Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تصعد إيران عسكريا في العراق للحفاظ على نفوذها؟

إصرار طهران على عدم القبول برئيس وزراء بالتسوية سيقود البلاد إلى الدمار

أحد أبرز الشعارات التي أطلقها المحتجون شعار "إيران برا برا... بغداد تبقى حرة" (غيتي)

منذ انطلاق حركة الاحتجاجات في العراق، تتابع إيران عن كثب هذا الحراك، معتبرة إياه مؤامرة تهدف إلى تقويض العلاقات بينها وبين العراق، حيث أطلق مسؤولون إيرانيون اتهامات عدة للمحتجين والجهات التي تقف خلفهم، متهمة الولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل بتحريكهم.

وكان أحد أبرز الشعارات التي أطلقها المحتجون شعار "إيران برا برا... بغداد تبقى حرة". في إشارة واضحة إلى الرفض الشعبي الكبير للنفوذ الإيراني في البلاد، فضلاً عن قيام محتجين غاضبين بإحراق القنصليات الإيرانية في النجف وكربلاء، أهم المدن الشيعية في العراق.

دعم أميركي

وبعد سقوط صاروخين قرب قاعدة عسكرية تأوي جنودا أميركيين في محيط مطار بغداد الدولي، الأسبوع الماضي، فضلا عن تسع هجمات أخرى على قواعد عسكرية أميركية خلال شهر ونصف الشهر. أعلنت واشنطن عزمها إرسال ما بين خمسة إلى سبعة آلاف جندي إضافي إلى الشرق الأوسط، حيث تتهم واشنطن الفصائل المسلحة الموالية لإيران بالوقوف وراء هذه العمليات.

وبعد تصاعد موجة الاحتجاجات التي تطالب بإنهاء النفوذ الإيراني على الساحة السياسية العراقية، باتت طهران تستشعر خطر إنهاء وجود حلفائها ونفوذهم، فضلا عن احتمالية خسارة نفوذها على طرق استراتيجية في العراق، تربطها بباقي المدن التي تصنفها كجزء مما يطلق عليه بـ"محور المقاومة".

ويرى مراقبون أن طهران ستستخدم كل الوسائل بما فيها احتمالات تصعيد كبرى إزاء المصالح الأميركية في العراق، للحفاظ على نفوذها الواسع عليه، وفي حين رأوا أن القوى الموالية لها ما تزال تمتلك العديد من مفاتيح السلطة والنفوذ، أشاروا إلى أن إصرار طهران بالتمسك بنفوذها في العراق سيقود البلاد إلى الدمار.

إصرار إيراني

ويرى سياسيون أن إيران ستستخدم كل الوسائل للاحتفاظ بنفوذها الكبير على الساحة العراقية، وفي حين بينوا أنها المتحكم الحقيقي بالسلطة في العراق، أشاروا إلى أنها ستقاتل حتى لا يكون رئيس الوزراء المقبل من خارج النسق الموالي لها.

في المقابل، قال السياسي العراقي المستقل، نجاح سميسم، إن "وضع العراق على كف عفريت، والسبب الرئيس هو التدخلات الإقليمية في الشأن العراقي، وعلى رأسها إيران ذات اليد الطولى على الوضع السياسي العراقي من خلال الأحزاب والمليشيات الموالية لها".

وأضاف لـ"اندبندنت عربية"، "إيران لا تريد أن تخسر العراق، وستستخدم كل الوسائل للاحتفاظ بهذا النفوذ، حيث بات العراق ساحة صراعها المعلن مع أميركا".

رئيس بالتسوية

وعن إمكانية ترشيح رئيس وزراء مستقل، بيّن سميسم، "أن إيران ستقاتل في سبيل ألا يأتي رئيس وزراء من خارج نسقها، خوفاً من استهداف أذرعها حتى تستمر في قيادة العراق"، لافتا إلى أن "إيران هي المتحكم الحقيقي على السلطة، وكل الرئاسات الثلاث موالية لها". 

وأشار إلى أن "طهران ستستخدم كل الإمكانات للحفاظ على هذا النفوذ الكبير، حيث تمتلك القوى الموالية لها أسلحة قد توازي السلاح الحكومي، فضلا عن النفوذ الكبير لتلك القوى على المؤسسة العسكرية من خلال الضباط الذين أدخلوا للمؤسسات في إطار دمج المليشيات وتم إعطاؤهم مراكز قيادية في أغلب المكانات الحساسة في الأجهزة الأمنية".

وختم أن "إصرار القوى الموالية لطهران على عدم القبول برئيس وزراء يأتي بالتسوية، سيقود العراق إلى الدمار".

استعصاء يؤدي إلى الصدام

في سياق متصل، يشير خبراء إلى أن القوى السياسية الموالية لطهران قد تسعى إلى خلق حالة من الفوضى والاقتتال نتيجة الاستعصاء في إيجاد مخارج للأزمة، مبينين أن خسارة تلك الأطراف تعني القضاء عليها بملفات فساد أو إرهاب.

وقال الخبير الاستراتيجي أحمد الشريفي، إن "كل المعطيات توضح أن تفاقم حالة عدم التوافق السياسي والاستعصاء في إيجاد الحلول، سيؤدي إلى تقاطع في المصالح، نتيجة اقتتال الأجنحة السياسية للوصول إلى متغيرات على الأرض".

وأوضح أن "المتغير الذي ستسعى القوى السياسية للوصول إليه، إما خلق حالة فوضى تعطي مبررات لإدامة البقاء في السلطة، أو فرض واقع حال جديد لإيجاد مخارج من الأزمة التي تمر بها الأحزاب السياسية"، مبيناً أن "خسارة تلك الأطراف تعني القضاء عليها بملفات فساد أو إرهاب".

وأضاف "استمرار المحتجين وإصرارهم، سيؤدي إلى جملة من الإجراءات التي ستتخذها إيران والقوى الموالية لها، منها الذهاب باتجاه التصعيد إزاء المصالح الأميركية، لأنها داعمة لهذا الحراك الاحتجاجي من خلال المجتمع الدولي".

وأشار أحمد الشريفي إلى أن "المرجعية عامل تأثير كبير، لكن تأثيرها نسبي على الفصائل المسلحة، وإذا وصلت بعض الفصائل إلى مرحلة الدفاع عن وجودها، فحينها لن تمتثل لأي أمر، وإنْ كان من المرجعية الدينية".

ورقة أخيرة

ويرى مراقبون أن التصعيد الإيراني إزاء المصالح الأميركية واحدٌ من وسائل الضغط المستخدمة للإبقاء على نفوذها في العراق، مشيرين إلى أن طهران لا تزال تمتلك العديد من الوسائل للإبقاء على هيمنتها على العراق.

في المقابل، قال أستاذ العلوم السياسية، ياسين البكري، إن "التصعيد الإيراني إزاء المصالح الأميركية ليست الورقة الأخيرة، لكنها ضمن الأوراق التي من الممكن أن تستخدمها".

وأضاف، "قامت إيران ببعض الإجراءات التصعيدية، من ضمنها محاولة ضرب قاعدة في المطار، وهذا جزء من عملية الصراع وإرسال الرسائل المتبادلة".

ولفت إلى أن "طهران لا تزال تمتلك بعض الأوراق الأخرى، وما زال الوقت مبكرا لافتعال مواجهة كاملة وتأجيج الأوضاع، حيث ما زالت القوى الموالية لإيران تمتلك الكثير من مفاتيح السلطة والنفوذ".

وبيّن البكري "حتى وإن كان رئيس الوزراء المقبل بعيداً عن طهران، لن يستطيع إنهاء نفوذها"، مشيرا إلى أن "المجموعات الموالية لإيران ما زالت تسيطر على مفاصل مهمة في الدولة، والمرحلة المقبلة هي مرحلة انتقالية باستطاعتهم إعادة ترتيب أوراقهم فيها".

المزيد من العالم العربي