها العسكري حتى لو كان محدوداً في ليبيا، فهو شبه حتمي باعتقادها، كونه مرتبطاً بتصرفات (قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة) حفتر وداعميه. إضافة إلى ذلك، فإن تركيا قرأت المشهد جيداً وتعلم أن الجزائر هي الطرف الوحيد الذي يمكن التنسيق معه دبلوماسياً وأمنياً في ما يخص الأزمة الليبية، كما تعلم أنه لن يعيق تحركها سوى الجزائر في حال اقتنعت بعدم جدوى التدخل التركي. لذلك حضر أردوغان شخصياً لمنح ضمانات للجزائر حول أي وجود عسكري مقبل في ليبيا، وإعطاء تطمينات بخصوص طبيعة هذا الوجود، ودعني أقول إنه تنسيق ضمني يصب في مصلحة الطرفين، إضافة إلى الحكومة المعترف بها دولياً في طرابلس".

ورأى حمادي أن "زيارة مسؤولي الدفاع والاستخبارات التركيين إلى جانب الرئيس أردوغان واستقبالهما من قبل رئيس الأركان بالإنابة اللواء سعيد شنقريحة ومسؤولين في الاستخبارات الجزائرية يعني أن البلدين ينسقان ضمنياً حول أي تدخل محتمل من حيث عدد الجنود والعامل الزمني للتدخل. وعلى الرغم من معارضة الجزائر لوجود قوى أجنبية على الأرض الليبية، إلا أن ذلك لا يعني أنها تلعب على أوراق أخرى مثل تركيا، بخاصة أن الأمر يتعلق بأمنها القومي. كما أن أي تحرك جزائري ضمن إطار التنسيق الضمني مع أنقرة استخباراتياً أو عسكرياً مرهون أساساً بمدى تصرفات حفتر وداعميه".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مخرجات قمة برلين

في الجهة المقابلة، كان الرئيس الجزائري ملتزماً نصاً وقولاً بجملة تكررت في غالب حديثه مع ضيفه التركي ألا وهي "مخرجات مؤتمر برلين"، فحين سُئِل في مؤتمر صحافي مشترك مع أردوغان، قال إنه اتفق مع نظيره التركي "على تنفيذ مقررات مؤتمر برلين حول ليبيا، والتنسيق اليومي بشأن التطورات".
أما أردوغان فلمح كثيراً إلى الملف السوري، مسقطاً إياه على الملف الليبي واحتمالات أن تشهد منطقة شمال أفريقيا سيناريو مشابهاً للوضع السوري. وقال إن "المجتمع الدولي أخفق في التعامل مع أزمتَي سوريا وليبيا، وإمكانية الحصول على أي نتيجة في ليبيا عبر الحلول العسكرية مستحيلة". وأشار إلى أن "النهج الذي يكافئ المعتدي ويعاقب المؤيدين للمصالحة والسلام هو نهج سيقود ليبيا إلى الكارثة". ولفت أردوغان إلى أن بلاده "مدركة ما تعانيه الجزائر من مشكلات بسبب الهجرة والوضع الأمني في المنطقة... الأوضاع في ليبيا تؤثّر في الجزائر مباشرة، ولا شك أنه ستكون للجزائر إسهامات بنَّاءة لجهود تحقيق الاستقرار في ليبيا".

وأوضح رئيس حزب "جبهة الجزائر الجديدة" جمال بن عبد السلام أنه يستحيل على الجزائر "منح ورقة بيضاء للطرف التركي. وأعتقد أن الجزائر تنظر إلى الزيارة من باب براغماتية محضة، فهي تحاول فتح أسواق جديدة في تركيا أو إيطاليا وألمانيا". أما بشأن الملف الليبي فيقول إن "الجزائر أرسلت إشارات قوية إلى العالم مفادها أنها تتعامل مع كل الأطراف على حد سواء، وزيارة وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد آل نهيان إلى الجزائر اليوم الاثنين مؤشر واضح على ذلك".
ويعتقد عبد السلام أن "الجزائر كانت وفية لمبادئها برفض أي تصعيد عسكري في المنطقة، لقد جعلت من مرور الوقت عاملاً في صالح موقفها بفتح قنوات اتصال مباشر سواء مع حكومة طرابلس أو مع محيط حفتر وأيضاً مع قبائل الجنوب".


وزير الدفاع ومسؤول الاستخبارات
 

وذكرت تقارير إعلامية تركية أن وزير الدفاع التركي خلوصي آكار ومدير الاستخبارات التركية هاكان فيدان، رافقا أردوغان في زيارته إلى الجزائر، التي شارك فيها أيضاً نحو 150 من رجال الأعمال. ويُعتقَد أن اجتماعات غير معلنة جمعت بين المسؤولين الأمنيين في البلدين.

وقال الأستاذ الجامعي عيسى حوراني إن "تركيا تدرك جيداً مدى تحسس الجزائر تجاه مسألة انتشار السلاح غير النظامي في ليبيا، لذلك أتوقع أن الوفد الأمني الذي رافق أردوغان استعرض هذا الملف أمام طرف جزائري". وأضاف حوراني أن "موقف الجزائر متفتح على كل القوى الدولية الفاعلة في الملف الليبي، لكنه أعلن أيضاً تمسكه بالشرعية الدولية لذلك تتعامل مع حكومة الوفاق الليبي بقيادة فايز السراج. وفي حال أقنعت تركيا الجزائر أن قوات حفتر تخرق اتفاقيات دولية عن حظر السلاح فربما يؤدي ذلك إلى مراجعة الجزائر لموقفها، لكني أستبعد ذلك قياساً إلى معرفة الجزائر الجيدة بالملف الليبي".

وأوضح حوراني أن "قرب الجزائر من القبائل الليبية، لا سيما في الجنوب الغربي على حدود سبها وغدامس الليبيتين وصولاً إلى النيجر والتشاد جنوباً، يعطيها قراءة صحيحة عن الوضع الأمني هناك. أقول هذا للجزم بأنها ليست بحاجة إلى مَن يتكفل بدلاً عنها بقراءة أمنية لما يجري في الداخل الليبي".

نشاط إماراتي

كما واصلت الجزائر مشاوراتها الاقليمية حول الأزمة الليبية باستقبالها الاثنين وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان.
وأجرى الشيخ عبد الله محادثات مع نظيره الجزائري صبري بوقادوم، قبل أن يلتقي رئيس الوزراء عبد العزيز جراد، والرئيس عبد المجيد تبون.
وصرح وزير الخارجية الجزائري عقب المحادثات "ناقشنا وتبادلنا التحاليل والرؤى في ملف الأزمة الليبية وقررنا الاستمرار في التواصل" حول هذا الموضوع.
من جانبه، أوضح عبد الله بن زايد أنه يلتقي نظيره الجزائري "للمرة الثالثة خلال أسبوعين، في أبوظبي (خلال زيارة بوقادوم إلى الإمارات) وفي برلين ثم في الجزائر" قبل أن ينقل "دعوة القيادة الاماراتية للرئيس عبد المجيد تبون من أجل زيارة الإمارات قريباً".

المزيد من العالم العربي