Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ليبيا... السلاح يكسر صمت الهدنة

تجدد الاشتباكات شرق مصراتة... والجيش الوطني يتقدم

"التزام الجيش الليبي بالهدنة وانضباط الجنود وانصياعهم للأوامر" (رويترز)

دوى السلاح مجدداً، كاسراً صمت الهدنة التي دامت أسابيع عدة في محاور شرق مدينة مصراتة، وعادت قوات الجيش الوطني الليبي لوضعها تحت الضغط، مجددة تقدمها نحو محيطها الإداري، ومسيطرة على مناطق وتمركزات جديدة، في أول تصعيد عسكري بهذا المحور منذ إعلان وقف إطلاق النار، ومعطياً في الوقت ذاته إشارات سلبية جديدة عن فرص الحل السلمي عبر المسار السياسي، الذي توشك جولاته أن تنطلق بإشراف ورعاية دوليين.

لا سبب واضحاً

واندلعت الاشتباكات شرقي مصراتة مساء أمس، من دون سبب واضح، لتعلن قوات الجيش بعد ساعات سيطرتها على منطقتي زمزم وبوقرين على بعد 100 كيلومتر فقط جنوب شرقي المدينة، التي يضعها الجيش بالمرتبة الثانية في جدول أهدافه العسكرية في المنطقة الغربية بعد العاصمة طرابلس. وأكد مكتب إعلام غرفة عمليات سرت التابع للجيش في إيجاز عسكري بعد العملية "أن الميليشيات لاذت بالفرار بعد تقدم وحدات الجيش"، ونشر مقاطع فيديو للمواقع التي سيطر عليها وعددا من الغنائم والأسرى الذين قبض عليهم أثناء الاشتباكات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

صد هجوم

من جهته، صرح الناطق باسم قوات الوفاق محمد قنونو أن "قوات الوفاق نجحت في صد هجوم قوات الجيش الليبي على مناطق أبوقرين والقداحية والوشكة، وتدمير عدد من الآليات المسلحة التابعة له، مؤكداً في الوقت ذاته "سيطرة قوات الوفاق على عدد من الآليات المسلحة والذخائر ومعدات عسكرية تابعة للجيش الليبي"، داعياً "المدنيين في المنطقة الممتدة من بوقرين غرباً إلى سرت شرقاً والجفرة جنوباً، للابتعاد عن تمركزات قوات الجيش الليبي حفاظاً على سلامتهم ".

يشار إلى المناطق التي تناقضت تصريحات الطرفين حول السيطرة عليها مثل بوقرين والقداحية والوشكة هي مناطق صغيرة جداً في فضاء صحراوي مفتوح من الصعب عسكرياً السيطرة عليها لفترات طويلة من دون غطاء جوي كثيف، لكنها في الوقت ذاته مناطق استراتيجية في حالة الهجوم والدفاع عن مصراتة.

استمرار تبادل التهم

واتهم مدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش اللواء خالد المحجوب، لـ "اندبندنت عربية" "قوات الوفاق بأنها من تسبب في خرق الهدنة شرق مصراتة"، مؤكداً في الوقت ذاته "التزام قوات الجيش الليبي بالهدنة، وانضباط الجنود وانصياعهم للأوامر"، ووصف المحجوب بعض قادة قوات الوفاق بأنه "غير راض على وقف إطلاق النار، وهو ما يدفعه إلى محاولة استفزاز قوات الجيش في كل مرة"، مشدداً على حق قوات الجيش "في الرد على انتهاكات وقف إطلاق النار، مع أن الأوامر العسكرية تقضي باستمرار الالتزام بالهدنة، ومحافظة الجيش على مواقعه السابقة".

عملية استباقية

في سياق متصل، أكد الناطق باسم الجيش الليبي اللواء أحمد المسماري في مؤتمر صحافي "أن الجيش قام بعملية استباقية في منطقة الهيشة، لتحديد معطيات معينة لكشف أسباب تجمع قوات الوفاق، وليس خرقاً لوقف إطلاق النار"، مبيناً "أن الاستخبارات العسكرية راقبت وصول عتاد عسكري تركي إلى مصراتة، مع تحركات مشبوهة غرب منطقة الهيشة"، مشيراً  إلى "رصد توافد عناصر جديدة من المجموعات المسلحة من خارج البلاد"، وقال المسماري "قوات الجيش تمتثل لأوامر القائد العام المشير خليفة حفتر بالالتزام بوقف إطلاق النار تقديراً منها للمواقف الدولية"، موضحاً "أن مشاركة الجيش في اللقاءات الدولية كانت ليثبت للعالم أن قوات حكومة الوفاق ميليشيات لا يمكن التفاوض معها".

وفي تلميح إلى قناعة قيادة الجيش بالحل العسكري في ليبيا، أضاف "نعلم أن الحل في البندقية، ولكن ذهبنا إلى برلين وموسكو ودول أخرى قبلها لنري العالم حقيقة من نفاوض ليس إلا".

تعيين قائد لتحرير مصراتة

وفي إجراء اعتبر دلالة واضحة على نية الجيش في القيام بعملية عسكرية قريبة لدخول مصراتة، كلفت القيادة العامة للقوات المسلحة مساء الأحد، اللواء "سالم درياق" آمراً لما سمته "غرفة تحرير مصراتة ".

ويعرف درياق، الذي شغل سابقاً منصب آمر غرفة عمليات سرت الكبرى، المعنية بحماية النفط، بموقفه الرافض لوقف إطلاق النار، وصرح قبل أيام "أن قوات الجيش لم تتخل عن فكرة دخول العاصمة طرابلس ومدينة مصراتة، لاستكمال مهمتها في القضاء على الميليشيات المسلحة والجماعات الإرهابية التي استباحت الأراضي الليبية على مدى السنوات التسع الماضية".

هل حسم الجيش أمره؟

وتزامنت هذه التحركات العسكرية والتصريحات من قيادة الجيش مع تصريحات أخرى لصحافيين وإعلاميين مقربين منها بدت متشددة بشأن الاجتماعات السياسية والعسكرية التي ستنطلق قريباً لبحث حلول سلمية للأزمة بين طرفي الصراع، ما عدّه مراقبون تمهيداً لإعلان الجيش ومعه البرلمان موقفهما من المباحثات التي ستتم برعاية دولية مرجحين أن تتمسك بالخيار العسكري على الرغم من تواتر الأنباء عن تفاهمات تتبلور في المسار السياسي بالأيام الماضية.

وقال الصحافي محمود المصراتي المعروف بقربه من قيادة الجيش في بنغازي "الحديث عن أي حوار سياسي في جنيف أو غيرها، لا يسبقه حل للميليشيات ونزع أسلحتها وتسليمها للقوات المسلحة العربية الليبية، وإعادة المرتزقة السوريين إلى تركيا، وتقديم خونة حكومة الوفاق إلى القضاء، هو حديث عن خيانة وطنية كبيرة. من تريد الأمم المتحدة أن تجلسوا معهم يوردون للوطن كل يوم مئات من المرتزقة والقتلة والإرهابيين".

خروقات في العاصمة

ولم تقتصر الخروقات المسلحة للهدنة العسكرية على مصراتة، بل تواصلت في العاصمة طرابلس لليوم الثالث، حيث شهدت محاور بوسليم والهضبة ووادي الربيع اشتباكات بين قوات الجيش والقوات الموالية لحكومة الوفاق، وأعلنت بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، تعرض مطار معيتيقة لهجوم جديد بصاروخي غراد، ما أدى إلى إصابة شخصين مدنيين على الأقل وإحداث اضرار في مدرج المطار، وفي عدد من الأبنية والممتلكات الخاصة والعامة.

هجوم من الداخل

وعلى خلفية هذه التطورات، اعترف آمر قوة الإسناد بما يعرف بـ"عملية بركان الغضب" التابعة لحكومة الوفاق ناصر عمار، بخسارة المزيد من المواقع أمام الجيش الوطني الليبي، وقال على حساباته بمواقع التواصل الاجتماعي "كل يوم نفقد خطوة وأمتاراً وكيلومترات ومناطق كانت تحت سيطرتنا، كنا شرقي سرت بـ 17 كيلومتراً، واليوم نقول استعدنا سيطرتنا على بوقرين، وهكذا يستمر المسلسل ما دام السراج وزيراً للدفاع، وما دام أحمد معيتيق يلملم الأموال والذهب وكأن مدينته مصراتة لا تعنيه".

واتفق القيادي في القوات التابعة لحكومة الوفاق مع عمار في الهجوم عليها قائلاً "القادة الميدانيون وقادة المحاور هم من المفترض أن يقودوا أي عملية مفاوضات سياسية أو عسكرية، ولا يوجد أحد من حقه أن يتكلم عن وقف إطلاق نار أو تسوية سياسية أو مؤتمر جنيف المقبل أو غيره، لأنه لولاهم لما وجد أمثال من وصفهم بـ"الفاسدين"، سواء من الإخوان بمجلس الدولة أو العلمانيين بمجلس السراج، وكذلك رجال المال والسلطة السياسية المزيفة يمكن أن يكون لهم مقعد هناك".

الجيش ينفي اختيار محاوريه

وفي سياق آخر، نفت مصادر عسكرية مطلعة الأنباء التي نشرتها مصادر صحافية ليبية متطابقة عن اختيار الجيش أسماء محاوريه للجنة حوار "5+5" المنبثق عن مؤتمر برلين، وأوضحت المصادر نفسها أن الأسماء التي سربت، هي من ضمن تلك التي رشحها الجيش ويفاضل بينها حالياً، قبل الإعلان رسمياً عن الأسماء التي يقع الاختيار عليها.

وستناقش اللجنة في حوار تقوده البعثة الأممية في ليبيا، تحويل الهدنة إلى وقف دائم لإطلاق النار ونزع السلاح وتفكيك الميليشيات ومراقبة حظر التسلح وتوحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية .

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي